< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ هادي آل راضي

بحث الأصول

39/08/18

بسم الله الرحمن الرحيم

 

الموضوع: التنبيه الخامس: الاستصحاب التعليقي / تنبيهات الاستصحاب

والمراد به استصحاب الامر التعليقي فالتعليقية صفة للمستصحب لا للاستصحاب ، وهذا البحث يتوقف على القول بجريان الاستصحاب في باب الاحكام الكلية التنجيزية ، اما لو قلنا بعدم جريانه فيها فسيكون عدم جريانه في الاحكام التعليقية من باب أولى .

ومن هنا يكون كلام السيد الخوئي[1] ( قد ) حول هذا البحث من باب التنزل وبناء على القول بجريان الاستصحاب في باب الاحكام الشرعية ؛ اذ تقدم انه لا يرى جريان الاستصحاب في الاحكام .

والكلام في الاستصحاب التعليقي يقع أولا في تحرير محل النزاع ، فذكروا[2] بان الشك في بقاء الحكم الشرعي يمكن تصوره على انحاء ثلاثة:

النحو الأول : ان يكون الشك في بقاءه من جهة احتمال نسخه ، وهذا انما يكون في مرحلة الجعل .

النحو الثاني : ان يكون الشك في بقاء الحكم الشرعي الجزئي من جهة احتمال حصول تغير في موضوعه الخارجي وهو ما يعبر عنه بالشبهة الموضوعية كما لو احتملنا تنجس الثوب الطاهر بملاقاة البول مثلا .

النحو الثالث : ان يكون الشك في سعة المجعول وضيقه بعد معلومية الجعل ، كما في الشك في حرمة وطيء الحائض بعد انقطاع الدم وقبل الاغتسال فان منشا هذا الشك هو تردد موضوع حرمة الوطيء بين ان يكون هو المرأة المحدثة فيكون شاملا للمراة التي انقطع عنها الدم ولم تغتسل وان يكون هو المراة التي ترى الدم فلا يشمل من انقطع عنها الدم .

وذكروا بان الاستصحاب التنجيزي - بمعنى جريان الاستصحاب عند الشك في الحكم التنجيزي - يجري في هذه الانحاء الثلاثة بلا اشكال ،

انما الكلام في جريان استصحاب الحكم التعليقي ، و لا مشكلة في جريان استصحاب الحكم التعليقي في النحوين الأول والثاني ؛ ففي النحو الأول فان استصحاب بقاء الجعل لا يواجه مشكلة فبعد العلم بجعل الشارع الحرمة على شرب الخمر مثلا و طرو الشك في نسخ الحكم يجري استصحاب بقاء الجعل – بناء على جريان هذا الاستصحاب – فان الجعل لا يتوقف على فعلية موضوعه

واما النحو الثاني فيجري فيه استصحاب بقاء الحكم الشرعي الجزئي كما لو كنا نعلم بان هذا المائع خمرا ثم شككنا في بقاء الخمرية من جهة الشك في انقلابه فيجري استصحاب بقاء الخمرية ويترتب عليه الاحكام التنجيزية كحرمة شربه والتعليقية كاقامة الحد على تقدير شربه

واما النحو الثالث فقالوا لا بد من التمييز بين فرضين :

الفرض الأول : ان يشك في بقاء الحكم المجعول بلحاظ زمان مسبوق بكون الحكم فعليا فيه كما في مثال الماء المتغير بالنجاسة بعد زوال التغير ، وهذا مثال للنحو الثالث لان المفروض فيه الشك في ان التغير هل هو دخيل في الحكم حدوثا فقط ام انه دخيل حدوثا وبقاءا ، و الشك يكون في زمان بعد زوال التغير وهو مسبوق بفعلية الحكم قبله

وفي هذا الفرض نفترض كل الخصوصيات الدخيلة في الحكم والمحتملة الدخالة فيه كانت متوفرة سابقا فيكون الحكم تنجيزيا واستصحابه يكون استصحابا تنجيزيا .

الفرض الثاني : وفيه نفترض ان احدى الخصوصيات الدخيلة في الحكم قطعا ليست موجودة سابقا بينما الخصوصية التي يحتمل دخلها كانت موجودة ، ثم تحققت الخصوصية التي يعلم دخالتها لكن بعد ارتفاع الخصوصية التي يحتمل دخالتها ، ومثاله : العصير العنبي فانه يحكم بنجاسته لخصوصيتين وهما الغليان والعنبية وكل منهما دخيل في الحكم قطعا ويشك في دخالة الرطوبة وعدم الجفاف في الحكم ، فنفترض تحقق عصير عنبي وعدم تحقق الغليان مع تحقق عدم الجفاف سابقا ، ثم بعد ذلك يجف العنب فتزول الخصوصية التي يحتمل دخلها في الحكم وتتحقق الخصوصية الثانية وهي الغليان ، فهنا لا توجد قضية تنجيزية يمكن استصحابها اذ الحرمة سابقا لم تكن تنجيزية لعدم الغليان ، انما تحقق الغليان بعد زوال الخصوصية المحتملة الدخالة في الحرمة وهي عدم الجفاف ، فهل يمكن استصحاب القضية التعليقية بمعنى حكمنا بان هذا لو غلى لكان حراما فنستصحب هذا الحكم فنحكم عليه بالحرمة بغليانه بعد الجفاف ؟


[1] موسوعة الامام الخوئي المؤلف : الخوئي، السيد أبوالقاسم الجزء : 48 صفحة : 161.
[2] موسوعة الامام الخوئي المؤلف : الخوئي، السيد أبوالقاسم الجزء : 48 صفحة : 163.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo