< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ هادي آل راضي

بحث الفقه

45/10/20

بسم الله الرحمن الرحيم

 

الموضوع: كتاب الصلاة/ صلاة الجماعة/ إذا حضر المأموم الجماعة فرأى الإمام راكعا

(مسألة 30): إذا حضر المأموم الجماعة فرأى الإمام راكعا وخاف أن يرفع الإمام رأسه إن التحق بالصف نوى وكبر في موضعه وركع، ثم مشى في ركوعه (1) أو بعده أو في سجوده أو بعده، أو بين السجدتين أو بعدهما (2)، أو حال القيام للثانية إلى الصف (3) سواء كان لطلب المكان الأفضل أو للفرار عن كراهة الوقوف في صف وحده أو لغير ذلك (4)، وسواء كان المشي إلى الأمام أو الخلف أو أحد الجانبين بشرط أن لا يستلزم الانحراف عن القبلة، وأن لا يكون هناك مانع آخر من حائل أو علو أو نحو ذلك، نعم لا يضر البعد الذي لا يغتفر حال الاختيار على الأقوى، إذا صدق معه القدوة، وإن كان الأحوط اعتبار عدمه أيضا.....

2- يفهم من هذه العبارة أنّ السيد الماتن (قده) يفهم من النصوص الاطلاق أي إنّها تشمل كلا المسألتين اللتين أشرنا اليهما وأنّ الحكم المذكور استثناء من كراهة انفراد المأموم في صف وحده وأنّ هذه الكراهة ترتفع اذا خاف أن تفوته الركعة اذا التحق بالصف وكذا هو استثناء من شرطية عدم البعد في صحة الجماعة أو قل هو استثناء من وجوب الاتصال في صحة الجماعة

ومن الواضح أنّ النصوص اذا حملت على الثاني فهي تلغي شرطية عدم البعد في صحة الجماعة في هذه الحالة

ولكنها لا تلغي هذه الشرطية اذا حملت على الاول لأنّها ناظرة الى كراهة الانفراد في صف وحده وليست ناظرة الى شرطية البعد في صحة الجماعة، فهي ترفع الكراهة المذكورة في هذه الحالة

ونقل صاحب الجواهر (قده) عن ظاهر بعض مشايخه -وهو صاحب مفتاح الكرامة[1] ظاهراً- اتفاق الاصحاب على تقييد الحكم بما اذا لم يكن بعد يمنع من الائتمام، و (أنّ مقصودهم بذكر هذا الحكم الاستثناء من كراهة انفراد الانسان بالصف وحده لا الاستثناء من التباعد)[2]

وهذا يعني أنّهم فهموا أنّ النصوص ناظرة الى الاحتمال الاول،

وفي المقابل هناك من فهم أنّ المنظور في النصوص الاحتمال الثاني، وبعضهم عمّم وقال بأنّ مقتضى اطلاق النصوص الشمول لكلا الاحتمالين

ويظهر من قول السيد الماتن (قده) (سواء كان لطلب المكان الأفضل أو للفرار عن كراهة الوقوف في صف وحده أو لغير ذلك) أنّه يفهم الاطلاق من النصوص

والمهم في محل الكلام النظر في ما يفهم من النصوص

وقد يستدل للقول بأنّ المنظور في النصوص هو مسألة الانفراد في صف وحده كما هو رأي كثير وقد عبّر في مفتاح الكرامة باتفاق الاصحاب عليه بما جاء في بعض الروايات

ففي موثقة اسحاق بن عمار المتقدمة ((أدخل المسجد وقد ركع الإِمام فأركع بركوعه وأنا وحدي وأسجد)) وهذه العبارة ظاهرة في أنّ الملحوظ له مسألة انفراده عن الصف، لا بعده عنه والا لقال فأركع بركوعه وأنا بعيد عن الامام

وفي صحيحة محمد بن مسلم ((يركع قبل أن يبلغ القوم ويمشي وهو راكع حتى يبلغهم))[3] وقالوا بأنّ فيه أشعار بأنّ وجه السؤال هو مسألة الانفراد عن القوم وعدم بلوغهم

((وفي صحيحة عبد الرحمن فإذا رفع رأسه فاسجد مكانك ، فإذا قام فالحق بالصف ، فإذا جلس فاجلس مكانك ، فإذا قام فالحق بالصفّ))[4] ، ففي أمره بالالتحاق بالصف إشعار بأنّ الملحوظ للسائل انفراده عن الصف

ولكن يمكن التأمل في كل هذه الامور التي ذكرت، والعمدة في ذلك هو أنّ مسألة الانفراد عن الصف التي يدعى ظهور الروايات فيها، تنسجم مع الاحتمال الثاني ولا تستلزم أن تكون النصوص استثناء من مسألة كراهة الانفراد، وذلك لأنّ الانفراد عن الصف، قد يلحظ في مقابل كونه مع القوم في الصف وقد يلحظ في مقابل الاتصال بالامام أو بالصف وعلى الثاني يمكن أن يقال له (التحق بالصف) أو يقال له (يركع قبل أن يبلغ القوم)، أو يقول (أركع وأنا وحدي وأسجد)

فيصح استعمال هذه العبارات في كلا الاحتمالين، ولا تكون قرينة على الاحتمال الثاني

بل قد يقال بترجيح الاحتمال الثاني على الاول ببعض القرائن

منها: قوله في صحيحة عبد الرحمن ((فظننت أنّك إن مشيت إليه رفع رأسه قبل أن تدركه فكبّر واركع)) ففيها ظهور في النظر الى مسألة الابتعاد، فمن المناسب لها أن تكون ناظرة الى الاحتمال الثاني لاستخدام كلمة مشيت

ومنها: إنّ الظهور الاولي للأمر بالمشي في صحيحة محمد بن مسلم ((يمشي وهو راكع)) هو الوجوب وهو لا يناسب الاحتمال الاول إذ عليه يجوز له أن يشكل صفاً وحده فلا يجب عليه المشي، فهو يناسب الاحتمال الثاني

ومنها: قوله في صحيحة محمد بن مسلم ((قبل أن يبلغ القوم)) ظاهر في الاحتمال الثاني ففيه يصح أن يقال يركع قبل ان يبلغ القوم، ومعناه أنّه ليس بالغاً القوم ففي الاحتمال الثاني هو لم يصل الى القوم بينما في الاحتمال الاول هو بلغ القوم.

والحاصل إنّ النصوص ناظرة ظاهراً الى مسألة الابتعاد عن الامام والصف وإنّها استثناء من اشتراط عدم البعد في صحة الجماعة، ومع التنزل فالظاهر أنّه لا ينبغي الإشكال في كون مسألة الابتعاد مشمولة للنصوص، وهذا ينفع في اثبات هذا الحكم المخالف لوجوب الاتصال ولشرطية عدم البعد

وأمّا مسألة الانفراد في صف وحده فالظاهر أنّه لا اشكال في صحة صلاته معه ويجوز له أن يلتحق بالصف بعد ذلك لما دلّ على جواز أن يمشي الى القبلة


[4] وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي، ج8، ص385، أبواب صلاة الجماعة، باب46، ح3، ط آل البيت.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo