< قائمة الدروس

الأستاذ السيد کمال الحيدري

بحث الفقه

32/05/06

بسم الله الرحمن الرحیم

في إمكان ثبوت ولاية الأمر الثابتة للمعصوم للفقيه الجامع للشرائط

 كان الكلام يدور في حديث الأمس حول الخمس في أرباح المكاسب وبينا أن الخمس الذي وضع في عهد الصادقين والذين بعده من الائمة إنما كان بحكم ولائي وهذا مما لا خلاف فيه, نعم قد يدعى الخلاف في ثبوت صلاحية التشريع للامام من النوع الثاني الثابت للرسول (ص) والذي هو جزء ثابت من الشريعة, علما بأن هناك روايات تدل على ثبوت هذه الصلاحية للامام لكن من يقول من العلماء بعدم ثبوت هذه الصلاحية يستدل بإعراض الاعلام عن الروايات التي نصت على ثبوت ذلك للامام. الا أننا نعتقد أن ما ثبت للرسول ثابت للامام الا ما خرج بالدليل.

 ومهم البحث هو: أن الخمس في أرباح المكاسب الثابت للامام بالحكم الولائي هل هو ثابت للفقيه الجامع للشرائط القائم مقام الامام أم لا؟

 الكلام في ذلك يقع في مقامين:

 الاول: هل للفقيه صلاحية يستطيع من خلالها التشريع وإعطاء الاحكام أم لا؟

 الثاني: حينما نفرض ثبوت الحكم الولائي له وأنه قد أعطي مثل تلك الصلاحية فما هي حدودها وضوابطها في عصر الغيبة؟

 والإجابة على هذين المقامين يتوقف على بيان بحثين مهمين هما:

 البحث الأول: بيان حقيقة الاتجاهات والمباني إزاء السعي لإقامة الحكم الاسلامي في عصر الغيبة, و لا يخفى وجود اتجاهين أساسيين في ذلك عند المدرسة الامامية هما:

 الأول: القائل بعدم جواز السعي لإقامة الحكومة الاسلامية, بل أن السعي لها حرام وغير جائزٍ في عصر الغيبة, واستدلوا على ذلك بروايات عدة بعضها صحيح السند تفيد بأن كل محاولة من هذا القبيل لا تنال الهدف والمبتغى, ولو فرضنا أنها وصلت الى مقصودها فأنها لا تزيد الشيعة الا مكروهاً, ومن أهم ما استدلوا به لذلك:

 الروايات الواردة في وسائل الشيعة, المجلد الخامس عشر ص50, باب حكم الخروج بالسيف قبل قيام القائم(عج) ومن أهم تلك الروايات:

 الأولى: (عن علي ابن الحسين(ع) قال: والله لا يخرج أحدٌ منّا قبل خروجه (عج) إلاّ كان مثله كمثل فرخٍ طار من وكره قبل أن يستوي جناحاه فأخذه الصبيان فعبثوا به).

 الثانية: (قال أبو عبد الله الصادق(ع): يا سدير إلزم بيتك وكن حلساً من أحلاسه واسكن ما سكن الليل والنهار فإذا بلغك أن السفياني قد خرج فارحل إلينا ولو على رجلك قال: يا ابن رسول الله أين نجد العافية أو الراحلة؟ قال: تسعة في اعتزال الناس وواحدة في الصمت), أي لابد من عدم الاختلاط وإن اضطررت لذلك فلابد من السكوت.

 الثالثة: ( عنه (ع) قال: كل راية ترفع قبل رايته (عج) فصاحبها طاغوتٌ يعبد من دون الله عز وجل).

 الرابعة: في خطبةٍ لأمير المؤمنين (ع) قال: ألزموا الأرض واصبروا على البلاء ولا تحركوا بأيديكم وبسيوفكم في هوا ألسنتكم ولا تستعجلوا بما لم يعجل الله لكم, فإنه من مات منكم على فراشه وهو على معرفة حق ربه).

 والظاهر شمول كل قيامٍ بهذه الروايات لا خصوص القيام بالسيف كما يدعي صاحب الوسائل بعنونته لهذه الروايات.

 الخامسة: (عن جابر ، عن أبي جعفر ( عليه السلام ) قال : إلزم الأرض ولا تحرك يدا ولا رجلا حتى ترى علامات اذكرها لك ، وما أراك تدركها : اختلاف بنى فلان ، ومناد ينادي من السماء ، ويجيئكم الصوت من ناحية دمشق . . .).

 السادسة: ما ورد في رياض السالكين لشرح الصحيفة السجادية قال: (ثم قال أبو عبد الله الصادق(ع) ما خرج ولا يخرج منّا أهل البيت إلى قيامه (عج) أحد ليدفع ظلماً أو ينعش حقاً إلا اصطلمته البلية وكان قيامه زيادةً في مكروهنا وشيعتنا).

 هذا هو رأي الاتجاه الاول الذي يرى بالاضافة الى ما قدمنا عدم التعامل مع أي اتجاه يسعى للإطاحة بالحكم الظالم والسعي لإقامة الدولة الاسلامية.

 الثاني: القائل بوجوب السعي لإقامة الحكومة الاسلامية ويوجد في هذا الاتجاه توجهين رئيسيين:

 أولاً: القائل بوجوب السعي لتحصيل كل المقدمات والظروف والشرائط التي تؤدي الى تحقيق الدولة الاسلامية ولو توقف ذلك على قوة السلاح, أي: مقدمات الحكومة الاسلامية هنا هي مقدمة واجب لا وجوب فلابد من السعي لتحصيلها.

 ومن أبرز الذاهبين لهذا الرأي الميرزا الشيخ جواد التبريزي(قدس) فنراه يقول في ص20 من كتاب إرشاد الطالب(و على ذلك فينبغي الكلام في موضعين الأول ما إذا تصدى أمر المسلمين من ليس أهلا له كما في غالب بلاد المسلمين في عصرنا الحاضر والثاني ما إذا أراد التصدي لأمور المسلمين من يكون صالحا للتصدى لتنظيم أمور هم و رعاية مصالحهم اما المقام الأول فما لا ينبغي الريب فيه ان الشارع لا يرضى بتصدي الظالم الفاسق لأمور المسلمين لا سيما إذا كان ذلك الظالم آلة بيد الكفار في تضعيف الإسلام و أهل الايمان و ترويج الفسق و الفجور ليلحق المسلمين و لو تدريجا بركب الكفار في رسومهم و عاداتهم و هدم ما أتعب النبي (ص) و الأئمة عليهم السلام و الصالحين و الشهداء من المسلمين في تشييد أركان الدين و تطبيق أحكامه على نظم بلادهم الى أن يقول: و اما إذا توقف ذلك على ارتكاب محرم في نفسه فلا بد من ملاحظة الأهمية بين المتزاحمين و لا ريب في ان الظالم المزبور‌ إذا كان بصدد هدم الحوزة الإسلامية و إذلال المؤمنين و ترويج الكفر و تسلط الكفار على المسلمين و بلادهم يكون على المسلمين أخذ القدرة من يده و إيكالها الى الصالح فإنه أهم و لو مع توقفه على بعض المحرمات بعنوانه الاولى حتى القتال مع العلم بالظفر و الاطمئنان بأخذ القدرة من يده كل ذلك تحفظا على الحوزة الإسلامية و دفاعا عن المسلمين و اعراضهم و بلادهم من دنس الكفر و الضلال و الفساد هذا كله بحسب الكبرى، و اما بحسب الصغرى فإن أحرز فقيه حال الظالم و انه بصدد إذلال المسلمين و تسليط الكفار عليهم و على بلادهم و الصدمة على أعراضهم و أموالهم و حكم بحكم على طبق إحرازه فنفوذ حكمه و ان كان مبنيا على نفوذ الحكم الابتدائي للفقيه العادل الا انه إذا اعتقد الناس به و حصل لهم الجزم بصحة إحرازه و لو مع القرائن يثبت الحكم المتقدم).

 ثانيا: القائل بعدم وجوب السعي لتهيئة مقدمات الحكومة الاسلامية بل هي من قبيل الاستطاعة للحج, أي مقدمات وجوب لا واجب فلا يجب السعي لتحصيلها, الا أن المقدمات لو حصلت بأي سبب كان لابد حينئذٍ من السعي لإقامة الحكومة الاسلامية.

 ولا يخفى أن هذه المسائل أصبحت من محل الابتلاء في عصرنا الحاضر فعلى الفرد أن يحدد الموقف في ذلك فإن كان مجتهدا فلابد أن يبين هل هو من القائلين بالاتجاه الاول أو الثاني وإن كان من الثاني فهل تحصيل مقدمات الحكومة الاسلامية عنده على نحو مقدمات الوجوب التي لا يجب تحصيلها أم على نحو مقدمات الواجب التي يجب السعي لتحصيلها.

 أما إذا كان مقلدا فلابد أن يرجع في تحديد ذلك الى المرجع الذي يقلده.

 والفقيه الذي يذهب الى الاتجاه الثاني ويعتقد أن المقدمات في ذلك على نحو مقدمات الواجب لابد له أن يبحث بدقة وعمق الخطوات التي سار عليها الائمة (ع) ليبلور بذلك نظرية متكاملة في الحكومة الاسلامية مبتنية على أسس وأركان رصينة.

 علما وعلى نحو الاجمال أننا من القائلين بالاتجاه الثاني وان المقدمات فيه على نحو مقدمات الواجب أما تفصيل الأدلة المعتمدة لدينا في ذلك موكول الى قادم الأيام إنشاء الله.

 البحث الثاني: لو فرضنا قيام الحكومة الاسلامية فهل يشترط أن يكون الحاكم هو الفقيه الجامع للشرائط والذي نعني به العالم بمعارف الدين كلها الشجاع ذات البصيرة العارف بزمانه الذي لا تلتبس عليه اللوابس أم يكفي في ذلك الشخص الأمين؟

 قد يقول قائل أن الشخص الأمين كافٍ لقيادة الأمة, الا أن ذلك لا يمكن الأخذ به؛ لأنه غير قادر على تطبيق الاحكام الاسلامية لعدم معرفته الكاملة والشاملة بذلك.

 أما الرأي الآخر فيشترط في ذلك الفقيه الجامع للشرائط أو من ينوب عنه؛ لأن هذه الصلاحية تحتاج الى إذن من صاحبها الاول الذي هو الله سبحانه والتي انتقلت من بعده للنبي (ص) ومنه للمعصومين(ع) ومنهم للفقيه المتصدي الجامع للشرائط.

 من هنا نتساءل ما هي الصلاحية التي ثبتت للفقيه القائم مقام الامام (ع)؟

 في المقام نظريات أربع هي:

 النظرية الأولى: القائلة بعدم وجود أي صلاحية للفقيه الجامع للشرائط, بل عدم ثبوت الولاية العامة والخاصة له, بل حتى القضاء لم يثبت له الا من باب الحسبة وذلك لرفع المخاصمات والمرافعات وهذا المعنى نجده واضحا جليا في تراث السيد الخوئي (ره) حيث نراه يقول في التنقيح باب الاجتهاد والتقليد ص419: (الولاية المطلقة للفقيه وتفصيل الكلام في ذلك أن ما يمكن الاستدلال به على الولاية المطلقة للفقيه في عصر الغيبة أمورٌ... الى أن يقول: و الجواب عن ذلك: أن الأمور المذكورة و إن كانت حتمية التحقق في الخارج و هي المعبر عنها بالأمور الحسبية، لأنها بمعنى الأمور القربية التي لا مناص من تحققها خارجا، كما أن الفقيه هو القدر المتيقن كما مر إلا أنه لا يستكشف بذلك أن الفقيه له الولاية المطلقة في عصر الغيبة، كالولاية الثابتة للنبي- ص- و الأئمة عليهم السلام. حتى يتمكن من التصرف في غير مورد الضرورة و عدم مساس الحاجة إلى وقوعها أو ينصب قيما أو متوليا من دون أن ينعزل عن القيمومة أو التولية بموت الفقيه، أو يحكم بثبوت الهلال أو غير ذلك من التصرفات المترتبة على الولاية المطلقة. بل إنما يستكشف بذلك نفوذ التصرفات المذكورة الصادرة عن الفقيه بنفسه أو بوكيله كما هو مفاد قوله- ع- في الصحيحة المتقدمة: إذا كان القيم مثلك (أو) مثل عبد الحميد فلا بأس.

 فإن تلك الأمور لا يمكن للشارع إهمالها كما لا يحتمل أن يرخص فيها لغير الفقيه دون الفقيه فيستنتج بذلك أن الفقيه هو القدر المتيقن في تلك التصرفات و أما الولاية فلا. أو لو عبرنا بالولاية فهي ولاية جزئية تثبت في مورد خاص اعني الأمور الحسبية التي لا بد من تحققها في الخارج و معناها نفوذ تصرفاته فيها بنفسه أو بوكيله).

 و من هنا يظهر أن الفقيه ليس له الحكم بثبوت الهلال و لا نصب القيم أو المتولي من دون انعزالهما بموته، لأن هذا كله من شئون الولاية المطلقة و قد عرفت عدم ثبوتها بدليل، و انما الثابت أن له التصرف في الأمور التي لا بد من تحققها في الخارج‌ بنفسه أو بوكيله و معه إذا نصب متوليا على الوقف أو قيما على الصغير فمرجعه إلى التصرف فيهما بالوكالة و لا كلام في أن الوكيل ينعزل بموت موكله و هو الفقيه في محل الكلام.

 فذلكة الكلام: أن الولاية لم تثبت للفقيه في عصر الغيبة بدليل و انما هي مختصة بالنبي و الأئمة عليهم السلام، بل الثابت حسب ما تستفاد من الروايات أمران: نفوذ قضائه و حجية فتواه، و ليس له التصرف في مال القصر أو غيره مما هو من شئون الولاية إلا في الأمر الحسبي فان الفقيه له الولاية في ذلك لا بالمعنى المدعى. بل بمعنى نفوذ تصرفاته بنفسه أو بوكيله و انعزال وكيله بموته و ذلك من باب الأخذ بالقدر المتيقن لعدم جواز التصرف في مال أحد إلا بإذنه، كما أن الأصل عدم نفوذ بيعه لمال القصر أو الغيب أو تزويجه في حق الصغير أو الصغيرة، إلا أنه لما كان من الأمور الحسبية و لم يكن بد من وقوعها في الخارج كشف ذلك كشفا قطعيا عن رضى المالك الحقيقي و هو اللّٰه- جلت عظمته- و أنه جعل ذلك التصرف نافذا حقيقة).

 وكذلك أشار(قدس) الى ذلك في مباني تكملة المنهاج الجزء الاول ص 244 بقوله: (يجوز للحاكم الجامع للشرائط إقامة الحدود على الأظهر هذا هو المعروف و المشهور بين الأصحاب، بل لم ينقل فيه خلاف إلّا ما حكي عن ظاهر ابني زهرة و إدريس من اختصاص ذلك بالإمام أو بمن نصّبه لذلك. و هو لم يثبت، و يظهر من المحقق في الشرائع و العلّامة في بعض كتبه التوقّف.

 و يدلّ على ما ذكرناه أمران:

 الأوّل: أنّ إقامة الحدود إنّما شرّعت للمصلحة العامّة و دفعاً للفساد و انتشار الفجور و الطغيان بين الناس، و هذا ينافي اختصاصه بزمان دون زمان، و ليس لحضور الإمام (عليه السلام) دخل في ذلك قطعاً، فالحكمة المقتضية لتشريع الحدود تقضي بإقامتها في زمان الغيبة كما تقضي بها زمان الحضور.

 الثاني: أنّ أدلّة الحدود كتاباً و سنّةً مطلقة و غير مقيّدة بزمان دون زمان، كقوله سبحانه {الزّٰانِيَةُ وَ الزّٰانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وٰاحِدٍ مِنْهُمٰا مِائَةَ جَلْدَةٍ} ، و قوله تعالىٰ {السّٰارِقُ وَ السّٰارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمٰا}. و هذه الأدلّة تدلّ على أنّه لا بدّ من إقامة الحدود، و لكنّها لا تدلّ على أنّ المتصدّي لإقامتها من هو، ومن الضروري أنّ ذلك لم يشرّع لكلّ فرد من أفراد المسلمين، فإنّه يوجب اختلال النظام، و أن لا يثبت حجر على حجر، بل يستفاد من عدّة روايات أنّه لا يجوز إقامة الحدّ لكلّ أحد‌) فيعتقد أن الفقيه أنما يقوم بذلك لا من باب إعطاء الولاية له بل من باب الأمور الحسبية.

 وأشار الى ذلك أيضا في مستند العروة الوثقى الجزء الثاني ص88 بقوله: ( وملخص الكلام في المقام أن إعطاء الإمام(ع) منصب القضاء للعلماء أو لغيرهم لم يثبت بأي دليل لفظي ليتمسك بإطلاقه نعم بما أنا نقطع بوجوبه الكفائي لتوقف حفظ النظام المادي والمعنوي عليه, ولولاه لاختلطت نظم الاجتماع لكثرة التنازع والترافع في الأموال وشبهها من الزواج والمواريث والقدر المتيقن ممن ثبت له الوجوب المزبور هو المجتهد الجامع للشرائط فلا جرم يقطع بكونه منصوباً من قبل الشارع أما غيره فلا, ومن هنا اعتبر ...).

 النظرية الثانية: وهي نظرية السيد الصدر (قدس) ومفادها: أن الشارع أعطى الولاية للفقيه الجامع للشرائط المتصدي في حدود منطقة الفراغ فقط, أي أن الولاية ثابتة في حدود المباحات بالمعنى الأعم فقط ولا يكون ذلك الا حين اقتضاء الضرورة إليها, ولا يستطيع الفقيه أن يغير الواجب الى غير واجب ولا الحرام الى غير الحرام.

 ونجد هذا البحث بصورة مفصلة في أواخر كتاب اقتصادنا فبعد أن يبين مبدأ تدخل الدولة وسبب وجود منطقة الفراغ وأنها ليس نقصا في التشريع يقول: (وعلى هذا الأساس وضع الإسلام منطقة الفراغ في الصورة التشريعية التي نظّم بها الحياة لتعكس العنصر المتحرك وتواكب تطور العلاقات بين الإنسان والدليل على إعطاء ولي الأمر صلاحية كهذه لملأ منطقة الفراغ هو النص القرآني وحدود منطقة الفراغ تضم إلى كل فعل مباحٍ تشريعياً بطبيعته -يعني بعنوانه الأولي- نعم يستطيع أن يوجبه لمصلحة أو يحرمه لمصلحةٍ أخرى).

 والحمد لله رب العالمين.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo