< فهرست دروس

الأستاذ الشيخ نزار آل سنبل

بحث الأصول

41/03/05

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: - تنبيهات الاشتغال.

التنبيه الثالث:حاصل هذا التنبيه أنه لو تردد الواجب بين أمرين أو أحد أمور وأتى المكلف ببعض المحتملات وانكشف أنما أتى به موافق للواقع فهل يكفي ما أتى به وهل يجزي أو لا؟هنا تارة يقع الكلام في الواجب التوصلي وتارة يقع في الواجب التعبدي، في الواجب التوصلي بما أنه لا يشترط فيه قصد التقرب فلو أتى ببعض المحتملات وصادف الواقع يكفي، يعني مثلا لو علم بنجاسة أحد الثوبين وطهّر أحدهما بدون أن يعلم هو النجس أو لا، ثم بعد ذلك انكشف أن ما طهّره هو النجس وتطهيره وقع في محله هنا يتم التطهير ولا نقول يجب عليك الإعادة، واجب توصلي لا يشترط فيه قصد التقرب فطهره في الواقع، في هذا القسم الأمر واضح.إنما الكلام في الواجب التعبدي، علم بوجوب إما صلاة الظهر قصرا أو تماما وأتى بأحد الفردين صلى قصراً ولم يصلّ الثانية، ثم بعد ذلك انكشف أنما قام به صحيح يعني أن وظيفته هي القصر فهل يجزي أو لا يجزي؟هنا المنقول والمحكي عن الشيخ الأنصاري (قده) أن الأمر يرتبط بنية وعزيمة المكلف إذا كان ناوياً أن يأتي بجميع المحتملات حتى يحقق الواقع وأتى بأحد المحتملات ثم انكشف له الواقع فهذا يجزي، أما إذا كان ليس من عزمه أن يأتي بجميع المحتملات وإنما عزمه أن يأتي بأحد المحتملات فعزمه أن يصلي قصراً فقط صادف الواقع أو لم يصادف الواقع، هنا يقول لا يجزي، إذا كان من عزمه عدم الإتيان بجميع المحتملات فالذي أتى به وإن صادف الواقع لم يجزِّ.السيد الخوئي (ره) أورد عليه بأن هذا الكلام يبتني على قصد الوجه أو بتعبير آخر يبتني على لا بدية الجزم في النية، عندما يريد أن يأتي بالعمل العبادي أن يكون جازما في نيته، وهذا المبني عليه غير تام، يعني لا يشترط قصد الوجه وقصد الجزم وسائر هذه الأمور بل إذا شككنا فيها نجري أصالة البراءة ولا دليل يدل على لا بدية القصد الجزمي، فعليه: ينهدم البناء لأن المبني عليه غير تام فالبناء أيضا غير تام، هذا حاصل إشكال السيد الخوئي.

هنا هذا الإشكال لعله لا يأتي في المقام لأن الجزم في النية من يشترطه في حالة التمام يعني في إمكان المكلف أن يعرف وظيفته بنحو التشخيص والتدقيق ولم يأتِّ بها وأتى رجاء، هنا الذي يشترط الجزم نقول هذا لا يمكن أن يشترط الجزم، أما في المورد الذي لا يمكن فيه الجزم هنا لا يشترطه في المقام الفرض هكذا، أو لا أقل أحد فرضي المسألة أنه لا يعلم بوظيفته الواقعية هل هي القصر أو هي التمام أو من ترددت عنده جهة القبلة لا يدري لأي الجوانب الأربعة هي، دار الأمر بين الأربع جهات، الفرض أنه غير متمكن من تحصيل ذلك، أو لا أقل نقول أحد الفرضين فرض يتمكن وفرض لا يتمكن، فبالنسبة إلى الفرض الذي لا يتمكن فيه من تحديد جهة القبلة وظيفته أن يصلي إلى أربع الجهات، في مثل هذا الفرض عندما صلى إلى جهة واحدة وليس من عزمه أن يصلي إلى الجهات البقية وانكشف الواقع هنا لا يمكنه الجزم بالنية في مثل هذا الفرض حتى لو أراد في حالة الإرادة أراد أن يأتي بالصلاة إلى الجهات الأربعة هنا لا يكون جازما بالنية بمعنى إذا صلى إلى جهة الغرب هنا يأتي رجاء أن يكون موافقا للواقع ثم إذا صلى إلى جهة الشرق أيضا رجاء أن يكون موافقا للواقع وهكذا الشمال والجنوب، إذاً لا يوجد عنده جزم بالنية حتى لو قصد وعزم على الإتيان ببقية المحتملات، فإذاً لا يعقل أن يكون مراد الشيخ هو عدم الجزم في النية يعني لا يعقل أنه إنما اتخذ هذا الرأي وهو بطلان الصلاة أو عدم الاجتزاء بها لأنه غير جازم في النية لأن الجزم في الأمرين يعني في حالة عزمه بالإتيان بجميع المحتملات وفي حالة على عدم الإتيان ببقية المحتملات لا يكون عنده جزم بالنية، إذاً البطلان وعدمه منشؤه شيء آخر.

والأقرب أن يكون منشؤه هو عدم تحقق قصد التقرب، بما أن الأمر عبادي قلنا يشترط فيه قصد التقرب، المكلف عندما لم يكن من عزمه أن يأتي بجميع المحتملات نقول: لم يتحقق منه قصد التقرب عندما يأتي بالصلاة لجهة واحدة ويكون عازما على عدم الإتيان بالباقي، لعل الشيخ عندما ذهب إلى المطلب من هذه الجهة لا من جهة الجزم بالنية، حتى نقول الجزم بالنية غير مشترط أصلا.

وعلى كل تقدير نقول بأنه إذا فرض تحقق قصد التقرب منه وأتى ببعض المحتملات أتى بالصلاة قصرا أتى بالصلاة إلى جهة الغرب وكان من عزمه ألا يأتي بالباقي ثم انكشف له موافقة الواقع هنا يجزيه، أتى بما يطابق الواقع وتحقق منه قصد التقرب ولا يشترط قصد الجزم بالنية أصلا هنا فرض الكلام غير ممكن، فعليه لا وجه لعدم الإجزاء، نقول بأن ما أتى به مجزياً ولا وجه لعدم إجزاءه.

من هذا يأتي لنا بحث آخر أو مسألة أخرى لها ارتباط بذلك وهو في الموارد التي يشترط من حيث العلم الإجمالي أن يأتي بأكثر من محتمل هل في مثل الموارد المترتبة يعني في صلاة الظهرين دار الأمر بين القصر والتمام أو دار الأمر بين الجهات الأربع في القبلة هل هنا يشترط أن يصلي مثلا في المثال الأول الظهر قصرا والظهر تماما ثم يصلي العصر قصرا وتماما هل يشترط ذلك، أو لا، يمكنه أن يصلي الظهر قصرا ثم العصر قصرا ثم يصلي الظهر تماما ثم يصلي العصر تماما هذه المسألة أيضا تتضح مما تقدم يعني لا يشترط أن يأتي بجميع المحتملات في الأول ثم يأتي بجميع المحتملات في الثاني، يعني لا يشترط أن يصلي الظهر تماما وقصرا أولا ثم يصلي العصر تماما وقصرا، يعني لا يشترط ان يفرغ ذمته يقينا من الظهر ثم يأتي للعصر لا يشترط ذلك، الذي يشترط ملاحظة الترتيب فقط بمعنى إذا صلي الظهر قصرا وأراد أن يصلي العصر قصرا لا محذور فيه وما يوافق الواقع ثم يصلي الظهر تماما، أما يصلي الظهر قصرا ثم يصلي العصر تماما هنا نقول غير جائر، لماذا؟ لأن صلاة العصر مترتبة على صلاة الظهر فإذا أتى بصلاة الظهر قصرا وأتى بصلاة العصر تماما ربما في الواقع المطلوب عليه الصلاة تماما وهو لم يصلي الظهر ولم يؤدي الوظيفة الواقعية، فعليه نقول: إما أن تصلي الظهر تماما وقصرا ثم تذهب إلى العصر أو تصلي الظهر تماما وتصلي العصر تماما أو تصلي الظهر قصرا تصلي العصر قصرا ثم تنتقل إلى الوظيفة الثانية، هنا حتى يحرز الامتثال فعليه: نقول هنا باعتبار الترتب يشترط ذلك وإلا لو أتى ببعض المحتملات وصادف الواقع يكون مجزيا وكافيا، نعم الكلام بما أنه أمر تعبدي لا بد من إحراز قصد التقرب، هذا تمام الكلام في التنبيه الثالث.

التنبيه الرابع: وهو من التنبيهات المهمة وما أفاده السيد الخوئي في المصباح في التنبيه الرابع لا يخلو من تشويش وكأنه صار خلط بين بعض المطالب، يعني الكلام يفترض أن يقع في انحلال العلم الإجمالي، هل يتحقق الانحلال بقيام الأصل في أحد الطرفين مثلا أو قيام الأمارة على أحد الطرفين مثلا أو من هذا القبيل، السيد ذكر أربعة أمثلة ومثلا حتى نوضح ولكن المطلب نذكره بصورة أخرى، مثال أنه علم إجمالا بنجاسة أحد الإناءين مثلا واضطر لشرب لأحد الإناءين هل ينحل العلم الإجمالي ونجري البراءة في الإناء الثاني أو لا؟ مقتضى العلم الإجمالي أساسا لما علم إجمالا بنجاسة أحد الاناءين هو تنجز العلم وتركهما معا، الآن اضطر إلى شرب أحدهما أو مثلا في الثوبين اضطر إلى لبس أحدهما في الصلاة بالنسبة إلى الثاني هل يجري فيه البراءة أو الطهارة أو لا؟ هذا المثال في الاضطرار أيضا مثال آخر ذكره في الخروج عن محل الابتلاء علم إجمالا بنجاسة أحد الإناءين ولكن أحد الاناءين خرج عن محل ابتلائه، بالنسبة إلى الإناء الذي لازال تحت ابتلائه هل يجري فيه أصالة الطهارة أو لا؟ وهكذا أيضا إذا يوجد أصل في أحد الطرفين يعني علم بنجاسة أحد الإناءين ولكن كان يعلم بأن الإناء المعين قامت الأمارة على نجاسته أو الاستصحاب قائم على نجاسته هل الطرف الآخر تجري فيه أصالة الطهارة أو لا؟ وهكذا.هنا الملاحظ أنه عندنا تنبيهات سيأتيان تنبيه إذا كان أحد الطرفين خارج عن محل الابتلاء هل يوجب الانحلال أو لا؟عندنا أيضا تنبيه مفصل إذا اضطر إلى ارتكاب أحد الإناءين هل ينحل العلم الإجمالي أو لا ينحل؟إذاً هنا في هذا التنبيه لا ينبغي ذكر ما إذا اضطر إلى أحدهما أو ما إذا خرج أحدهما عن محل الابتلاء وأن خروجه أو اضطراره كان قبل العلم الإجمالي وانعقاده أو بعد العلم الإجمالي وانعقاده لأن هذا سيأتي البحث فيه، إذا الآن نحن نحرر البحث بصورة أخرى غير ما أفاده السيد (قده) وهو أن نعنون هذا التنبيه بانحلال العلم الإجمالي هل ينحل ومتى ينحل العلم الإجمالي، وقبل الدخول في هذا التنبيه لا بد أن نذكر تمهيد سبق أن بينا بعضه.التمهيد يقع في نقطتين:

النقطة الأولى: أن جريان الأصل أي أصل كان يتوقف على وجود ثمرة عليه، إذا لم توجد فيه ثمرة لا معنى لجريان الأصل، الشارع عندما يريد أن يعبدنا بالأصل أو بمقتضى الأصل أو مؤداه لا بد أن تكون له ثمرة وإلا لا يعبدنا به الشارع، إذا تريد أن تجري أصالة الطهارة في مورد لا بد أن يكون له ثمرة، الآن نفرض نجري أصالة الطهارة في الماء الذي كان موجودا والآن صب على الأرض هذا لا ثمرة له، أجري استصحاب أيضا لا بد من وجود ثمرة بدون الثمرة لا معنى لجريان الأصل هذه قاعدة عامة ونستفيد منها في أثناء البحث هذه النقطة الأولى.

النقطة الثانية: قبل أن نعلم انحلال العلم الإجمالي لا بد أن نعرف أركان منجزية العلم الإجمالي إذا تمت هذه الأركان يتنجز العلم الإجمالي وإذا انخرم أحذ الأركان ينحل العلم الإجمالي، المذكور عندنا أربعة أركان لمنجزية العلم الإجمالي.

الركن الأول: العلم بالجامع بجامع التكليف مثلا أعلم بوجود أحد الأمرين أعلم بهذا الجامع أعلم بحرمة أحد الأمرين في الأحكان التكليفية وفي الأحكام الوضعية أعلم بنجاسة أحد الإناءين أو الثوبين، فالعلم في العلم الإجمالي يتعلق بالجامع وذكرنا سابقا في البحث في تحليل العلم الإجمالي ولكن الآن لبيان هذه الجهة ولا بد أن يتعلق بالجامع بمعنى أن لا يتعدى العلم من الجامع إلى الفرد، إذا علمت بالفرد يعني الآن علم تفصيلي صار وليس إجماليا، يعني بدل أن تقول علمت بنجاسة أحد الثوبين تقول علمت بنجاسة الثوب الأبيض الأول مثلا، هنا صار علم تفصيليا وليس إجماليا، إذاً حتى ينعقد علم إجمالي لا بد أن يتعلق بالجامع سواء كان حكما وضعيا أم تكليفيا.

هنا أيضا لا نفرق بين العلم أن يكون علم وجداني أو تعبدي بمعنى تارة أنا أعلم بنجاسة أحد الإناءين ورأيت قطرة الدم تقع في أحد الإناءين هذا علم وجداني، وتارة البينة تقول أحد الإناءين نجس هذا علم تعبدي وليس وجدانيا، هنا في المقام لا فرق بين العلم الوجداني أو التعبدي.

الركن الثاني: هذا قد يتضح من الأول ولكن لتوضيحه أكثر، وقوف العلم على الجامع وعدم سرايته للفرد والركن الأول حتى نصيغه بما يخالف الثاني نقول العلم بجامع التكليف هذا المطلوب، ثم الركن الثاني وقوف العلم على الجامع وعدم تعديه وسرايته إلى الفرد كما أوضحنا وإلا صار علما تفصيليا وليس علما إجمالياً.

الركن الثالث: أن يكون كل طرف من أطراف العلم الإجمالي مشمولا لدليل البراءة مثلا الدليل المرخص مع غض النظر عن التعارض الذي سببه العلم يعني الإناء الأول لو خلي ونفسه يكون مجرا للطهارة والناء الثاني لو خلي ونفسه يكون مجرا للطهارة، الآن لما وجد علما إجماليا صار معارضة، بغض النظر عن المعارضة نقول كل طرف طرف من أطراف العلم الإجمالي مجرا للأصل المرخص، لو أحدهما لم يكن مجرا للدليل المرخص الأصل المرخص هنا أيضا لا يتنجز العلم وإنما ينحل العلم يعني أحد الإناءين كنت أعلم بنجاسته الأصل المرخص يجري في الطرف الثاني الطرف الأول الذي تعلم بنجاسته لا تقول أجري فيه أصالة الطهارة، في مثل هذا المورد أقول علمت بنجاسة أحد الإناءين وهذا الإناء المعين أعلم بنجاسته السابقة غير هذه النجاسة الحادثة هنا لما آتي كل طرف طرف ليس مشمولا لدليل الطهارة هذا الطرف مشمول لدليل الطهارة الطرف الثاني غير مشمول لأصل الطهارة فعليه العلم الإجمالي لا يتنجز، فإذاً حتى يتنجز العلم لا بد أن يكون كل طرف من أطراف العلم الإجمالي مشمولا للأصل المرخص في نفسه مع غض النظر عن العلم الإجمالي وعن المعارضة.

الركن الرابع: أن يكون جريان البراءة في أطراف العلم الإجمالي مؤديا إلى الترخيص في المخالفة القطعية يعني إذا أجريت الأصل المرخص في الطرفين فيلزم منه المخالفة القطعية ويمكن أن تقع المخالفة القطعية، في مثل الفرض الذي فرضناه علمت إجمالا بنجاسة أحد الإناءين لما أجريت أصالة الطهارة في الإناء الأول وشربت منه وأجريت أصالة الطهارة في الإناء الثاني وشربت منه وقعت المخالفة القطعية، وفي الثوبين إذا علمت بنجاسة أحدهما إذا أجريت أصالة الطهارة في الثوب الأول وصليت به وأجريت أصالة الطهارة في الثوب الثاني وصليت به هنا علمت بالمخالفة القطعية، إذاً يشترط في تنجز العلم الإجمالي أنه إذا أجرينا الأصول المرخصة في أطرافه يلزم من ذلك الوقوع في المخالفة القطعية.

إذا تمت هذه الأركان الأربعة هنا يتنجز العلم الإجمالي وإذا انخرمت أو انخرم أحد هذه الأركان الأربعة هنا ينحل العلم الإجمالي، على أساس ذلك ندخل في بحث انحلال العلم الإجمالي ويأتي الكلام فيه.

 

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo