< قائمة الدروس

آیةالله الشيخ بشير النجفي

بحث الفقه

45/08/21

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: جواز لبس الحرير في الحرب

كنا قد وصلنا في البحث إلى أن الشارع المقدس قد جوز لبس الحرير للرجل في حالة الحرب.

والكلام في صحة الصلاة بالحرير في حالة الحرب.

[مناقشة الهمداني وردِّ السيد الأعظم]

والمحقق الهمداني في مصباحه وحكيم الفقهاء والسيد الأعظم اهتموا بهذا البحث كثيراً.

فالأول ذهب إلى أن الروايات الدالة على المنع عن الصلاة في الحرير منصرفة عن حالة الحرب.

وسيدنا الأعظم لم يرتض قوله ببيان غير واضح، وملخصه أن الانصراف يتعقل بالرواية الواحدة أما بكون كل من الحكمين له دليله الخاص فلا مجال للانصراف.

وأجبنا على اعتراض سيدنا الأعظم بأن الانصراف كما يمكن تعقله في رواية واحدة يمكن فرضه بأكثر من رواية إذا كانت متحدة المضمون والمصب.

على أن كلام الفقيه الهمداني أيضاً غير واضح؛ من جهة أن الانصراف يكون إذا كان ناشياً من كثرة الاستعمال، وليس الأمر كذلك؛ لأن النقاش هنا ليس فيما هو مستعمل حتى يدعى الانصراف، بل البحث في مقصود الشارع من هذه الروايات.

[تعارض الدليلين عند صاحب الجواهر]

وأما صاحب الجواهر (رض) فإنه جعل المسألة من باب التعارض بتقريب أن بعض الروايات ناهية عن لبس الحرير مطلقاً فتشمل الصلاة وغير الصلاة وأخرى، مجوزة للبسه في الحرب وهي أيضاً تشمل الصلاة وغيرها.

فيقع التعارض في صورة الصلاة بالحرير في الحرب.

وذكر أن مقتضى القاعدة التساقط إلا أن الأصحاب فهموا ترجيح أحد الطرفين وهو جواز الصلاة في حالة الحرب، فوافقهم عليه.

هذا ملخص كلام صاحب الجواهر (رض).

وحكيم الفقهاء لم يرتض كلامه ولم يصرح بوجه رفضه.

[رد السيد الأعظم ومناقشته]

وكذا رفضه السيد الأعظم لكنه قال إن صاحب الجواهر خلط بين الحكم التكليفي والوضعي، فالروايات المانعة عن الصلاة ناظرة إلى الحكم الوضعي والروايات المجوزة للبس الحرير ناظرة إلى الحكم التكليفي.

فإذا كانت بعض الروايات ناظرة إلى الحكم التكليفي والأخرى إلى الحكم الوضعي فلا تصل النوبة إلى التعارض حتى يأتي كلام صاحب الجواهر (رض).

وما أفاده سيدنا الأعظم غير واضح والوجه في ذلك ـ كما هو مقرر في أصول شيخنا الأنصاري ـ أن الحكم الوضعي ليس له جعل مستقل مقابل لجعل الحكم التكليفي، بل الحكم التكليفي هو المجعول فقط والعقل ينتزع حكماً وضعياً.

فكلام سيدنا الأعظم بناء على ما ذهب إليه شيخنا الأنصاري غير تام.

وبغض النظر عن رأي الشيخ الأنصاري، هناك مطلب لم يصرح الأعلام فيه لكنه موجود في ثنايا كلماتهم، وهو:

أن الحكم الوضعي وإن كان مستقلاً من حيث الجعل والمجعول عن الحكم التكليفي لكن الحكم الوضعي حيث يوجد ـ خصوصاً في العبادات ـ مستلزم لوجود حكم تكليفي، فإذا قال الشارع ببطلان الصلاة في جلد الميت فحينئذٍ الصلاة فيه تكون ممنوعة.

فالنتيجة أن الحكم الوضعي وهو مانعية الحرير لصحة الصلاة مستلزم للحكم التكليفي.

فحيث يوجد حكم وضعي يوجد حكم تكليفي؛ للملازمة بينهما.

فإشكال السيد الأعظم على صاحب الجواهر غير واضح.

[توجيه رفض السيد الحكيم]

وأما رفض السيد الحكيم لكلام صاحب الجواهر، فقد قلنا بأنه لم يصرح بسبب رفضه، ولكن ما أتخيله سبباً عنده أن صاحب الجواهر (رض) رجح أحد المتعارضين بفهم الأصحاب، والحال أن فهمهم ليس حجة على الفقيه ما لم يكن مطابقاً لفهمه.

فالترجيح بفهمهم يكون تقليداً لهم، وهذا لا يجوز على الفقيه.

فالنتيجة ما أفاده المحققون الهمداني وصاحب الجواهر والسيد الأعظم غير واضح.

فنعود إلى أصل البحث، وهو أن المكلف إذا لبس الحرير في حالة الحرب؛ لأن الشارع جوز ذلك، هل تصح صلاته.

ولكن محل البحث كون المكلف متمكناً من لبس غير الحرير في الحرب؛ لأنه إن لم يكن متمكناً فهو خارج عن البحث. والسيد الأعظم أشار إلى ذلك.

 

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo