< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ هادي آل راضي

بحث الفقه

43/06/07

بسم الله الرحمن الرحيم

 

الموضوع: الديات/ في العاقلة/

(مسألة 405): عاقلة الجاني عصبته، والعصبة: هم المتقرّبون بالأب كالإخوة والأعمام وأولادهم وإن نزلوا، و هل يدخل في العاقلة الآباء وإن علوا، والأبناء وإن نزلوا؟ الأقرب الدخول، و لا يشترك القاتل مع العاقلة في الدية، ولا يشاركهم فيها الصبي ولا المجنون ولا المرأة وإن ورثوا منها (1)

(مسألة 406): هل يعتبر الغنى في العاقلة؟المشهور اعتباره، وفيه إشكال، والأقرب عدم اعتباره (2)

قلنا بأن في تفسير حديث رفع القلم احتمال آخر اختاره جماعة من المحققين وهو أن مفاده رفع المؤاخذة عن الصبي حتى يبلغ وعن المجنون حتى يفيق، فلو كان في الفعل اقتضاء مؤاخذة او تبعات اخرى فيما لو صدر من غيرهما لا تترتب عليه تلك المؤاخذة والتبعات فيما لو صدر منهما

وعلى هذا التفسير لا يشمل الحديث الاحكام الترخيصية إذ لا اقتضاء مؤاخذة فيها

وقلنا بانه على هذا التفسير يصعب تطبيقه في محل الكلام إذ لم يصدر منهما شيء

ويوجد استفهامان على هذا الطرح

الاول: لم الاصرار على صدور فعل منهما؟

وجوابه ان مفاد الحديث هو عدم المؤاخذة على الصبي والمجنون، وهذا انما يصح ويقال بأن الصبي ترفع عنه المؤاخذة اذا صدر منه فعل فيه اقتضاء المؤاخذة

الثاني: لماذا قلتم بأن المنفي هو فعلية التكليف بمعنى وصول التكليف الى مرحلة استحقاق العقاب على المخالفة؟، لا أن المنفي أصل التكليف، فيكون الصبي كالجاهل لا يرتفع عنه أصل التكليف وانما ترتفع عنه منجزية التكليف

وجوابه انه بعد افتراض أن المستفاد من الحديث الشريف رفع المؤاخذة على الفعل الذي فيه اقتضاء المؤاخذة فهذا لا يتلائم مع افتراض بقاء التكليف في مرحلة التنجيز، ولا دليل على ارتفاع الحكم بسائر مراتبه

ويمكن أن يستدل بالحديث -على هذا الوجه- على نفي الاحكام التكليفية عنهما ولكن بهذا المعنى، فننفي فعلية التكليف عنهما كالجاهل، خلافاً لما يقوله السيد الخوئي (قده) من ارتفاع الحكم من أساسه

كما انه يمكن الاستدلال بالحديث على نفي الاحكام الوضعية المترتبة على الفعل بعنوان انها مؤاخذة عليه

فلازم عدم المؤاخذة أن الحكم لا يكون منجزاً عليه كما لا تترتب الآثار الوضعية من قبيل الحد والتعزير

فلا نقتصر على القول بأن الحديث يرفع الاحكام التكليفية بل هي والوضعية التي تكون من تبعات الفعل

ولكن هذا لا يعني صحة الاستدلال بالحديث في محل الكلام لأن الفعل لم يصدر من الصبي والمجنون في محل الكلام، ومعه لا معنى للاستدلال على عدم الدية على الصبي والمجنون بحديث رفع القلم فانه يدل على رفع المؤاخذة والآثار في حالة صدور الفعل منهما فالفعل الصادر منهما ليس فيه اقتضاء المؤاخذة بالنسبة اليهما

وقد يقال بأنه يمكن إثبات عدم ثبوت الدية على الصبي والمجنون بالاولوية، بأن يقال بأن الصبي لا دية ولا مؤاخذة عليه فيما لو صدر القتل منه، فعدم ترتب الدية في حالة صدور الفعل من غيره اولى

ولكن هذا مطلب آخر والكلام في الاستدلال بالحديث في محل الكلام

التفسير الثالث: إن المرفوع هو خصوص الأحكام التكليفية

ومن هنا قالوا بأن الحديث لا يشمل الاحكام الترخيصية ولا الاحكام الوضعية إذ لا تكليف فيها، فيختص بالاحكام التكليفية الالزامية

وعلى هذا التفسير لا يصح الاستدلال بالحديث في محل الكلام بناء على كون خطاب الدية خطاباً وضعياً، وسيأتي التعرض الى البحث عن حقيقة خطاب الدية وهل هو خطاب وضعي او تكليفي في المسألة الآتية

2-اعتبار الغنى في العاقلة بمعنى عدم تحمل الفقير شيئاً من الدية هو مذهب جماعة من الاصحاب، قال في الجواهر (بلا خلاف اجده فيه)، نعم وقع الكلام في وجوب الدية عليه اذا كان كسوباً يتمكن من تحصيل المقدار بعد الكسب

ويظهر من كشف اللثام الاتفاق على عدم وجوب الدية عليه وإن كان غنياً بالقوة، حيث عبر بعد نقل هذا الرأي بقوله (خلافاً للعامة في وجه حيث اكتفوا بالاكتساب) وفيه اشعار بالاتفاق بيننا

وعلى كل حال فما ذهب اليه المشهور من اعتبار الغنى خلاف اطلاق الأدلة إذ ليس في الأدلة ما يدل على تقيد الحكم بالغنى، ولم يأت الاصحاب بدليل يصلح للخروج عن اطلاق الأدلة

ومن هنا قد يقال بأن مقتضى الصناعة الالتزام باطلاق الأدلة خصوصاً اذا كان الفقير ممن يتمكن من أداء حصته من الدية بالامهال، ولعل ما يساعد على هذا الاطلاق هو وجود الكثير من الفقراء في العاقلة عادة

نعم يمكن أن يكون الوجه فيما ذهب اليه المشهور هو مسألة أن خطاب الدية خطاب تكليفي محض ليس فيه ما يدل على اشتغال الذمة بالدية، فيصح ما ذكروه من اشتراط الغنى إذ لا اشكال في سقوط هذا التكليف مع عدم القدرة على متعلقه، وهذا معناه اختصاص التكليف بالغني

نعم اذا قلنا بأنه خطاب وضعي مفاده اشتغال الذمة بالدية فيمكن أن يثبت في حق الغني والفقير ولا موجب لسقوطه

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo