< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ هادي آل راضي

بحث الفقه

45/10/12

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: كتاب الصلاة/ صلاة الجماعة/ إذا أدرك الإمام وهو في التشهد الأخير

(مسألة 28): إذا أدرك الإمام وهو في التشهد الأخير يجوز له الدخول معه بأن ينوي ويكبر ثم يجلس معه (1) ويتشهد (2)، فإذا سلم الإمام يقوم فيصلي من غير استئناف للنية والتكبير، ويحصل له بذلك فضل الجماعة (3)، وإن لم يحصل له ركعة

استدراك:

أشرنا الى أنّ السيد الماتن (قده) طرح في (مسألة ٢٧) في ما اذا رفع الامام رأسه قبل أن يركع المأموم مسألتين: الاولى الانفراد بأن يتم صلاته منفرداً، وطرح مسألة الانتظار الى أن يقوم الامام الى الركعة الثانية فيلتحق به،

وقلنا بأنّه لا دليل على جواز الجماعة بهذا الشكل باعتبار أنّ الادلة التي تدل على جواز الالتحاق بالإمام في مثل هذه الحالات لغرض كسب فضيلة الجماعة مقيدة بالمتابعة لا أن يقف منتظراً

وإذا ضممنا الى ذلك ما تقدم من أنّ الاصل عدم مشروعية الإئتمام، يتم ما ذكرناه

وقد يقال بأنّ هناك دليل يدل على مشروعية الانتظار بالنحو الذي يقوله السيد الماتن (قده)

وهنا لا بد أن نلتفت الى أنّ الانتظار الذي جوزه السيد الماتن (قده) هو الانتظار في صورة ما إذا أدرك الامام في الركعة الأولى، غاية الامر انه لم يدرك ركوع الامام، وغرضه احتساب الركعة، يعني أنّه دخل باعتقاده إدراك الإمام راكعاً لكنه لم يدركه كذلك

وهناك روايات تدل على جواز الدخول مع الامام في السجدة الاولى أو الثانية من الركعة الاخيرة أو في باقي الركعات أو الدخول مع الامام في التشهد أو مطلقاً، ولكن كلها تدل على جواز الالتحاق بالإمام مع المتابعة

منها رواية المعلّى بن خنيس ، عن أبي عبدالله ( عليه السلام ) قال : ((إذا سبقك الإِمام بركعة فأدركته وقد رفع رأسه فاسجد معه ولا تعتدّ بها))[1] ، فهي تدل على المتابعة في السجدتين ولا تختص بالركعة الاخيرة بل لعلها تختص بالركعة الاولى للإمام

ومنها: معتبرة معاوية بن شريح ، عن أبي عبدالله ( عليه السلام ) قال : ((إذا جاء الرجل مبادراً والإِمام راكع أجزأته تكبيرة واحدة لدخوله في الصلاة والركوع ، ومن أدرك الإِمام وهو ساجد كبّر وسجد معه ولم يعتدّ بها ، ومن أدرك الإِمام وهو في الركعة الأخيرة فقد أدرك فضل الجماعة ، ومن أدركه وقد رفع رأسه من السجدة الأخيرة وهو في التشهّد فقد أدرك الجماعة))[2] ، فتدل على لزوم المتابعة

ومنها موثقة عمّار، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: سألته عن الرجل يدرك الإِمام وهو قاعد يتشهّد وليس خلفه إلاّ رجل واحد عن يمينه؟ قال: ((لا يتقدّم الإِمام ولا يتأخّر الرجل، ولكن يقعد الذي يدخل معه خلف الإِمام، فإذا سلّم الإِمام قام الرجل فأتمّ صلاته))[3] ، فتدل على لزوم المتابعة

وهذه الروايات تدل على مشروعية الالتحاق بالجماعة لغرض إدراك ثواب الجماعة وليس إدراك الركعة، فقد فرض فيها عدم إدراك الامام وهو راكع

فلا يمكن الاستدلال بها على ما يقوله المصنف (قده) من جواز الانتظار، فقد ذكر ذلك في فرض أن يكون الغرض إدراك الركعة، لأنه انما يقول ذلك عندما يكون المأموم دخل بتخيل إدراك الركعة الا انه لم يتم له ذلك

نعم، قد يدعى وجود روايات تدل على جواز الإنتظار الذي يقوله السيد الماتن (قده)

منها معتبرة عبد الرحمن عن أبي عبد الله (عليه السلام) ـ في حديث ـ قال: ((إذا وجدت الإِمام ساجداً فاثبت مكانك حتى يرفع رأسه، وإن كان قاعداً قعدت، وإن كان قائماً قمت))[4] ، فقيل بأنّها تدل على جواز الانتظار بقرينة قوله فاثبت مكانك

وأجبنا بأنّه ليس المقصود اثبت مكانك بعد الدخول في الصلاة، أو لا أقل ليس هذا هو الظاهر من الرواية بل المراد التريث والانتظار ليرى ماذا يفعل، فإنها تقول إذا قام قمت معه وإذا قعد قعدت معه أي تابعه في الجلوس فلا يمكن أن تكون دليلاً على جواز الانتظار بأن يقوم واقفاً منتصباً منتظراً الامام

ومنها موثقة عمار الاخرى قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن رجل أدرك الإِمام وهو جالس بعد الركعتين؟ قال: ((يفتتح الصلاة ولا يقعد مع الإِمام حتى يقوم))[5]

ولا يمكن الجواب عنها بما تقدم من الجواب على رواية عبد الرحمن لأنها تقول يفتتح الصلاة وبعدها بلا فصل نهاه عن القعود مع الامام أي إنه يبقى منتظراً

فتصلح أن تكون دليلا على جواز الانتظار

ولكن بالتأمل نجد أن موردها هو الالتحاق بالجماعة لغرض إدراك ثواب الجماعة ومن هنا جعلت هذه الموثقة معارضة لموثقة عمار الاولى وقد عالجنا التعارض بأنّ مورد موثقته الاولى هو التشهد الاخير بقرينة قوله ((فاذا سلم الامام)) بينما مورد الثانية التشهد الاول ومن المحتمل اختلاف الحكم فيهما

واما ما ذكره السيد الماتن (قده) في (مسألة ٢٧) فالظاهر أنّ الغرض منها إدراك الركعة، فهو دخل باعتقاد إدراك الامام راكعاً فتحسب له تلك الركعة

فالمفروض في كلام السيد الماتن (قده) الالتحاق بالجماعة لغرض إدراك الركعة بأن نوى وكبّر لغرض إدراك الامام راكعاً حتى تحسب له الركعة ولكنه لم يدركه راكعاً وهنا طرح السيد الماتن (قده) مسألة الانتظار

ومن هنا فموثقة عمار لا تصلح دليلاً على تلك المسألة، خصوصاً وأنّه تقدم في (مسألة ٢٧) أنّ صلاته تكون انفرادية فالمأموم الذي دخل بتخيل إدراك الامام راكعاً ولم يدركه تصبح صلاته صلاة منفرد، ومن هنا قلنا بأنّه يجوز له أن يتمها منفرداً ويجوز أن يعدل من الانفراد الى النافلة، وإذا كانت صلاة منفرد فكيف يمكن تتميم ما ذكره السيد الماتن (قده) من أنّه يبقى منتظراً ثم يلتحق به في الركعة الثانية، وتقدم أنّ الإئتمام في اثناء الصلاة غير جائز بلا اشكال، وهذا يكون من هذا القبيل بعد البناء على أنّ صلاته تكون صلاة منفرد.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo