< فهرست دروس

الأستاذ الشيخ نزار آل سنبل

بحث الأصول

41/06/24

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: - دوران الأمر بين الأقل والأكثر الارتباطيين:

فرغنا عن تنبيه ملاقي أحد أطراف الشبهة بتفاصيله وبالفراغ من هذا التنبيه ننتهي من البحث في دوران الأمر بين المتباينين، واتضح عندنا مما سبق أنه تارة يكون الشك في التكليف وهذا مجرى للبراءة على ما عليه رأي الأصوليين، وتارة يكون الشك في المكلف به بعد العلم بالتكليف، وهنا يكون مجرى للاشتغال يعني يوجد عندنا علم إجمالي ويكون هذا العلم منجزاً، وهذا الذي دارت الأبحاث عليه في دوران الأمر بين المتباينين وأيضاً في التنبيهات الملحقة به.الكلام الآن يقع في دوران الأمر بين الأقل والأكثر الارتباطيين، والبحث فيه في الواقع هو بحث صغروي، يعني بعد أن علمنا بأن الشك في التكليف مجرى للبراءة كبروياً وأن الشك في المكلف به مجرى للاشتغال فهل في حالة دوران الأمر بين الأقل والأكثر الارتباطيين هل هو صغرى للشك في التكليف حتى يكون مجرى للبراءة أو هو صغرى للشك في المكلف به فيكون مجرى للاشتغال؟ باعتبار أنه في دوران الأمر بين الأقل والأكثر الارتباطيين يوجد عندنا قدر متيقن من التكليف وعندنا جزء أو شيء مشكوك في، الآن مثلاً فقط للتوضيح، إذا دار الأمر بين أن تكون أجزاء الصلاة عشرة وبين أن تكون تسعة، عندي قدر متيقن وهو وجوب التسعة الأجزاء وعندي شك في وجوب الجزء العاشر، هذا من جهة، وهذه الجهة قد تقتضي أن نقول: عندي شك في التكليف بالنسبة إلى الجزء العاشر، وبالنسبة إلى الأجزاء التسعة عندي علم تفصيلي بالوجوب وبالنسبة إلى الجزء العاشر عندي شك في التكليف، وبما أنه ذكرنا أن الشك في التكليف مجرى للبراءة فتجري البراءة في الجزء الزائد.

ويمكن أن نلاحظه بملاحظة أخرى: فنقول: إن عندنا هنا تكليف واحد تعلق بالصلاة ولكن هل هو تعلق بالأقل أو تعلق بالأكثر؟ لا نعلم، فيكون عندي شك في المكلف به، التكليف مُحرز وهو وجوب الصلاة والمكلف به ما هو؟ الأقل أو الأكثر؟ مقتضى ذلك هو الاشتغال لأنه شك في المكلف به.

فإذاً البحث يدور على أساس هذه الجهة، هل أنه صغرى للشك في التكليف أو هو صغرى للشك في المكلف به حتى نحكم بالبراءة أو نحكم بالاشتغال، إذا اتضح هذا نذكر أولاً ما ذكره السيد الخوئي (ره) في بيان تحرير للبحث والدخول في البحث فلعله هو كما هي عادته أجاد في بيان الدخول في البحث وتسلسل البحث.قال السيد الخوئي (ره): الكلام هنا يقتضي التكلم في مقامين:

المقام الأول: في دوران الأمر بين الأقل والأكثر في الأجزاء الخارجية.

المقام الثاني: في دوران الأمر بين الأقل والأكثر في الأجزاء التحليلية.

الأجزاء الخارجية مثلما مثلنا بأنه يدور الأمر بين تسعة أجزاء أو عشرة أجزاء بالنسبة إلى الصلاة، والأجزاء التحليلية مثل دوران الأمر بين الإطلاق والتقييد والتقييد يكون خصوصية زائدة، إذا قلنا إطلاق يمكن أن ينطبق على الأقل إذا قلنا تقييد التقييد خصوصية زائدة، ومن الأجزاء التحليلية وإن كان هو خارج عن البحث الأصولي دوران الأمر بين الجنس والفصل باعتبار أن الجنس والفصل كما هو معلوم أنها من الأجزاء التحليلية للنوع فالنوع الإنسان مثلاً يتجزأ بالأجزاء التحليلية إلى جنس وفصل، إذاً الكلام يقع في هذين المقامين.

أما المقام الأول: وهو دوران الأمر بين الأقل والأكثر في الأجزاء الخارجية، فهنا محل خلاف بينهم، الأقوال الموجودة ثلاثة أقوال:

القول الأول: بأن هذا المورد مورد لجريان أصل البراءة العقلية والنقلية وهذا ما اختاره الشيخ الأنصاري (قده).

القول الثاني: أنه ليس مورداً لا للبراءة العقلية ولا للبراءة الشرعية، يعني المورد هنا مورد اشتغال وليس مورداً للبراءة.

القول الثالث: هو التفصيل بين البراءة العقلية والبراءة الشرعية، يعني أن هذا المورد مجرى للبراءة الشرعية وليس مجرى للبراءة العقلية وهذا ما اختاره المحقق صاحب الكفاية وتبعه عليه المحقق النائيني (قده).

وأما بالنسبة إلى القول الأول: وهو ما اختاره الشيخ الأنصاري من أنه مجرى للبراءة العقلية والشرعية، هو الذي أيده أيضاً السيد الخوئي، هنا البحث طبعاً بما أنه الاختلاف في الأقوال بين أنه مجرى البراءة العقلية والشرعية أو الشرعية دون العقلية أو عدمها لهذا أوقع البحث في جهتين:

الجهة الأولى: في جريان البراءة العقلية وعدمه، يعني هناك الآن بالنسبة إلى جريان البراءة العقلية صار يوجد عندنا قولان، قول بالجريان وهو قول الشيخ الأنصاري وقول بعدم الجريان وهو قول الآخوند والنائيني ومن أنكر تلك البراءتين الشرعية والعقلية، فالجهة الأولى في جريان البراءة العقلية وعدمه.

الجهة الثانية: في جريان البراءة الشرعية وعدمه، على فرض أنه لم تجرِ البراءة العقلية فهنا نجري البراءة الشرعية ويتم الكلام أيضاً.

أما بالنسبة إلى جريان البراءة العقلية: فالوجه الذي ذكره الشيخ الأنصاري (قده) في الرسائل أن وجوب الأقل مردد بين النفسي والغيري أمر متيقن، إذ لو كان الأقل وجوبه نفسي يكون واجباً ولو كان وجوبه غيري أيضاً يكون واجباً، بيان هذه النقطة: هو أنه الشيخ الأنصاري يقول: بأن أجزاء الصلاة واجبة بالوجوب الغيري ومقدمة لتحقق الكل للمركب، الأمر تعلق بالصلاة بالمركب وتحقق هذا المركب يتم عن طريق الاتيان بجميع أجزاءه فإذاً الأجزاء تكون واجبة بالوجوب الغيري، إذا اتضحت هذه، الآن هنا في المقدمة يقول: بالنسبة إلى الأقل نقطع ونتيقن إما أنه واجب بالوجوب النفسي وإما أنه واجب بالوجوب الغيري، يعني إن كان المركب المطلوب هو التسعة أجزاء فهذا التسعة أجزاء واجبة بالوجوب النفسي يقيناً وإن كان الواجب المطلوب هي العشرة أجزاء فالتسعة أجزاء واجبة بالوجوب الغيري، فإذاً بالنسبة إلى التسعة أجزاء هي واجبة يقيناً ولكن ترددنا أن وجوبه بالوجوب النفسي أو أن وجوبه بالوجوب الغيري، فإذاً هذه النقطة المهمة في البحث وهو أن القدر المتيقن وهو الأقل هذا واجب بلا إشكال بنحو المطلق، هذه الواجبة بالوجوب النفسي أو الغيري.وجوب الأكثر يكون مشكوك فيه، هل أنه واجب أو ليس بواجب؟ أنا أشك فعلاً، وبما أنه أشك إذاً هذا الشك في التكليف وبما أنه في التكليف يأتي فيه قبح العقاب بلا بيان، فهذا الوجه إذاً يتوقف على بيان أمرين:

الأمر الأول: في اتصاف الأجزاء بالواجب الغيري، الآن كما ذكرنا بأن نظر الشيخ بأن الأجزاء واجبة بالوجوب الغيري، هل هذه الفكرة صحيحة، أن الأجزاء واجبة بالوجوب الغيري أو لا؟ لو لم يصح القول، لو قلنا بأن الأجزاء ليست واجبة بالوجوب الغيري هنا لم يكن الأقل متردداً عندنا يعني متيقن الوجوب ولكن نتردد هل وجوبه نفسه أو غيري؟ إذا هذه النقطة لا بد من إثباتها، إثبات أن الأجزاء واجبة بالنسبة للمركب مطلقاً أن الأجزاء واجبة بالوجوب الغيري فيكون عندنا وجوب متعلق بالكل وهذا وجوب نفسي ووجوبات غيرية متعلقة بالأجزاء بحسب عددها، إذا تمت هذه النقطة يمكن أن ننتقل إلى النقطة الثانية، فهذا الأمر الأول المهم في تحقيقه.

الأمر الثاني: هو كون العلم بالوجوب الجامع بين النفسي والغيري موجباً للانحلال، هنا عندنا يوجد علمان، علم إجمالي أن الأقل واجب زلكن هل هو واجب بالوجوب النفسي أو هو واجب بالوجوب الغيري، فعندي علم إجمالي بوجوبه، علم ثاني عندي علم بوجوب المتعلق الصلاة مثلاً المركب ولكن هل هذا المركب هو الأقل أو الأكثر، هذا العلم متعلقه الوجوب النفسي، أعلم أن هناك وجوباً نفسياً ولكن أتردد أنه متعلق بالأقل أو بالأكثر، هذه النقطة دخيلة في البحث، انحلال هذا العلم الثاني دخيل في البحث لأنه إذا لم ينحل، لأنه مورد من موارد الشك في المكلف به، علمت بوجوب المركب ولكن أتردد هل المركب هو الأقل أو هو الأكثر، مقتضى لو خلينا وهذا نقول حتى تفرغ ذمتك لا بد من الإتيان بالأكثر، هذا العلم الإجمالي حتى يصح كلام الشيخ لا بد أن نقول بأنه منحل بالعلم الإجمالي الأول وهو أنني أعلم بوجوب الأقل ولكن أتردد هل هو وجوب نفسي أو هو وجوب غيري، إذا بالانحلال يعني الآن لما علمت بالأقل هناك العلم الإجمالي سابق أنني بمركب هل هو الأقل أو هو الأكثر يرتفع لأن تيقنت الآن بالأقل، فإذا تيقنت بالأقل صار عندي علم تفصيلي بالأقل وشك بدوي في الأكثر فيصير انحلال، فإذاً كلام الشيخ يتوقف على بيان هذين الأمرين، الأمر الأول أن الأجزاء واجبة بالوجوب الغيري في جميع المركبات، الأمر الثاني أن علمنا بالمكلف به علمنا بالمركب المتردد بين الأقل والأكثر ينحل بعلمنا الثاني وهو علمنا بجوب الأقل يقيناً ولكن هل هو بالوجوب النفسي أو بالوجوب الغيري المهم نعلم يقيناً به، إذا انحل هذا العلم الإجمالي وقلنا هناك بأن الأجزاء واجبة بالوجوب الغيري يأتي كلام الشيخ أن الأقل قدر متيقن ونشك في الزائد ولكن في كلتا المقدمتين أو في كلا الأمرين مجال للمناقشة.

الأمر الأول: وهو هل أن الأجزاء واجبة بالوجوب الغيري أو لا؟ فهل تنطبق على الأجزاء قاعدة الغيرية أو لا تنطبق؟ بمعنى أنا في الوجوبات الغيرية مثلاً علمت بوجوب الحج الإتيان بالحج يتوقف على الذهاب إلى المشاعر وقطع الطريق إلى المشاعر، هنا نلاحظ الوجوب وهو ذو المقدمة شيء وهو نفس الحج ومناسك الحج والمقدمة شيء آخر مغاير له وهو قطع الطريق والسفر من بلدك إلى محل المشاعر، هذا غير الحج نقول: هذا يتوقف في وجوده على هذا فنسمي هذا واجباً بالوجوب الغيري إذا فرضنا تم الوجوب فنقول: قطع الطريق إلى مناسك الحج والسفر واجب بالوجوب الغيري، هذا الأمر فيه واضح يعني هناك تغاير بين المقدمة وذيها، وبالنسبة إلى الأجزاء والمركب لا يوجد تغاير، الجزء صحيح هو غير المركب فالجزء شيء والكل شيء آخر ولكن مجموعة الأجزاء هي نفس المركب، أجزاء الصلاة من تكبير وقراءة وركوع وسجود إلى السلام هذه أجزاء هي نفس المركب ليست شيئاً آخر، إذاً المركب لا يتوقف على الأجزاء توقف الغير على الغير توقف وجود على وجود آخر، والمفروض في المقدمية أن ذا المقدمة وجود مغاير للمقدمة، هذا المفترض، وفي الأجزاء والكل ليست كذلك ليس وجود الأجزاء مغايراً لوجود المركب، فعليه: لا نقول بأن الأجزاء واجبة بالوجوب الغيري، فإذا لا يكون ينتفي الأمر الأول والركن الأول في استدلال الشيخ، وهو أن الأقل نتيقن بوجوبه إما لكونه واجباً نفسياً وإما لكونه واجباً مقدمياً غيرياً إذا قلنا بأن الأجزاء لا تتصف بالوجوب الغيري إذاً ينتفي الركن هذا فينتفي الدليل.

وبالنسبة إلى الأمر الثاني: عندنا جامع بين النفسي والغيري، هذا الوجوب الجامع بين النفسي والغيري في الأقل، ونريد بواسطته أن نحل العلم بوجوب المركب المتردد بين الأقل والأكثر، هذا العلم الإجمالي الذي يوجب الانحلال إذا كان من سنخ العلم الأول الذي نريد انحلاله هذا يتم الانحلال ولكن إذا لم يكن من سنخه فلا، الإشكال يصير في الركن الثاني من هذه الجهة، هنا قلت علمي بوجوب الأقل متردد بين الوجوب النفسي والوجوب الغيري هذا الجامع بين أمرين متغايرين، الذي نريد أن نحله هو علمي بوجوب المركب علم نفسي يعني علمي بوجوب نفسي، أعلم بوجوب نفسي يتعلق بالمركب، هذا الوجوب النفسي متردد، هل متعلقه الأقل أو متعلقه الأكثر؟ هنا ربما يستشكل في هذه الجهة أن الانحلال لا بد وأن يكون بينهما سنخية أما مع الاختلاف فهذا الاختلاف لا يوجب الانحلال فعليه حتى لو علمنا بأن هذا القدر المتيقن الأقل واجب إما نفسي أو غيري لكن لا يفيدنا في رفع العلم الإجمالي الآخر وهو النفسي المتعلق بأحدهما إما الأقل أو الأكثر، فإذاً كلام الشيخ (قده) يبتني على أمرين كلا الأمرين محل إشكال، وللحديث بقية إن شاء الله تعالى.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo