< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ هادي آل راضي

بحث الفقه

43/05/24

بسم الله الرحمن الرحيم

 

الموضوع: الديات/ كفارة القتل/

(مسألة 401): لا فرق في وجوب الكفّارة بقتل المسلم بين البالغ وغيره (1) والعاقل والمجنون، والذكر والأُنثى، والحرّ والعبد وإن كان العبد عبد القاتل (2)، والمشهور وجوب الكفّارة في قتل الجنين بعد ولوج الروح فيه، وفيه إشكال، و الأقرب عدم الوجوب (3)، وأمّا الكافر فلا كفّارة في قتله من دون فرق بين الذمّي وغيره

1-ذكرنا انه تقدمت الإشارة في (مسألة 384) استشكال السيد الماتن في شمول أدلة الكفارة للصبي غير المميز فضلاً عن الجنين ومنشأ الاشكال هو أن المأخوذ في أدلة الكفارة هو عنوان المؤمن او الرجل وهما لا يصدقان على الصبي غير المميز فضلاً عن الجنين، اما عدم صدق عنوان الرجل فواضح، واما عنوان المؤمن فكأنه لاعتبار الاعتقاد والاذعان بأساسيات الدين من الإله والنبوة والكتاب في صدق الايمان والصبي غير قابل لذلك، ولذا لا يصح أن يقال بان الجنين يؤمن بالله، نعم يمكن افتراض ذلك في الصبي المميز فتشمله الأدلة

نعم يمكن اثبات وجوب الكفارة في الصبي غير المميز بعدم القول بالفصل فكل من قال بوجوب الكفارة في الصبي المميز قال بوجوبها في الصبي غير المميز

ويبقى الجنين حيث لا اجماع يقتضي وجوب الكفارة بقتله ولذا ذكر بأن في قتله الدية دون الكفارة

ويلاحظ عليه ان الظاهر ان المراد من المؤمن في ادلة الكفارة خصوصاً في الآية الشريفة ﴿وَمَن قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُّسَلَّمَةٌ إِلَىٰ أَهْلِهِ﴾، هو المسلم، فلا يراد به المؤمن بمعنى الامامي الاثني عشري، كما لا يراد به المؤمن بالمعنى اللغوي وهو من لديه اعتقاد وتصديق باساسيات الدين، بل المراد به المسلم وهو من تشهد الشهادتين

ولعله يمكن الاستدلال لذلك بأن الظاهر انه لا خلاف بين الفقهاء في وجوب الكفارة في قتل المسلم غير الامامي، فلم يعتبر أحد من الفقهاء في وجوب الكفارة في القتل أن يكون المجني عليه امامياً اثنا عشرياً، كما أن هناك اتفاق بين الفقهاء على وجوب الكفارة في قتل المسلم الذي تشهد الشهادتين ولم يؤمن حقيقة

وكلا الامرين المتفق عليهما لا دليل خاص عليه، فاتفاق الفقهاء مستند الى هذه الروايات بمعنى انهم لا يفهمون من المؤمن الوارد فيها معنى الامامي الاثنى عشري وانما يفهمون منه ما يساوق المسلم

وحينئذ نقول يمكن تعميم الحكم بوجوب الكفارة بقتل المسلم للجنين وللصبي غير المميز باعتبار التبعية بمعنى انه يعتبر مسلماً فتترتب عليه احكام المسلم، نعم اذا قلنا بالتبعية في المؤمن ايضاً فلا داعي لإثبات أن المراد بالمؤمن في الأدلة هو المسلم

مضافاً الى ما ذكرناه سابقاً من وجود رواية معتبرة السند تدل على وجوب الكفارة في اسقاط الجنين وهي معتبرة طلحة بن زيد، عن جعفر بن محمّد، عن أبيه عليهما‌السلام في امرأة حبلى شربت دواء فأسقطت قال: ((تكفر عنه))[1] وطريق الشيخ الصدوق الى طلحة بن زيد معتبر، ويمكن توثيق طلحة بن زيد برواية صفوان عنه، مضافاً الى ما ذكره الشيخ بأن كتابه معتمد ونفهم منه الاعتماد على صاحب الكتاب إذ من الصعب جداً التفرقة بين الاعتماد على الكتاب والاعتماد على صاحب الكتاب

والرواية دلت على ثبوت الكفارة في قتل الجنين فيمكن اثبات الكفارة في قتل الصبي غير المميز اما بالاولوية او بعدم احتمال الفرق

هذا بالنسبة الى عنوان المؤمن الوارد في الأدلة، واما عنوان الرجل فإنه لم يرد الا في رواية أبي بكر الحضرمي ، قال : قلت لابي عبدالله عليه‌السلام : رجل قتل رجلا متعمداً ...))[2]

وهي ضعيفة السند، والتقييد بالرجل فيها وقع في كلام السائل وهو لا ينافي ثبوت الحكم للأعم من الرجل

ويكفينا في اثبات التقييد بالايمان الآية الشريفة وصحيحة عبدالله بن سنان قال : قال أبو عبدالله عليه‌السلام : ((كفارة الدم إذا قتل الرجل المؤمن متعمدا ....))[3] ، والمقصود أن القيد هو المؤمن فلا داعي لذكر الرجل

2-ويكفي في كل ذلك إطلاق الأدلة، ويدل عليه في ما اذا كان العبد عبد القاتل -مضافاً لذلك- الروايات الدالة على ثبوت الكفارة على من قتل مملوكه كما في

صحيحة الحلبي، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال: قال في الرجل يقتل مملوكه متعمدا، قال: ((يعجبني أن يعتق رقبة، ويصوم شهرين متتابعين، ويطعم ستين مسكينا، ثم تكون التوبة بعد ذلك))[4]

وصحيحة حمران ، عن أبي جعفر عليه‌السلام في الرجل يقتل مملوكا له ، قال : ((يعتق رقبة ، ويصوم شهرين متتابعين ، ويتوب إلى الله عز وجل))[5]

وموثقة سماعة، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال: سألته عن رجل قتل مملوكا له؟ قال: ((يعتق رقبة، ويصوم شهرين متتابعين، ويتوب إلى الله))[6]

3- لا اشكال في عدم وجوب الكفارة في الجنين قبل ولوج الروح لعدم صدق القتل، واما بعد ولوج الروح فتقدم الحديث عنه وتبين أن الصحيح هو ما ذهب اليه المشهور من وجوب الكفارة بقتل الجنين للرواية الخاصة او لما قلناه من أن المراد بالمؤمن في الأدلة هو المسلم فتثبت له سائر أحكام المسلم بالتبعية


[1] وسائل الشيعة: 22/374، الباب الحادي عشر من ابواب الكفارات ح1.
[2] وسائل الشيعة: 22/399، الباب الثامن والعشرون من أبواب الكفارات ح4.
[3] وسائل الشيعة: 22/398، الباب الثامن والعشرون من أبواب الكفارات ح2.
[4] وسائل الشيعة: 29/91، الباب السابع والثلاثون من ابواب القصاص في النفس ح1.
[5] وسائل الشيعة: 29/91، الباب السابع والثلاثون من ابواب القصاص في النفس ح2.
[6] وسائل الشيعة: 29/92، الباب السابع والثلاثون من ابواب القصاص في النفس ح4.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo