< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ هادي آل راضي

بحث الفقه

43/07/05

بسم الله الرحمن الرحيم

 

الموضوع: الديات/ في العاقلة /

(مسألة 428): القاتل عمداً وظلماً لا يرث من الدية و لا من سائر أمواله (1) و إذا لم يكن له وارث غيره فهي للإمام(عليه السلام)كسائر أمواله، وأمّا إذا كان شبه عمد أو خطأ محضاً فهل يرث من الدية؟ المشهور عدمه، وهو الأظهر

1-الظاهر انه لا اشكال ولا خلاف في كون القتل من موانع الارث، وقد دلت عليه في الجملة روايات مستفيضة

ويمكن تقسيمها الى طوائف:

الطائفة الاولى: ما دل على أن القاتل لا يرث من المقتول وهي باطلاقها تشمل الدية وغيرها، كما تشمل باطلاقها القتل العمد والخطأ بقسميه

منها صحيحة هشام بن سالم ، عن أبي عبد الله ( عليه السلام ) قال : ((قال رسول الله ( صلّى الله عليه وآله ) : لا ميراث للقاتل))[1]

ومنها صحيحة أبي عبيدة ، عن أبي جعفر ( عليه السلام ) في رجل قتل اُمّه ، قال : ((لا يرثها ، ويقتل بها صاغراً ، ولا أظنّ قتله بها كفّارة لذنبه))[2]

ومنها قوله عليه السلام): ((إذا قتل الرجل أباه قتل به ، وإن قتله أبوه لم يقتل به ، ولم يرثه))[3]

ومنها قوله (عليه السلام): ((لا يتوارث رجلان ، قتل أحدهما صاحبه))

ومنها قوله (عليه السلام): ((لا ميراث للقاتل)) وغيرها من الروايات

وهذه الروايات كما انها مطلقة من حيث العمد والخطأ هي مطلقة من ناحية الدية وسائر أموال المقتول

ويمكن أن يقال بأن القدر المتيقن منها هو العمد او يقال بانها تشمل العمد بالاطلاق، بمعنى انه يحتمل اختصاصها بالعمد او شمولها لقسمي القتل، ولا يحتمل اختصاصها بالقتل الخطأ

الطائفة الثانية: ما دل على أن القاتل لايرث من دية المقتول

منها صحيحة محمد بن قيس ، عن أبي جعفر ( عليه السلام ) ، قال : ((المرأة ترث من دية زوجها ، ويرث من ديتها ، ما لم يقتل أحدهما صاحبه))[4]

ومنها موثقة محمد بن قيس ، عن أبي جعفر ( عليه السلام ) ، قال : ((أيّما امرأة طلّقت ، فمات زوجها قبل أن تنقضي عدّتها ، فإنّها ترثه ، ثمَّ تعتدُّ عدَّة المتوفّى عنها زوجها ، وإن توفّيت في عدَّتها ورثها ، وإن قتلت ورث من ديتها ، وإن قتل ورثت هي من ديته ما لم يقتل أحدهما صاحبه))[5]

ويمكن القول بأن المتيقن منها هو القتل العمد او يقال بانها تشمل القتل العمد باطلاقها

وهذه الطائفة لا تنافي الطائفة الاولى لانها لا مفهوم لها

الطائفة الثالثة: ما دل على التفصيل بين الخطأ والعمد فالقاتل يرث المقتول في الخطأ مطلقاً ولا يرثه في العمد مطلقاً لا من الدية ولا من غيرها

منها صحيحة محمد بن قيس ، عن أبي جعفر ( عليه السلام ) : (( أنّ أمير المؤمنين ( عليه السلام ) ) قال : إذا قتل الرجل اُمّه خطأ ورثها ، وإن قتلها ( متعمّداً فلا ) يرثها))[6]

ومنها صحيحة عبد الله بن سنان ، قال : سألت أبا عبد الله ( عليه السلام ) عن رجل قتل اُمّه ، أيرثها ؟ قال : ((إن كان خطأ ورثها ، وإن كان عمداً لم يرثها))[7]

ونستطيع أن نقول بأن الطوائف الثلاث متفقة على ان القاتل عمداً لا يرث مطلقاً، نعم مفاد الطائفة الثانية انه لا يرث من الدية

ومن هنا يمكن أن نقول بأن القاتل عمداً لا يرث مطلقاً بلحاظ الروايات وهذا مما لا اشكال فيه حتى بلحاظ الفتاوى فهناك إطباق على ذلك

واما القاتل خطأ بقسميه من الخطأ المحض والخطأ شبيه العمد ففيه خلاف والروايات فيه متعارضة بدواً، فإن الطائفة الاولى تدل باطلاقها على انه لا يرث مطلقاً، والطائفة الثانية تدل باطلاقها على انه لا يرث من الدية، بينما تصرح الطائفة الثالثة بإرث القاتل خطأ ومقتضى اطلاقها انه يرث من الدية وغيرها

وعلى هذا الاساس قد يقال في المقام بانه اذا لاحظنا الطائفة الثانية نجدها أخص مطلقاً من الثالثة فانها تقول بأن القاتل خطأ لا يرث من الدية بينما الطائفة الثالثة تصرح بانه يرث، فنخرج الدية من اطلاق الطائفة الثالثة ونحملها على سائر الاموال

واعترض على هذا الاقتراح بعدم التسليم بكون النسبة بينهما هي نسبة العموم المطلق بل هي نسبة العموم والخصوص من وجه وذلك لأن الطائفة الثانية مطلقة من جهة العمد والخطأ فتشمل القاتل خطأ والثالثة تختص بالخطأ وإن كانت مطلقة من جهة الدية وغيرها

ومادة الاجتماع هي القتل الخطأ بالنسبة الى ارث الدية فالطائفة الثانية تقول لا يرث بينما الطائفة الثالثة تقول يرث، فيتعارضان في مادة الاجتماع

وبناء على هذه النسبة لانقدم الطائفة الثانية على الثالثة لعدم اولوية تقديم الطائفة الثانية على الطائفة الثالثة فكل منهما فيه مورد الاجتماع فلاوجه في تقديم خصوص الثانية وعليه لو قدمت الثالثة فستختلف النتيجة بلا شك لان لازم هذا التقديم حمل الثانية على الثالثة أي انه لايرث من الدية حال العمد ويرث من الدية حال الخطأ وبهذا يرتفع التعارض بينهما، وليس الحمل المذكور في المحاولة باولى من هذا الحمل

ولابد من الاشارة هنا الى ان النتيجة الاولى أي التي اثبتت ان القاتل خطأ لايرث من الدية خاصة مبنية على القول بان النسبة بين الطائفتين هي نسبة العموم والخصوص المطلق وهذا هو رأي الشيخ المفيد وله وجه اشار اليه المحقق في الشرائع حيث قال (وخرج المفيد رحمه الله وجها آخر هو المنع من الدية و هو حسن)[8]

وقد ايد الشيخ الطوسي في الخلاف هذا الوجه برواية عامية عن محمد بن سعيد -قال الدارقطني وهو ثقة- عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده عبد الله بن عمرو، أن النبي (صلى الله عليه و آله) قال: ((لا يتوارث أهل ملتين بشيء، ترث المرأة من مال زوجها و من ديته، و يرث الرجل من مالها و من ديتها ما لم يقتل أحدهما صاحبه، فان قتل أحدهما صاحبه عمدا فلا يرث من ماله و لا من ديته، و إن قتله خطأ ورث من ماله و لا يرث من ديته))[9] ثم عقب الرواية بقوله : ( هذا نص وكلما يروى من الاخبار في ان القاتل لا يرث ويتعلق بعمومه لنا ان نخصه بهذا الخبر )

والمحقق استحسن ما نقله عن المفيد ،

ويمكن ان يقال ان كان وجه الاستحسان هو ما بني على نسبة العموم والخصوص المطلق بين الطائفتين الثانية والثالثة، ففيه ما تقدم من أن النسبة بينهما هي العموم والخصوص من وجه

واما اذا كان هو وجه آخر مبني على الاعتراف بأن النسبة بينهما هي العموم والخصوص من وجه ويرى ان هذا هو مقتضى الجمع بين الطائفتين فهو ليس تاماً كما سوف يأتي ان شاء الله تعالى


[1] وسائل الشيعة: 26/30، الباب السابع من أبواب موانع الإرث ح1.
[2] وسائل الشيعة: 26/30، ح2.
[3] وسائل الشيعة: 26/30، خ4.
[4] وسائل الشيعة: 26/32، الباب الثامن من أبواب موانع الإرث ح2.
[5] وسائل الشيعة: 26/ 39، الباب الحادي عشر من ابواب موانع الارث ح2.
[6] وسائل الشيعة: 26/33، الباب التاسع من أبواب موانع الإرث ح1.
[7] وسائل الشيعة: 26/34، الباب التاسع من أبواب موانع الإرث ح2.
[8] شرائع الإسلام: 4/8.
[9] الخلاف: 4/31.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo