< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ هادي آل راضي

بحث الفقه

43/06/14

بسم الله الرحمن الرحيم

 

الموضوع: الديات/ في العاقلة/

(مسألة 412): قد تقدّم أنّ عمد الأعمى خطأً فلا قود عليه، وأمّا الدية فهي على عاقلته، فإن لم تكن له عاقلة ففي ماله، وإن لم يكن له مال فعلى الإمام (1)

(مسألة 413): تؤدّي العاقلة دية الخطأ في ثلاث سنين (2)، ولا فرق في ذلك بين الدية التامّة والناقصة، ولا بين دية النفس ودية الجروح (3)، وتقسّط في ثلاث سنين، ويستأدى في كلّ سنة ثلث منها (4)

(مسألة 414): الأظهر عدم اختصاص التأجيل بموارد ثبوت الدية المقدّرة (5)

(مسألة 415): دية جناية الذمّي وإن كانت خطأً محضا في ماله دون عاقلته ، وإن عجز عنها عقلها الإمام(عليه السلام) (6)

1-قلنا بأن المعروف أن عمد الاعمى خطأ كعمد الصبي وذكرنا الأدلة عليه ومناقشاتها، وتبين انه لا بأس بالاستدلال بهذه الأدلة على المطلوب

والقول الآخر ان الاعمى كالمبصر، واستدل له بوجود المقتضي للقصاص وهو تعمد القتل وعدم المانع لأن المانع المتصور في المقام هو العمى وهو لا يكون مانعاً مع اجتماع شرائط القصاص،

ومن الواضح بأن هذا الدليل لا بأس به حيث لا تكون ادلة خاصة تامة سنداً ودلالة تدل على أن عمد الاعمى لا قصاص فيه، وتقدم ان الدليل موجود

والنتيجة ان مقتضى الجمع بين هاتين الروايتين هو ما ذكره السيد الماتن من اعتبار الجناية العمدية للأعمى خطأ فديتها على العاقلة فاذا لم تكن له عاقلة ففي ماله وان لم يكن له مال فمن بيت مال المسلمين

نعم وقع الكلام في اختصاص هذا الترتيب بالأعمى حيث يعتبر عمده خطأ او انها ثابتة في كل قتل خطأ، ويأتي الكلام عنه في (مسألة 420)

2- تقدم في (مسألة 502) ان دية العمد تؤدى في سنة واحدة، واما دية الخطأ فهي تؤدى في ثلاث سنين، والظاهر ان هذا متفق عليه حتى ان الشيخ في الخلاف بعد ان اختاره قال: (وبه قال جميع الفقهاء إلا ربيعة، فإنه قال: أجلها خمس سنين وفي الناس من قال أنها حالة غير مؤجلة)[1] ثم استدل باجماع الفرقة بل اجماع الامة وان خلاف ربيعة لا يضر بهذا الاجماع

ويدل على التاجيل روايتان

الاولى: صحيحة الحلبي ((والاعمى جنايته خطأ يلزم عاقلته يؤخذون بها في ثلاث سنين في كل سنة نجما))[2]

الثانية: صحيحة أبي ولاد، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال: كان علي عليه‌السلام يقول: ((تستأدى دية الخطأ في ثلاث سنين، وتستأدى دية العمد في سنة))[3]

3-لا يختص التاجيل ثلاث سنين بالدية التامة وهي دية الرجل الحر المسلم، بل لا يختص بدية النفس فيشمل دية الجروح وما يعبر عنه بالارش -وهو ما دون النفس سواء كانت ديته مقدرة او لم تكن- وهنا يريد ان يعمم الحكم الى دية ما دون النفس المقدرة، واما غير المقدرة فسيأتي الحديث عنها

والدليل عليه هو اطلاق صحيحة ابي ولاد، واما صحيحة الحلبي فإن موردها دية النفس فلا اطلاق فيها حتى تعمم لغير النفس

4-التقسيط بهذا النحو مصرح به في كلام الفقهاء وقيل بانه الظاهر من صحيحة ابي ولاد، لان تحصيل الدية في ثلاث سنين يكون بهذا الشكل عادة، وإن أمكن تحصيلها بطريقة اخرى

واشارت صحيحة الحلبي الى ذلك بقوله عليه السلام (في كل سنة نجماً) اي قسطاً، ولكن هذا لا يعين كونه ثلثاً، الا ان الظهور الاولي للروايات هو الاداء بهذه الطريقة، وتحصيله بطريقة اخرى خلاف الظاهر وهو بحاجة الى مؤنة

5- ذكر السيد الماتن ان في المسألة اقوالاً

(الأوّل: اختصاص التأجيل بدية النفس فحسب. وحكي هذا القول عن‌ العلّامة في بعض كتبه‌
الثاني: عدم اختصاصه بها، بل يعمّ دية الأطراف أيضاً إذا كانت لها دية مقدّرة، وأمّا فيما لا مقدّر فيه شرعاً فلا تأجيل فيه. وهذا القول هو المحكيّ عن الأكثر.
الثالث: أنّ الأرش إن كان بقدر ثلث الدية فما دون يستأدى عند انسلاخ السنة الأُولى، وإن كان بقدر الثلثين وما دون فالثلث الأوّل يستأدى عند انسلاخ السنة الأُولى والباقي عند انسلاخ الثانية، وإن كان زائداً على الثلثين يستأدى الزائد عند انسلاخ السنة الثالثة. واختار هذا القول العلّامة في القواعد، ونسب ذلك إلى الشيخ في المبسوط أيضاً
الرابع: أنّ التأجيل يثبت مطلقاً. وهذا القول هو الأظهر)[4]

وينبغي ان نؤسس الاصل في المسألة، والاصل في الدية التي ثبت انها مستحقة للغير هو الحلول وتأجيلها بحاجة الى دليل، وعليه فلا بد من ملاحظة أدلة التأجيل ومعرفة موضوعها

واشرنا الى ان مورد صحيحة الحلبي هو دية النفس، واما صحيحة ابي ولاد فلا مشكلة في التمسك باطلاقها لاثبات التأجيل في جميع هذه الموارد، فإن موضوعها دية الخطأ ولا فرق فيها بين ان تكون دية نفس وغيرها ولا بين ان تكون مقدرة وغيرها، حتى الارش فان مقصودهم منه دية ما دون النفس غاية الامر ان الشارع تارة يعينه واخرى يترك امر تعيينه للحكومة، وبهذا يصح ما ذكره السيد الماتن من عدم اختصاص التاجيل بالدية المقدرة

وبعد ثبوت اطلاق الرواية فلا وجه للمصير الى الاقوال الاخرى

6- الظاهر ان هذا لا خلاف فيه، وتدل عليه صحيحة أبي ولاد ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : ((ليس فيما بين أهل الذمة معاقلة فيما يجنون من قتل أو جراحة إنما يؤخذ ذلك من أموالهم ، فان لم يكن لهم مال رجعت الجناية على إمام المسلمين لانهم يؤدون إليه الجزية كما يؤدي العبد الضريبة إلى سيده ، قال : وهم مماليك للامام فمن أسلم منهم فهو حر))[5]

ويذكر السيد الماتن فرعاً اخر وهو أنّه لو كان للذمّي عصبة من المسلمين فهل يعقلون عنه؟ ذهب السيد الماتن الى انه لا تؤخذ الدية منهم، فتؤخذ الدية من خصوص ماله لمكان الحصر في الرواية (إنما يؤخذ ذلك من أموالهم)


[1] الخلاف: 5/276.
[2] وسائل الشيعة: 29/399، الباب العاشر من أبواب العاقلة ح1.
[3] وسائل الشيعة: 29/205، الباب الرابع من أبواب ديات النفس ح1.
[4] موسوعة الامام الخوئي: 42/550-551.
[5] وسائل الشيعة: 29/391، الباب الأول من أبواب العاقلة ح1.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo