< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ هادي آل راضي

بحث الفقه

43/06/26

بسم الله الرحمن الرحيم

 

الموضوع: الديات/ في العاقلة/

(مسألة 420): تجب الدية على العاقلة في القتل الخطائي كما مرّ، فإن لم تكن له عاقلة أو عجزت عن الدية أُخذت من مال الجاني (1) و إن لم يكن له مال فهي على الإمام(عليه السلام)

(مسألة 421): المشهور أنّه إذا مات بعض العاقلة فإن كان قبل تمام الحول سقط عنه، وإن كان بعد تمام الحول انتقل إلى تركته، وفيه إشكال، والأظهر السقوط مطلقاً (2)

(مسألة 422): في كيفيّة تقسيم الدية على العاقلة خلاف، فقيل: إنّها على الغنيّ نصف دينار، وعلى الفقير ربع دينار. وقيل: يقسّطها الإمام(عليه السلام)أو نائبه عليهم على الشكل الذي يراه فيه مصلحة. وقيل: تقسّط عليهم بالسويّة، وهذا القول هو الأظهر (3)

1-كان المقصود اننا نستفيد من الادلة أن الحكم بالدية بالنسبة الى كل من الجاني والعاقلة حكم وضعي مرجعه الى استقرار الدية في ذمة الجاني والعاقلة

ويستفاد من الادلة أن استقرار الدية في ذمة الجاني هو في حالة عدم وجود عاقلة بمعنى أن ضمان الدية على العاقلة يختص بحال وجودها

فإن الامر لا يخلو اما أن تكون العاقلة موجودة فالضمان عليها ويتبعه الحكم التكليفي او انها ليست موجودة فالضمان على الجاني ويتبعه الحكم التكليفي

2-وهذه المسألة محررة في كلمات الاصحاب، قال في الشرائع (و إذا حال الحول على موسر توجهت مطالبته و لو مات لم يسقط ما لزمه و يثبت في تركته)[1] والمقصود بالحول حول التأجيل في دفع الدية فقد دلت الروايات انهم (يؤخذون بها في ثلاث سنين في كل سنة نجماً)، وقد يفهم من هذه العبارة سقوط الدية فيما لو مات قبل حلول الحول

وقال في القواعد (ولو مات بعض العاقلة في أثناء الحول سقط ما قسط عليه، وأخذ من غيره، ولو مات بعد الانقضاء أخذ من تركته)[2] ، وقال في الجواهر (بلا خلاف اجده فيه بيننا) ثم ذكر ان المخالف ابو حنيفة، وعلل عدم السقوط فيما لو مات بعد انقضاء الحول باستقرار الوجوب عليه بحول الحول فيكون كالدين فلا يسقط بالموت

وعلل في كشف اللثام السقوط اذا مات في اثناء الحول بعدم استقرار الوجوب عليه، لانهم يفرقون بين الموت بعد انقضاء الحول فيستقر الوجوب عليه وبين الموت قبله فلا يستقر عليه

والذي يظهر من كلام الاعلام انهم يبنون على ما ذكرناه من أن الدية على العاقلة حكم وضعي، والا فلا معنى لحكمهم بأخذها من تركته اذا مات بعد الحول

غاية الامر انهم يرون أن استقرار الضمان على العاقلة لا يكون الا بعد حلول الحول واما قبله فلا استقرار لوجوب الضمان، ولأجل ذلك لا تطالب العاقلة بالدية قبل انقضاء الحول وتطالب بالدية بعده، فكأن عدم مشروعية المطالبة قبل حلول الحول ومشروعيتها بعده لا تفسير له الا ما ذكروه من أن استقرار الوجوب يكون بعد انقضاء الحول دون ما قبله

فاذا ثبت أن المطالبة بالدية لا يكون الا بعد حلول الحول وثبت انه لا تفسير له الا ما ذكروه من عدم استقرار الوجوب قبل انقضاء الحول يكون هذا التفصيل متجهاً

وكأن عدم جواز المطالبة قبل انقضاء الحول يكشف عن عدم استقرار الوجوب في حين ان جواز المطالبة بعد انقضاء الحول يكشف عن استقرار الوجوب

ويلاحظ عليه إن عدم مشروعية المطالبة بالدية قبل انقضاء الحول لا ينحصر بعدم استقرار الوجوب قبله، فقد يستقر الجوب مع عدم جواز المطالبة فيما اذا فرضنا أن التأجيل لسنة من باب الإرفاق والتسهيل للمكلف كما ثبت في الخمس فإن الشارع أجل المكلفين سنة ارفاقاً بهم لاحتمال أن تخرج له مؤنة فيصرفها من أرباحه

والدليل على التأجيل هو ما ورد في الروايات كقوله في صحيحة الحلبي (يؤخذون بها في ثلاث سنين في كل سنة نجما))[3] ، وقوله في صحيحة ابي ولاد ((تستأدى دية الخطأ في ثلاث سنين، وتستأدى دية العمد في سنة))[4]

فيفهم من العبارة التأجيل وأن الدية تقسط على ثلاث سنين، ويؤخذ القسط الاول في نهاية السنة الاولى التي تبدأ من وقت وجوب الدية وهو وقت موت المجني عليه

وليس في الروايات ما يشير الى أن التأجيل من جهة عدم استقرار الوجوب بل يحتمل ان يكون من باب التسهيل والإرفاق كما كان في باب الخمس

ثم انه لو كان عدم جواز المطالبة في السنة الاولى من جهة عدم استقرار الوجوب فماذا نقول في السنة الثانية فالوجوب قد استقر في السنة الاولى الا أن يقال باستقراره بلحاظ الاقساط

واستشكل السيد الماتن في هذا التفصيل بقوله (أنّه إن كان ديناً انتقل إلى تركته وإن كان قبل تمام الحول، فإنّ عدم لزوم أدائه قبله لا ينافي ذلك، وإن لم يكن ديناً كما قوّيناه سقط عنه بموته مطلقاً وإن كان بعد تمام الحول)[5] وهو يذهب الى السقوط مطلقاً لأنها مجرد تكليف،

وقد اشار بقوله (أنّه إن كان ديناً انتقل إلى تركته وإن كان قبل تمام الحول، فإنّ عدم لزوم أدائه قبله لا ينافي ذلك) الى الجواب عن ما ذكره المشهور، اي انه دين ولكن لا يجب عليه الاداء في الحول، وهذا لا ينافي كونه قد استقر عليه الوجوب

وقد يقال في مقام توجيه ما ذهب اليه المشهور من التفصيل بانهم يفهمون من الأدلة أن ضمان كل فرد من افراد العاقلة لحصته من الدية مشروط ببقاءه الى انقضاء الحول، ومعنى الضمان انه دين عليه فإن مات بعد انقضاء الحول يخرج من تركته، واما لو مات قبل انقضاء الحول فلا شيء عليه إذ لم يثبت في ذمته شيء

ولكن يصعب استفادة هذا من الادلة، فإن ظاهرها أن العاقلة ضامنة لجناية الجاني خطأً لا أن ضمانها منوط بانتهاء السنة، ولا يستفاد هذا المعنى من التأجيل لأنه لا يعني عدم الضمان وعدم استقرار الوجوب بل يمكن أن يكون لأجل الإرفاق والتسهيل

والصحيح في المقام أن نقول -بناء على ما ذكرناه من ان الحكم وضعي بالنسبة الى كل منهما- بعدم التفصيل، بمعنى عدم السقوط مطلقاً فإذا مات الفرد لا يسقط عنه وتؤخذ من تركته سواء مات قبل انقضاء الحول او بعده

فان لدينا دية وعاقلة فتقسم الدية على العاقلة، واما القول الاول فقد يكون المجموع اكثر من الدية الواجب دفعها اذا كان افراد العاقلة كثيرين


[1] شرائع الإسلام: 4/274.
[2] قواعد الاحكام: 3/712.
[3] وسائل الشيعة: 29/399، الباب العاشر من أبواب العاقلة ح1.
[4] وسائل الشيعة: 29/205، الباب الرابع من أبواب ديات النفس ح1.
[5] موسوعة الامام الخوئي: 42/558.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo