< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ هادي آل راضي

بحث الفقه

43/11/15

بسم الله الرحمن الرحيم

 

الموضوع: احياء الموات

 

(مسألة 709) كما يجوز إحياء البلاد القديمة الخربة و القرى الدراسة التي باد أهلها كذلك يجوز حيازة موادها و أجزائها الباقية من الأخشاب و الأحجار و الآجر و ما شاكل ذلك و يملكها الحائز إذا أخذها بقصد التملك(1)

الادلة الدالة على اعتبار قصد التملك في حيازة المباحات

الاول: دعوى انصراف الروايات الى قصد التملك

الثاني: التمسك بالنصوص والفتاوى الناصة على أن من اشترى سمكة من صائدها فوجد في بطنها درة فهي له، وقالوا بانه لا يمكن الالتزام بهذا الا اذا قلنا باعتبار قصد التملك في التملك بالحيازة والا كانت الدرة للبائع، ونقلنا اعتراض السيد الحكيم (قده) على ذلك وجواب السيد الخوئي (قده) عنه

اقول: الظاهر أن جواب السيد الخوئي (قده) تام بمعنى أن اعتراض السيد الحكيم (قده) ليس وارداً، فإنه لما باع السمكة لم يكن عالماً بما في جوفها فلم يقصد بيع ما في جوفها حينئذ، والمبيع لا ينتقل الى المشتري الا اذا قصد البائع بيعه،

فاذا قيل بأنه قاصد لبيعها بالتبع مثل الصوف واللبن وشعر الحيوان فانه داخل في المبيع بالتبع، ففي محل الكلام يدخل ما في جوف السمكة في المبيع بالتبع

قلنا بأن ما ذكروه من دخول بعض الاشياء في المبيع بالتبع مشروط بكون هذه الاشياء من توابع المبيع عرفاً مثل اللبن والصوف وسطح الدار وسردابها، والدرة في محل الكلام ليست من توابع السمكة

ويؤيد هذا مكاتبة الحميري قال : كتبت إلى الرجل ( عليه السلام ) أسأله عن رجل اشترى جزوراً أو بقرة للأضاحي ، فلما ذبحها وجد في جوفها صرّة ، فيها دراهم أو دنانير أو جوهرة ، لمن يكون ذلك ؟ فوقّع ( عليه السلام ) : ((عرّفها البائع ، فإن لم يكن يعرفها فالشيء لك ، رزقك الله إيّاه))[1] فلو تم كلام السيد الحكيم (قده) في أن هذا باع تمام ما حازه وأن الحكم بكونه للمشتري على القاعدة، ففي مورد الرواية هو باع الدابة التي في جوفها متاع فهو باع تمام ما في يده فلا بد أن يكون ما في بطن الدابة للمشتري، ولا معنى للحكم بأن عليه أن يعرفها البائع لأن معنى التعريف أنه إن عرفها البائع فلا بد من ردها اليه، ولعله يؤيد ذلك وضوح أن ما في بطن الحيوان لو كان مملوكاً للبائع فالتباني على انه لا يدخل في المبيع، كما لو ابتلعت الدابة امواله، وهذا مؤشر على صحة ما يقوله السيد الخوئي (قده)

والصحيح في الجواب عن الدليل الثاني هو ما اشير اليه في كلمات الفقهاء[2] ، وحاصله ان عدم ملكية البائع لما في جوف السمكة ليس مترتباً على عدم قصده التملك وانما هو مترتب على عدم قصد الحيازة بناء على التفريق بين قصد الحيازة المعتبر في حيازة المباحات وبين قصد التملك الذي لا دليل على اعتباره، فالبائع لا يملك ما في جوفها لانه لم يقصد الحيازة بأخذه فانه لا يعلم بوجوده في جوف السمكة والمفروض انها ليست من اجزاء السمكة وتوابعها حتى تكون مقصودة بالتبع، وينتفي قصد الحيازة في النائم فلا يترتب الملك على أخذه الشيء وكذا الغافل فلا تترتب الملكية على ما يأخذه فيبقى على الاباحة العامة

فيكون الحكم في الروايات بكون ما في جوف السمكة للمشتري على القاعدة فهو له لأنه حازها ومن حاز ملك، كما أن عدم كونه للبائع على القاعدة لأنه لم يحزها لعدم علمه بها

الثالث: أن يدعى بأن قصد التملك معتبر في مفهوم الاحياء ومفهوم الحيازة

قال في معجم مقاييس اللغة[3] وكذا في الصحاح[4] (كل من ضمَّ إلى نفسه شيئاً فقد حَازَه)

وقد يفسر بأن ضم الشيء الى النفس يعني جعله لنفسه وهو عبارة عن قصد التملك وحينئذ يقال بأن قصد التملك مأخوذ في مفهوم الحيازة

وبعبارة أخرى إن الحيازة لا تصدق على مجرد أخذ الشيء او وضع اليد عليه وانما تتوقف على قصد التملك

والذي يبدو من كلمات بعض اللغويين الآخرين أن الحيازة تعني الاستيلاء على الشيء ووضع اليد عليه وهو أعم من قصد التملك لأن الانسان في بعض الأحيان يأخذ بعض المباحات لا بقصد التملك

فيبدو أن الحيازة ليست متقومة بقصد التملك، فليس هناك دليل واضح على اعتبار قصد التملك في حيازة المباحات، وبناء على هذا تكون الحيازة سبباً للملكية ولو مع عدم قصد التملك، وهو مختار صاحب الجواهر وظاهر المستمسك، واختاره السيد الماتن في كتاب الاجارة، وإن خالفه في الفتوى فاعتبر قصد التملك في الحيازة


[1] وسائل الشيعة: 25/452.
[2] المستمسك: 12/127.
[3] معجم مقاييس اللغة: 2/118.
[4] الصحاح: 3/875.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo