< قائمة الدروس

بحث الفقه الأستاذ مصطفی الأشرفي

34/01/24

بسم الله الرحمن الرحیم

المزارعة الفاسدة/اقتراض الحاکم علی الزکاة«الرابعة عشر في المزارعة الفاسدة الزكاة مع بلوغ النصاب على صاحب البذر‌ و في الصحيحة منها عليهما إذا بلغ نصيب كل منهما- و إن بلغ نصيب أحدهما دون الآخر فعليه فقط و إن لم يبلغ نصيب واحد منهما فلا يجب على واحد منهما و إن بلغ المجموع النصاب‌.»

حیث ان الزکاة واجبة علی مالک المال الذی بلغ حد النصاب دون من لم یکن مالکا ومن جانب آخر تسالم الاصحاب علی کون الزرع تابعا للبذر فی الملکیة و من جانب ثالث قد تقدم الکلام فی کون المدار فی وجوب الزکاة علی بلوغ ملک المال الی حد النصاب لکل مالک کما دلت علیه قوله علیه السلام فی صحیحة محمد بن قیس الواردة فی زکاة الانعام:

«لا یفرق بین مجتمع و لایجمع بین متفرق»(ب11من ابواب زکاة الانعام ح1)

و نظیره ما ورد من صحیحة زرارة فی زکاة الذهب و الفضة(ب5من ابوابهما ح2) فبملاحظة هذه الامور الثلاثة یتبین الحکم فی هذه المسالة فلا حاجة الی التوضیح.

« الخامسة عشر يجوز للحاكم الشرعي أن يقترض على الزكاة و يصرفه في بعض مصارفها‌ كما إذا كان هناك مفسدة لا يمكن دفعها إلا بصرف مال‌ و لم يكن عند ما يصرفه فيه أو كان فقير مضطر لا يمكنه إعانته و رفع اضطراره إلا بذلك أو ابن سبيل كذلك أو تعمير قنطرة أو مسجد أو نحو ذلك و كان لا يمكن تأخيره فحينئذ يستدين على الزكاة و يصرف و بعد حصولها يؤدي الدين منها...»

الاقتراض بقصد الاداء من الزکاة فی هذه المسالة یتصور علی وجوه اربعة:

الاول ان یقع الاقتراض علی نفس الزکاة بما هی مالیة اسلامیة فیصیر المدیون نفس الزکاة و قد صرح الماتن بهذا فی اول کلامه.

الثانی ان یقع الاقتراض علی ارباب الزکاة و مصارفها الثمانیة لا باشخاصها بل بعناوینها العامة من حیث انهم مصارفها فیکون المدیون ، العناوین الثمانیة و قد اشار بقوله:«مع انه فی الحقیقة راجع الی اشتغال ذمة ارباب الزکاة»

الثالث: ان یقع علی الحاکم الشرعی لا بشخصه بل بمنصبه و بما انه ولی الزکوات و المصارف فیصیر المدیون الحاکم الشرعی بعنوانه لا بشخصه و اشار الماتن الیه بقوله:«و یجوز ان یستدین علی نفسه من حیث ولایته علی الزکاة»

الرابع ان یقع فی بیت المال بما انه یحوی الزکوات و غیرها من الاموال فیکون المدین هو بیت المال و الماتن ذکر الثلاثة الاول و ارجع بعضها الی بعض و لم یشر الی الرابع و لو تم الاول لتم الرابع ایضا.

اما الاول فقد جعل الجواهر منه فی احتمال تقدیم الزکاة حیث صرح بانه قرض علی الزکاة و لاتکون ذمة الفقیر حینئذ مشغولة و یکون الدفع الیه کالصرف فی سبیل الله و صححه الحکیم فی المستمسک بقوله:«الظاهر عدم الاشکال فی ذلک اذ لا اشکال فی ان ولی الزکاة یستاجر لحفظها و جمعها و نقلها و رعیها و یشتری لعلفها و سقیها فتکون الاجرة او القیمة مستحقة علی الزکاة لا علی الوالی و لا علی غیره» و لا حاجة الی تقیید ذلک بفرض اضطرار الفقیر بل تکفی الحاجة العرفیة او وجود المصلحة و لعل ذکر شدة حاجة الفقیر لاجل استظهار الاستقراض علی الزکاة و الفرق بین هذا و بین قرض الفقیر المعین ثم احتساب الزکاة علیه بعد حلول الحول ان فی المقام لایسترجع الزکاة من الفقیر و ان صار غنیا عند حصول الزکاة بخلاف قرض الفقیر بنیة الاحتساب عند حلول الحول فانه یسترجع منه الزکاة او یجب اعادة الزکاة علی المعطی کما فی صحیحة الاحول:«فی رجل عجل زکاة ماله ثم ایسر المعطی قبل السنة، قال:یعید المعطی الزکاة»(ب50من المستحقین ح1) و قد شبه الماتن هذا النوع من القرض باقتراض متولی الموقوفة علی نمائها لاصلاح الموقوفة و تعمیرها و تحسین ثمرتها ثم اداء القرض من نمائها. و جعل بعض المعاصرین من هذا النمط استقراض البنوک بعضها من بعض او استقراض بعض الدول من بعض آخر مما هو متعارف فی عصرنا و لایبعد شمول اطلاق ادلة وجوب الوفاء بالعقود لمثل هذه العقود الحدیثة وان لم یکن متعارفا فی عصر التشریع.

و قد اورد علی هذا الوجه بوجوه: -الاول: ما صرح به الماتن بقوله:«و لایضر عدم کون الزکاة ذات ذمة تشتغل» و اجاب بقوله:«لان هذه الامور اعتباریة و العقلاء یصححون هذا الاعتبار» ثم جعل منه:«استدانة متولی الوقف لتعمیره» و قرره سیدنا الاستاد بقوله:«ضرورة ان الاستقراض من الامور الاعتباریة التی یمکن تعلقها بالمعدوم اذا وافقه الاعتبار العقلائی فضلا عما لا ذمة له فلیس المانع راجعا الی مقام الثبوت» و بهذا ظهر الجواب عن استبعاد کون الزکاة مدیونا عن ارتکاز العقلاء او وجود الفارق بین الوقف و المقام حیث ان عین الموقوفة موجودة دون الزکاة فانها تحصل بعد ذلک.

الثانی ما ذکره سیدنا الاستاد من عدم نهوض دلیل یدل علی ولایة الحاکم لجعل الزکاة مدیونا بعد امکان استقراض الحاکم لنفسه بما هو حاکم ثم الاداء منها فمجرد الامکان لایکفی فی الوقوع فانه اعم منه؛ و الجواب: شمول الادلة العامة الواردة فی العقود و نحوها بعد کون هذا النحو من الاستقراض امرا عقلائیا واقعا و سائرا بین الاقوام و الملل و ان لم تکن موجودة فی عصر التشریع و الاستاد التزم بهذا فی المکاسب و اما ولایة الحاکم فیکفی فیه کونه من الامور الحسبیة.

الثالث: ما عن السید البروجردی فی الهامش، قال:«کون الدین علی الزکاة مستلزم لکون ما اخذ قرضا ملکا للزکاة لا زکاة کما افاده الماتن فلو صح لوجب صرفه فیما یحتاج الیه الزکاة لا فی مصارفها کما فی الاستدانة علی الوقف حیث یصرف فی تعمیره لا فی الموقوف علیهم ثم ان الزکاة ملک او حق لمستحقیها و لیست من الجهات التی یغیر لها ملک ذمة» و نحو ذلک ذکره سیدنا الاستاد بقوله:«ثانیا سلمنا ثبوت الولایة للحاکم علیها و لکن بای دلیل یصرف ما استدان للزکاة فی مصارفها؟» و الجواب عنه اما عن ما افاده فی آخر کلامه فیما تقدم من صحة اعتبار الذمة و الاقتراض للمعدوم فضلا عن الموجود المتیقن وجوده عاجلا عند العقلاء و یکفی فی ذلک ما عرفت من اعتبارهم استدامة البنوک و الدول و اما عما افاده اولا فبان الصرف فی مصالح الزکاة کالصرف فی اجارة المحل و تعلیف دواب الزکاة و نحوهما مما لا شک فی جواز صرفها فیه.

 

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo