< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ هادي آل راضي

بحث الفقه

43/07/10

بسم الله الرحمن الرحيم

 

الموضوع: الديات/ في العاقلة /

(مسألة 428): القاتل عمداً وظلماً لا يرث من الدية و لا من سائر أمواله (1) و إذا لم يكن له وارث غيره فهي للإمام (عليه السلام)كسائر أمواله (2)، وأمّا إذا كان شبه عمد أو خطأ محضاً فهل يرث من الدية؟ المشهور عدمه، وهو الأظهر

(مسألة 429): لا يضمن العاقلة عبداً ولا بهيمة (3)

(مسألة 430): لو جرح ذمّي مسلماً خطأً ثمّ أسلم فسرت الجناية فمات المجروح لم يعقل عنه عصبته لا من الكفّار ولا من المسلمين (4)، وعليه فديته في ماله، وكذا لو جرح مسلمٌ مسلماً ثمّ ارتدّ الجاني فسرت الجناية فمات‌ المجنيّ عليه لم يعقل عنه عصبته المسلمون ولا الكفّار
(مسألة 431): لو رمى صبي شخصاً ثمّ بلغ فقتل ذلك الشخص فديته على عاقلته (5)

    1. القول الثالث: ان القاتل خطأ يرث مطلقاً من الدية وغيرها

ومن الادلة عليه حديث الرفع بتقريب أن الادلة دلت على مانعية القتل من الارث فاذا صدر القتل خطأ فحديث الرفع يثبت هذا الحكم فترتفع المانعية فيثبت الارث فالقتل الخطأ لا يمنع من الارث

وقلنا بانه لم تذكر المانعية كأثر يترتب على القتل وانما الموجود في الروايات ان القاتل لا يرث فالاثر المترتب على القتل هو عدم الإرث وشمول حديث الرفع للامور العدمية محل كلام

مضافاً الى ان هذا الاستدلال لو سلمنا بتماميته على نفي المانعية لكن حديث الرفع يدل على ذلك بالاطلاق فالحديث لا يختص برفع هذا الاثر فهو قابل للتقييد بما دل على المنع من ارث القاتل خطأ من الدية وهو ما دلت عليه روايات الطائفة الثانية فتكون مقيدة لهذا الاطلاق

القول الرابع: ما يظهر من كلام جماعة كالفضل بن شاذان وابن الجنيد والعماني وغيرهم من الحاق القتل شبيه العمد بالعمد في انه يمنع من الارث

بينما ظاهر كلمات الفقهاء الآخرين عدم الالحاق وانما حكمه حكم الخطأ المحض فمقصودهم بالخطأ هو الاعم من الخطأ المحض والشبيه بالعمد بقرينة جعلهم له في مقابل العمد فمرادهم شمول كلا القسمين الخطأ المحض والخطأ شبيه العمد

والا فلو كان مقصودهم خصوص الخطأ المحض فلازمهم انهم يهملون الخطأ شبيه العمد ولم يذكروا له حكما وهذا بعيد لوقوعه كثيرا فهو محل ابتلاء

ولذا نقول بأن من حكي عنه الحاق الخطأ شبه العمد بالعمد مخالف لكلام الفقهاء الاخرين

والظاهر من النصوص أن الخطا المذكور فيها ذكر في مقابل العمد ويعني انه شامل للخطأ شبيه العمد والخطأ المحض

فعندما يطلق الخطأ في الروايات فالظاهر انه يراد منه الاعم كما فهم الفقهاء ذلك من الاية ﴿وَمَن قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُّسَلَّمَةٌ إِلَىٰ أَهْلِهِ﴾ حيث فهموا منها التعميم ولذا اوجبوا الكفارة استناداً الى هذه الآية في الخطأ شبه العمد والخطأ المحض ولا نرفع اليد عن هذا الا بقرينة تدل على أن الحكم في النص يختص بالخطأ المحض كما لو دل على ان الدية في الخطأ تكون على العاقلة لان الادلة دلت على ان الدية في الخطأ شبه العمد تكون على الجاني

فهذا القول الرابع لا يمكن قبوله، ونسبة القول الى القدماء ينبغي التدقيق فيها، نعم يمكن الحاق الخطأ شبه العمد بالعمد في بعض الجهات ومنها كون الدية على الجاني لا على العاقلة

2-اذا كان المقتول عمداً ليس له وارث الا القاتل الذي لا يرثه مطلقاً فديته للامام كسائر امواله لأن القاتل عندما يمنع من الإرث فهو بمنزلة العدم بلحاظ الارث فكأن المقتول لا وارث له، والامام وراث من لا وارث له

واما في الخطأ المحض او شبه العمد فالقاتل لا يرث من الدية فقط، فالمقتول لا وارث له بالنسبة الى الدية فتنتقل الى الامام واما سائر اموال المقتول فيرثها القاتل خطأ

3-اما ان العاقلة لا تضمن جناية العبد فباعتبار ما دل على ان اهل العبد لا يغرمون شيئاً كما في صحيحة محمد بن قيس عن ابي جعفر عليه السلام قال : ((قضى امير المؤمنين (عليه السلام ) في مكاتب قتل قال : يحسب ما اعتق منه فيؤدي دية الحر وما رق منه فدية العبد ) ، ورواه الصدوق باسناده عن قضايا امير المؤمنين وزاد : ( وقال : العبد لايغرم اهله وراء نفسه شيئا))[1] وقد عبر الفقهاء بان جناية العبد في رقبته بمعنى انه يسلّم الى اولياء المقتول ليقتصّوا منه او يبيعوه لاستحصال الدية من ثمنه او يستعبدوه

واما جناية البهيمة فتقدم في (مسألة 258) ان جناية البهيمة ان كانت بتفريط من مالكها يكون هو الضامن لها، وان لم تكن بتفريط منه فلا ضمان فيها لما ورد في الصحيح من ان ((العجماء جبار)) وفسرت بان الجناية التي تجنيها البهيمة لا ضمان فيها

4- اما ان عصبته من الكفار لا يعقلون عنه فلصحيحة أبي ولاد ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : ((ليس فيما بين أهل الذمة معاقلة فيما يجنون من قتل أو جراحة إنما يؤخذ ذلك من أموالهم))[2]

واما ان عصبته من المسلمين لا يعقلونه فلان العصبة انما تكلف بالعقل عند الجناية والمسلمون عند جنايته لم يكونوا عصبة له لانه كان ذمياً حال الجناية والمسلم لايكون عاقلاً للكافر

نعم قد يقال انه حين السراية وموت المجني عليه مسلم وله عصبة فلماذ لا يعقلونه

وجوابه هو ان تحمل العاقلة للدية على خلاف القاعدة المستفادة من الايات والنصوص كما في قوله تعالى ﴿ولا تزر وازرة وزر أخرى﴾ فالقاعدة تقتضي ان يتحمل الجاني جنايته بنفسه لا ان يتحملها عنه غيره، وما كان على خلاف القاعدة يقتصر فيه على القدر المتيقن وهو ما لو كانت العاقلة عاقلة له في الحالتين معاً حالة جرحه للمجني عليه وحالة السراية الموجبة لموته ، واما اذا صارت عاقلة له في حالة واحدة وهي ما بعد جرحه للمجني عليه لصيرورته مسلما بعد الجرح فالنصوص الدالة على تحمل العاقلة لاتشمل هذه الحالة فنفقد الدليل على تحمل العاقلة فنرجع الى مقتضى القاعدة وهو ان لا يتحمل غيره دية جنايته

5- وذلك لانه حين الرمي الذي تسبب عنه الموت كان صبياً وعمد الصبي خطأ تحمله العاقلة، فان موت المجني عليه وان كان عند بلوغ ذلك الصبي الا أن سبب الموت وهو الرمي صدر منه حال كونه صبياً فتتحمل العاقلة جنايته

والحمد لله اولاً وآخراً

 


[1] وسائل الشيعة: 29/213، الباب العاشر من أبواب ديات النفس ح2.
[2] وسائل الشيعة: 29/392، الباب الاول من ابواب العاقلة ح1.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo