< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ هادي آل راضي

بحث الفقه

43/06/28

بسم الله الرحمن الرحيم

 

الموضوع: الديات/ في العاقلة /

(مسألة 424): إذا كان بعض أفراد العاقلة عاجزاً عن الدية فهي على المتمكّن منهم (1)

(مسألة 425): لو كان بعض العاقلة غائباً لم يختصّ الحاضر بالدية، بل هي عليهما معاً (2)

(مسألة 426): ابتداء زمان التأجيل في دية الخطأ من حين استقرارها، وهو في القتل من حين الموت (3)، وفي جناية الطرف من حين الجناية إذا لم تسر، وأمّا إذا سرت فمن حين شروع الجرح في الاندمال (4)

(مسألة 427): لا يعقل الدية إلّا من علم أنّه من عصبة القاتل، ومع الشكّ لا تجب (5)

(مسألة 428): القاتل عمداً وظلماً لا يرث من الدية و لا من سائر أمواله (6) و إذا لم يكن له وارث غيره فهي للإمام(عليه السلام)كسائر أمواله، وأمّا إذا كان شبه عمد أو خطأ محضاً فهل يرث من الدية؟ المشهور عدمه، وهو الأظهر

    1. وهذا واضح على رأي السيد الماتن في أن الدية بالنسبة الى العاقلة تكليف فهو يسقط بالعجز

واما على الرأي الآخر الذي يذهب الى أن الدية على العاقلة حكم وضعي مرجعه الى استقرار الدية بذمتهم، فلا يمكن القول بانه يسقط بالعجز، فلا بد من وجود مبرر لسقوط الدية، وقد ذكر لذلك وجهان:

الاول: ان الادلة الدالة على وجوب الدية على العاقلة في القتل الخطأ منصرفة عن من لا يتمكن من دفع الدية، او نقول بانها منصرفة الى خصوص المتمكن لأن الدليل دل على اشتغال ذمة العاقلة بالدية، وهذا يتصور في من يتمكن من دفع الدية

الثاني: ان الدية وإن كانت على العاقلة حكم وضعي الا انه تابع للحكم التكليفي على غرار ما قيل في الزوجية والملكية فإن المجعول للشارع هو الحكم التكليفي وينتزع منه الحكم الوضعي، فاذا سقط الحكم التكليفي يسقط الحكم الوضعي، وتقدم انه لا اشكال في سقوط الحكم التكليفي بالعجز

والتوجيه الاول هو الاقرب، وكأن المأخوذ في الادلة ان من يكلف بالدفع لا بد ان يكون قادرا على الدفع ولو بالقوة

2-غياب بعض افراد العاقلة ليس مبرراً لاختصاص الدية بالحاضرين فإن مقتضى اطلاق الادلة وجوب الدية على العاقلة مطلقاً وان كانوا غائبين فانه لا يخرج الشخص بغيابه عن كونه عاقلة، نعم لا بد من امهال الغائب حتى يرجع

وهناك رواية قد يستدل بها على خلاف ذلك وهي رواية الحكم بن عتيبة ، عن أبي جعفر عليه‌السلام ـ في حديث ـ قال : ((يا حكم إذا كان الخطأ من القاتل ( أو الخطأ ) من الجارح وكان بدويا فدية ما جنى البدوي من الخطأ على أوليائه البدويين ، قال : وإذا كان القاتل أو الجارح قرويا فان دية ما جنى من الخطأ على أوليائه من القرويين))[1]

ولكن بقطع النظر عن ضعفها بالحكم بن عتيبة فالرواية لا علاقة لها بمحل الكلام وانما يستفاد منها أن الجارح اذا كان بدوياً تؤخذ الدية من اوليائه البدويين وإن كان قروياً تؤخذ الدية من اوليائه القرويين ولا علاقة لها بالحاضر والغائب

3-المستفاد من الأدلة أن موضوع وجوب الدية هو القتل الخطأ فيثبت الحكم بمجرد أن يثبت هذا الموضوع، ولا معنى لأن يبدأ زمان التأجيل من قبل موته إذ لا وجوب هناك

4-لانها السبب في ثبوت الدية، وقيدها بما إذا لم تسر الجناية لأنه مع وجود السراية لا يمكن تقدير الواجب في الجناية، فمع السراية يكون المبدأ من حين الاندمال ووقوف السراية

والظاهر انه ليس المراد توقف أصل الضمان على هذا لأن الضمان يثبت قبل هذا وانما هو شرط لتحديد مقدار الجناية

 

5-اذا علم كون الشخص من العصبة وجبت عليه الدية كسائر افراد العصبة

واما مع الشك في كونه من العصبة فلا تجب، ويستدل لذلك باستصحاب عدم كونه من العصبة بنحو استصحاب العدم الازلي لا بنحو استصحاب العدم النعتي لأنه لايصح الا بعد فرض وجود الشخص وولادته فعندها نستطيع ان نقول ان الشخص الموجود هل يتصف بكذا او كذا وبعبارة اخرى ان العدم تارة يكون وصفاً وتارة اخرى لايكون وصفاً ، فالعدم النعتي لايعقل ثبوته الابعد وجود الموصوف لانه نعت كالنعت الوجودي فكل منهما يتوقف على وجود الموصوف فمن دون افتراض الموصوف لا محل للعدم النعتي، ففي العدم النعتي ليس لدينا زمان نتيقن فيه بعدم كون هذا المشكوك من العصبة حتى نستصحبه لانه من حين ولادته نشك هل هو من العصبة او لا؟ وهذا يعني انه لم يمر عليه زمان نعلم فيه انه ليس من العصبة ثم يمر زمان آخر نشك فيه انه من العصبة او لا حتى يمكن استصحاب عدم كونه من العصبة اذن لايصح هذا النحو من الاستصحاب لانه لا يقين بعدم كونه من العصبة في زمان سابق بعد فرض وجوده

ولذا يلجأ الى استصحاب العدم الازلي، وليس الغرض من هذا الاستصحاب اثبات انتساب هذا المشكوك الى غير هذه العصبة حتى يقال انه أصل مثبت بل الغرض منه اثبات عدم كونه من العصبة ويكفي فيه هذا الاستصحاب بناء على جريان الاستصحاب في الاعدام الازلية فيكون هذا هو الدليل على اخراج المشكوك من حكم العصبة التي وجب عليها دفع الدية .

فان استشكل بجريان الاستصحاب في الاعدام الازلية فيمكن الانتقال الى الاستصحاب الحكمي لاننا نشك في استقرار وجوب الدية عليه فنستصحب عدم وجوب الدية عليه قبل حصول الجناية فيمكن تعويض الاستصحاب الموضوعي بالاستصحاب الحكمي . فتحصل ان من يشك في كونه من عصبة الجاني لا تجب عليه الدية .

وذكر المحقق في الشرائع بانه (لا يعقل إلا من عرف كيفية انتسابه إلى القاتل و لا يكفي كونه من القبيلة لأن العلم بانتسابه إلى الأب لا يستلزم العلم بكيفية الانتساب و العقل مبني على التعصيب خصوصا على القول بتقديم الأولى)[2]

فإن موضوع الدية الانتساب للعصبة بنحو خاص لا مطلق الانتساب للقبيلة، فهو غير كاف في تحمل الدية بل لابد من ذلك النحو الخاص الذي تقدم ذكره

6-في المسألة روايات كثيرة متعارضة بظاهرها

ويمكن تقسيم الروايات الى طوائف

الطائفة الاولى: ما دل على ان القاتل لا يرث من المقتول وهي باطلاقها تشمل الدية وغيرها، كما تشمل باطلاقها القتل العمد والخطأ بقسميه

وهي روايات كثيرة توجد في الباب السابع من ابواب موانع الارث ومنها صحيحة هشام وصحيحة جميل بن دراج وصحيحة الحلبي وصحيحة ابي عبيدة وهي الحديث 1 - 2 -7 - 3 ومفادها ان القاتل لايرث مطلقا .

الطائفة الثانية: ما دل على ان القاتل لايرث من دية المقتول فموردها دية المقتول وهي ساكتة عن انه يرث من غير الدية من اموال المقتول او لا، وهذه الروايات فيها ما هو مطلق من حيث العمد والخطأ اي لا يرث من الدية سواء قتل عمدا او خطأ ، وبعضها مخصوص بالعمد ، وهي موجودة في الباب الثامن من ابواب موانع الارث الحديث الاول والثاني وفي الباب الحادي عشر الحديث الثاني

الطائفة الثالثة: ما دل على التفصيل بين الخطأ والعمد فالقاتل يرث المقتول في الخطأ ولا يرثه في العمد مطلقاً لا من الدية ولا من غيرها، ولكنه يرثه في الخطأ مطلقاً من الدية وغيرها وهذه الروايات موجودة في الباب التاسع من ابواب موانع الارث الحديث الاول والثاني . وسيأتي التعرض لكيفية التوفيق بينها بعد استعراضها في الدرس القادم ان شاء الله تعالى .

 


[1] وسائل الشيعة: 29/398، الباب الثامن من أبواب العاقلة ح1.
[2] شرائع الإسلام: 4/274-275.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo