< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ هادي آل راضي

بحث الفقه

45/10/14

بسم الله الرحمن الرحيم

 

الموضوع: كتاب الصلاة/ صلاة الجماعة/ إذا أدرك الإمام في السجدة الأولى أو الثانية من الركعة الأخيرة

(مسألة 29): إذا أدرك الإمام في السجدة الأولى أو الثانية من الركعة الأخيرة وأراد إدراك فضل الجماعة نوى وكبر وسجد معه السجدة أو السجدتين (1) وتشهد(2)، ثم يقوم بعد تسليم الإمام ويستأنف الصلاة ولا يكتفي بتلك النية والتكبير(3)، ولكن الأحوط إتمام الأولى بالتكبير الأول، ثم الاستئناف بالإعادة.

1- ذكرنا الروايات التي يمكن أن يستدل بها على ثبوت هذا الحكم في سجود جميع الركعات

وكان آخرها ما ذكره بعض المحققين من الاستدلال بفحوى صحيحة محمد بن مسلم، فقد دلّت على أنّه يدرك فضل الجماعة مع ادراك الامام في السجدة الاخيرة فادراكه في ما قبلها من باب اولى

وهذا غير واضح، والأولى أن يستدل بالصحيحة ببيان آخر وهو دعوى ظهورها في أنّ ادراك السجدة الأخيرة هو آخر ما يدرك به فضل الصلاة مع الامام، واذا استظهرنا منها ذلك نستطيع القول بأنّ الرواية تدلّ على ثبوت الحكم المذكور فيها في ما قبل السجدة الاخيرة ومقتضى الاطلاق أن يشمل سجود جميع الركعات

نعم، بالاضافة الى دلالة هذا البيان على ثبوت هذا الحكم في ما قبل السجدة الاخيرة يدل أيضاً على عدم ثبوت الحكم في ما بعد السجدة الاخيرة، ومن هنا فهذا الاستظهار يجعل الصحيحة منافية لما تقدم في المسألة السابقة من امكان ادراك الامام وهو في التشهد الأخير كما دلّت عليه موثقة عمار الساباطي

ولكن الظاهر أنّه يتعين تقديم الموثقة السابقة ونلتزم بثبوت الحكم فيما لو أدركه في التشهد؛ لأنّها نصّ فيما لو أدرك الامام في التشهد بينما هذه الرواية ظاهرة في ذلك، والقاعدة تقتضي تقديم النص على الظاهر

وأمّا الصحيحة فلا بد من رفع اليد عن ظهورها في ان اخر ما يدرك به فضل الجماعة هو السجدة الاخيرة وحملها على مسألة الأكملية وأنّ الإدراك الكامل آخره أن يدركه وهو في السجدة الأخيرة، وهذا الالتزام لا ينافي ما لو أدركه وهو في التشهد، ولكنه لا يكون ادراكاً كاملاً للفضيلة، وهذا لا يؤثر في دلالتها على ثبوت الحكم في ما قبلها

وهذا المعنى كله مبني على استظهار أنّ الرواية في مقام تحديد آخر ما يدرك به فضل الجماعة

وعلى كل حال فالظاهر أنّ ما تقدم من الروايات يكفي لإثبات هذا الحكم اذا أدرك الامام في السجود مطلقاً

ويؤيد ما انتهينا اليه أنّه حكي عن جماعة من فقهائنا أنّهم نصوا على عدم الفرق بين الركعة الاخيرة وبين باقي الركعات في هذا الحكم، ومنهم الشيخ الطوسي في المبسوط والنهاية والمحقق في المعتبر والعلامة في التذكرة والشهيدان في الذكرى والروض وغيرهم

ويظهر أنّ مستند ما ذهب اليه السيد الخوئي (قده) هو صحيحة محمد بن مسلم المتقدمة كما صرّح هو بذلك

وعلى فرض اختصاص الرواية بالسجدة الأخيرة وبقطع النظر عما ذكرناه من الأدلة على التعميم الا أنّ هذا لا ينافي ثبوت الحكم في غير السجدة الاخيرة اذا دلّ عليه الدليل فإنّ الرواية لا مفهوم لها، بقطع النظر عما ذكرناه، بل عرفت أنّ الرواية قد يدعى ظهورها في ثبوت هذا الحكم في باقي الركعات

نعم، منع السيد الخوئي (قده) من دلالة الروايات التي استدللنا بها وردها بضعف السند

وأمّا السيد الماتن (قده) فلا مستند واضح له فلا دليل يثبت الحكم في الركعة الاخيرة ولعل مدركه هو ما ورد في معتبرة معاوية بن شريح ((ومن أدرك الامام وهو في الركعة الاخيرة فقد أدرك فضل الجماعة))

ولكن هذا لا يصلح فإنّ الرواية ذكرت ((ومن أدرك الامام وهو ساجد كبّر وسجد معه ولم يعتد بها)) والسجود فيها مطلق فلا داعي لتخصيصها بالركعة الاخيرة

وعلى كل تقدير فحتى لو تمّ الاستدلال بهذه الرواية الا أنّها لا تنافي ما ذكرناه لأنّها تثبت الحكم في الركعة الأخيرة وهو لا ينافي ثبوت الحكم في باقي الركعات اذا دلّ عليه الدليل، فهي لا مفهوم لها

2-أشرنا أنّه لا ذكر للتشهد مع الامام في نصوص الباب، ومنه نستشكل في الاتيان بالتشهد بعنوان الورود، وتقدم أنّه لا بأس بالاتيان به إمّا رجاء أو بعنوان الذكر المطلق، وقد يستشكل بكونه ذكراً باعتبار كونه كلام أدمي فليس بدعاء بل هو شهادة، بل قد يستشكل حتى في الاتيان به رجاء باعتباره كلام ادمي فقد يكون مبطلاً

ولكن هناك بعض الروايات التي يستظهر منها أنّ ذكر النبي (صلى الله عليه واله) لا يضر بالصلاة

3-الفرق بين هذه المسألة والمسألة السابقة التي حكم فيها بالاكتفاء بالتكبيرة السابقة أنّه في تلك المسألة كانت الرواية المعتبرة سنداً تقول ((قام فأتم صلاته)) والتعبير بأتم معناه أنّه صدر منه بعض الصلاة وهو النية والتكبير فيجتزيء بما جاء به ولا حاجة إلى الإعادة، وأمّا في هذه المسألة فلا يوجد مثل هذا الدليل، فهل يلتزم بالاكتفاء بما جاء به كما في المسألة السابقة أو لا بد من الاستئناف؟

أقول قد يستدل عل الثاني بوجوه

الاول: أن يقال بأنّ السجود المأتي به في المقام زيادة عمدية في الصلاة وهي مبطلة لها، فعليه اعادة التكبير للصلاة التي يأتي بها

وقد يقال بأنّ الزيادة المبطلة هي الزيادة التي تتحقق بعنوان أنّ السجود أحد واجبات الصلاة، وأمّا زيادة السجود بعنوان المتابعة كما في محل الكلام فلا دليل على كونه مبطلاً

لا يقال الظاهر أنّ السجود بأيّ عنوان كان يكون زيادة في المكتوبة وموجباً لبطلان الصلاة كما في صحيحة زرارة عن أحدهما (عليهما‌ السلام) قال : ((لا تقرأ في المكتوبة بشيء من العزائم ، فان السجود زيادة في المكتوبة))[1]

ومن هنا يفهم بأنّ السجود بأيّ عنوان كان يكون زيادة في المكتوبة ويكون مبطلاً للصلاة، فلا يصح له أن يكتفي بالتكبير السابق ولا بد أن يستأنف التكبير

فإنّه يلاحظ عليه: إنّ المفروض في محل الكلام أنّ الشارع المقدس أمر المكلف الذي يريد ادراك فضل الجماعة بالسجود مع الامام لكي يدرك فضل الجماعة ويستفاد من نفس أمر الامام بالسجود أنّ هذه الزيادة مغتفرة ولا توجب البطلان وهذا نظير ما ذكروه في من رفع رأسه قبل أن يرفع الامام رأسه من الركوع فالروايات تأمره بالعود، واستفيد من الأمر بالعود أنّ هذه الزيادة تكون مغتفرة، وهكذا في محل الكلام يستفاد من أمر الامام بالسجود أنّ الزيادة تكون مغتفرة،

ومن هنا يظهر الفرق بين محل الكلام وبين سجود التلاوة في الرواية السابقة فإنّ الشارع نهى في موردها عن قراءة العزائم في المكتوبة حتى لا يضطر الى السجود فتبطل صلاته بذلك، فالسجود ليس مأموراً به من قبل الشارع


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo