< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ هادي آل راضي

بحث الفقه

43/10/13

بسم الله الرحمن الرحيم

 

الموضوع: احياء الموات

 

كان الكلام في أن الارض المملوكة اذا خربت وصارت ميتة فهل يجوز للغير احياؤها بحيث يثبت له نفس ما ثبت للاول مطلقا، سواء قلنا بأن الثابت للاول هو الملكية او احقية التصرف،

او نقول انه لا يجوز للثاني احياؤها ولو احياها لا يثبت له ما ثبت للاول

او نفصل بين ما اذا كان سبب علاقة الاول بالارض هو الاحياء فيجوز للثاني احياؤها بعد أن صارت ميتة وبين ما اذا كان سبب علاقة الاول بالارض غير الاحياء كما لو انتقلت له بالارث او بالشراء فاحياؤها لا يعطي الثاني الحق فلا يملكها ولا يثبت له حق التصرف

وتقدم ذكر الأدلة على القول الاول

والدليل الاول: الاطلاق الافرادي لقوله (عليه السلام) ((من احيا ارضا فهي له)) فمقتضى الاطلاق الافرادي ثبوت الحق للثاني فيثبت له الملك اذا فسرنا (فهي له) بالملك، ويثبت له حق الاختصاص اذا فسرناها بذلك

الثاني التمسك بصحيحة معاوية بن وهب وصحيحة الكابلي

وتقدم الاشكال في الدليل الاول وأنه معارض بالاطلاق الازماني لنفس الحديث فهو يقتضي أن تبقى على ملكية الاول، مضافاً الى أن التمسك بالاطلاق الافرادي من التمسك بالعام في الشبهة المصداقية لمخصصه

واما الروايات فذكرنا بانها معارضة بصحيحة سليمان بن خالد الدالة على بقاء الارض للاول وعدم انتقالها للثاني، وذكرنا بأن الاستدلال بالروايتين على القول الاول لا يصح الا بعد حل مشكلة هذا التعارض

وذكرنا بأن هناك وجوه لحل التعارض

الاول: إن صحيحتي معاوية بن وهب والكابلي أخص مطلقاً من صحيحة سليمان بن خالد باعتبار أن مورد صحيحة عمار والكابلي هو الاعراض عن احياء الارض، فهي تدل على أن الارض للثاني في صورة اعراض الاول عن احيائها بينما رواية سليمان بن خالد تدل على انها للاول مطلقاً سواء اعرض عنها او انها صارت ميتة بعارض آخر فنقيدها بالصحيحتين، والنتيجة التفصيل بين ما اذا اعرض الاول عن الارض فتكون للثاني بمقتضى الصحيحتين وبين ما اذا لم يعرض فهي للاول

الحل الثاني: وهو مبني على كبرى انقلاب النسبة وقد تقدم

الثالث: أن يقال بأن صحيحة الكابلي ومعاوية بن وهب ليستا دالتين على ملكية الثاني للارض بعد احيائها فليس فيها دلالة الا على الاحقية فإن المذكور في صحيحة الكابلي ((فاخذها رجل من المسلمين من بعده فعمرها فاحياها فهو احق بها من الذي تركها)) فليس فيها دلالة على ملكية الثاني للارض

فنقول انها عندما تدل على الاحقية للثاني فهي لا تدل على ما تدل عليه معتبرة سليمان بن خالد من بقاء الارض على ملك الاول

فلو فرضنا أن صحيحة سليمان دلت على بقاء الارض على ملك الاول -وهذا لا نؤمن به فإن رقبة الارض ملك للامام- فهي لا تنافي صحيحة الكابلي الدالة على أن المحيي أحق بها من الاول

ونفس الكلام نقوله بالنسبة الى صحيحة معاوية بن وهب ولكن بدرجة أقل من الوضوح

هذا بناء على ما يقوله المشهور، وأما بناء على ما تقدم من أن الاحياء لا يكون سبباً للملكية فهو لا يورث الا حق الاختصاص والتصرف في الارض، واما رقبة الارض فهي ملك للامام على ما تصرح به الروايات خصوصاً صحيحة الكابلي فانها تصرح ((فان تركها واخربها فاخذها رجل من المسلمين من بعده فعمرها واحياها فهو احق بها من الذي تركها فليؤد خراجها الى الامام (عليه السلام) من أهل بيتي وله ما أكل منها حتى يظهر القائم من اهل بيتي بالسيف فيحويها ويمنعها ويخرجهم منها كما حواها رسول الله ومنعها الا ما يكون بأيدي شيعتنا)) فالمالك هو الامام (عليه السلام)، والمحيي له أحقية التصرف بالنسبة الى غير الامام

يبقى انه ورد في صحيحة الكابلي ((فهو احق بها من الذي تركها)) وقد يقال بأنه يستفاد منها ثبوت حق للاول بمقتضى أفعل التفضيل

ولكن نقول بأن الاول ليس له حق فيها اطلاقاً، والظاهر أن المقصود في المقام اثبات الاحقية للثاني من دون أن يثبت للاول حق في هذه الارض باعتبار أن أحقية الاول في الارض ناشئة من الاحياء فهي منوطة بالاحياء فاذا ذهب الاحياء وخربت الارض يزول منه هذا الحق وهذا قرينة على انه ليس المقصود بقوله ((فهو احق بها من الذي تركها)) ثبوت حق للاول في هذه الارض لأن حقه مرهون بالاحياء، والصحيح أن الارض ملك للامام والامام اعطى الحق بالتصرف لكل من أحياها

وبهذا يرتفع التعارض بين الروايتين من جهة ورواية سليمان بن خالد من جهة اخرى، ومن هنا يتبين أن عمدة الدليل على القول الاول هو هاتين الصحيحتين

وهذا الوجه الثالث لرفع التعارض هو المختار

واما الوجه الاول الذي ينتهي الى التفصيل بين اعراض الاول عن الارض فيجوز للثاني احياؤها ويثبت له ما ثبت للاول وبين عدم اعراض الاول عنها فلا يجوز للثاني احياؤها

فيلاحظ عليه إن الكلام في أن الاول هل تنقطع علاقته بالارض بجعلها خراباً او لا؟ وكلامنا مع فرض عدم الاعراض

إذ مع فرض اعراض الاول عن الارض فلا اشكال في جواز احيائها للثاني، فلا يوجد تفصيل بين الاعراض وعدمه بل كلامنا في فرض عدم الاعراض

وبهذا تكون روايتي الكابلي ومعاوية بن وهب اجنبية عن محل الكلام لأن موردهما الاعراض فانه يقول في صحيحة عمار ((ايما رجل اتى خربة فاستخرجها وكرى انهارها... فان كانت ارض لرجل قبله فغاب عنها وتركها فاخربها ثم جاء بعد يطلبها فان الارض لله ولمن عمرها)) فموردهما ما اذا اعرض الاول عن احياء الارض وتعميرها لأنه عبر (تركها فاخربها) فأسند الخراب اليه، وفي صحيحة الكابلي ((فان تركها واخربها فاخذها رجل من المسلمين من بعده فعمرها...))

ويلاحظ عليه انه لا بد من التفرقة بين نحوين من الاعراض الاعراض عن الارض فلا اشكال في جواز احياء الثاني لها وتنقطع علاقة الاول بها تماما عندما يحييها الثاني

وهناك اعراض عن إحياء الارض بأن تركها فصارت خربة، وهذا هو محل الكلام

 

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo