< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ هادي آل راضي

بحث الفقه

43/06/15

بسم الله الرحمن الرحيم

 

الموضوع: الديات/ في العاقلة/

(مسألة 415): دية جناية الذمّي وإن كانت خطأً محضا في ماله دون عاقلته ، وإن عجز عنها عقلها الإمام(عليه السلام) (1)

(مسألة 416): لا تعقل العاقلة إقراراً ولا صلحاً، فلو أقرّ القاتل بالقتل أو بجناية أُخرى خطأً تثبت الدية في ماله دون العاقلة، وكذلك لو صالح عن قتل خطائي بمالٍ آخر غير الدية، فإنّ ذلك لا يحمل على العاقلة (2)

1-ذكرنا بانه دلت على ذلك صحيحة أبي ولاد ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : ((ليس فيما بين أهل الذمة معاقلة فيما يجنون من قتل أو جراحة إنما يؤخذ ذلك من أموالهم ، فان لم يكن لهم مال رجعت الجناية على إمام المسلمين لانهم يؤدون إليه الجزية كما يؤدي العبد الضريبة إلى سيده ، قال : وهم مماليك للامام فمن أسلم منهم فهو حر))[1] ، وقد يقال بأن الرواية في مقام بيان أن الذمي حيث انه مملوك للامام فمعقلته على مولاه

ولكن هذا خلاف ما اتفقوا عليه من أن جناية العبد ليست على مولاه، والظاهر أن الرواية ليست بهذا الصدد، بل تريد أن تقول حيث انهم يدفعون الجزية للامام فمعقلتهم على الامام، وليس الغرض من ذكر انهم مماليك للامام بيان أن المعقلة تكون على الامام

2-اذا ثبت القتل الخطأ بالاقرار لا بالبينة فلا معقلة على العاقلة، وكذا اذا تصالح القاتل مع اولياء الدم في حالة عدم ثبوت القتل عليه ببينة على مال معين بدل الدية

اما عدم تحمل العاقلة ما ثبت بالاقرار فدلت عليه روايات

الاولى: رواية زيد بن علي ، عن آبائه عليهم‌السلام قال : ((لا تعقل العاقلة إلا ما قامت عليه البينة ، قال : وأتاه رجل فاعترف عنده فجعله في ماله خاصة ولم يجعل على العاقلة شيئا))[2] ولم يذكر في الرواية كون الجناية خطأ ولكن حيث انها ذكرت العاقلة يفهم ان موردها القتل الخطـأ، وفيها ظهور واضح في عدم تحمل العاقلة ما اذا ثبت القتل الخطأ بالاقرار والاعتراف

والكلام في سند الرواية، وقد رواها الشيخ الصدوق في الفقيه مرسلة عن امير المؤمنين (عليه السلام)، نعم يمكن أن يقال بانه يروي جملة من الروايات التي يعبر بقضايا امير المؤمنين وذكر في المشيخة طريقه اليها وهو صحيح، الا انه لم ينسب الرواية محل الكلام الى قضايا امير المؤمنين بل قال (قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع‌ لَا تَعْقِلُ الْعَاقِلَةُ ...)[3]

ورواها الشيخ الطوسي (بإسناده عن محمد بن أحمد بن يحيى ، عن أبي جعفر ، عن أبي الجوزاء ، عن الحسين بن علوان ، عن عمرو بن خالد ، عن زيد بن علي ، عن آبائه عليهم‌السلام ....) وفي هذا السند كلام من جهة ابي الجوزاء وابي جعفر والحسين بن علوان

اما ابو جعفر فهو كنية لشخصين في هذه الطبقة هما احمد بن محمد بن عيسى واحمد بن محمد بن خالد البرقي فكل منهما يكنى بهذه الكنية وكل منهما يروي عنه صاحب النوادر، وان كان الاقرب ان المراد به البرقي لان محمد بن احمد بن يحيى يروي بهذا العنوان اي انه يروي عن احمد بن محمد بن خالد ولا توجد له رواية عن احمد بن محمد بن عيسى بهذا العنوان

وعلى كل حال فكل منهما ثقة

واما ابو الجوزاء فهو منبه بن عبد الله التميمي، قال عنه النجاشي[4] صحيح الحديث ووثقه العلامة في الخلاصة صريحاً

وقالوا بأن توثيق العلامة له مأخوذ من عبارة الشيخ النجاشي لأنه فهم من قول النجاشي (صحيح الحديث) التوثيق،

ولكن اعترض على دلالة قول النجاشي (صحيح الحديث) على التوثيق بأن صحة الحديث أعم من الوثاقة فلا يمكن اثبات وثاقة الراوي بقول النجاشي صحيح الحديث

واجاب السيد الخوئي (قده) ب(أن ما فهمه العلامة هو الصحيح، فإن صحة الحديث عبارة عن مطابقته للواقع، و الحكم بذلك يلازم الحكم بوثاقة ناقله لا محالة)[5]

اقول: تفسير قوله صحيح الحديث بالمطابقة للواقع خلاف الظاهر، نعم يمكن القول بأن المراد أن حديثه معتبر والا فمن اين يعلم النجاشي بأن أحاديثه مطابقة للواقع، نعم نحن مكلفون ظاهرياً بالتعامل مع احاديثه على انها تتحدث عن الواقع

ولو سلمنا وقلنا بأن المقصود مطابقة احاديثه للواقع، الا انه لا ملازمة بين مطابقة الحديث للواقع وبين وثاقة الناقل، لأن مطابقة الحكم للواقع -لو فرضنا امكان التحقق منها- قد تثبت بطرق اخرى غير وثاقة الراوي، كالصحة بالمعنى المعروف فقد تثبت بطرق اخرى لا تعتمد على وثاقة الراوي

فليس الحكم بمطابقة حديث للواقع يلازم الحكم بوثاقة الناقل دائماً

والصحيح أن يقال بأن المراد بصحيح الحديث هو أن حديثه معتبر ويمكن الاستناد اليه من ناحية ابي الجوزاء في مقابل أن يكون حديثه ضعيف او ملتبس، فالعبارة تدل على الوثاقة

واما الحسين بن علوان ففيه كلام طويل، فوقع الكلام في مذهبه فهناك من قال بانه عامي، ومن قال بانه بتري، ومن قال بانه من اعلام الزيدية، ومن قال بانه امامي اثنا عشري

واما وثاقته فلا نص واضح عليها وانما تستفاد من كلامين :

الأول: ما ذكره الشيخ النجاشي في ترجمته (الحسين بن علوان الكلبي مولاهم كوفي عامي، وأخوه الحسن يكنى أبا محمد ثقة، رويا عن أبي عبد الله عليه‌السلام)[6] ووقع الكلام في أن المقصود بالتوثيق هل هو الحسين او اخوه الحسن

وقد بنى السيد الخوئي (قده) على وثاقته اعتماداً على عود التوثيق للحسين لأن الترجمة له

والرأي الآخر أن قوله (واخوه الحسن يكنى أبا محمد ثقة) جملة معترضة فقوله (ثقة) تعود للحسن

وذهب آخرون الى عدم ظهورها في شيء منهما

أقول إذا ثبت ان أبا محمد كنية للحسن فالعبارة ظاهرة في عود التوثيق للحسن

واما إذا فرضنا عود الكنية للحسين تكون العبارة ظاهرة في أن جملة (واخوه الحسن) جملة معترضة، فالتوثيق للحسين

وحيث انه لا يمكن اثبات من تعود اليه الكنية فليس واضحاً عود التوثيق الى الحسين بن علوان

واما الاستدلال بكون الترجمة للحسين بن علوان فلا بد ان يرجع كل ما يذكر فيها للحسين

ففيه ان هذا يختلف باختلاف العبارات، ومن ديدن النجاشي أن يترجم لشخص ويذكر في الاثناء اموراً ترتبط برجل آخر، وفي محل الكلام فهو يذكر جملة من الأمور عن الحسن اثناء ترجمة الحسين كما في قوله (وليس للحسن كتاب، والحسن أخص بنا وأولى) فمن المحتمل أن يكون التوثيق للحسن لا للحسين

الثاني: ما نقله العلامة في الخلاصة عن ابن عقدة من قوله (الحسن كان اوثق من اخيه واحمد عند اصحابنا)[7] وادعي ظهور هذه العبارة في وثاقة الحسين باعتبار أن أفعل التفضيل تدل على المشاركة في المبدأ مع زيادة في أحد الطرفين

واشكل السيد الخوئي بأن طريق العلامة الى ابن عقدة غير معلوم، وكأنه لا يحتمل وصول كتاب ابن عقدة للعلامة

وبقطع النظر عن هذا يقع الكلام في امكان الاستدلال بهذه العبارة على وثاقة الحسين بن علوان، فهناك اشكال على هذا الاستدلال له تقريبان

الاول: انه لا يعتبر في اطلاق صيغة افعل التفضيل على مورد صدق مدلول المادة حقيقة فيه بل يكفي الصدق الفرضي التقديري، مثلاً لو كان كل من زيد وعمرو سيئين ولكن كان احدهما اكثر سوءاً من الآخر يمكن أن يقال للأقل سوءاً بانه احسن من الآخر مع عدم اشتراكهما في مادة افعل التفضيل


[1] وسائل الشيعة: 29/391، الباب الأول من أبواب العاقلة ح1.
[2] وسائل الشيعة: 29/398، الباب التاسع من أبواب العاقلة ح1.
[3] من لا يحضره الفقيه: 4/141.
[4] رجال النجاشي: 421.
[5] معجم رجال الحديث: 19/353.
[6] رجال النجاشي: 52.
[7] خلاصة الاقوال: 338.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo