< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ هادي آل راضي

بحث الفقه

43/11/14

بسم الله الرحمن الرحيم

 

الموضوع: احياء الموات

 

(مسألة 709) كما يجوز إحياء البلاد القديمة الخربة و القرى الدراسة التي باد أهلها (5) كذلك يجوز حيازة موادها و أجزائها الباقية من الأخشاب و الأحجار و الآجر و ما شاكل ذلك و يملكها الحائز إذا أخذها بقصد التملك(1)

الروايات الدالة على أن حيازة المباحات الاصلية مملكة

الخامسة: موثقة السكوني ، عن أبي عبد الله ( عليه السلام ) -في حديث- ((عن أمير المؤمنين ( عليه السلام ) ، قال : وإذا غرقت السفينة وما فيها ، فأصابه الناس ، فما قذف به البحر على ساحله فهو لأهله ، وهم أحقّ به ، وما غاص عليه الناس وتركه صاحبه فهو لهم))[1]

السادسة: رواية السكوني قال : سئل أبو عبد الله ( عليه السلام ) عن سفينة انكسرت في البحر ، فأخرج بعضها بالغوص ، وأخرج البحر بعض ما غرق فيها ، فقال : ((أمّا ما أخرجه البحر فهو لأهله ، الله أخرجه ، وأمّا ما أخرج بالغوص فهو لهم ، وهم أحقّ به))[2] وفي سندها امية بن عمرو ولم تثبت وثاقته،

وظاهرهما أن تملك ما يخرجونه بالغوص مشروط بشرطين: الاول أن يأخذوه، والثاني أن يتركه صاحبه

وقوله (تركه صاحبه) يشمل صورة ما لو لم يملك وسيلة لاخراجه فتركه، فإن حقق هذا المعنى الاعراض فبها، وإن لم يحقق الاعراض بذاك المعنى فالرواية تدل على أنه لو ترك شخص ماله ولو لعجز عن اخراجه يكون لآخذه

ثم انه قد انتهى الكلام الى البحث حول اشتراط قصد التملك في تملك المباحات بالحيازة وعدمه

واذا قلنا باشتراط التملك فلو حاز شيئاً لا بقصد تملكه كما لو قصد أن يستفيد منه استفادة محدودة فلا ملكية، أي أن ذلك الشيء يبقى على الاباحة العامة،

قال المحقق في الشرائع (وهل يفتقر المحيز في تملك المباح إلى نية التملك قيل لا وفيه تردد)[3] وعُدّ الشيخ الطوسي في كلمات الفقهاء من القائلين باشتراط قصد التملك، واستفيد هذا مما ذكره في احياء الموات من المبسوط حيث قال: (المحيي لا يملك بالاحياء إلا إذا قصد تملكه به)[4] بناء على أن الاحياء نحو من انحاء الحيازة فما يعتبر في الاحياء يكون معتبراً في الحيازة

وتقدم كلام الشهيد في الدروس في اشتراط قصد التملك في التملك بالاحياء، ثم قال (وكذا سائر المباحات، كالاصطياد و الاحتطاب و الاحتشاش، فلو أتبع ظبيا يمتحن قوته فأثبت يده عليه لا بقصد التملك لم يملك، وإن اكتفينا بإثبات اليد ملك)[5]

وفي عبارة المحقق اشارة الى وجود القائل بعدم الاعتبار، وفي الجواهر أصر على عدم اعتبار قصد التملك في حصول التملك سواء في باب الاحياء او الحيازة لعدم الدليل على الاعتبار، بل ذكر في احياء الموات بأن الملك يترتب على الاحياء (وإن قصد العدم، لأن ترتب المسبب على السبب قهري وإن كان إيجاد السبب اختياريا)[6] ، وذكر في كتاب الشركة بأن السيرة والضرورة قائمة على خلاف ما ذهب اليه الشيخ الطوسي من اعتبار القصد

وعمدة ما يستدل به القائلون بعدم اشتراط قصد التملك هو اطلاق الادلة، فإن ما دل على حصول الملك بالاحياء او بالحيازة مطلق ولا اشارة فيه الى اشتراط ذلك بقصد التملك، ولم يدل دليل على تقيد هذا الاطلاق بما اذا قصد التملك

واما القائلون باعتبار هذا القيد فقد استدلوا بوجوه:

الاول: دعوى انصراف الاطلاق بحكم التبادر الى صورة قصد التملك

ويجاب عنه بأن دعوى الانصراف غير واضحة فإنه خلاف ظاهر الدليل فظاهره ترتب الملك بمجرد تحقق الاحياء، فدعوى الانصراف عهدتها على مدعيها، مع أن قصد التملك غير معتبر في مفهوم الاحياء ولا في مفهوم الحيازة

ولعل البعض خلط بين قصد التملك وقصد الحيازة، فلا يبعد أن يكون قصد الحيازة معتبر في مفهوم الحيازة، ولكنه غير قصد التملك، فلو جاء حيوان وتوحل في ارضه او جاء طير وعشعش في داره من دون أن يقصد حيازته فهو باق على الاباحة الاصلية

ولذا يصح أن يقال حاز الشيء ولم يقصد تملكه ولكن لا يصح أن يقال حاز الشيء ولم يقصد حيازته، لأن قصد الحيازة مأخوذ في مفهوم الحيازة، وحتى لو قلنا بأن قصد الحيازة غير معتبر في مفهوم الحيازة ولكن التبادر والانصراف موجود فيه بخلاف قصد التملك

الا أن قصد الحيازة شيء آخر غير المطروح للبحث وهو اعتبار قصد التملك

الثاني: ما ذكره الفقهاء في فتاواهم -وهو وارد في بعض النصوص ايضاً- من أن من اشترى سمكة ممن صادها فوجد في جوفها لؤلؤة فاخرجها فهي له لا للبائع، وذكروا بأن هذا يدل على اشتراط قصد التملك في حيازة المباحات والا فلا بد أن تكون اللؤلؤة للبائع لأنه حاز السمكة وما في جوفها ولكنه قصد تملك السمكة دون اللؤلؤة لعدم علمه بوجودها فلو لم يكن قصد التملك معتبراً في تملك المباحات لكانت اللؤلؤة للبائع، بينما ذهب الفقهاء كما دلت النصوص على انها للمشتري، فاللؤلؤة في بطن السمكة باقية على الاباحة الاصلية فتكون للمشتري لأنه قصد التملك بأخذها

وأورد السيد الحكيم (قده) على هذا الدليل بأنه لا يصلح الاستدلال به فقال: (الظاهر أن البائع باع تمام ما حازه، وإن كان يعتقد أنه سمكة فقط، فالخطأ يكون في التطبيق لا غير)[7] وتوضيح كلامه إن البائع يملك السمكة وما في جوفها لأن قصد التملك ليس شرطاً في حيازة المباحات وبعد أن ملكها باعها فهو باع تمام ما حازه غاية الامر انه يتخيل انه باع سمكة فقط بينما هو باع السمكة مع ما في جوفها في الواقع، فحتى لو قلنا بأن قصد التملك ليس شرطاً يتم ما ذكره الفقهاء ودلت عليه النصوص

وقد رده السيد الخوئي (قده) بقوله (الإنصاف أنّ ما في الجوف لكونه مغفولاً عنه لا يصلح لتعلّق البيع المتقوّم بالقصد به، مضافاً إلى جهالته)[8] ، فلو سلمنا أن قصد التملك ليس شرطاً والبائع ملك كلاً منهما، ولكن كيف يصدر منه قصد البيع مع عدم التفاته، وحتى قصد البيع تبعاً لا يصح لانه انما يكون لو علم بوجود الشيء والحال انه يجهله مطلقاً فلا ينتقل ما في جوف السمكة الى المشتري، وهذا نظير ما اذا ورث صندوقاً من ابيه وكان فيه جوهرة ثمينة لا يعلم بها وباعه فلا يقال بانتقالها الى المشتري لعدم القصد الى بيعها، ولا يقال بأنه باع تمام ما ورثه من ابيه، وكذا لو باع ارضاً فيها كنز مدفون فلا يقال بانه ينتقل الى المشتري لعدم القصد الى بيعه


[1] وسائل الشيعة: 25/455.
[2] وسائل الشيعة: 25/455.
[3] شرائع الإسلام: 2/108.
[4] المبسوط: 3/281.
[5] الدروس: 3/61.
[6] جواهر الكلام: 38/33.
[7] مستمسك العروة الوثقى: 12/127.
[8] موسوعة السيد الخوئي: 25/104.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo