< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ هادي آل راضي

بحث الفقه

43/11/13

بسم الله الرحمن الرحيم

 

الموضوع: احياء الموات

 

(مسألة 709) كما يجوز إحياء البلاد القديمة الخربة و القرى الدراسة التي باد أهلها (5) كذلك يجوز حيازة موادها و أجزائها الباقية من الأخشاب و الأحجار و الآجر و ما شاكل ذلك و يملكها الحائز إذا أخذها بقصد التملك(1)

الروايات الدالة على أن حيازة المباحات الاصلية مملكة

الرابعة: صحيحة محمد بن أبي نصر ، قال : سألت أبا الحسن الرضا ( عليه السلام ) عن الرجل يصيد الطير الذي يسوى دراهم كثيرة ، وهو مستوي الجناحين ، وهو يعرف صاحبه ، أيحلّ له إمساكه ؟ فقال : ((إذا عرف صاحبه ردّه عليه ، وإن لم يكن يعرفه ، وملك جناحه فهو له))[1] وتقريب الاستدلال بها أنها تدل على أن الطير اذا ملك جناحه ولم يعرف صاحبه فهذا أمارة على الحاقه بالمباحات العامة في ثبوت حكمها له وهو أن من يأخذه يملكه، وقد فسروا (ملك جناحه) بأنه حر يذهب حيث يشاء في مقابل الطائر المرتبط بمكان معين يرجع اليه، بل هذه الصحيحة ظاهرة في أنه حتى لو كان يعلم بأن له صاحباً ولكنه لا يعرفه فهذا المقدار يكفي في الحاقه بالمباحات العامة ويكون أخذه موجباً لتملكه فضلاً عن ما لو لم يعلم بأن له مالكاً

بل الوارد في بعض الروايات ثبوت هذا الحكم لو لم يعرف صاحبه وأن كان في الطائر علامة على الملكية كقص جناحه او شد خيط فيه

وهذا المضمون -أن الطائر اذا ملك جناحه فما دام لا يعرف صاحبه فهو ملحق بالمباحات الاصلية في أن أخذه يكون موجباً لتملكه- موجود في روايات كثيرة

منها: موثقة زرارة ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام ، قال : ((اذا ملك الطائر جناحه ، فهو لمن اخذه))[2] ومقتضى اطلاقها ثبوت التملك بالأخذ وإن عرف صاحبه، ولكن لا يمكن الأخذ بهذا الاطلاق لدلالة الروايات على أنه إن عرف صاحبه رده اليه

ومنها: رواية اسماعيل بن جابر ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : قلت له : الطائر يقع على الدار ، فيؤخذ أحلال هو ، أم حرام لمن أخذه؟ قال : ((يا اسماعيل! عاف أو غير عاف؟ قلت : وما العافي؟ قال : المستوي جناحاه ، المالك جناحيه يذهب حيث شاء ، قال : هو لمن اخذه حلال))[3] وفي سندها عبيد بن حفص بن قرط وهو مجهول

ومنها: معتبرة السكوني ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام ، قال : ((قال أمير المؤمنين عليه‌السلام : ان الطائر اذا ملك جناحيه فهو صيد ، وهو حلال لمن اخذه))[4]

ومنها: معتبرة اسحاق بن عمار ، عن جعفر ، عن أبيه : ان عليا عليه‌السلام كان يقول : ((لا بأس بصيد الطير اذا ملك جناحيه))[5]

ومنها: رواية زرارة ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام في رجل صاد حماما اهليا ، قال : ((اذا ملك جناحه فهو لمن اخذه))[6] وكون الحمام أهلياً اي أن له مالكاً سابقاً، ولا بد من تقييد اطلاقها بما اذا لم يعرف صاحبه لدلالة الروايات على ذلك.

ومنها: رواية اسحاق بن عمّار ، قال : قلت لابي عبدالله عليه‌السلام : الطير يقع في الدار ، فنصيده ، وحولنا حمام لبعضهم ، فقال : ((اذا ملك جناحه فهو لمن أخذه ، قال : قلت : يقع علينا ، فنأخذه ، وقد نعلم لمن هو ، قال : اذا عرفته فرده على صاحبه))[7] فالمانع الوحيد هو أن تعرف صاحبه لا أن تعرف أنّ له صاحباً

وقال الفقهاء بأن هذا حكم خاص بالطير ولا يمكن تعميمه لكل مال حتى مع العلم بأن له مالكاً، فلا يمكن القول بأن حيازته مملكة

وبعبارة اخرى إن قوله في الرواية (فهو لمن اخذه) ليس باعتبار أن حيازة المباحات مملكة، فإنه قد افترض فيها انه ليس من المباحات ولا مما يلحق بالمباحات كما سوف يأتي ولم يفرض فيه الاعراض، ولذا ذكر بعض الفقهاء بانه يمكن أن يعتبر هذا من قبيل لقطة ما دون الدرهم فيتملكها بدون تعريف مع انها مملوكة لشخص مجهول

ولكن الظاهر أن الاصحاب كصاحب الجواهر لم يقبلوا بهذا ولم يتعاملوا مع الطير معاملة خاصة فلم يقبلوا بأخذه من دون فحص، لأن الطير كغيره من الاموال التي يجري عليها حكم الالتقاط فلا بد من الفحص عن مالكه

والنتيجة أنه يحتمل في الرواية الرابعة أن تكون خاصة بالطير، فيكفي الاستدلال بالروايات السابقة

ولو ناقشنا فيها فيكفينا السيرة لإثبات القاعدة، ويظهر من السيد الخوئي (قده) في كتاب الاجارة انه بعد الفحص التام لم يعثر على رواية تدل على الملكية في حيازة المباحات عدا معتبرة السكوني المتقدمة ((للعين ما رأت ، ولليد ما أخذت))[8]

ولكن تقدم ذكر صحيحة عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله ( عليه السلام ) ، قال : ((من أصاب مالاً أو بعيراً في فلاة من الأرض، قد كلت وقامت ، (وسيّبها صاحبها مما لم يتبعه)، فأخذها غيره ، فأقام عليها ، وأنفق نفقتة حتّى أحياها من الكلال ومن الموت ، فهي له ، ولا سبيل له عليها ، وإنّما هي مثل الشيء المباح))[9] ويستفاد منها امران: إن حكم مورد الرواية انه يملك بالأخذ، وان المباحات تملك بالحيازة ايضاً، فليس واضحاً اشكال السيد الخوئي (قده) في دلالتها على هذه القاعدة فإن ذيلها ظاهر في ذلك

والقدر المتيقن من الروايات الدالة على الحكم هو صحيحة عبد الله بن سنان ومعتبرة السكوني

ويلاحظ أن مورد هاتين الروايتين ليس من المباحات الاصلية، ففي الاولى يتحدث عن بعير سيبه صاحبه، وفي معتبرة السكوني عن رجل ترك دابته من جهد، فالدابة لها مالك في كلا الموردين

وذكر الفقهاء بانه يفهم مما ذكر في الروايتين اعراض صاحب المال عنه فتلحق بالمباحات الاصلية في هذا الحكم وهو انها تكون لمن أخذها

فالحيازة توجب الملكية في المباحات الاصلية وما يلحق بها وهو المال الذي أعرض عنه صاحبه بحسب هذه الروايات

واما لو كان المال ليس من المباحات الاصلية ولا مما اعرض عنه صاحبه فيشكل القول بانه لمن أخذه فلا بد حينئذ من تطبيق أحكام اللقطة او مجهول المالك عليه

ولذا لم نستدل بروايات اخرى هي من هذا القبيل -لا هي من المباحات العامة ولا ان صاحبها اعرض عنها- من قبيل

معتبرة عبد الله بن جعفر ، قال : كتبت إلى الرجل ( عليه السلام ) أسأله عن رجل اشترى جزوراً أو بقرة للأضاحي ، فلما ذبحها وجد في جوفها صرّة ، فيها دراهم أو دنانير أو جوهرة ، لمن يكون ذلك ؟ فوقّع ( عليه السلام ) : ((عرّفها البائع ، فإن لم يكن يعرفها فالشيء لك ، رزقك الله إيّاه))[10]

ثم يقع الكلام في اشتراط قصد التملك في التملك بالحيازة وعدمه بمعنى حصول التملك وان لم يقصده، او ان المعتبر هو قصد الحيازة في التملك بها

 


[1] وسائل الشيعة: 25/461.
[2] وسائل الشيعة: 23/389.
[3] وسائل الشيعة: 23/389.
[4] وسائل الشيعة: 23/390.
[5] وسائل الشيعة: 23/390.
[6] وسائل الشيعة: 23/390.
[7] وسائل الشيعة: 23/390.
[8] وسائل الشيعة: 25/461.
[9] وسائل الشيعة: 25/458.
[10] وسائل الشيعة: 25/452.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo