< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ هادي آل راضي

بحث الفقه

43/11/08

بسم الله الرحمن الرحيم

 

الموضوع: احياء الموات

 

(مسألة 709) كما يجوز إحياء البلاد القديمة الخربة و القرى الدراسة التي باد أهلها (5) كذلك يجوز حيازة موادها و أجزائها الباقية من الأخشاب و الأحجار و الآجر و ما شاكل ذلك و يملكها الحائز إذا أخذها بقصد التملك.

في الفرق بين اللقطة ومجهول المالك

تنبيه: وقع في سند رواية علي بن أبي حمزة عبد الله بن حماد وذكر النجاشي انه من شيوخ اصحابنا، وقد يستظهر منها المدح، الا أن الرواية ساقطة سنداً بابراهيم بن اسحاق الاحمري

واما رواية قرب الاسناد ففيها عبد الله بن الحسن وهو لم يوثق، ونقلنا وجهاً لتوثيقه عن بعض الاعلام (قده)

والظاهر أن المراد بالمحاولة بيان أن قرب الاسناد ليس ميزة للسند اذا لم يكن تاماً لأنه لا يفرق في الاسانيد غير التامة بيان أن تكون قريبة الاسناد وبين غيرها، بمعنى أن قرب الاسناد في حديث ليس تاماً سنداً ليس له أهمية حتى يستدعي الاهتمام به من قبل الحميري بخلاف ما اذا كان السند تاماً فإن قرب السند يكون ميزة لهذا الخبر باعتبار أن احتمال عدم الاصابة يكون أضعف مما اذا كان فاقداً لهذه الميزة بأن كانت وسائط الخبر كثيرة

لوضوح انه كلما ازداد عدد رجال السند كان احتمال الخطأ والاشتباه وغير ذلك اكبر مما لو كان العدد أقل من ذلك

والحاصل أن قرب الاسناد انما يكون ميزة تستوجب الاهتمام اذا كان الخبر تاماً في نفسه بأن كان رجاله ثقاتاً فإن قرب الاسناد يوجب حينئذ مزيد توثيق الخبر للنكتة التي ذكرناها

واما اذا لم يكن تاماً سنداً في نفسه بأن كان أحد رجال السند ضعيفاً فإن قرب الاسناد فيه ليست له أي أهمية حتى يحصل الاهتمام به من قبل الحميري وامثاله

فاننا لا نحتمل أن يكون اهتمام الاصحاب بقرب الاسناد في الاخبار لمجرد كونها قريبة الاسناد حتى لو كان السند ضعيفاً إذ لا يترتب عليه أثر سوى ابراز انه يروي عن الامام بوسائط قليلة

وهذا إن كان يحتمل في حق البعض فهو غير محتمل في حق الاصحاب خصوصاً من امثال الحميري

فالمتعين أن يكون الاهتمام لترتب ثمرة عليه، وهذه الثمرة ليست هي توثيق الخبر وحجيته لوضوح أن قرب الاسناد لا يعني حجية الخبر وانما الثمرة المترتبة هي مزيد التوثيق، بمعنى أن يكون الخبر تام سنداً في حد نفسه فقرب الاسناد يوجب زيادة توثيق الخبر باعتبار ما قلناه من أنه كلما كانت الوسائط أقل كلما كان عدم الاصابة واحتمال الخطأ أضعف

وذكرنا أن الملاحظ أن متأخري الفقهاء اتفقوا على اشتراط الضياع في تعريف اللقطة، ولكن الظاهر أن القدماء منهم لم يشيروا الى اعتبار الضياع في تعريف اللقطة، كما في عبارة الشيخ الصدوق في المقنع والشيخ المفيد في المقنعة والشيخ في الخلاف والمبسوط والنهاية وابن ادريس في السرائر ويحيى بن سعيد في الجامع للشرائع وابن حمزة في الوسيلة وسلار في المراسم والحلبي في الكافي

نعم الاشتراط موجود في كلمات المحقق في الشرائع والمختصر حيث عرف اللقطة بالمال الضائع الذي لا يد عليه، وقد ذكر هذا القيد من تأخر عنه

وبعد المراجعة تبين أن كثيراً من اللغويين لم يشيروا الى هذا القيد، قال في العين (لقط يلقط لقطاً اخذ من الارض، واللقطة ما يوجد ملقوطا ملقى)[1] وما ذكره أعم من تحقق الضياع، وقال في لسان العرب (اللَّقْطُ: أَخْذُ الشَّيْءِ مِنَ الأَرض، قَالَ اللَّيْثُ: واللُّقْطةُ، بِتَسْكِينِ الْقَافِ، اسْمُ الشَّيْءِ الَّذِي تجِدُه مُلْقًى فتأْخذه، وَكَذَلِكَ المَنبوذ مِنَ الصِّبْيَانِ لُقْطةٌ)[2]

وفي النهاية لابن الاثير عرف اللقطة (اسْم المَال المَلْقُوط: أَيِ المَوْجود. والالْتِقاط: أَنْ يَعْثُر عَلَى الشَّيء مِنْ غيرِ قَصْد وطَلب)[3]

نعم في مجمع البحرين بعد ان عرف اللقطة بما تقدم، نقل عن المصباح (اللقطة وزان رطبة ما تجده من المال الضائع)[4]

وفي معجم مقاييس اللغة نص على اعتبار الضياع في اللقطة (مَا الْتَقَطَهُ الْإِنْسَانُ مِنْ مَالٍ ضَائِعٍ)[5]

ويحتمل أن يكون عدم ذكر القيد في كلمات اللغويين او حتى في كلمات فقهائنا المتقدمين اعتماداً على قضية ارتكازية وهي أن يكون المال ضائعاً

ومن القرائن التي قد يستفاد منها اعتبار الضياع في اللقطة:

اولا أن اللقطة استعملت في بعض الروايات في المال الضائع، وهذا وإن كان ليس دليلاً ولكن اذا ضممنا اليه أن الروايات التي تتحدث عن مجهول المالك الذي لا ضياع فيه لم تعبر باللقطة

كما في رواية الحميري وسألته عن الرجل يصيب اللقطة دراهم أو ثوباً أو دابّة ، كيف يصنع؟ قال : ((يعرفها سنة ، فإن لم يعرف صاحبها حفظها في عرض ماله ، حتّى يجيء طالبها فيعطيها إيّاه))[6] والتعريف سنة من ابرز احكام اللقطة، كما أن الظاهر من الدراهم التي يصيبها الانسان انها ضائعة من صاحبها

وننبه هنا انه حتى لو لم يتم الوجه الذي ذكرناه لاثبات وثاقة علي بن الحسن فالرواية تامة سنداً بطريق الشيخ الصدوق فانه يرويها عن علي بن جعفر وطريقه اليه تام

ومنها صحيحة جميل بن صالح ، قال : قلت لأبي عبد الله ( عليه السلام ) : رجل وجد في منزله ديناراً ، قال : ((يدخل منزله غيره ؟ قلت : نعم كثير ، قال : هذا لقطة))[7] ، والظاهر انه ضاع من الذين يدخلون الى الدار فاطلق لفظ اللقطة على المال الذي فرض فيه الضياع

ومنها صحيحة زرارة ، قال : سألت أبا جعفر ( عليه السلام ) عن اللقطة ؟ فأراني خاتماً في يده من فضّة ، ((إنَّ هذا ممّا جاء به السيل ، وأنا أُريد أن أتصدَّق به))[8] ، والظاهر انه ضائع من صاحبه

ومن القرائن على هذا اطلاق لفظ الضالة في الروايات وكلام الفقهاء على اللقطة اذا كانت حيواناً، كما في رواية مسعدة، عن الصادق ، عن أبيه ( عليهما السلام ) : ((أنَّ عليّاً ( عليه السلام ) قال : إيّاكم واللّقطة ، فإنّها ضالة المؤمن ، وهي حريق من حريق جهنّم))[9] والظاهر أن سندها تام، واطلق الضالة على اللقطة ويراد بها الضائعة من المؤمن، والامام (عليه السلام) يحذرهم من اخذها فإن الروايات في حكم أخذ اللقطة مختلفة وذهب المشهور الى الكراهة

وقال في الشرائع (الحيوان المأخوذ يسمى ضالة) والسر في اطلاق الضالة على الحيوان اذا التقط وعدم اطلاقه على المتاع باعتبار أن الحيوان لا يخلو من شعور واحساس أن له محل يرجع اليه فاذا ذهب الى مكان آخر ولم يرجع يقال بأنه ضل

فعدم اطلاق الضالة على محل الكلام لعله لا من جهة عدم اعتبار الضياع فيه بل باعتبار عدم صحة اطلاق الضالة على المتاع

وهناك اخبار كثيرة فرض في موردها الضياع وفهم الفقهاء منها ارادة اللقطة


[1] العين: 5/100.
[2] لسان العرب: 7/392.
[3] النهاية في غريب الحديث والاثر: 4/264.
[4] مجمع البحرين: 4/132.
[5] معجم مقاييس اللغة: 5/262.
[6] وسائل الشيعة: 25/444.
[7] وسائل الشيعة: 25/446.
[8] وسائل الشيعة: 25/451.
[9] وسائل الشيعة: 25/440.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo