< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ هادي آل راضي

بحث الفقه

43/08/08

بسم الله الرحمن الرحيم

 

الموضوع: احياء الموات

(مسألة 707): يجوز لكل أحد إحياء الموات بالأصل و الظاهر أنه يملك به من دون فرق بين كون المحيي مسلما أو كافرا (1)

1-فرغنا عن الكلام في اعتبار الطائفة الاولى دليلاً على الاذن بالتملك بالاحياء

الدليل الثاني المذكور على الاذن بالتملك بالاحياء هو صحيح الكابلي المتقدمة عن أبي جعفر ( عليه السلام ) ، قال : ((وجدنا في كتاب عليّ ( عليه السلام) ﴿إِنَّ الْأَرْضَ للهِ يُورِثُهَا مَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ﴾ أنا وأهل بيتي الذين أورثنا الأرض ، ونحن المتّقون ، والأرض كلّها لنا ، فمن أحيى أرضاً من المسلمين فليعمرها ، وليؤدّ خراجها إلى الإِمام من أهل بيتي ، وله ما أكل منها ، فإن تركها وأخربها ، فأخذها رجل من المسلمين من بعده فعمرها وأحياها ، فهو أحقّ بها من الذي تركها ، فليؤدّ خراجها إلى الامام من أهل بيتي ، وله ما أكل منها حتّى يظهر القائم ( عليه السلام ) من أهل بيتي بالسّيف ، فيحويها ويمنعها ويخرجهم منها كما حواها رسول الله ( صلّى الله عليه وآله ) ومنعها ، إلا ما كان في أيدي شيعتنا ، فإنّه يقاطعهم على ما في أيديهم ، ويترك الأرض في أيديهم))[1]

فيستفاد منها ان الامام اذن في احياء الارض واذن في ما يترتب على الاحياء، غاية الامر أن الأمر المترتب على الاحياء ليس هو ملكية الرقبة بل في الرواية دلالة على عدم تملك الرقبة لانها دلت على أن الارض باقية على ملك الامام

نعم تختلف هذه الرواية عن الطائفة الاولى -لو استفدنا منها الاذن بالاحياء- في أن الاذن المستفاد منها مختص بالمسلمين بدعوى انها تدل بالمفهوم على الاذن للمسلمين دون غيرهم فقد ورد التقييد بالمسلمين في موردين من كلام الامام عليه السلام (فمن أحيى أرضاً من المسلمين فليعمرها) وقوله عليه السلام (فإن تركها وأخربها ، فأخذها رجل من المسلمين من بعده فعمرها وأحياها ، فهو أحقّ بها من الذي تركها)

فالتقييد بالمسلمين في كلام الامام مع كونه في مقام بيان يفهم منه الاحتراز وأن للتقييد مفهوم

وعلى الاقل نقول ان الرواية لا دلالة فيها على الاذن لغير المسلمين

وتظهر الثمرة بين التقريبين فيما لو وجد دليل يدل على الاذن مطلقاً -كما يدعى في اخبار الطائفة الاولى- فان رواية الكابلي بالتقريب الاول تكون مقيدة لهذا الاطلاق، وليس كذلك على التقريب الثاني

اقول لا يبعد صحة التقريب الاول لأن الامام في مقام بيان وذكر القيد في كلامه فلا بد ان يكون دخيلاً في الحكم والا كان ذكره لغواً، وقد اكد ذكره مرتين ولا يخلو هذا التاكيد عن دلالة على عدم ثبوت الاذن لغير المسلمين

فلا بد من تقييد المطلقات السابقة بهذه الرواية وحملها على الاذن لخصوص المسلمين

نعم قيدت الرواية الاذن بدفع الخراج، فلو لم يؤد الخراج لا يكون مأذوناً بالاحياء، فالمستفاد من الرواية أن الاذن بالاحياء وما يترتب عليه ثابت لخصوص المسلمين بشرط اداء الخراج للامام

هذا، ولكن يوجد كلام في سند الرواية -وإن عبر عنها بالصحيحة في كثير من كلماتهم- من جهة ابي خالد الكابلي

ويظهر من كلمات الرجاليين أن هناك كلام في تعدد هذا العنوان ووحدته

ويظهر من الشيخ الطوسي في الرجال والفهرست التعدد، فقد ذكره في الرجال في اصحاب الامام علي بن الحسين (عليه السلام) وقال (كنكر يكنى أبا خالد الكابلي وقيل ان اسمه وردان)[2] ، وذكره في اصحاب الامام الباقر (عليه السلام) وقال: (وردان أبوخالد الكابلي الاصغر روى عنه (عليه السلام) وعن أبى عبدالله (عليه السلام) والكبير اسمه كنكر)[3] ، وذكره في موضعين في اصحاب الامام الصادق (عليه السلام) قال في الاول منهما (كنكر ابوخالد القماط كوفى )[4] ، وقال في الاخر (وردان ابوخالد الكابلي الاصغر روى عنهما (عليهما السلام) والاكبر كنكر)[5]

وذكره في الفهرست في باب الكنى وقال (أبو خالد القماط، له كتاب، وقال ابن عقدة: اسمه كنكر أخبرنا به جماعة، عن أبي المفضل، عن حميد، عن ابن سماعة، عنه)[6]

وروى الكشي عن الفضل بن شاذان (وَ لَمْ يَكُنْ فِي زَمَنِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ (عليه السلام) فِي أَوَّلِ أَمْرِهِ إِلَّا خَمْسَةَ أَنْفُسٍ: سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ، سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ، مُحَمَّدُ بْنُ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ، يَحْيَى ابْنُ أُمِّ الطَّوِيلِ، أَبُو خَالِدٍ الْكَابُلِيُّ وَ اسْمُهُ وَرْدَانُ وَ لَقَبُهُ كَنْكَرُ)[7] ويظهر منه الاتحاد

وعلى كل حال يقع الكلام في وثاقة عنوان ابي خالد الكابلي، ويستدل على وثاقته بامور

الاول: ما رواه الكشي في ترجمة سلمان الفارسي فقد نص على انه من حواريي علي بن الحسين (عليه السلام)

قال حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ قُولَوَيْهِ، قَالَ حَدَّثَنِي سَعْدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي خَلَفٍ، قَالَ حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ سُلَيْمَانَ بْنِ دَاوُدَ الرَّازِيُّ، قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ أَسْبَاطٍ، عَنْ أَبِيهِ أَسْبَاطِ بْنِ سَالِمٍ، قَالَ قَالَ أَبُو الْحَسَنِ مُوسَى بْنُ جَعْفَرٍ (ع) ((إِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ نَادَى مُنَادٍ أَيْنَ حَوَارِيُّ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رَسُولِ اللَّهِ الَّذِينَ لَمْ يَنْقُضُوا الْعَهْدَ وَ مَضَوْا عَلَيْهِ فَيَقُومُ سَلْمَانُ وَ الْمِقْدَادُ وَ أَبُو ذَرٍّ. ثُمَّ يُنَادِي مُنَادٍ أَيْنَ حَوَارِيُّ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ (ع) وَصِيِّ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رَسُولِ اللَّهِ فَيَقُومُ عَمْرُو بْنُ الْحَمِقِ الْخُزَاعِيُّ..... قَالَ ثُمَّ يُنَادِي أَيْنَ حَوَارِيُّ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ (ع) فَيَقُومُ جُبَيْرُ بْنُ مُطْعِمٍ وَ يَحْيَى ابْنُ أُمِّ الطُّوَيْلِ وَ أَبُو خَالِدٍ الْكَابُلِيُّ وَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ))[8]

ولكن المشكلة في سند هذا الخبر، فان علي بن سليمان بن داوود الرازي مجهول، واما اسباط فالظاهر ان احد المشايخ الثلاثة يروي عنه بسند صحيح فيمكن البناء على وثاقته

الثاني: ما رواه في الكافي عن مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَحْمَدَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْحَسَنِ قَالَ حَدَّثَنِي وَهْبُ بْنُ حَفْصٍ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ جَرِيرٍ قَالَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ع‌ ((كَانَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ وَ الْقَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ وَ أَبُو خَالِدٍ الْكَابُلِيُّ مِنْ ثِقَاتِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ (عليه السلام))[9] وفي سندها ابراهيم بن الحسن وهو مجهول، وعبد الله بن احمد مشترك بين جماعة وكثير منهم ليسوا بثقات، والتمييز ليس سهلاً، ووهب بن حفص مجهول

الثالث: ما رواه الشيخ المفيد في الاختصاص -في ترجمة خزيمة بن ثابت- بسنده عَنْ جَمِيلٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: ((ارْتَدَّ النَّاسُ بَعْدَ الْحُسَيْنِ ع إِلَّا ثَلَاثَةً أَبُو خَالِدٍ الْكَابُلِيُّ وَ يَحْيَى ابْنُ أُمِّ الطَّوِيلِ وَ جُبَيْرُ بْنُ مُطْعِمٍ ثُمَّ إِنَّ النَّاسَ لَحِقُوا وَ كَثُرُوا))[10] ويوجد كلام في نسبة الكتاب للشيخ المفيد

ولكن الكشي يروي نفس الرواية بسند لا باس به -في ترجمة يحيى بن ام الطويل- عن مُحَمَّدُ بْنُ نُصَيْرٍ، قَالَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ عِيسَى، عَنْ صَفْوَانَ، عَمَّنْ سَمِعَهُ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (ع) قَالَ‌ ((ارْتَدَّ النَّاسُ بَعْدَ قَتْلِ الْحُسَيْنِ (ع) إِلَّا ثَلَاثَةً أَبُو خَالِدٍ الْكَابُلِيُّ وَ يَحْيَى ابْنُ أُمِّ الطَّوِيلِ وَ جُبَيْرُ بْنُ مُطْعِمٍ، ثُمَّ إِنَّ النَّاسَ لَحِقُوا وَ كَثُرُوا))[11] ومحمد بن نصير ثقة، والظاهر ان محمد بن عيسى ثقة، والظاهر ان جعفر بن عيسى اخو محمد بن عيسى ويوجد رواية تدل على مدحه وحسنه نقلها الكشي وسندها لا بأس به،، والارسال لا يضر بعد كون المرسل صفوان بناء على كبرى وثاقة من يروي عنه صفوان

وناقش السيد الخوئي في دلالتها على الوثاقة، نعم هي تدل على حسن العقيدة

ولكن الانصاف أن بقاء الشخص ثابت على عقيدته ولم يرتد بالرغم من ارتداد الجميع اذا لم يدل على وثاقته فهو يدل على مدحه وحسنه، والظاهر ان هذا يكفي

وهناك ادلة اخرى على وثاقته من قبيل وقوعه في اسانيد كامل الزيارة، ولكن هذا لا يكفي لأن ابن قولوية لا يروي عنه مباشرة

وقد روى الكشي فيه روايات كثيرة، وهي على تقدير دلالتها على وثاقته الا انها غير تامة سنداً ، ما عدا الرواية انفة الذكر

ومن مجموع هذا يبدو ان هناك ما يمكن أن يستدل به على وثاقته، وتكون الرواية الدالة على انه من حواريي علي بن الحسين (عليه السلام) مؤيدة لذلك

ثم انه بناء على التعدد وان هناك شخصان احدهما يروي عن الامام السجاد والآخر عن الامام الصادق والباقر، والتوثيق المذكور ينصرف للاول

فكيف ينطبق التوثيق المذكور على المذكور في الرواية محل الكلام حيث يروي ابو خالد عن ابي جعفر، ولا اقل من التشكيك في كون الراوي في روايتنا هو الاكبر الذي قد ثبتت وثاقته او الاصغر الذي لم تثبت وثاقته؟


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo