الموضوع: الصلاة في المشكوك بكونه من مأكول اللحم

تحصل مما تقدم من عرض آراء الأعلام أنهم يذهبون إلى المانعية لا الشرطية.

وهذا يعني أن كون اللباس من غير مأكول اللحم أو غير المذكى مانع من صحة الصلاة.

وخادمكم مصرٌّ أن الروايات كالصريحة في بيان الشرطية لا المانعية.

ولو فرضنا أنّا لم نستطع الاستفادة من الروايات في إثبات معنى المانعية أو الشرطية، فما هو مقتضى القاعدة؟

السيد الأعظم نقل عن أستاذ الأعلام والمراجع النائيني (رض) أنه رجح المانعية.

وملخص ما أفاده النائيني على ما نقله السيد الأعظم:

أن الشرطية أمر وجودي يحتاج إلى اعتبار من المولى، أما المانعية فنشك في وجود المانع أو مانعية الموجود وكل منهما لا يحتاج إلى جعل.

فلا بد من القول بها لأن القول بالشرطية متوقف على إثبات أمر وجودي.

والسيد الأعظم بعد نقله ذلك، اعترض على أستاذه بما ملخصه:

أن كلّاً من الشرطية والمانعية أمر اعتباري، فكلاهما محتاج إلى اعتبار شرعي، فالقول بأن الشرطية مفقترة إلى الاعتبار دون المانعية غير واضح، وعليه لا اقتضاء عقلي بترجيح المانعية على الشرطية ولا الشرطية عليها، وعندها يصار إلى الأصل العملي.

وبالأصل العملي يشك المكلف أن الصلاة التي خوطب بها حين الزوال مثلاً هل تفرغ ذمته بهذا الثوب المشكوك أم لا؟

فمقتضى القاعدة أن تجري قاعدة الاشتغال لأن اشتغال الذمة وفراغها مشكوك فيه.

هذا ملخص كلام السيد الأعظم بقلم الشهيد البروجردي (رض).

ولكن بعد التأمل في المطلب، فالحق مع النائيني وليس مع سيدنا الأعظم (رض).

وتوضيح ذلك:

إن جانب الشرطية يحتاج إلى جعلين: الأول أن الشارع يعتبر في اللباس شرطاً معيناً كأن يكون مأكول اللحم أو مذكى أو غيره، والاعتبار الآخر أن المأتي به هل هو مستوفٍ للشرط المجعول أم لا؟ وهذا أيضاً يحتاج إلى إحراز إما بأصل أو بدليل اجتهادي.

ففي جانب الشرط نحتاج إلى إحرازين، إحراز أصل اعتبار الشرطية والثاني إحراز أن المأتي به مصداق لما جعل شرطاً.

بخلاف جانب المانعية، فإن أصل المانعية تفتقر إلى جعل من المولى كما أفاد السيد الأعظم، لكن هل وجد المانع أو لا؟ وهذا يكفيه أصالة العدم الجارية في كل الممكنات لأنها مسبوقة بالعدم.

فالنتيجة أنا لا نحتاج في إحراز عدم المانع إلى مؤونة، بخلاف الشرط.

والخلاصة أن الحق مع النائيني حسب فهمنا والعلم عند الله.

ويبقى الكلام في الاشتغال الذي ذكره السيد الأعظم.