< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ هادي آل راضي

بحث الفقه

43/05/27

بسم الله الرحمن الرحيم

 

الموضوع: الديات/ كفارة القتل/

(مسألة 401): لا فرق في وجوب الكفّارة بقتل المسلم بين البالغ وغيره والعاقل والمجنون، والذكر والأُنثى، والحرّ والعبد وإن كان العبد عبد القاتل، والمشهور وجوب الكفّارة في قتل الجنين بعد ولوج الروح فيه، وفيه إشكال، و الأقرب عدم الوجوب، وأمّا الكافر فلا كفّارة في قتله من دون فرق بين الذمّي وغيره (1)

(مسألة 402): لو اشترك جماعة في قتل واحد فعلى كلّ منهم كفّارة (2)

(مسألة 403): لا إشكال في ثبوت الكفّارة على القاتل العمدي إذا رضي وليّ المقتول بالدية أو عفا عنه، وأمّا لو قتله قصاصاً أو مات بسببٍ آخر فهل عليه كفّارة في ماله؟ فيه إشكال، والأظهر عدم الوجوب (3)

(مسألة 404): لو قتل صبي أو مجنون مسلماً، فهل عليهما كفّارة؟ فيه وجهان، الأظهر عدم وجوبها (4)

1-لعدم الدليل على وجوب الكفارة في قتل الكافر، فإن الدليل مختص بقتل المؤمن ومن الواضح بأن معنى المؤمن لا ينطبق على الكافر، ومع الشك تجري أصالة البراءة

2-معنى انهم اشتركوا في القتل هو صدور القتل منهم جميعاً فكل واحد منهم مشمول للدليل الدال على وجوب الكفارة في قتل المؤمن

3-اما في حالة أخذ الدية من الجاني او العفو عنه فالكفارة واجبة باعتبار دلالة الأدلة على وجوبها عند القتل العمدي، فموجب الكفارة متحقق ولا دليل على سقوطها

بل هناك روايات معتبرة سنداً تدل على وجوب الكفارة على الجاني إذا أخذت منه الدية

منها صحيحة عبدالله بن سنان، وابن بكير ـ جميعا ـ عن أبي عبدالله عليه‌السلام ، قال : سئل عن المؤمن يقتل المؤمن متعمدا ، إلى أن قال : فقال : ((إن لم يكن علم به انطلق إلى أولياء المقتول ، فأقر عندهم بقتل صاحبه ، فإن عفوا عنه فلم يقتلوه أعطاهم الدية ، وأعتق نسمة ، وصام شهرين متتابعين ، وأطعم ستين مسكينا توبة إلى الله عزّ وجلّ))[1] وهي صريحة في وجوب الكفارة في حالة العفو عنه وعدم القصاص منه

وصحيحة عبدالله بن سنان ، قال : قال أبو عبدالله عليه‌السلام : ((كفارة الدم إذا قتل الرجل المؤمن متعمدا فعليه أن يمكن نفسه من أوليائه ، فان قتلوه فقد أدى ما عليه إذا كان نادما على ما كان منه ، عازما على ترك العود ، وإن عفي عنه فعليه أن يعتق رقبة ، ويصوم شهرين متتابعين ، ويطعم ستين مسكينا))[2] وهي تدل على وجوب الكفارة اذا عفي عنه أي عفي عن خصوص القصاص او عفي عنه مطلقاً حتى عن الدية

وصحيحة عبد الله بن سنان عن أبي عبدالله عليه‌السلام ، أنّه سئل عن رجل قتل مؤمناً ، وهو يعلم أنه مؤمن ، غير أنّه حمله الغضب على أنه قتله ، هل له من توبة إن أراد ذلك ، أو لا توبة له؟ قال : ((توبته ان لم يعلم انطلق إلى أوليائه ، فأعلمهم أنه قتله ، فان عفي عنه أعطاهم الدية ، وأعتق رقبة ، وصام شهرين متتابعين ، وتصدّق على ستين مسكينا))[3]

فالمتيقن من الأدلة هو وجوب الكفارة في حالة عدم القصاص

واما لو اقتص منه ففي وجوب أخذ الكفارة من ماله قولان:

القول الاول: عدم وجوب الكفارة في ماله وهو المحكي عن ظاهر المقنعة والمبسوط والسرائر والمهذب والوسيلة

القول الثاني: وجوب الكفارة وثبوتها في ماله وذهب اليه العلامة في المختلف والتحرير، بل عن الشيخ في الخلاف الفتوى بالوجوب مدعياً عليه اجماع الفرقة واخبارهم

والمحقق بعد أن نقل القول بعدم الوجوب قال فيه اشكال ويظهر منه الميل الى الوجوب

ويستدل لعدم الوجوب بالاصل، والروايات المتقدمة التي تكاد تكون صريحة في عدم وجوب الكفارة في حالة القصاص من الجاني فإن بعضها يصرح ((فان قتلوه فقد أدى ما عليه إذا كان نادما على ما كان منه ، عازما على ترك العود ، وإن عفي عنه فعليه أن يعتق رقبة)) والتفصيل قاطع للشركة فمعنى الرواية انه لا يجب عليه شيء في الفرض الاول

وهكذا قوله في صحيحة عبدالله بن سنان ((فإن عفوا عنه فلم يقتلوه أعطاهم الدية ، وأعتق نسمة ، وصام شهرين متتابعين ، وأطعم ستين مسكينا)) وظاهرها أن كلاً من الدية والكفارة مترتبان على العفو، فإن لم يعفوا عنه وقتلوه فلا دية ولا كفارة

فالظهور الاولي لهذه الروايات هو عدم ثبوت وجوب الكفارة في حال القصاص

واما القول بالوجوب فقد استدل له -كما في الجواهر[4] -

اولاً: بأن الأدلة تدل على أن موضوع وجوب الكفارة هو القتل العمدي ولا شك في كونه متحققاً، وبعد القصاص نشك في بقاء الوجوب فيستصحب

او قل بأن القتل العمدي سبب للكفارة وبعد القصاص نشك فنستصحب بقاء كونه سبباً

وثانياً: أصالة عدم المسقط، إذ بعد القصاص نشك في أن القصاص أسقط الكفارة بعد ثبوتها او لا،

وثالثاً: إن حقوق الله المتعلقة بالمال لا تسقط بالموت، والكفارة حق مالي

والمناقشة في هذه الادلة واضحة: اما الاستصحاب فلشبهة تغير الموضوع فإن الحكم السابق كان ثابتاً للحي والآن هو ميت ومع تعدد الموضوع قد يشكل في جريان الاستصحاب

والصحيح أن يقال إن الذي يفهم من أدلة وجوب الكفارة انها تكليف شرعي محض وليست حقاً متعلقاً بالاموال، ويرتفع التكليف بموته لأن الميت لا يخاطب بحكم تكليفي بوجوب أن يكفر، فلا معنى لجريان الاستصحاب لأننا نقطع بارتفاع التكليف بالموت

وأما أصالة عدم المسقط فمرجعه الى الاستصحاب لا انه شيئاً غيره -كما ذكر ذلك السيد الخوئي (قده)-

واما الثالث فانه مصادرة، فكون الكفارة حق متعلق بالاموال أول الكلام، بل هي حكم تكليفي صرف فيسقط بالموت

والظاهر أن الصحيح هو ما اختاره الشيخان من عدم وجوب الكفارة اذا اقتص منه او مات بسبب آخر

ومما قلناه يظهر انه لو فرضنا كون القتل خطأً لا عمداً وهو مما تجب فيه الكفارة بنص الآية الشريفة، ومات قبل أن يكفر تسقط الكفارة بموته على ما تقدم من كون الكفارة تكليفاً محضاً

يظهر وجود من ذهب من الاعلام الى وجوب الكفارة على الصبي والمجنون، ويستدل له باطلاق النصوص فمقتضى اطلاقها هو عدم الفرق بين أن يكون القاتل صبياً او بالغاً، مجنوناً او عاقلاً

فلا بد من اخراج العتق من مال الصبي والمجنون وكذا يخرج منه اطعام ستين مسكيناً، واما الصوم فينتظر الى أن يبلغ الصبي او يفيق المجنون فيكلف بالصوم

هذا ما ذكره في المسالك، وكأنه غض النظر عن مسألة كون الكفارة تكليف محض، ولعله لا يؤمن بذلك

ولكن بناء على ما هو الصحيح من انها تكليف محض فهي ترتفع عن الصبي والمجنون بأدلة رفع القلم، فتكون أدلة رفع القلم مقيدة لإطلاق النصوص


[1] وسائل الشيعة: 22/398، الباب الثامن والعشرون من أبواب الكفارات ح1.
[2] وسائل الشيعة: 22/398، الباب الثامن والعشرون من أبواب الكفارات ح2.
[3] وسائل الشيعة: 22/399، الباب الثامن والعشرون من أبواب الكفارات ح3.
[4] جواهر الكلام: 43/411.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo