< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ هادي آل راضي

بحث الفقه

43/07/06

بسم الله الرحمن الرحيم

 

الموضوع: الديات/ في العاقلة /

(مسألة 428): القاتل عمداً وظلماً لا يرث من الدية و لا من سائر أمواله (1) و إذا لم يكن له وارث غيره فهي للإمام(عليه السلام)كسائر أمواله، وأمّا إذا كان شبه عمد أو خطأ محضاً فهل يرث من الدية؟ المشهور عدمه، وهو الأظهر

1-ذكرنا بأن الروايات على طوائف ثلاث وهي متفقة عل عدم إرث القاتل عمداً مطلقاً من الدية وغيرها

وانما الكلام في القاتل خطأ، وتارة يقع الكلام بلحاظ الروايات واخرى بلحاظ الاقوال

اما بلحاظ الروايات فقلنا بأن الروايات على طوائف ثلاث

الطائفة الاولى: ما دل على أن القاتل لا يرث من المقتول وهي باطلاقها تشمل الدية وغيرها، كما تشمل باطلاقها القتل العمد والخطأ بقسميه

والطائفة الثانية تدل على أن القاتل لايرث من دية المقتول فهي مختصة بالمنع من ارث الدية ومطلقة من حيث كون القتل عمدا او خطأً

والطائفة الثالثة: مختصة بالقتل الخطأ وتقول بان القاتل يرث المقتول في الخطأ مطلقاً من الدية وغيرها

وذكرنا مسألة تقييد الطائفة الثانية بالطائفة الثالثة، باعتبار أن الطائفة الثانية تختص بارث الدية بينما الطائفة الثالثة مطلقة من ناحية إرث الدية وغيرها، فنخرج الدية من اطلاق الطائفة الثالثة والنتيجة أن القاتل خطأ لا يرث من الدية ويرث من غيرها، وهذا الوجه غير ناظر الى وجود إطلاق من جهة اخرى

وهذا هو القول المعروف المشهور والذي ادعي عليه الاجماع

وتقدم جوابه وأن النسبة بين الطائفتين هي العموم والخصوص من وجه لا العموم والخصوص المطلق

ومادة الاجتماع هي القتل الخطأ بالنسبة الى ارث الدية فالطائفة الثانية تقول لا يرث بينما الطائفة الثالثة تقول يرث، فيتعارضان في مادة الاجتماع ولا موجب لتقديم احدى الطائفتين على الاخرى في مادة الاجتماع

وذكرنا بأن المحقق قد اشار الى هذه النتيجة واستحسنها وقلنا بانه إن كان دليله هو الوجه السابق ففيه ما تقدم من أن النسبة بينهما هي العموم والخصوص من وجه

واما اذا كان دليله هو ما اشير اليه من انه وإن كانت النسبة بينهما عموم وخصوص من وجه ولكن مقتضى الجمع بينهما هو حمل الطائفة الثالثة على غير الدية فالقاتل خطأً يرث من غير الدية، واما ارث الدية فيدخل في الطائفة الثانية الدالة على عدم الارث

ولأول وهلة يمكن أن يقال لم لا نجمع بينهما بوجه آخر بأن نحمل الطائفة الثانية المانعة من ارث القاتل من الدية على القتل العمد، ويبقى القتل الخطأ مشمولاً للطائفة الثالثة

والنتيجة ان القاتل عمداً لا يرث من الدية بينما القاتل خطأً يرث من الدية وغيرها، وليس ما ذكر بأولى من هذا الجمع

وقد ذكر الفقهاء وجوهاً لترجيح الجمع الاول على الجمع الثاني

الوجه الاول: تأييد هذا بالشهرة والاجماع المحكي عن الانتصار والخلاف والغنية والسرائر على أن القاتل خطأ يرث من سائر الاموال ولا يرث من الدية

الوجه الثاني: ان اطلاقات الطائفة الاولى ترجح هذا الجمع لأن مفادها أن القاتل لا يرث مطلقاً فهي مطلقة بلحاظ العمد والخطأ كما انها مطلقة بلحاظ الدية وغيرها

بينما ينتج الجمع الثاني أن القاتل خطأ يرث مطلقاً من الدية وغيرها فهي على خلاف الطائفة الاولى

الوجه الثالث: ترجيح الجمع الاول باستبعاد استحقاق القاتل مما ثبت بجنايته، والحكم بارث القاتل يعني ان القاتل يستحق مما ثبت بسبب جنايته فان الدية تعويض عن الجناية

الوجه الرابع: ان الطائفة الثالثة قاصرة عن الدلالة على ارث الخاطيء من الدية المأخوذة منه او من العاقلة لاختصاصه بحكم التبادر بارث ما عداها من التركة، ولعل النكتة في هذا هي ما اشير اليه في الوجه السابق فان معنى الدية انها تعويض عن جنايته فلا معنى لاستحقاقه منه

فالقاتل يجب عليه تسليم الدية الى وارث المقتول اذا كان القتل خطأً شبيه العمد، وان كان خطأً محضاً فالعاقلة تدفع الدية الى الوارث نيابة عن القاتل

الوجه الخامس: الرواية العامية المتقدمة فانها صريحة في التفصيل بين سائر تركة المقتول وبين الدية حيث جاء فيها (وان قتله خطأ ورث من ماله ولا يرث من ديته)

ومعظم هذه الوجوه محل نقاش ونظر، ولكن الوجه الذي ادعاه اكثر من واحد من فقهائنا وهو انصراف الطائفة الثالثة واختصاصها بما عدا الدية بنكتة انه لايرث من جنايته يرفع التعارض بين الطائفتين الثانية والثالثة، فاذا بنينا على هذه النكتة وشككنا باطلاق الطائفة الثالثة او على الاقل ان نقتصر فيها على المتيقن وهو ما عدا الدية فيرتفع التعارض من اصله بين الطائفة الثانية والثالثة لتعدد الموضوع لأن الثانية موضوعها ارث الدية وموضوع الثالثة ارث ما عدا الدية

وهذا الرأي وهو انه لايرث من الدية دون سائر الاموال هو ما ذهب اليه الشيخ المفيد والسيد المرتضى وابن الجنيد والطوسي والحلبي والقاضي وابن حمزة وابن زهرة وابن ادريس والعلامة وولده والشهيدين وغيرهم (قدست اسرارهم) بل مذهب الاكثر كما عبر الشهيد في الدروس والشهيد الثاني في المسالك بل عن الانتصار والخلاف والغنية والسرائر الاجماع عليه، وهو أحد الاقوال في المسألة

واما القول الثاني فهو المنع من الارث مطلقاً فيكون كالقاتل عمداً وهو ما حكاه العلامة في المختلف عن ابن ابي عقيل العماني واستدل له

اولا : باطلاق اخبار الطائفة الاولى لانها شاملة باطلاقها للدية وسائر التركة

وثانيا : استدل له بروايتين

الاولى: ما رواه الشيخ الكليني عن الحسين بن محمد ، عن معلّى بن محمد ، عن بعض أصحابه ، عن حمّاد بن عثمان ، عن فضيل بن يسار ، عن أبي عبد الله ( عليه السلام ) ، قال : ((لا يقتل الرجل بولده إذا قتله ، ويقتل الولد بوالده إذا قتل والده ، ولا يرث الرجل أباه إذا قتله وإن كان خطأ))[1]

ورواه الشيخ بإسناده عن عليِّ بن الحسن بن فضّال ، عن رجل ، عن محمد بن سنان ، عن حمّاد بن عثمان

الثانية: ما رواه الشيخ بإسناده عن يونس ، عن محمد بن سنان ، عن العلاء بن الفضيل ، عن أبي عبد الله ( عليه السلام ) ـ في حديث ـ قال : ((ولا يرث الرجل الرجل إذا قتله ، وإن كان خطأ))[2]

ورواه الكلينيُّ عن عليِّ بن إبراهيم ، عن محمد بن عيسى ، عن يونس

اما الدليل الاول فجوابه واضح فإن اطلاق الاخبار يقيد باخبار الطائفة الثالثة الدالة على ان القاتل خطأ يرث من سائر التركة،

واما الروايات فالاولى ضعيفة السند في الكافي بمعلى بن محمد فلم تثبت وثاقته وبالارسال ايضا ،

واما ما رواه الشيخ الطوسي في التهذيب ففيه مشكلة الارسال ووقوع محمد بن سنان في طريقها الذي لم تثبت وثاقته عندنا، فتحصل ان الحديث الاول ضعيف بطريقيه

واما الرواية الثانية فرواها الشيخ بطريق فيه محمد بن سنان فلا تتم سندا .

ويأتي الكلام عن الحديث الثاني برواية الكليني ان شاء الله تعالى

 


[1] وسائل الشيعة: 26/34، الباب التاسع من أبواب موانع الإرث ح3.
[2] وسائل الشيعة: 26/35، الباب التاسع من أبواب موانع الإرث ح4.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo