< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ هادي آل راضي

بحث الأصول

42/02/26

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: التزاحم/مرجحات باب التزاحم

كان الكلام في الترجيح بالاسبقية من حيث الزمان ونقلنا رأي السيد الخوئي (قده) وكان حاصله ان المكلف اذا جاء بالمتقدم زماناً يصبح عاجزاً عن الاتيان بالمتأخر دون العكس فاذا جاء بالمتأخر وترك المتقدم لا يكون عاجزاً عن المتقدم في ظرفه

وهذا معناه ان الاشتغال بالمتقدم يوجب إنتفاء التكليف بالمتأخر لانه مشروط بالقدرة ومع الاتيان بالمتقدم لا يكون المكلف قادرا على المتاخر بينما الاتيان بالمتأخر لا يلزم منه انتفاء التكليف بالمتقدم لتحقق القدرة عليه

وفي مقام جوابه قلنا بانه تارة نتكلم مع افتراض كون القدرة المأخوذة في الخطاب قدرة عقلية واخرى نتكلم على فرض كون القدرة المأخوذة في الخطاب قدرة شرعية

اذا فرضنا كونها عقلية حينئذ لا موجب للترجيح بالاسبقية الزمانية لأن المفروض ان الواجبين المتزاحمين متساويان في الاهمية وان كلاً منهما مقيد بالقيد اللبي الارتكازي وهو عدم الاشتغال بما لا يقل عنه اهمية، وحيث انهما متساويان فيكون كل منهما مقيداً بعدم الاشتغال بالآخر فكما ان الاشتغال بالمتقدم يكون رافعا لموضوع التكليف بالمتاخر كذلك الاشتغال بالمتاخر يكون رافعا لموضوع المتقدم، فلا فرق بينهما ولا موجب لترجيح احدهما على الآخر

وما يفهم من كلام السيد الخوئي هو ان الاتيان بالمتقدم يوجب العجز عن المتأخر دون العكس فالاتيان بالمتأخر لا يوجب العجز عن المتقدم في ظرفه، وهذا وان كان اذا تم ينتج تقديم الاسبق زماناً، لكنه مبني على دعوى ان القدرة المعتبرة في التكليف هي القدرة في ظرف الامتثال، ففي ظرف امتثال التكليف الاسبق زماناً المكلف قادر على الفعل حتى لو ترك المتقدم وجاء بالمتأخر، بينما القدرة في يوم الجمعة على صوم يوم الجمعة لا تكون متحققة اذا جاء بصوم يوم الخميس

ولكن سيأتي ان الصحيح انه يكفي في صحة التكليف طبيعي القدرة وان يكون المكلف قادراً على التكليف

فما دام هو قادراً في زمان الوجوب في يوم السبت على ان يصوم يوم الخميس وقادر على ان يصوم يوم الجمعة في زمان الوجوب مع افتراض ان بامكانه ان يحافظ على هذه القدرة الى مجيء وقت الواجب فيجب عليه ان يحافظ عليها لان التكليف اصبح فعلياً في وقت التكليف، والقدرة بهذا المعنى موجودة في كلا التكليفين المتاخر زمانا والاسبق زمانا، فلو حصل التزاحم بينهما بان كان المكلف غير قادر على صومهما معا ًكما هو المفروض

نقول كما ان الاشتغال بصوم يوم الخميس يوجب عدم القدرة على صوم يوم الجمعة كذلك الاشتغال بصوم يوم الجمعة يوجب عدم القدرة على صوم يوم الخميس

فالتكليف بكل منهما فعلي فالمكلف يجب عليه ان يحافظ على القدرة على صومهما لكن حيث وقع التزاحم فلا موجب لترجيح احدهما على الاخر هذا بعد فرض ان التكليف فعلي بكل منهما

اما اذا كان المراد بالقدرة المعتبرة فيهما القدرة الشرعية وهي دخيلة في الملاك فحينئذ قد يثار السؤال المتقدم بان يقال بان القدرة الشرعية فعلية بالنسبة الى الواجب المتقدم لان المكلف قادر فعلاً على الامتثال ويكون ملاك التكليف المتقدم فعلياً والاتيان بالمتأخر لا يرفع القدرة على المتقدم في حينه بخلاف الاتيان بالمتقدم فانه يرفع القدرة على المتأخر في ظرفه

وحيث ان القدرة دخيلة في الملاك فلا ملاك فعلي في المتأخر زماناً

وجوابه نفس الجواب وهو ان القدرة المعتبرة في التكليف تارة نقول بانها عبارة عن القدرة في ظرف الواجب وتارة نقول انه يكفي في صحة التكليف ان يكون المكلف قادراً على الامتثال في زمان الوجوب

فان قلنا بالاول يكون لما ذكره السيد الخوئي وجه لما قلناه من انه في زمان الامتثال يكون فرق بينهما بمعنى ان الاتيان بالمتقدم يسلب القدرة عن المتاخر في زمانه لكن الاتيان بالمتاخر لا يسلب القدرة عن المتقدم في ظرفه، فيتقدم الاسبق زمانا على المتاخر زمانا كما ذكرنا

اما اذا قلنا بانه يكفي لصحة التكليف كون المكلف قادراً على الامتثال حين التكليف وحين توجه الخطاب اليه سنجد ان هذا الشرط متحقق بالنسبة الى كلا التكليفين المتقدم والمتاخر فان المكلف حين توجيه الخطاب كما يكون قادرا على امتثال المتقدم في ظرفه هو قادر على امتثال المتاخر في ظرفه فيكون شرط التكليف متحققا بالنسبة الى كل منهما، نعم عند مجيء يم الجمعة اذا صام يوم الخميس لا يكون قادرا عليه، فيجب عليه ان يحفظ قدرته على امتثال المتاخر كما يجب عليه ان يحفظ قدرته على امتثال المتقدم بمعنى انه لا يجوز له ان يعجز نفسه عن امتثال الواجب

فاذا حصل التزاحم بينهما بان مرض ولم تكن له قدرة الا على امتثال احدهما فلا موجب لترجيح احدهما على الاخر لان التكليف بكل منهما فعلي والملاك بكل منهما فعلي والمكلف قادر على امتثال كل منهما

وبعد حصول التزاحم فكما ان الاشتغال بالمتقدم زمانا يوجب عدم القدرة على المتاخر زمانا كذلك الاشتغال بالمتاخر زمانا يوجب عدم القدرة على المتقدم زمانا

فالصحيح ان الاشتغال بكل منهما يرفع موضوع الاخر لان كلاً منهما مشروط بالقدرة حين توجيه الخطاب ولكن يجب ان تكون هذه القدرة باقية الى حين الامتثال فالاشتغال بكل منهما يوجب رفع موضوع الاخر

من هنا يتبين انه لا موجب لترجيح الاسبق زماناً على المتأخر زماناً، هذا كله في الحالات الاعتيادية

ولكن هناك بعض الموارد التي يظهر انه لا بد فيها من تقديم المتقدم زمانا على المتاخر زماناً

من جملتها ما اذا كان المكلف يحتمل طرو ما يوجب فوات الواجب المتأخر فالظاهر انه في مثل هذا يحكم العقل بلزوم الاتيان بالمتقدم زماناً ولا يكون خطاب المتقدم زماناً مقيداً بعدم الاشتغال بواجب لا يعلم التمكن منه في حينه او عدم التمكن منه فلا يكون الخطاب المتقدم زماناً مقيداً بعدم الاشتغال به وان كان مساوي له بالاهمية لان الدليل اللبي الارتكازي لا يثبت عدم الاشتغال بواجب لا يعلم ان المكلف يتمكن من الاتيان به او لا بل هو يختص بواجب يعلم بحسب العادة التمكن منه في ظرفه

الحالة الثانية: ان تكون القدرة الشرعية بمعنى عدم الاشتغال بواجب مقارن او متقدم، فيتعين الاتيان بالمتقدم لأن الاشتغال بالمتقدم يكون رافعاً لموضوع المتأخر دون العكس فان المتقدم ليس مشروطاً بعدم الاشتغال بالمتأخر

 

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo