< قائمة الدروس

آیةالله الشيخ بشير النجفي

بحث الفقه

37/07/10

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع : التيمم _ مايصح التيمم به _

ولأجل توضيح المطلب نقول ان هذا الحكم مبني على ان الالفاظ موضوعة للمعاني الواقعية وليس لما يعتقده الانسان فلفظ التراب او الطين او الغبار موضوع لما هو طين واقعا تراب واقعا غبار واقعا لا مايعتقده الانسان بانه طين او نحو ذلك , فهي موضوعة للمعاني الواقعية وان كانت الدلالة تأتي على الامور الواقعية بواسطة التصور وبواسطة الوجود العلمي للشيء ,

وتوضيح ذلك قلنا ان الالفاظ تدل على الواقع بواسطة الوجود الذهني لذلك الشيء فلفظ التراب موضوع لما موجود في الخارج ولكن اول ماينتقل الى الذهن هو الوجود الذهني للتراب ومن خلال الوجود الذهني ينتقل الحكم او ينتقل التعبير الى الواقع فاذا قال ماء مثلا ومن لفظ الماء ينتقل الانسان ويتحقق في ذهنه الوجود الذهني للماء فالذي يتحقق من السماع ويتحقق الانتقال من سماع اللفظ من الاحساس بالدال وهو اللفظ هو الوجود الذهني ومن خلاله ينتقل الى الوجود الواقعي النفس امري , واللفظ موضوع للموجود الواقعي بالوجود الواقعي وليس للوجود الذهني فاذا كان اللفظ موضوعا للماهية بالوجود الحقيقي فحينئذ لابد ان تترتب الاحكام على الواقع وليس على مايتخيله الانسان وان تخيل ان هذا الذي تخيله تراب وهو في الواقع ليس بتراب فيحكم ببطلان التيمم وكذلك في الغبار , هذا تتميم لما تقدم من الكلام .

(مسألة 13): المناط في الطين الذي من المرتبة الثالثة كونه على وجه يلصق باليد ولذا عبر بعضهم عنه بالوحل، فمع عدم لصوقه يكون من المرتبة الأولى ظاهرا وإن كان الأحوط تقديم اليابس والندي عليه [1] .

ثم افاد السيد اليزدي رض ان المقصود بالطين الموجود في الروايات وكلمات الاعلام هو ما يكون من الرطوبة واصلا الى مرحلة اذا وضعت اليد عليه لسق شيء منه في اليد واذا لم يصل الى هذه المرحلة فهو تراب وليس طين وهو من المرتبة الاولى , قلنا توجد ثلاث مراتب تراب وغبار وطين فاذا لسق شيء باليد فهو طين واذا لم يلسق فهو تراب فيتقدم على الغبار فجعل المناط في كلامه لكون هذا الشيء طينا هو اللسوق باليد . واللسوق امر وجداني لا يحتاج الى تفسيره هو .

السيد الاعظم اشكل وقال ماهو الدليل ان المقصود هو ما يكون كذلك وهو ان يلسق باليد او بغير اليد فيقول لابد ان يرجع الى العرف فيحكم العرف وهو الحاكم فان ثبت لدى العرف انه طين فهو وان لم يثبت فان كان قبله طينا والآن نشك فيجري فيه استصحاب الحالة السابقة وان لم يكن طينا فلآن نشك هل صار طينا فأيضا يجري الاستصحاب [2] .

اما السيد الحكيم فيظهر منه الموافقة مع السيد اليزدي فهو لم يناقشه وقال هذا هو المستفاد من لفظ الطين من الادلة بان المقصود من الطين هو ما قاله اليزدي رض .

ونحن في المقام توجد مشكلتان الاولى هي ما هو معيار كون هذا المبتل طينا حتى يكون في المرتبة الثالثة او ليس بطين حتى يكون في المرتبة الاولى والمشكلة الثانية هي ان قلنا ان الطين هو كما يلسق بالجسم او مايحكم العرف بانه طين فحينئذ الارض التي هي مبتلة ولم تصل الى مرتبة اللسوق ولكن فيه رطوبة عالية فهل هذه الرطوبة العالية فما حكمها فهل هي تراب او هي شيء ثالث ؟ فان قلنا ليس بطين ولا تراب فلابد ايها الفقهاء ان يصير اربع مراتب التراب والطين وماهو خنثى مشكل بين الطين والتراب فما هو حكم هذه الصورة هل يصح التيمم به او انه لا يصح , فلابد من فهم هذه الارض المبتلة التي تكون فيها رطوبة بحيث لاتصل النوبة الى كونه وحلا كما عبر السيد اليزدي وقال لذلك عبر عنها البعض بالوحل _ الوحل هو يكون في التراب ماء زائد بحيث اذا وضعت رجلك تنغمس فيه واما الطين فيمكن ان يمرسه باليد يصنع منه طابوق او غير ذلك _ فبين الطين والتراب توجد مرحلة وكلنا يدرك تلك المرحلة بالوجدان فما هو حكمه ؟ فهاتان معضلتان امام الفقهاء رض , وكأن الاعلام يكتفون بحل المعضلة الاولى فاذا قلنا ليس وحلا فهو تراب وان كان مبتلا مهما كانت الرطوبة الزائدة فما لم تصل الى كونه وحلا فهو من المرتبة الاولى , وقلنا ان الوجدان يرى الفرق بينهما فيه رطوبة ولكن لايلسق باليد شيء واجعل منه الطابوق وغيره وليس وحلا فالوحل فيه بلولة زائدة فماهو الحكم ؟ .

نقول اولا الكلام في المشكلة الاولى فالسيد الاعظم حكَم العرف المسامحي في تحديد المصداق وهذه مشكلتنا مع الاعلام وقد ذكرنا مرارا ان العرف المسامحي يتسامح ولايمكن الاعتماد عليه في تحديد المصاديق والا لتغير الفقه , والسيد الاعظم في بعض الموارد لا يُحَكم العرف كما في بحث الصوم قال اذا الانسان اذا بلع ما في فهمه وليس له جرم واضح بيه عرفا لا يصدق عليه الاكل فقد نسب الى البعض انه لا يفسد الصوم فهو تحيكم للعرف على تحديد المصداق يقول وهذا معناه تستطيع ان تأكل كيلوا من التمر من الصباح الى الغروب بان تأخذ في كل مرة براس الابرة فكيف هذا فهناك آمن رض بانه لابد من تحكيم العقل الدقيق في تحديد المصداق , ولكنه في المقام وغيره يُحكم العرف وهذا غير واضح علينا , فتحديد المصداق بيد العرف المسامحي فما قاله السيد الاعظم صحيح والا فان لم يكن العرف هو المحكم كما نقوله نحن فلابد من وضع مناط آخر لتحديد مصداق الطين والتراب ومصداق الغبار واليزدي جاء بهذا المناط وهو ان يلق باليد وان لم يلسق فهو ليس بطين انما هو داخل في مرتبة التراب .

فأما ان نؤمن بما افاده السيد اليزدي او نضع مناطا آخر غير الذي وضعه السيد الاعظم , اليزدي يقول ولذلك عبر ببعضهم عن الطين بالوحل واتخيل ان الطين والوحل شيئان وليس شيئا واحدا فالوحل يكون اليَن من الطين والطين يكون اقل ذوبانا من الوحل فهو لا يريد ان يختار ما قاله بعضهم , فعندنا طين وعندنا ما زاد سيلانا على الطين وهو الوحل وما افاده اليزدي ايضا اما نقبله او نرفضه لاكن نقول ما الدليل على ان هذا هو المناط للطين فهو لم يأتي بدليل , وتعبير البعض بان الطين هو الوحل هذا زاد في الطين بلة .

والذي اتخيله والعلم عند الله ان المناط بكون هذا المبتل طينا هو يمكن اعطاء صور متعددة من ذلك التراب الممزوج بالماء فيمكن ان نصنع منه كرةً او طابوقاً او مدورا او غير ذلك فان امكن اعطائه صور متعددة فهو طين وهذا اقل مراتب الطين , ودليلنا على ذلك وهو من مشتقات لفظ الطين فالطين استعمل اسم الجنس واستعمل مادةً لطيًن يطين مطينا ونحو ذلك وطيًن يكون حينما نستعمل التراب الممزوج بالماء لإصلاح وتقوية الحائط ونحو ذلك ومن الطين يصنع الظروف والطابوق وغير ذلك فمن مادة الطين الاشتقاقية حاولت فهم معنى الطين وليس المعنى هو اللسوق , فالسيد اليزدي لم ياتي بدليل على المناط الذي ذكره , ونحن قلنا استعمال لفظ الجنس استعمل لمشتقات طين ومطين فنقول طيًن الحائط فهذا قطعا هو طين والاقل من هذا ليس طينا فالصحيح ان الطين هو ان ذلك المبلل ان يصل الى امكان اعطائه صور متعددة من جعله طابوق او ضرف او .. ومن هذه الحالات الاخرى.

ونستفاد من رواية معتبرة ان المبتل هو من حكم الطين وهي رواية ابن المغيرة وهي

(وعنه ، عن أبيه ، عن عبدالله بن المغيرة ، قال : إن كانت الأرض مبتلة وليس فيها تراب ولا ماء فانظر أجف موضع تجده )[3] فجعل الارض المبتلة في مقابل التراب وفي مقابل الغبار فيقول ان كانت الارض مبتلةً وليس فيها ماء يعني اذا تبللت الارض فليس ترابا و الا يكون تهافت في كلام الامام ع , فيقول فانظر الى اجف موضع فتييم من غباره يعني جعل الغبار في قبال الارض المبتلة وقال ع وان كان في حال لايجد الا الطين فكل الارض المبتلة في حكم الطين والا يلزم ان الامام ع لم يبين حكم الارض المبتلة التي هي ليس بتراب عنده.


[2] الاستصحاب عنده يجري في الشبهة المصداقية فقط ولا يجري في المفهومية.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo