< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ هادي آل راضي

بحث الفقه

43/11/11

بسم الله الرحمن الرحيم

 

الموضوع: احياء الموات

 

(مسألة 709) كما يجوز إحياء البلاد القديمة الخربة و القرى الدراسة التي باد أهلها (5) كذلك يجوز حيازة موادها و أجزائها الباقية من الأخشاب و الأحجار و الآجر و ما شاكل ذلك و يملكها الحائز إذا أخذها بقصد التملك.

في الفرق بين اللقطة ومجهول المالك

ذكرنا أن أدلة اللقطة على نحوين:

الاول: ما أخذ فيه عنوان اللقطة

الثاني: ما فرض في مورده الضياع، وفهم الفقهاء أن المقصود منه اللقطة

منها رواية أبي بصير ، عن العبد الصالح ( عليه السلام ) ، قال : سألته عن رجل وجد ديناراً في الحرم فأخذه ؟ فقال : ((بئس ما صنع، ما كان ينبغي له أن يأخذه))[1] وجعلها الفقهاء من أحكام اللقطة، وجعلوا قوله (لبئس ما صنع) من الادلة الدالة على حرمة أخذ اللقطة

ومنها رواية أبان بن عثمان ، عن أبان بن تغلب ، قال : أصبت يوماً ثلاثين ديناراً ، فسألت أبا عبد الله ( عليه السلام) عن ذلك ؟ فقال : ((أين أصبته ؟ قال : قلت له : كنت منصرفاً الى منزلي فأصبتها ، قال : فقال : صر الى المكان الذي أصبت فيه فعرّفه ، فإن جاء طالبه بعد ثلاثة أيام فأعطه إياه. وإلاّ تصدّق به))[2] وقالوا بأن موردها اللقطة الا أن لذيلها معارض وهي الروايات التي أمرت بالتعريف سنة

ومنها رواية محمد بن مسلم ، عن أبي جعفر ( عليه السلام ) ، قال : سألته عن الدار يوجد فيها الورق ؟ فقال : ((إن كانت معمورة فيها أهلها فهي لهم ، وإن كانت خربة قد جلا عنها أهلها ، فالذي وجد المال أحقّ به))[3] بناء على انه وجد الورق فيها لا انه كان مدفوناً بها حتى يشمله عنوان الكنز فإن له احكاماً خاصة، وجعلوها معارضة لأخبار اللقطة الدالة على وجوب التصدق

ومنها رواية سعيد ابن عمرو الجعفي قال : خرجت الى مكة وأنا من أشدّ الناس حالاً ، فشكوت الى أبي عبد الله ( عليه السلام ) ، فلمّا خرجت من عنده وجدت على بابه كيساً فيه سبعمائة دينار ...))[4] وقد فرض فيها الضياع وفهم الفهاء منها اللقطة واستفادوا منها بعض الاحكام

ومنها رواية عليِّ بن أبي حمزة ، عن العبد الصالح موسى بن جعفر ( عليه السلام ) ، قال : سألته عن رجل وجد ديناراً في الحرم فأخذه ، قال : ((بئس ما صنع ، ما كان ينبغي له أن يأخذه، قال : بئس ما صنع ، ما كان ينبغي له أن يأخذه ، قال : قلت : قد ابتلي بذلك ، قال : يعرّفه ... ))[5] وفهم منها اللقطة

وغير ذلك من الاخبار

ولا يبعد أن يقال بأن اللقطة لغة أعم من أن يكون ما يلتقط من الارض ضائعاً من صاحبه او لا

وعلى هذا الاساس ورد هذا اللفظ في آيات قرآنية مباركة ﴿فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا وَحَزَنًا ﴾وقوله تعالى ﴿يلتقطه بعض السيارة إن كنتم فاعلين﴾ وعلى هذا الاساس عمم الفقهاء بحث اللقطة فقالوا بأن الملقوط اما انسان او حيوان او غيرهما، فالانسان يقال له لقيط وهو لم يؤخذ فيه الضياع او أخذ فيه عدم الضياع، ولعله على هذا جرت كلمات اللغويين، وحينئذ يأتي السؤال عن سبب تخصيص المتأخرين من فقهائنا اللقطة بالمال الضائع

وقد يقال بأنهم استفادوا ذلك من الروايات، باعتبار انهم لاحظوا أن الروايات التي ترتبط بهذا العنوان تذكر احكاماً بعضها عامة تثبت للقطة وغيرها وبعضها مختصة بالمال الضائع ولا تشمل غيره من قبيل الحكم بالتعريف سنة

ولاحظ الفقهاء بحسب الروايات أن هذا الحكم في الروايات مختص بالمال الضائع ولا يشمل مجهول المالك، والوارد في قسم من الروايات التي ذكرت هذا الحكم هو عنوان اللقطة

كما في صحيحة الحلبي ، عن أبي عبد الله ( عليه السلام ) ـ في حديث ـ قال : واللقطة يجدها الرجل ويأخذها ، قال : ((يعرّفها سنة فإن جاء لها طالب وإلاّ فهي كسبيل ماله))[6]

وصحيحة محمد بن مسلم ، عن أحدهما ( عليهما السلام ) ، قال : سألته عن اللقطة ؟ قال : ((لا ترفعوها ، فإن ابتليت فعرَّفها سنة...))[7]

وهناك أخبار ذكرت الحكم من دون أن تذكر عنوان اللقطة وانما ذكرته في مال فرض فيه الضياع

من قبيل صحيحة عليِّ بن جعفر ، عن أخيه موسى بن جعفر ( عليه السلام ) ، قال : سألته عن اللقطة ـ الى أن قال : وسألته عن الرجل يصيب درهماً أو ثوباً أو دابّة ...))[8] وقد فرض الضياع في مورد الرواية

وفي المقابل لاحظ الفقهاء أن الروايات التي لم يفرض في موضوعها الضياع او فرض عدمه لم يذكر فيها هذا الحكم اعني التعريف سنة

كما في رواية إسحاق بن عمّار ، قال : سألت أبا إبراهيم ( عليه السلام ) عن رجل نزل في بعض بيوت مكّة ، فوجد فيه نحواً من سبعين درهماً مدفونة ، فلم تزل معه ولم يذكرها حتّى قدم الكوفة ، كيف يصنع ؟ قال : ((يسأل عنها أهل المنزل ، لعلّهم يعرفونها ، قلت : فإن لم يعرفوها ، قال : يتصدّق بها))[9] ، وكونها مدفونة قرينة على انها ليست ضائعة، ولم يذكر في الحكم أنه يعرفها سنة

ومنها صحيحة يونس بن عبد الرحمن ، قال : سئل أبو الحسن الرضا ( عليه السلام ) ـ وأنا حاضر ـ إلى أن قال : فقال : رفيق كان لنا بمكّة ، فرحل منها الى منزله ، ورحلنا الى منازلنا ، فلمّا أن صرنا في الطريق أصبنا بعض متاعه معنا ، فأيّ شيء نصنع به ؟ قال : ((تحملونه حتّى تحملوه الى الكوفة...))[10] وظاهرها أن المال ليس ضائعاً وانما صار عندهم للاشتباه واختلاط الامتعة

ويفهم من هذا أن اللقطة يفرض فيها الضياع وحكمها التعريف سنة، فيكون التعريف لمدة سنة من مختصات المال الضائع المعبر عنه باللقطة، ولعل الفقهاء استفادوا ذلك من هذه الملاحظة في هذه الاخبار

ولعل السر في اختصاص الحكم بالمال الضائع هو طلب صاحبه له عادة فناسب أن يكون حكمه التعريف سنة، واما المال المجهول مالكه غير الضائع كالمأخوذ من اللص او المال الذي تشتغل به الذمة كالاجير الذي هلك وله بذمة رب العمل مال ولا وارث له فلا يمكن افتراض أن صاحبه يطلبه حتى يجب عليه التعريف سنة

هذا من جهة ومن جهة اخرى فإن نفس التعريف المأمور به في الاخبار لا يخلو من دلالة على اشتراط الضياع في اللقطة، فإن طريقة التعريف أن يقول (من ضاع منه مال ...)

وعليه فمن الممكن افتراض أن اشتراط الضياع مستفاد من الاخبار فهو ليس مأخوذاً في مفهوم الكلمة لغة

والنتيجة انه لا ينبغي التشكيك في اعتبار الضياع في اللقطة وترتيب احكامها الخاصة، واما المال غير الضائع فهو ما يعبر عنه بمجهول المالك، وهو قد يشترك مع اللقطة في بعض الاحكام ويختلف عنها في احكام اخرى، ولعل من ابرزها جواز الأخذ وعدمه، ففي اللقطة اختلفت الادلة في جواز أخذها وانتهي بعض الفقهاء الى كراهة ذلك وتشتد الكراهة في لقطة الحرم

ولكن لا يجوز أخذ مجهول المالك لأنه تصرف في ملك الغير، واذا ابتلى به المكلف فقد وضع الشارع طرقاً للتخلص من هذا الابتلاء

ثم انه كان محل الكلام في الارض المملوكة لشخص آخر اذا لم يعرض عن احيائها بأن كان بانياً على احيائها بعد زوال المانع او انه يريد الاستفادة منها وهي موات، فاذا كان المالك مجهولاً فقلنا بأنه يصعب تطبيق احكام مجهول المالك في هذه الصورة، فإن هذا الشخص ممنوع من التصرف في هذه الارض من دون أخذ الإذن من المالك، ومع عدم جواز أخذ الارض لا تشمله أحكام مجهول المالك


[1] وسائل الشيعة: 25/440.
[2] وسائل الشيعة: 25/443.
[3] وسائل الشيعة: 25/447.
[4] وسائل الشيعة: 25/449.
[5] وسائل الشيعة: 25/463.
[6] وسائل الشيعة: 25/441.
[7] وسائل الشيعة: 25/442.
[8] وسائل الشيعة: 25/466.
[9] وسائل الشيعة: 25/448.
[10] وسائل الشيعة: 25/450.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo