< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ هادي آل راضي

بحث الفقه

43/08/03

بسم الله الرحمن الرحيم

 

الموضوع: احياء الموات

(مسألة 707): يجوز لكل أحد إحياء الموات بالأصل و الظاهر أنه يملك به من دون فرق بين كون المحيي مسلما أو كافرا (1)

1-ذكر وجهان لترجيح الطائفة الثانية على الطائفة الاولى والنتيجة الالتزام بان الاحياء ليس مملكاً

الوجه الاول دعوى أن الطائفة الثانية موافقة للكتاب والاولى مخالفة له والمقصود بالكتاب قوله تعالى ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُم بَيْنَكُم بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَن تَكُونَ تِجَارَةً عَن تَرَاضٍ مِّنكُمْ﴾ بناء على ان الاستثناء فيها متصل

والتملك بالاحياء ليس تجارة عن تراض فيكون مشمولا للمستثنى منه فلا يجوز اكل المال به، فلو دل دليل على ان الاحياء مملك يجوز اكل المال به يكون مخصصاً للآية، والطائفة الاولى تعتبر دليلاً على جواز أكل المال بالاحياء فتكون مخالفة للكتاب، فاذا وجد لها معارض -كما هو الحال في الطائفة الثانية- قدم عليها

واشكلنا على هذا الوجه بأن في الآية احتمال آخر لا يبعد أن يكون هو الظاهر منها وهو أن يكون الاستثناء فيها منقطعاً فيكون معناها لا تأكلوا اموالكم بالاسباب الباطلة، والتجارة عن تراض ليست من الاسباب الباطلة، والاستثناء المنقطع لا يدل على الانحصار، فاذا دل دليل على جواز اكل الاموال بالاحياء فلا يكون مخالفاً للآية، ومن هنا يظهر الاشكال في هذا الوجه للترجيح

الوجه الثاني للترجيح: مخالفة العامة، والظاهر ان العامة اتفقوا على التملك بالإحياء فالطائفة الأولى موافقة لهم

قال ابن قدامة: (أَنَّ الْمَوَاتَ قِسْمَانِ أَحَدُهُمَا مَا لَمْ يَجْرِ عَلَيْهِ مِلْكٌ لِأَحَدٍ، وَلَمْ يُوجَدْ فِيهِ أَثَرُ عِمَارَةٍ، فَهَذَا يُمْلَكُ بِالْإِحْيَاءِ، بِغَيْرِ خِلَافٍ بَيْنَ الْقَائِلِينَ بِالْإِحْيَاءِ)[1]

ويظهر من المجموع[2] أن الخلاف منصب على جهة اخرى وهي في ثبوت هذا الحق للذمي او انه يختص بالمسلم،

فتكون الطائفة الثانية مخالفة للعامة فتقدم على الاولى بناء على الترجيح بمخالفة العامة

وعلى كل حال فالنتيجة أن نلتزم بان الاحياء ليس مملكا وان ما يثبت للمحيي هو الاولوية والاحقية

والاشكال على هذا بأن سيرة المتشرعة وغيرهم جارية على بيع الارض وشرائها وتوريثها

مدفوع بأن اشتراط الملك في البيع محل كلام فقد ذهب بعض المحققين من المتأخرين الى عدم الاشتراط بذلك بل تكفي الاحقية، اذ لا يوجد دليل واضح على اشتراط الملكية، فقد نقل في المستدرك روايتين ضعيفتين عن كتاب عوالي اللئاليء في النهي عن بيع ما لا يملكه

وورد في رواية سليمان بن صالح ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : ((نهى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله عن سلف وبيع ، وعن بيعين في بيع ، وعن بيع ما ليس عندك))[3] والظاهر انها تامة سنداً ولكن يشكل الاستدلال بها في محل الكلام فقد فهم منها الفقهاء انها ناظرة الى مسألة ان يبيع عيناً معينة قبل ان يملكها ثم يشتريها من مالكها ويدفعها الى المشتري، ووردت بهذا المعنى نصوص كثيرة

واجاب السيد الخوئي (قده) عن الاشكال بان جواز البيع لا ينافي القول بان الارض لا تملك بالاحياء باعتبار ان البيع هو تبديل احد طرفي الاضافة الموجودة بين البائع والارض وليس بالضرورة ان تكون الاضافة بنحو الملكية، فان كانت الاضافة قبل البيع اضافة الملكية يكون المشتري مالكاً وان كانت الاحقية تنتقل الاحقية الى المشتري فيكون له ما كان للبائع، فالمبيع هو العين لكن من حيث الاحقية لا من حيث الملكية

وقد وافقه السيد الشهيد على ذلك وذكر بأن طرفية الارض لهذا الحق تصحح مثل هذا البيع، وكأن هناك اضافتان مجعولتان من قبل الشارع احداهما للامام وهي الملكية والاخرى للمحيي وهي الاحقية وباعتبارها تباع الارض وتشترى

اقول: ان هذا الجواب يتم بناء على احد امرين

الاول انكار اشتراط الملك في صحة البيع -كما هو الصحيح- فيصح البيع مع ثبوت الاحقية والاختصاص مع عدم الملك، ومنشأ الانكار هو ما ذكرناه من عدم الدليل الواضح على اشتراط الملك

الثاني دعوى ان الاخصية والاولوية التي اخترناها نوع من انواع الملكية لان الملكية تارة تتعلق برقبة الارض واخرى تتعلق بالاختصاص، فهو يملك الاحقية فلو باعها باع ما يملك حقيقة

الامر الثالث: اذا فرضنا عدم تمامية وجه من وجوه الجمع العرفي ولا مرجح لاحد الطائفتين تصل النوبة الى التساقط -كما هو المختار في باب التعارض- ويقع الكلام في المرجع بعد التساقط

والمطروح هو استصحاب عدم حصول الملك بالاحياء

وذكر السيد الشهيد (قده) بأن المرجع هو اطلاق دليل اجتهادي فبعد ان قسم روايات الباب الى ثلاث طوائف

الاولى ما دل باطلاقه على التملك بالاحياء

الثانية ما دل على عدم التملك بالاحياء ووجوب دفع الخراج


[1] المغني: 5/416.
[2] المجموع: 15/208.
[3] وسائل الشيعة: 18/47، ح2.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo