< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ هادي آل راضي

بحث الفقه

43/10/20

بسم الله الرحمن الرحيم

 

الموضوع: احياء الموات

 

كان الكلام في الاستدلال على التفصيل بين ما اذا كان خراب الارض لاعراض المالك الاول عنها وبين ما اذا لم يكن خرابها ناشئاً من الاعراض وانما حصل نتيجة لعارض كسيل واشباهه

اما في صورة الاعراض فهناك روايات تدل على أن الثاني أحق بها من الاول كما في روايتي الكابلي ومعاوية بن وهب

واما اذا كان خراب الارض لعارض، فذكرنا بأنه يستدل على بقاء الأحقية للاول وعدم انتقالها للثاني باستصحاب بقاء حق الاول الذي كان ثابتاً قبل خراب الارض

وذكرنا بأنه ذهب الى جريان الاستصحاب جملة من الاعلام منهم السيد الشهيد (قده) وعلل جريانه بأن الاحياء ليس عنواناً للموضوع وانما هو شرط للحكم، والفرق بينهما كالفرق بين الحيثية التعليلية والتقييدية،

فاذا كان الاحياء عنواناً للموضوع فموضوع الحكم هو الارض المقيدة بالمحياة، والارض الخربة موضوع آخر فلا يجري الاستصحاب

واما اذا كان الاحياء شرط للحكم فموضوع الحكم هو الارض وهو باقي وإن زال الاحياء فلا مانع من استصحاب الحكم عند الشك فيه

وفي مقابل هذا قالوا بعدم جريان الاستصحاب لتعدد الموضوع؛ لأنهم اعتبروا الاحياء حيثية تقيدية، فاذا زال الاحياء فالباقي وهو الارض الخربة موضوع آخر غير الموضوع الذي ثبت له الحكم

اقول يبدو انه لا بد من التفريق بين حالة ما اذا كان سبب علاقة الاول بالارض هو الاحياء فيأتي النزاع المذكور من أن الاحياء هل هو عنوان للموضوع او شرط للحكم، وبين ما اذا كان سبب علاقة الاول بالارض سبب آخر غير الاحياء كالإرث والشراء وغيرهما فلا معنى لهذا النزاع إذ ليس سبب الملكية او الاحقية بالارض هو الاحياء حتى يقال بأن الاحياء هل هو حيثية تقيدية او تعليلية

وبعبارة اخرى لا اشكال في جريان الاستصحاب لأن الموضوع هو ذات الارض وثبتت للاول الاحقية في رقبة الارض وهي باقية فالموضوع واحد لا متعدد فيمكن اجراء الاستصحاب

وانما الكلام فيما لو كان سبب علاقة الاول بالارض هو الاحياء فيأتي هذا الكلام وقد عرفت أن هناك خلافاً بينهم في جريان الاستصحاب وعدم جريانه

نعم قد يفرق هنا بين القول بأن الاحياء سبب للملكية وبين القول بأنه سبب للاحقية فيقال بانه اذا قلنا بأن الاحياء سبب للملكية يجري الاستصحاب ولا يواجه اشكال تعدد الموضوع واما اذا قلنا بانه سبب للاختصاص واحقية التصرف فلا يجري الاستصحاب

والوجه في هذا هو انه على القول بأن الاحياء سبب للملكية يكون المحيي الاول مالكاً لرقبة الارض، وعند صيرورة الارض ميتة نشك في بقاء هذا الحكم الثابت سابقاً فيمكن اجراء الاستصحاب لأن الارتكاز عند العرف أن الملكية لا تدور مدار الاحياء حدوثاً وبقاء، وإن كانت تدور مدار الاحياء حدوثاً، فلو ملك الارض يبقى مالكاً لرقبة الارض حتى مع زوال الاحياء

وهذا بخلاف ما لو قلنا بأن الاحياء سبب للاحقية والاختصاص فالارتكاز عند العرف يقتضي أن الاحقية تدور مدار الاحياء حدوثاً وبقاء

اقول إن التفصيل بينهما ليس واضحاً فيمكن تصور أن الاحقية لا تدور مدار الاحياء حدوثاً وبقاء كما تصورنا ذلك في الملكية فاذا أحيا الارض ملكها ولا يحتاج الى علة مبقية

نعم اذا امنا بما اشرنا اليه سابقاً من أن الشارع لا يرضى بتعطيل الارض -ونركز كلامنا على الارض الزراعية وهو ما يمكن استفادته من الادلة فبعض النصوص دلت انه اذا عطلها ثلاث سنين اخذت منه- فهو يقتضي أن يكون الحكم بالملكية او الاحقية دائراً مدار الاحياء حدوثاً وبقاء إذ القول بكفاية الاحياء حدوثاً في الملكية يؤدي الى تعطيل الارض

وهذا يمنع من جريان الاستصحاب لأنه اذا خربت الارض فمقتضى هذا الكلام أن تزول الملكية ويزول حق الاختصاص، فاذا فرضنا الشك -كما في محل الكلام فيما لو صارت الارض خربة لعارض- فلا يمكن اجراء الاستصحاب لتبدل الموضوع، لأن معنى هذا الكلام أن الاحياء عنوان للموضوع

وهذا هو الذي يدفعنا للتوقف في الالتزام بهذا الاستصحاب والا فمسألة أن الاستصحاب لا يجري لتعدد الموضوع ليست واضحة عندنا، خصوصاً واننا نقول بالاحقية لا الملكية فيمكن افتراض أن الاحياء علة محدثة

ومن هنا يظهر أن الارض اذا ماتت بسبب الاهمال والاعراض جاز للغير احياؤها ويثبت له حق الاختصاص بها حتى اذا كانت مملوكة للاول، لأن الملكية والاحقية الثابتة للاول ليست أحقية مطلقة وانما هي أحقية محددة بالاحياء للنكتة التي قلناها وهي لئلا تبقى الارض معطلة

واما اذا كان خرابها لعارض فتبين مما تقدم عدم استفادة حكم هذه الحالة من الصحيحتين لأن موردهما الاعراض، واشكلنا في جريان الاستصحاب

وقد يقال باننا نجري الاستصحاب بناء على أن سقوط حق الاول في الارض وانتقاله الى الثاني لا يتحقق بمجرد خراب الارض وانما يتوقف على احيائها من قبل الثاني، فقد يقال بجريان الاستصحاب ولا يواجه اشكال تعدد الموضوع باعتبار أن الاول أحيا الارض ثم تركها فصارت خراباً فقبل احياء الثاني لها كان الاول أحق بها، وقد يقال اذا شككنا في بقاء حق الاول يمكن استصحاب بقاء حقه وعدم انتقاله الى الثاني وهذا الاستصحاب لا يواجه إشكال تعدد الموضوع فهو انما يأتي عندما نريد استصحاب بقاء حقه في الارض المحياة

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo