< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ هادي آل راضي

بحث الفقه

43/06/11

بسم الله الرحمن الرحيم

 

الموضوع: الديات/ في العاقلة/

(مسألة 407): لا يدخل أهل البلد في العاقلة إذا لم يكونوا عصبة (1)

(مسألة 408): المشهور أنّ المتقرّب بالأبوين يتقدّم على المتقرّب بالأب خاصّة، وفيه إشكال، والأظهر عدم الفرق بينهما (2)

(مسألة 409): يعقل المولى جناية العبد المعتق (3) و يرثه المولى إذا لم تكن له قرابة (4)، وإذا مات مولاه قبله فجنايته على من يرث الولاء (5)

(مسألة 410): إذا لم تكن للقاتل أو الجاني عصبة ولا من له ولاء العتق، وكان له ضامن جريرة فهو عاقلته (6) و إلّا فيعقله الإمام من بيت المال (7)

وهذا واضح على ضوء الأدلة لأنها تثبت الدية على العاقلة وهم عصبة الرجل، ولكن السبب الذي دعى الفقهاء الى تحرير هذا الفرع هو أن الوارد في رواية سلمة بن كهيل أخذ الدية من أهل البلد لأن الامام أمره أن يأخذ الدية من أهل البلد

وجوابه: اولاً: إن الرواية ضعيفة السند على ما تقدم

وثانياً: انه قد أعرض الفقهاء عنها فلم ينقل عن واحد من العلماء القول بأخذ الدية من أهل البلد، خصوصاً مع كون المنقول في الرواية أخذ الدية من أهل البلد مع كون الجناية في بلد آخر غير البلد الذي أخذ من أهله الدية

2-ذهب الشيخ في المبسوط والمحقق في الشرائع والعلامة في القواعد الى أن المتقرب بالأبوين يتقدم على المتقرب بالأب خاصة، والمقصود هو انه في صورة ما إذا كانت الدية تستوفى عند الاقتصار على المتقرب بالأبوين فلا يؤخذ من المتقرب بالأب خاصة، نعم إذا فرض أن ما يؤخذ منه لا يكفي لإتمام الدية فيؤخذ من المتقرب بالأب خاصة لإتمامه،

وقال في الجواهر لا أجد فيه خلافاً بينهم

واستدل له بدليلين:

الأول: ما ذكره في كشف اللثام من أن المتقرب بالأبوين أقرب الى الجاني من المتقرب بالأب ويكون أحق بالإرث فتكون الدية عليه دون المتقرب بالأب خاصة

وهذا الدليل يربط مسألة الدية بمسألة الإرث فكل من يكون أحق بالإرث وأقرب الى الجاني من جهة الإرث تكون الدية عليه ولا تصل النوبة الى غيره مع كفايته في أداء الدية، والحال انه لا دليل على هذا الربط، انما دل الدليل على ان الدية على العصبة التي حددناها سابقاً، ولذا فهي قد تشمل جماعة يختلفون بلحاظ القرب والبعد عن الجاني من حيث الإرث

وعلى هذا فلا فرق بين المتقرب بالأبوين والمتقرب بالأب لأن كلاً منهما يعتبر عصبة، فلا فرق بين الأخ من الأب والأخ من الأبوين

ومن هنا ذكر في التحرير (ولو قيل بعدم التقديم كان وجهاً لأن قرابة الام لا مدخل لها في العقل) وهو إشارة الى أن المسألة تدور مدار العصبة وهم لا يختلفون في العصبة

الثاني الاستدلال بصحيحة البزنطي عن أبي جعفر عليه‌السلام في رجل قتل رجلا عمدا ثم فر فلم يقدر عليه حتى مات، قال: ((إن كان له مال اخذ منه، وإلا اخذ من الاقرب فالاقرب))[1]

وموثقة ابي بصير قال: سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن رجل قتل رجلا متعمدا ثم هرب القاتل فلم يقدر عليه؟ قال: ((إن كان له مال اخذت الدية من ماله، وإلا فمن الاقرب فالاقرب، وإن لم يكن له قرابة أداه الامام، فانه لا يبطل دم امرئ مسلم))[2] واستدل بها باعتبار انها تدل على أخذ الدية من الأقرب فالأقرب، ولا اشكال في أن المتقرب الى الجاني بالابوين أقرب من المتقرب اليه بالأب وحده

وجوابه هو انه تقدم ان مورد كلتا الروايتين هو القتل العمدي وفيه تكون الدية على الجاني لا على العاقلة، غاية الامر انهما تدلان على أن الجاني اذا فرّ في هذه الحالة ولم يقدر عليه حتى مات فإن كان له مال تؤخذ الدية من ماله والا تؤخذ الدية من الاقرب فالاقرب

فعلى تقدير إمكان الالتزام بهذا الحكم -مع ان الفقهاء لم يلتزموا به- نلتزم به في مورده وهو القتل العمد في حالة ما اذا فرّ الجاني ولم يقدر عليه حتى مات ولم يكن له مال لتؤخذ الدية منه ولا نتعدى الى محل الكلام

واما في محل الكلام فإن الدية تثبت على العاقلة ابتداء فلا داعي لاثبات الفرق بين المتقرب الى الجاني بالابوين والمتقرب اليه بالاب والحال أن الدية مرتبطة ابتداء بعصبة الرجل

3-اذا اعتق المولى عبده يكون ولاء العبد للمولى فعليه العاقلة وله الإرث ويشترط في هذا الحكم أن لا يكون ممن ينعتق عليه قهراً كما اذا نكل به، وأن لا يتبرأ من جريرته عند عتقه، وأن لا يعتق كفارة، والا كان سائبة

فاذا اعتق المولى العبد وفق هذه الشروط يكون ولاء العبد المعتق للمولى وكل من كان له الولاء فالإرث له والعقل عليه، وهذا هو مضمون روايات كثيرة ننقل منها ما ذكره السيد الماتن

صحيحة هشام بن سالم ، عن أبي عبد الله ( عليه السلام ) قال : ((إذا ولي (والى) الرجل الرجل فله ميراثه وعليه معقلته))[3]

وصحيحة الحلبي عن أبي عبدالله عليه‌السلام في امرأة اعتقت رجلا ، لمن ولاؤه؟ ولمن ميراثه؟ قال : ((للّذي اعتقه ، الاّ ان يكون له وارث غيرها))[4]

4-وهذا واضح كما ذكرت صحيحة الحلبي المتقدمة، وتدل عليه صحيحة هشام المتقدمة، لأن ولاءه للذي أعتقه كما صرحت صحيحة الحلبي، فيكون له ميراثه وعليه معقلته

5-لأن الذي يرث الولاء تكون جناية العبد عليه، فاذا ورث ابن المولى المعتق الولاء تكون معقلته على الابن

6- في بعض الحالات لا يكون ولاء العبد المعتق لمولاه كما في الموارد التي ذكرناها سابقاً، فاذا اتفق العبد المعتق في هكذا حالات مع غيره على أن يضمن الآخر جريرته وفي المقابل يكون له ارثه فالمعقلة على ضامن الجريرة

7-وهذا مضمون روايات كثيرة

منها صحيحة سليمان بن خالد، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: سألته عن مملوك اعتق سائبة، قال: ((يتولّى من شاء ، وعلى من تولاّه جريرته وله ميراثه ، قلت : فإن سكت حتّى يموت ؟ قال : يجعل ماله في بيت مال المسلمين))[5]

وإذ جعل ماله في بيت مال المسلمين تكون معقلته عليه كما تصرح به رواية اخرى

وصحيحة عبد الله بن سنان ، عن أبي عبد الله ( عليه السلام ) قال : قضى أمير المؤمنين ( عليه السلام ) فيمن أعتق عبداً سائبة ، ((أنّه لا ولاء لمواليه عليه ، فإن شاء توالىٰ الى رجل من المسلمين ، فليشهد أنه يضمن جريرته ، وكلّ حدث يلزمه ، فإذا فعل ذلك فهو يرثه ، وإن لم يفعل ذلك كان ميراثه يردُّ على إمام المسلمين))[6]


[1] وسائل الشيعة: 29/395، الباب الرابع من ابواب العاقلة ح3.
[2] وسائل الشيعة: 29/395، الباب الرابع من أبواب العاقلة ح1.
[3] وسائل الشيعة: 26/244، الباب الأول من أبواب ولاء ضامن الجريرة ح2.
[4] وسائل الشيعة: 23/62، الباب الخامس والثلاثون من أبواب العتق ح3.
[5] وسائل الشيعة: 26/244، الباب الأول من أبواب ضامن الجريرة ح3.
[6] وسائل الشيعة: 26/250، الباب الثاني من أبواب ضامن الجريرة ح12.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo