< قائمة الدروس

بحث الفقه الأستاذ مصطفی أشرفي شاهرودي

41/02/07

بسم الله الرحمن الرحیم

موضوع: فقه الطهارة- ماء البئر- الطریق الی ثبوت النجاسة- اخذ العلم بالنجاسة فی الروایات علی وجه الطریقیة.

إنتهی کلامنا إلی عدم إنحصار طریق ثبوت النجاسة بالعلم الوجدانی کما أنّه ثبت عدم حجیة الظن المطلق فی إثبات النجاسة بعد ورود النهی عن العمل به فی الآیات و الروایات کقوله تعالی ﴿إنّ الظن لایغنی من الحق شیئاً[1] و الإستناد فی ذلک إلی کون أکثر الأحکام ثابتة بالظن لا بالعلم، باطل إذ الظن هناک هو العلم التعبدی و قد إعتبره الشارع المقدس. نعم لو تمّ دلیل الإنسداد لکان الظن المطلق حجة لکنّه حینئذ یصیر حجة بکشف مقدمات دلیل الإنسداد عن حجیته عند تمامیة تلک المقدمات مع أنّ نتیجة تلک المقدمات حجیة الظن فی الأحکام دون الموضوعات.

و أشرنا إلی ما إستفاده صاحب‌الحدائق رحمه‌الله‌تعالی من کون العلم موضوعاً للنجاسة بما هو قطع موضوعی لا طریقی. و لکنّه مخالف لما أفاده القوم من کون العلم هنا طریقاً إلی الواقع لا أنّه موضوع و من هنا یقوم مقامه الطرق و الإمارات. و قد ذکر صاحب‌الحدائق رحمه‌الله‌تعالی لإثبات قوله عدة من الروایات[2] فراجع.

و لو سلّمنا کون العلم موضوعاً للنجاسة فلاریب أنّه مأخوذ فی الموضوع علی وجه الطریقیة و قد ثبت فی علم الأصول قیام الإمارات بل الأصول المحرزة مقام القطع الموضوعی المأخوذ علی وجه الطریقیة.

ثم أنّ السید صاحب‌العروة رحمه‌الله‌تعالی عطف علی العلم بالنجاسة «البینة».

و ذکر سیدنا الحکیم رحمه‌الله‌تعالی فی ذیل قول الماتن رحمه‌الله‌تعالی «البینة» قوله: «علی المشهور». و فی الجواهر: «ينبغي القطع بقبول البينة في ذلك كما صرح به في بعض الكتب السابقة، وحكي عن آخر، بل لا أجد فيه خلافا إلا ما يحكى عن القاضي و عن ظاهر عبارة الكاتب و الشيخ، و لاريب في ضعفه»[3] ثم ذکر الحکیم رحمه‌الله‌تعالی أدلة کفایة البینة فی إثبات النجاسة بقوله[4] :

1 – عموم مادلّ علی حجیة البینة. 2 – خصوص خبر عبدالله بن سلیمان المروی فی الکافی و التهذیب عن الصادق علیه‌السلام فی الجبن؛ «کلّ شیء لک حلال، حتی یجیئک شاهدان یشهدان [عندک] أنّ فیه میتة»[5] .

ثم إستشکل فی الروایة بضعف السند و إختصاصها بمافیه المیتة و إنّها لاتدلّ علی ثبوت النجاسة و إنّما تدلّ علی إرتفاع الحلّ و ثبوت الحرمة.

و إستشکل فی عموم دلیل حجیة البینة -و إن إدعاه جمع من الأعاظم و فیهم شیخنا الأنصاري[6] رحمه‌الله‌تعالی- بأنّ دلیل العموم إن کان هو الإجماع المحکی عن النراقي و السید الإصبهاني رحمهماالله‌تعالی فینافیه الخلاف من جماعة -کما عرفت فی الأمس- و إن کان قوله علیه‌السلام «فإذا شهد عندك المؤمنون فصدّقهم»[7] بأنّ المراد من التصدیق، التصدیق النفسی، و لو ببعض مراتبه لاالتعبدی بترتیب آثار الواقع شرعاً و یشهد بذلک ملاحظة مورده فإنّ العمل فیه لیس موضوعاً لأثر شرعی، مضافاً إلی أنّه لو تمّ إقتضی حجیة خبر المسلم مطلقا من دون إعتبار العدد و العدالة و منه قوله تعالی ﴿یؤمن بالله و یؤمن للمؤمنین﴾[8] إذ المراد منه الإیمان الصوری.

و إن کان آیة النبأ، فیتوقف الإستدلال بها علی ثبوت المفهوم لها و هو محل الإشکال مع عدم إعتبار العدد فیها.

و إن کان ما ورد فی جواز شهادة العبد، و المکاتب و الصبی بعد البلوغ و الأعمی و الأصم و نحوهم، ففیه أنّه لاإطلاق له من حیث المورد و لاتعرض فیه لإعتبار العدد و العدالة.

و إن کان نبأ العقلاء علی حجیة خبر الثقة ففیه أنّ بین خبر الثقة و بین البینة عموم من وجه.

و إن کان الإستقراء فثبوته و حجیته معاً ممنوعان.

و إن کان روایة مسعدة‌بن‌صدقة «کلّ شیء هو لک حلال حتی تعلم أنّه حرام بعینه فتدعه من قِبَل نفسک. و ذلک مثل الثوب یکون علیک قد إشتریته و هو سرقة، أو المملوک عندک و لعلّه حرّ قدباع نفسه، أو خُدع فبیع قهراً، أو إمرأة تحتک و هی أختک أو رضیعتک، و الأشیاء کلّها علی هذا حتی یستبین لک غیر ذلک، أو تقوم به البینة»[9] فالبینة فیها إنّما جعلت غایة للحلّ الذی هو المراد من إسم الإشارة، و کونها حجة علی الحرمة لایقتضی حجیتها علی الموضوع فضلاً عن عموم الحجیة لما لم‌یکن مورداً للحرمة و الحلّ من موضوعات سائر الأحکام.

ثم صار لصدد دفع الإشکال عن حدیث مسعدة بأنّ المراد من قیام البینة بالحرمة أعمّ من کونها مدلولاً مطابقیاً أو تضمنیاً و إلتزامیاً فإذا شهدت بکون الثوب سرقة فقد قامت لحرمته و کذا فی الشهادات الأخری المذکورة فی الروایة، بل یشمل الشهادة بعنوان إعتباری مثل إخوة إمرأة أو نجاسة مایع أو حرمة رجل إذا کان بینه و بین الحرمة ملازمة فإنّ البینة فی جمیع ذلک قائمة بالحرمة.

ثم استنتج من الحدیث أنّ البینة لما کانت من سنخ الإمارات العرفیة کان الظاهر من ثبوت الحرمة عند قیامها بها، کونها طریقاً إلی مؤداها فإذا شهدت بکون الثوب سرقة فثبوت الحرمة ظاهراً لثبوت موضوعها و قیام الإمارة علیه، و علیه لافرق بین الحرمة و غیرها من الأحکام المترتبة علی السرقة فکما ثبتت الحرمة تثبت تلک الأحکام لأنّ طریقتها بنظر العرف لاتختصّ بجهة دون جهة فلم‌یبق مورد خارج عن الروایة إلّا مایترتب علیه أثر الحرمة أصلاً ولو بالإلتزام لکنّه نادر، و لایبعد التعدی إلیه لعدم القول بالفصل أو لعدم التفکیک عرفاً بینه و بین مورد الروایة.

ثم قال: المتحصل أنّ الروایة المذکورة صالحة لإثبات عموم الحجیة بتوسط أمور:

الأول: أنّ المراد من قیام البینة بالحرمة کونها مدلولاً للکلام ولو بالإلتزام.

الثانی: أنّ طریقیة البینة عرفاً تقتضی کون المفهوم من الدلیل عموم الحجیة.

الثالث: إمتناع التفکیک بین الموارد التی تکون الحرمة فیها مدلولاً للکلام و لو إلتزامیاً و لو باللزوم غیر البیّن و بین غیرها من الموارد مما هو نادر، و ذلک إما لعدم القول بالفصل أو لإلقاء الخصوصیة عرفاً، و یعضد العموم المذکور الإجماع المدعی ممن عرفت علی عموم الحجیة و لاینافیه الخلاف فی بعض الموارد لأنّه لشبهة مع أنّه لم‌ینقل الخلاف إلّا فی موارد خاصة. و بعین هذا التقریب یمکن إثبات عموم الحجیة فی إثبات النجاسة من روایة عبدالله بن سلیمان المتقدمة بناءً علی ظهورها فی کون ذکر المیتة فیها من باب المثال.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo