< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ هادي آل راضي

بحث الفقه

43/11/06

بسم الله الرحمن الرحيم

 

الموضوع: احياء الموات

 

(مسألة 709) كما يجوز إحياء البلاد القديمة الخربة و القرى الدراسة التي باد أهلها (5) كذلك يجوز حيازة موادها و أجزائها الباقية من الأخشاب و الأحجار و الآجر و ما شاكل ذلك و يملكها الحائز إذا أخذها بقصد التملك.

في الفرق بين اللقطة ومجهول المالك

ويشتركان في أن كلاً منهما مال يعلم أن له مالكاً ولكن مالكه مجهول

وتفترق اللقطة عن مجهول المالك في اعتبار الضياع في مفهومها ولذا عرفت بانها المال الضائع من مالكه، بينما لم يؤخذ هذا القيد في مجهول المالك، فحتى لو لم يضيع المال من مالكه فما دام مالكه مجهولاً يعتبر مجهول المالك

والظاهر أن اللقطة ليست مطلق المال الضائع وانما يعتبر الأخذ في صدق هذا العنوان فهي المال الضائع المأخوذ، وهذا انما نقوله ليس لتوقف عنوان اللقطة على الأخذ فقط وانما لأن المخاطب بالاحكام التي تذكر في اللقطة هو الآخذ فهي تفترض الأخذ والالتقاط، فمن احكامها وجوب التعريف لمدة سنة فاذا عثر على المالك وجب دفعه اليه والا فهو مخير بين تملكه مع الضمان او الصدقة به مع الضمان او الاحتفاظ به بلا ضمان، لأنه يد أمينة

والمخاطب بهذه الاحكام هو الآخذ ولذا فلا تشمل هذه الاحكام المال المجهول مالكه قبل أخذه

وقد يقال بأن مجهول المالك من قبيل اللقطة بمعنى أن أدلة مجهول المالك انما تشمل المال المجهول مالكه بعد أن يقع في يد المكلف، فالمال المجهول مالكه قبل أن يقع في يد المكلف لا تشمله الأدلة لا من جهة عدم صدق العنوان وانما من جهة أن المخاطب بالاحكام المذكورة في أدلة مجهول المالك هو من يقع المال المجهول مالكه في يده فيقال له افحص عن المالك فإن عثرت عليه فاده اليه وإن لم تعثر عليه فتصدق به عن مالكه وبعض الروايات قيدت بالضمان

وبناء على هذا نقول ان الاحكام المذكورة في أدلة مجهول المالك لا تشمل المال المجهول مالكه قبل أن يقع في يد الانسان

وهذا ينفع في ما ذكرناه سابقاً من انه لا يصح تطبيق أحكام مجهول المالك في الصورتين الثالثة والرابعة باعتبار اننا نقول بأن هذه الاحكام لا تشمل كل مال مجهول مالكه وانما هي خطاب لمن وقع المال المجهول مالكه في يده لإخراجه من حالة التحير، واما قبل أن يقع في يده فلا تشمله هذه الاحكام

وفي محل الكلام فإن الثاني يريد أن يحيي الارض ويتصرف فيها وهي مملوكة لشخص اما أن يكون عازماً على احيائها او يريد أن يستفيد منها وهي موات

وقد يقال بأن الادلة تشمله بمعنى أن هذا الشخص لو تصرف في الارض فالاحكام شاملة له بمعنى الزامه بالفحص عن المالك وإن لم يعثر عليه يتصدق بالمال عن صاحبه، كما هو الحال في الالتقاط فقبل أن يلتقط العين هو لا يخاطب باحكام اللقطة ولكن لو التقطها تشمله الاحكام

ولكن بالرغم من هذا نقول بأن شمول أدلة مجهول المالك لمحل الكلام ليس واضحاً لاننا نفترض وجود مالك للارض وهو لم يعرض عن إحيائها وانما منعه مانع او انه يريد ابقائها ويستفيد منها حال كونها مواتاً

ثم أن اللقطة ومجهول المالك يختلفان في بعض الاحكام كما انهما يتفقان في بعض الاحكام، وهذا لا يمكن تحديده الا اذا لاحظنا الروايات الدالة على أحكام مجهول المالك وهي عديدة

منها: معتبرة إسحاق بن عمّار ، قال : سألت أبا إبراهيم ( عليه السلام ) عن رجل نزل في بعض بيوت مكّة ، فوجد فيه نحواً من سبعين درهماً مدفونة ، فلم تزل معه ولم يذكرها حتّى قدم الكوفة ، كيف يصنع ؟ قال : ((يسأل عنها أهل المنزل ، لعلّهم يعرفونها ، قلت : فإن لم يعرفوها ، قال : يتصدّق بها))[1]

وواضح أن الرواية تتحدث عن مجهول المالك فإن صاحب المال دفنه للحفاظ عليه فهو ليس ضائعاً، وقد ذكرت حكمين الاول وجوب السؤال عن صاحب المال والثاني وجوب التصدق به بعد عدم العثور عليه

ومنها: صحيحة أبي علي بن راشد قال : سألت أبا الحسن ( عليه السلام ) قلت : جعلت فداك اشتريت أرضاً إلى جنب ضيعتي بألفي درهم ، فلمّا وفيت المال خبرت أنّ الأرض وقف ، فقال : ((لا يجوز شراء الوقف ولا تدخل الغلّة في مالك وادفعها إلى من وقفت عليه ، قلت : لا أعرف لها ربّاً ، قال : تصدّق بغلّتها))[2]

وواضح انها تفترض الارض مجهولة المالك بمعنى أن هذه الارض تبين انها وقف فالمالك الحقيقي هو الموقوف عليهم غاية الامر انهم لا يستطيعون التصرف بالارض وانما يملكون الغلة فأمره الامام أن يصرف الغلة اليهم، ولما سأله انه لا يعرفهم أمره بالتصدق بالغلة

ومنها رواية يونس بن عبد الرحمن ، قال : سئل أبو الحسن الرضا ( عليه السلام ) ـ وأنا حاضر ـ إلى أن قال : فقال : رفيق كان لنا بمكّة ، فرحل منها الى منزله ، ورحلنا الى منازلنا ، فلمّا أن صرنا في الطريق أصبنا بعض متاعه معنا ، فأيّ شيء نصنع به ؟ قال : ((تحملونه حتّى تحملوه الى الكوفة ، قال : لسنا نعرفه ، ولا نعرف بلده ، ولا نعرف كيف نصنع قال : إذا كان كذا فبعه ، وتصدّق بثمنه ، قال له : على من جعلت فداك ؟ قال : على أهل الولاية))[3] وواضح انها ناظرة الى مجهول المالك لا الى اللقطة إذ لم يفترض فيها الضياع، وبعد أن يأسوا من معرفة صاحبه أمرهم الامام ببيعه والتصدق بثمنه

وواضح من الروايات انها تفترض الابتلاء بمجهول المالك، ويصعب القول بانها تشمل المال قبل وقوعه في يد الانسان

ومنها: رواية علي بن ميمون الصائغ قال : سألت أبا عبدالله عليه‌السلام عما يكنس من التراب فأبيعه فما أصنع به؟ قال : ((تصدق به فإما لك وإما لاهله قال : قلت : فإنّ فيه ذهبا وفضة وحديدا فبأي شيء أبيعه؟ قال : بعه بطعام ، قلت : فإن كان لي قرابة محتاج أعطيه منه؟ قال : نعم))[4] والاستدلال فيها يكون باعتبار أن هذا مال مجهول مالكه

وفي سندها علي بن حديد وقد ضعفه الشيخ، مضافاً الى جهالة الراوي المباشر عن الامام (عليه السلام)

 


[1] وسائل الشيعة: 25/448.
[2] وسائل الشيعة: 17/364.
[3] وسائل الشيعة: 25/450.
[4] وسائل الشيعة: 18/202.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo