< فهرست دروس

درس خارج اصول استاد اشرفی

91/11/24

بسم الله الرحمن الرحیم

موضوع البحث: حول التقليد عن المجتهد فيما أفتي بمقتضي الأصول العملية العقلية

قد مرت صحة رجوع الجاهل إلي المجتهد الذي يحكم بمقتضي الأمارت علي مبني الطريقية الحق و كذلك ثبتت صحة‌ إطلاق العالم علي المجتهد فيما أفتي بمقتضي الأصول العملية الشرعية حيث يكون المصدر في تلك الأصول أيضا حكم الله إلا أن موضوعها يتحقق عند الشك أو مقيدا بالشك حسبما وضحناه في الأمس .

أما الكلام في الأصول العملية العقلية كالبرائة العقلية «قبح العقاب بلا بيان» و الإحتياط العقلي «وجوب دفع الضرر المحتمل» و التخيير العقلي «التخيير عند دوران الأمر بين المحذورين» أنه هل يجوز رجوع الجاهل إلي المجتهد الذي يفتي بمقتضي تلك الأصول مع إعترافه بعدم العثور علي أمارة شرعية تدل علي فتواه أو أصل عملي شرعي يفيد حكما ظاهريا في المقام أم لا ؟

مثلا يفتي المجتهد بمقتضي أصالة البرائة العقلية بجواز شرب الدخان و وجوب صلاتي الظهر و الجمعة يومها في عصر الغيبة بمقتضي أصالة الإشتغال فحينئذ هل يجوز الرجوع إلی المجتهد في مثل هذه الفتاوا من باب التقليد و رجوع الجاهل إلي العالم أم لا ؟

إن صاحب الكفاية قال لايجوز التقليد هنا بل المكلف يفعل ما يستقل به عقله .

ولكن الأحسن تفصيل الكلام في المقام بأن يقال أن المكلف

تارة يعرف صغري القضية التي يستنتج منها الفقيه الحكم و كبراها؛ كما إذا كان مثلا طالب حوزة يعلم بعدم الدليل علي حرمة شرب التتن و يعلم أيضا بأن العقاب بلابيان قبيح لايفعله الشارع الحكيم فيرجع إلي ما يستقل به عقله من الحكم بجواز شربه.

أو يعلم إجمالا بوجوب إحدي صلاتي الظهر و الجمعة يوم الجمعة في عصر الغيبة فيكون التكليف عليه منجزا فيحكم عقله بمقتضي لزوم دفع الضرر المحتمل بإتيانهما فهنا كما قال الآخوند لايحتاج إلي التقليد .

و أخري لايعرف إلا الكبري فهنا إنما يرجع إلي المجتهد لتشخيص الصغري؛ إذ المجتهد هو الذي فحص عن الدليل فلم يظفر عليه دون المكلف؛ فهنا أيضا المكلف- بعد السؤال و الإطلاع علي الصغري - يرجع إلي ما يستقل به عقله من الحكم بجواز شرب التتن؛ كما إذا سأل المريض الطبيب عن جواز أكل شيء فأخبره الطبيب بأنه لم‌يعثر علي كتاب طبي أمر بالإجتناب عنه في ذاك المرض؛ فهذا الخبر منه بمنزلة صغري القضية و بعد ضم الكبري إليه يستنتج المريض جواز أكله فلا يجتنب عنه .

و ثالثة لايعرف شيئا من مقدمتي القضية فحينئذ إنما يرجع إلي المجتهد لا من باب التقليد بل من باب رجوع الجاهل إلي العالم كما هو حال رجوع كل جاهل إلي العالم في كل ما جهله حيث أن الرجوع إلي العالم لاينحصر في الرجوع إلي المجتهد لمعرفة حكم شرعي .

هذا تمام الكلام في صحة رجوع الجاهل إلي العالم و صحة التقليد عن المجتهد حسب مقتضي الآيات و الروايات و السيرة العقلائية .

فرع

ظهر مما ذكرناه أنه لو لم‌يوجد مجتهد في زمن فمع العلم بوجود التكاليف الإلزامية من الواجبات و المحرمات تكون الوظيفة الإحتياط؛ إذ يستقل العقل بلزوم دفع الضرر المحتمل، فعلي المكلف حينئذ الإتيان بمحتمل الوجوب و ترك محتمل الحرمة دفعا لعقاب الله تعالي.

أما إذا إستلزم ذلك الإختلال في النظام أو العسر و الحرج فلابد من التبعيض في الإحتياط بأن يراعي ما يهتم به الشرع مثل حكم الدماء و الفروج و النفوس و الأعراض و الأموال الخطيرة فيترك الإحتياط فيما سوي ذلك مما يعسر عليه الإحتياط فيه .

ثم إنه لو لم‌يعلم إلا بوجود تكاليف في الإسلام و لاسبيل له إلي الإحتياط؛ فيجب عليه حينئذ الرجوع إلي أعلم الأموات من المجتهدين إذ العقل حاكم بلزوم الرجوع إليه حيث لا طريق له بالأحكام و التكاليف إلا الرجوع إلي المجتهد الميت الأعلم و السيرة العقلائية أيضا حاكمة به في المقام و إن تمنع التقليد عن الميت إبتداءا مع العثور علي المجتهد الحي كما نري ذلك في أن العقلاء يجوزون الرجوع إلي كتب الطب للعلاج عند فقد الطبيب .

و الذي ينبغي التنبيه عليه هو أن الشرع يهتم بأمر التعليم و التعلم لأجل بقاء الفقه الإسلامي و تربية الفقهاء لكي يخرج بهم الناس من الجهل .

و الحمد لله

 

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo