< فهرست دروس

الأستاذ الشيخ نزار آل سنبل

بحث الأصول

41/03/22

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: - تنبيهات الاشتغال.

انحلال العلم الإجمالي:تكملة القول الثاني:تقدم الكلام عندنا فيما ذكره السيد الخوئي سواء في هذا المطلب أو في مسألة ملاقاة أحد أطراف الشبهة، والمهم فعلا الآن أن نتعرض لما ذكره هناك في أحد أطراف الشبهة ولكن بالنسبة إلى تطبيقه على الملاقاة هذا يأتي الكلام فيه هناك بحث مفصل ومهم، الآن نذكر هذا الأمر.أن السيد الخوئي على ما فهمه السيد الصدر أن المدار في تنجيز العلم الإجمالي على أسبقية العلم من حيث العلم لا من جهة المعلوم يعني من جهة الكاشف لا من جهة المنكشف، فلهذا إذا وجد عندنا علمان إجماليان يشتركان في طرف فإذا كان أحدهما أسبق من الآخر علما يكون هو المقدم ويوجب انحلال العلم الثاني، سواء كان المعلوم بالإجمال سابقا أو كان مقترنا هذه الجهة لا تؤثر في أساس المطلب، إما باعتبار تنجيز العلم من الأول أو باعتبار أن جريان الأصول في الأطراف بالنسبة إلى العلم الأول تتعارض ولا تجري وبالنسبة إلى الثاني يجري الأصل المؤمن بلا معارض لفرض أن الطرف المشترك لا يجري فيه الأصل فلا يعارض الطرف الآخر فبحسب المثال الطرف (ب) هو طرف مشترك بين العلم الإجمالي الأول القائم على نجاسة (أ) أو (ب) أو العلم الإجمالي الثاني القائم على نجاسة (ب) أو (ج) هذا الطرف المشترك بعد جريان الأصول بالنسبة إلى العلم الأول وتعارض الأصول وتساقطها (ب) لا يجري فيه الأصل فعلا (ج) يجري فيه بلا إشكال، هذا التقريب الذي ذكره وبيناه عن السيد الصدر.وهنا إضافة وملاحظة مهمة وهي نكتة في الأساس لسر عدم تقديم المعلوم بالإجمال يعني أن يكون الميزان هو تقديم الأسبق علما لا معلوما، وهذه النكتة هي: أن التنجيز من آثار العلم بالنجاسة لا من آثار وجودها الواقعي، لتوضيح هذه الجهة: عندنا حكم عقلي وهو التنجيز هذا التنجيز الحكم العقلي هل هو من آثار النجاسة الواقعية أو هو من آثار العلم بالنجاسة يقول هو من آثار العلم بالنجاسة وليس من آثار النجاسة، من آثار النجاسة ما يترتب عليها من احكام شرعية أما التنجيز فهو كحكم عقلي يترتب على العلم وليس على النجاسة الواقعية، على هذا لما يكون العلم الثاني متعلقه المعلوم متقدم كما مثلنا سابقا علمت أولاً يوم الخميس بنجاسة الإناء (أ) أو (ب) ثم يوم الجمعة علمت بنجاسة (ب) أو (ج) يوم الأربعاء فالمعلوم بالإجمال يوم الأربعاء، التنجيز من آثار العلم والعلم حصل يوم الجمعة وليس من آثار النجاسة الواقعية يوم الأربعاء فعليه يقول: إن العلم الإجمالي الأول يتنجز وتسقط فيه الأصول والعلم الإجمالي الثاني ينحل، ولا عبرة بكون متعلقه المعلوم بالإجمال من يوم الأربعاء، هذه نكتة مهمة أيضا في كلام السيد الخوئي.السيد الصدر أشكل على السيد الخوئي بما مفاده: ذكر أولاً ما يصلح أن يكون قاعدة ورتب عليها الإشكال القاعدة التي ذكرها هي أن العلم الإجمالي لا يوجب التنجيز على القول بالعلية أو لا يوجب تعارض الأصول في الأطراف على القول بالاقتضاء في أي زمان إلا بوجوده الفعلي في ذلك الزمان لا بمجرد حدوثه في زمان سابق سوء قلنا بالعلية أو بالاقتضاء، إذا قلنا بالعلية نتكلم عن التنجيز ابتداء وإذا قلنا بالاقتضاء نتكلم عن جريان الأصول، ولهذا لو فرضنا زال، كنا نتخيل أنه نجس الآن زال هذا العلم ارتفع التنجيز لأن المدار ليس على الحدوث وإنما المدار في كل زمان على وجوده الفعلي، على هذا الآن إذا عرفنا هذه القاعدة نرتب الكلام فيما يخص البحث.بالنسبة إلى الطرف المشترك هنا يتنجز بالعلم السابق الطرف المشترك (ب) وهو قد تنجز فيه العلم السابق بوجوده الفعلي لا بحدوثه أي ببقائه العلم الإجمالي ينجز ببقائه إلى هذا الزمان ومعنى ذلك: أن الطرف المشترك في النتيجة أنه متنجز بسببين: السبب الأول هو العلم الإجمالي الأول والسبب الثاني هو العلم الإجمالي الثاني، لأن العلم الإجمالي لا ينجز بمجرد حدوثه كما ذكرنا في القاعدة وإنما ينجز بوجوده الفعلي فالعلم الإجمالي الأول على رأي السيد الخوئي هو المنجز المدار على العلم فالعلم الإجمالي الأول هو المنجز لأنه موجود فعلا، الفرض أن يوم الخميس علمت بنجاسة (أ) أو (ب) ويوم الجمعة علمت بنجاسة (ب) أو (ج) يوم الأربعاء، الآن السيد الخوئي يقول العلم الإجمالي الأول الذي حصل يوم الخميس منجز للطرف (ب) ولهذا قال العلم الثاني لا ينجز وذلك لأن العلم الإجمالي الأول منجز، وكان منجزا ببقائه لا بمجرد حدوثه، لو ارتفعت أرتفع، فهو نجز ببقائه وبما أنه كذلك فيفترض أن يكون العلم الإجمالي الأول موجود فعلا حتى ينجز، والآن وجد عندي علم إجمالي جديد وهو يقتضي أن ينجز ولا يقتضي أن ينحل بالأول بمعنى أنه أصبح عندنا في الطرف (ب) سببان للتنجيز السبب الأول هو العلم الإجمالي الأول والسبب الثاني هو العلم الإجمالي الثاني، فمقتضاه التنجيز لا الانحلال، أيضا إذا لا حظنا الأصل المؤمن في الطرف المشترك، أصالة الطهارة في (ب) هذا يقتضي الجريان في كل آن ويمنع من جريانه وجود المعارض في يوم الخميس كان يعارضه أصل واحد وهو أصالة الطهارة الجارية في الإناء (أ) عارضت أصالة الطهارة في الإناء (ب) وفي يوم الجمعة أصالة الطهارة في الإناء (ب) عارضه أصلان أصالة الطهارة في الإناء (أ) وأصالة الطهارة في الإناء (ج)، فالأصول لم تجر لوجود المعارض، لأن الأصل حتى يجري لا بد أن يكون اقتضاء الجريان فيه في كل آن، إذا وجد المعارض نرفع اليد عنه، المعارض وجد في اليوم الأول معارض واحد وهو (أ) وفي اليوم الثاني وجد له معارض ثاني وهو أصالة الطهارة في (ج). النتيجة إذاً السيد الصدر يقول إن مقتضى القاعدة التي ذكرناها أولاً أن العلم الإجمالي لا يوجب التنجيز أو لا يوجب تعارض الأصول في الأطراف في أي زمان إلا بوجوده الفعلي لا بحدوثه مقتضاه أن يتنجز كلا العلمين ولا يجري الأصل المؤمن في جميع الأطراف الثلاثة، ولا نقول بالانحلال فيكون عندنا قول ثالث، القول الأول للمحقق النائيني بالانحلال ولكن بتقديم الأسبقية في المعلوم، والقول الثاني بتقديم الأسبقية في العلم والقول الثالث عدم الانحلال في مثل هذا الفرض، هذه الأقوال الثلاثة مع بيانها.هنا الذي ينبغي الذي يرد على السيد الصدر حسب ما أوضحناه سابقا وهو: أن التنجيز في حد نفسه أمر غير قابل للتكرار، والتنجيز هو وصول التكليف إلى المكلف بحيث يوجب استحقاق العقوبة على تركه، هذا المعنى لا يقبل التكرار حتى نلاحظه حدوثا وبقاءً وليس هو كالنار بالنسبة للحرارة، في التنجيز وجد العلم ووصل التكليف يتنجز إلى الأبد ما لم يرفعه رافع أو يمنع منه مانع، إذا رفعه رافع نقول انتهى فلا يوجد علم بالتكليف أما أن نقول إذا وجد علم ثاني اشترك معه في التنجيز هذا لا معنى له، كما قلنا سابقا، سقطت قطرة الدم في الماء وتنجس وعلمت بذلك بعد ساعة سقطت قطرة ثانية في الماء نقول هل تنجس بنجاسة جديدة؟ أو هل اشتركت القطرة الثانية مع الأولى في التنجس؟ أو نقول الماء تنجس وانتهى فلهذا في هذه النقطة لا نتصور أن يكون العلم الإجمالي الأول علة محدثة والعلم الإجمالي الثاني اشترك مع العلم الإجمالي الأول في البقاء، لا نقول بهذا فإن العلم الإجمالي الثاني لم يأتِ بتكليف جديد أبداً والأمر كما كان عليه.لكن ينبغي أن يرد على السيد الخوئي: أنه على فرض أن هذا المطلب لا يفرق فيه بين ما نحن فيه وبين ما يأتي في الملاقي لأحد أطراف الشبهة على فرض عدم التفريق بينهما نقول إن العلم الإجمالي الثاني كشف عن عدم كون العلم السابق علما بتكليف فعلي على كل تقدير، منجزية العلم تتوقف على أن يكون علم بالتكليف الفعلي، والآن في المثال علمنا أولا بنجاسة (أ) أو (ب) يوم الخميس ولما قام عندي علم إجمالي يوم الجمعة ومتعلقه أن يوم الأربعاء كان (ب) أو (ج) نجس هذا كشف عن أن العلم الأول الذي حصل يوم الخميس ليس تكليفا فعليا على كل تقدير، بل لما علمت بالعلم الثاني انكشف عندي أن العلم الثاني إن كانت النجاسة واقعة في (أ) فقد تنجز وإن كانت النجاسة واقعة في (ب) لم يتنجز، فإذاً العلم الأول ليس علما بالتكليف على كل تقدير وإنما هو علم بالتكليف على تقدير دون تقدير، والميزان كما أشار المحقق النائيني في أحد البنائين الذين بنى عليهما الكلام أنه الميزان أن يكون في التنجيز العلم الإجمالي فعليا على كل تقدير، وإذا كان على تقدير فعلي وعلى تقدير غير فعلي فالعلم الإجمالي لا يتنجز ويتنحل، هذه النقطة كشف عن كون العلم الإجمالي الأول فعليا على كل تقدير، ولا نقول بأن المنجزية من آثار العلم وليست من آثار الوجود الخارجي، نقول قبل يوم الجمعة ما عندي تنجيز للنجاسة يوم الأربعاء في احد الإناءين، فالمنجزية حدوثها متوقف على العلم وهي وصول التكليف، لكن وظيفة هذا العلم أنها كشفت عن أن العلم الأول ليس فعليا على كل تقدير، يعني خلخلت أركان التنجيز فيه فلهذا انحل، نظير العلم التفصيلي يعني لو فرضنا يوم الجمعة علمت تفصيلا بنجاسة إناء وأن ذلك الإناء كنت أشك أنه نجس أو لا فبنيت على أصالة الطهارة وتوضأت منه وصليت به، الآن العلم يوم الجمعة تقول أنه لم ينجز عليك من يوم الأربعاء بمعنى أنه لا أعاقب فهذا صحيح ولكن هل معناه أنه لا أرتب الآثار يعني أبني على صحة وضوئي وصحة صلاتي وعلى طهارة أعضاء وضوئي، لا، فالعلم التفصيلي يوم الجمعة كشف عن ترتب تلك الآثار من حينها لا من حين العلم بل من حين النجاسة الخارجية، لامست النجس فتنجست يدي وتوضأت به فوضوئي باطل وصلاتي باطلة فتترتب الآثار، فالعلم التفصيلي كشف عن أن ما أتيت به ليس صحيحا، هنا نفس الكلام فالعلم الإجمالي الثاني كشف عن أن العلم الإجمالي الأول لم يكن فعليا على كل تقدير، فعليه ينحل ولا يتنجز.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo