< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ هادي آل راضي

بحث الفقه

43/10/15

بسم الله الرحمن الرحيم

 

الموضوع: احياء الموات

 

ذكرنا انه يبدو انه لا يوجد تعارض بين صحيحتي معاوية بن وهب والكرخي وبين معتبرة سليمان بن خالد، فلا مانع من الاستدلال بالصحيحتين على القول الأول

وقد يقال بأنه لا يصح الاستدلال بالصحيحتين على القول الأول لان محل الكلام في صورة عدم اعراض الأول عن الأرض والا فلا اشكال في جواز احيائها من قبل الثاني، والحال أن مورد الصحيحتين هو الاعراض

وجوابه إن الصحيحتين وإن كان موردهما الاعراض الا أن المقصود هو الاعراض عن احياء الأرض وهو غير الاعراض عن الأرض ولا تلازم بينهما، والمسلّم خروجه عن محل الكلام هو الاعراض عن الأرض، فالصحيحتان تدلان على أحقية الثاني من الأول في صورة اعراض الأول عن إحياء الأرض، ويمكن استفادة هذا المعنى من الروايتين فالوارد في صحيحة معاوية بن وهب (( فإن كانت أرض لرجل قبله ، فغاب عنها وتركها فأخربها)) وفي صحيحة الكابلي ((فمن أحيى أرضاً من المسلمين فليعمرها ، وليؤدّ خراجها إلى الإِمام من أهل بيتي ، وله ما أكل منها ، فإن تركها وأخربها))، ولا يستفاد من هذا التعبير الاعراض عن الارض، فقوله (اخربها) اي تعمد جعلها ميتة اي اعرض عن احيائها

وقد يقال بناء على ما نقله في الكافي في صحيحة الكابلي من العطف ب او ((فإن تركها او أخربها))، فبناء على ارادة الاعراض عن إحياء الارض من (اخربها)، فلا بد من تفسير (تركها) بالاعراض عن الارض بمقتضى المقابلة

ولكن هذا غير واضح إذ يمكن تفسير الترك بنوع من أنواع الاعراض عن الاحياء؛ لأن الاعراض عن الإحياء قد يكون بترك الأرض واهمالها وقد يكون باخرابها

بل حتى على القول بأن المراد بالترك هو الاعراض عن الأرض يصح الاستدلال بالرواية على القول الأول، فإنها تدل على أحقية الثاني من الأول بالإحياء في حالتين الأولى ما لو أعرض الأول عن الأرض والثانية ما إذا أعرض عن إحياء الأرض

كما انه يمكن الاستدلال بالرواية على التفصيل المتقدم بين ما إذا اعرض الاول عن الأرض فالثاني أحق من الأول وبين ما إذا لم يعرض الأول فتبقى على أحقية الأول، وهو مقتضى الجمع بين الدليلين فإن صحيحة الكابلي وصحيحة معاوية بن وهب مختصتان بما إذا اعرض عن الأرض بينما رواية سليمان بن خالد مطلقة من هذه الجهة، فنقيد إطلاق رواية سليمان بن خالد بالصحيحتين المختصتين بصورة الاعراض ولو كان الأعم من الاعراض عن الأرض والاعراض عن احيائها

أقول بعد البيان الذي ذكرناه تبقى الصحيحتان أخص مطلقاً من رواية سليمان بن خالد وتنتج هذا التفصيل

وهذا التفصيل يبتني على التنافي بين الروايات فالصحيحتان تدلان على ملكية الثاني للأرض بإحيائها بينما رواية سليمان بن خالد تدل على بقاء ملكية الأول بعد احياء الثاني لها، ويحل التعارض بهذا التقييد

واما إذا قلنا بعدم التنافي بين هذه الروايات فان الصحيحتين تدلان على أن الثاني أحق بها من الأول، ورواية سليمان بن خالد تقول ((فإن كان يعرف صاحبها)) وصاحبها هو الامام (عليه السلام) كما صرحت رواية الكابلي، ((فليؤدّ إليه حقّه)) وهو الخراج، بل حتى إذا فرضنا أن صاحب الارض هو المالك الاول -كما لو اشترى من الامام- فالرواية تقول إذا تركها الاول واحياها الثاني ((فليؤد اليه حقه)) اي يعطيه الاجرة وهذا معناه أن الثاني يكون أحق بها في مقابل الاجرة التي يؤديها الى المالك، فلا منافاة بين الروايات

هذا وكنا ذكرنا دليلاً ثالثاً للقول الاول نقلناه عن المسالك حيث أفاد بأن التملك للأرض معلول لإحيائها فاذا زال الاحياء -كما هو المفروض- يزول التملك

وهذا يتوقف على القول بأن الاحياء علة محدثة للتملك ولكنها ليست مبقية له، بمعنى أن التملك في كل آن يحتاج الى علة، ولا يكفي تحقق الاحياء في آن متقدم لإثبات التملك في آن متأخر

بينما لو قلنا بأن الاحياء علة محدثة ومبقية بمعنى أن الاحياء اذا تحقق في زمان حصل التملك وهو يبقى مستمراً حتى اذا زالت العلة فلا يتم كلام الشهيد الثاني ولا يكون هذا دليلاً على القول الاول

واما بناء على ما ذكرناه من أن الاحياء سبب للأحقية والاختصاص مع بقاء الارض على ملك مالكها وهو الامام في معظم الحالات او غيره في بعضها، فحينئذ نقول إن من الواضح أن هذه الاحقية والاختصاص ثابتة للمحيي بسبب الاحياء بالرغم من وجود مالك للارض فإن الشارع لا يريد للارض أن تكون معطلة وهذا معناه أن علة الاحقية هو الاحياء وهي علة محدثة فيتم كلام الشهيد الثاني

نعم الظاهر انه لا بد من تقييد هذه النتيجة التي نصل اليها بما اذا كان خراب الارض بسبب الاهمال والاعراض عن الاحياء، واما لو صارت الارض خربة لعارض ففي هذه الحالة لا نلتزم بأن الذي يحييها يكون أحق بها من الاول

ويمكن أن يذكر وجهان للاستدلال على ذلك

الاول: أن يقال بأن بقاء الارض للاول في حالة ما اذا كان الخراب لعارض لا يعتبر تعطيلاً للارض، بينما ابقاء الاحقية او التملك للاول في صورة صيرورتها خربة بسبب اعراضه عن اعمارها يلزم منه تعطيل الارض، فاذا استفدنا من الادلة أن الشارع انما حكم بأن من أحيا ارضاً فهي له باعتبار انه لا يريد للارض أن تبقى معطلة فلا بد من تقييد الحكم بما اذا كان خراب الارض لا لعارض

 

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo