< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ هادي آل راضي

بحث الفقه

43/05/23

بسم الله الرحمن الرحيم

 

الموضوع: الديات/ كفارة القتل/

(مسألة 399): في الجناية على ما لا يقبل التذكية كالكلب والخنزير تفصيل: أمّا الخنزير فلا ضمان في الجناية عليه بإتلافٍ أو نحوه إلّا إذا كان لكافر ذمّي، ولكن يشترط في ضمانه له قيامه بشرائط الذمّة و إلّا فلا يضمن كما لا ضمان في الخمر وآلة اللهو وما شاكلهما، وأمّا الكلب فكذلك غير كلب الغنم وكلب الحائط وكلب الزرع وكلب الصيد، وأمّا فيها: ففي الأوّل والثاني والثالث يضمن القيمة، وأمّا الرابع فالمشهور أنّ فيه أربعين درهماً، وفيه إشكال و الأظهر أنّ فيه أيضاً القيمة إذا لم تكن أقلّ من أربعين درهماً، وإلّا فأربعون درهماً (1)

كفّارة القتل‌

(مسألة 400) تقدّم في أوائل كتاب الديات ثبوت الكفّارة في قتل المؤمن زائدة على الدية، لكنّها تختصّ بموارد صدق عنوان القاتل كما في فرض المباشرة وبعض موارد التسبيب، ولا تثبت فيما لا يصدق عليه ذلك وإن ثبتت الدية فيه، كما لو وضع حجراً أو حفر بئراً أو نصب سكّيناً في غير ملكه، فعثر به عاثر اتّفاقاً فهلك، فلا كفّارة عليه في هذه الموارد (2)

(مسألة 401): لا فرق في وجوب الكفّارة بقتل المسلم بين البالغ وغيره (3)

1-ذكرنا ان التقديرات المذكورة ليست قيم لهذه الامور في زمان الاخبار حتى يمنع من شمولها لزماننا المتأخر، بل الظاهر انها ديات قررها الشارع في هذه الموارد

وتطرقنا الى البحث حول أن هذه الديات المقررة هل هي مختصة بالجاني او انها تشمل الغاصب الذي تلف عنده الكلب المغصوب؟

وقلنا بأن ظاهر النصوص هو الاول لأن الوارد فيها عنوان الدية وهي تعويض عن ضرر او جناية تلحق بالانسان او بماله، فهي مقررات في باب الجنايات وتختص بصورة الاتلاف ولا تشمل صورة التلف

نعم، ذهب العلامة في التحرير الى أن الغاصب كالقاتل يضمن المقدر الشرعي، بمعنى انه يعمم أدلة التقديرات الشرعية للغاصب

وذهب في القواعد الى انه يضمن أكثر الامرين من المقدر الشرعي والقيمة السوقية

والصحيح انه يضمن القيمة كما ذهب اليه المحقق في الشرائع وغيره تمسكاً بإطلاق ما دل على ضمان الغاصب للأمور القيمية بقيمتها

واما ما ذكر من الاستدلال لما في القواعد من أن الغاصب يؤخذ باشق الأحوال، وبأننا إذا قلنا بضمان غير الغاصب للمقدر إذا كان أزيد من القيمة فضمان الغاصب له من باب أولى

ففيه عدم ثبوت ما ذكر من أن الغاصب يؤخذ باشق الأحوال بدليل، والاولوية ممنوعة فعلى تقدير تماميتها فقد تثبت بلحاظ غير القاتل فإن القاتل اعتدى واتلف والغاصب لم يتلف

والحاصل أن نصوص التقديرات مختصة بالإتلاف ولا تشمل صورة التلف كما في الغاصب، فلا يبقى مما يقتضي الضمان الا الغصب ومن الواضح أن الضمان في الغصب يكون بالقيمة في القيميات، نعم اذا فرضنا اتحاد الغاصب والقاتل بأن غصبه وقتله أمكن حينئذ الالتزام بما ذكره في القواعد من انه يضمن أكثر الامرين باعتبار اجتماع سببين للضمان فللمالك المطالبة بأكثر الامرين، وهذا بخلاف ما اذا تلف عند الغاصب

واما إذا فرضنا أن القاتل كان غير الغاصب ففي هذه الحالة لا اشكال في ضمان الغاصب للقيمة كما أن القاتل يضمن المقدر الشرعي، ويتخير المالك في الرجوع على ايهما شاء، فإن رجع على القاتل وأخذ الدية منه وفرضنا أن القيمة السوقية كانت أزيد من الدية المقدرة فبإمكانه أن يرجع على الغاصب بالزيادة

والعكس صحيح ايضاً فلو رجع على الغاصب وأخذ منه القيمة وفرضنا أن المقدر كان أكثر من القيمة فبإمكانه الرجوع على القاتل بالزيادة

 

كفارة القتل

تقدم في (مسألة 212) البحث مفصلاً عن الكفارة التي تثبت في القتل وانتهينا الى ثبوت كفارة الجمع في القتل العمد والكفارة المرتبة في القتل الخطأ على تفصيل

والبحث هنا ناظر الى مسألة انه هل يعتبر في وجوب الكفارة في القتل المباشرة به بحيث لا يكفي التسبيب في ثبوت الكفارة او لا؟

ذهب جماعة من علمائنا الى الأول منهم المحقق في الشرائع والعلامة في القواعد والإرشاد والشهيدان في اللمعة والروضة والمسالك وغيرهم كثير

وفرعوا على ذلك انه إذا طرح حجراً او حفر بئراً او نصب سكيناً في ملك غيره فعثر فيه عاثر وهلك ضمن الدية دون الكفارة

واستدل له بأصالة عدم وجوب الكفارة أولاً وبمنع شمول أدلة الكفارة للتسبيب ثانياً

وببيان آخر يدعى بأن أدلة الكفارة تدل على ثبوت الكفارة على القاتل بمعنى من ينسب اليه القتل كما هو واضح من أخذ عنوان القتل في موضوع هذه الأدلة، وقالوا بأن نسبة القتل الى الجاني لا تكون الا إذا قتل بالمباشرة، ولا يصدق انه قاتل في صورة القتل بالتسبيب

ونوقش فيه بأنه لا فرق بين الكفارة والدية، ولا اشكال في ثبوت الدية في صورة القتل بالتسبيب، فلم لا تلتزمون بذلك في الكفارة، فإن أدلة الكفارة هي أدلة الدية ومأخوذ فيها القتل

فإما أن نقول انه لا يصدق القاتل في صورة القتل بالتسبيب فتختص الدية بالقتل المباشر أيضاً

او نقول إن الأدلة شاملة لصورتي القتل المباشر والقتل بالتسبيب معاً فلا بد أن تشملهما بلحاظ الكفارة ايضاً

واجيب بأن هذا الأمر صحيح لو فرضنا أن أدلة الدية منحصرة بالأدلة العامة، فلو بقينا نحن والأدلة العامة لالتزمنا باختصاص الدية بالقتل بالمباشرة دون القتل بالتسبيب، ولكن توجد أدلة تدل على وجوب الدية بالقتل بالتسبيب

نعم يلاحظ على ها الدليل انه لا يتم في جميع موارد التسبيب، ففي بعض موارد التسبيب يصدق على الجاني انه قاتل كما في المثال الذي ذكره السيد الماتن فيما إذا افترضنا أنّ شخصاً حفر بئراً بقصد قتل حيوان رآه من بعيد فوقع فيها فمات ثمّ بان أنّه إنسان، فيصدق على الفاعل انه قاتل حقيقة لا مجازاً مع انه قتل بالتسبيب، فتشمله الادلة الدالة على وجوب الكفارة على القاتل، فينبغي التفريق بين الموارد التي لا يصدق فيها عنوان القاتل على الجاني والموارد التي يصدق فيها فهذه تلحق بالقتل بالمباشرة فتجب فيها الكفارة

3-تقدمت الإشارة الى مسألة ثبوت الكفارة على غير البالغ في (مسألة 384) وبينا أن السيد الماتن استشكل في شمول أدلة الكفارة للصبي غير المميز فضلاً عن الجنين لأن موضوع روايات الكفارة هو الرجل او المؤمن وهما لا يصدقان على الصبي غير المميز فضلاً عن الجنين

كما في صحيحة عبدالله بن سنان، وابن بكير ـ جميعا عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال: سئل عن المؤمن يقتل المؤمن متعمدا .... وأعتق نسمة ، وصام شهرين متتابعين ، وأطعم ستين مسكينا))[1]

وصحيحة عبدالله بن سنان قال : قال أبو عبدالله عليه‌السلام : ((كفارة الدم إذا قتل الرجل المؤمن متعمدا ....))[2]

وصحيحة عبد الله بن سنان عن أبي عبدالله عليه‌السلام ، أنّه سئل عن رجل قتل مؤمناً ، وهو يعلم أنه مؤمن ...))[3]

ورواية أبي بكر الحضرمي ، قال : قلت لابي عبدالله عليه‌السلام : رجل قتل رجلا متعمداً ...))[4]

فالمأخوذ في هذه الأدلة عنوان الرجل او المؤمن وهما لا يصدقان على الصبي غير المميز فضلاً عن الجنين

ولذا لا يمكن الاستدلال بهذه الروايات على ثبوت الكفارة في المورد الا أن يثبت الاجماع على ذلك


[1] وسائل الشيعة: 22/398، الباب الثامن والعشرون من أبواب الكفارات ح1.
[2] وسائل الشيعة: 22/398، الباب الثامن والعشرون من أبواب الكفارات ح2.
[3] وسائل الشيعة: 22/399، الباب الثامن والعشرون من أبواب الكفارات ح3.
[4] وسائل الشيعة: 22/399، الباب الثامن والعشرون من أبواب الكفارات ح4.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo