< قائمة الدروس

بحث الفقه الأستاذ محمدعلي البهبهاني

44/04/27

بسم الله الرحمن الرحیم

 

الموضوع: كتاب الخمس/ارباح المكاسب /المسألة56؛ النظریة الأولی؛ الدلیل الثاني علی النظریة الأولی

 

الدليل الثاني على النظرية الأولى:

قال الشيخ الأنصاري: أنّ‌ المتعارف بين الناس في الأرباح التدريجيّة عدم تقسيط المؤونة عليها، بل يصرف الربح الحاصل، الأوّل فالأوّل في المؤونة، فما بقي بأيديهم في آخر السنة من الربح الحاصل أخيراً يعدّونه مستفاد سنتهم الماضية، فلا وجه لاستثناء المؤونة المستقبلة منه.[1]

یلاحظ علیه:

لا إشکال في جواز عدم تقسیط المؤونة عندنا، لکونه هو المتعارف کما هو مطابق لفتوی مشهور الأعلام و نحن أیضاً نقول بجواز ذلک علی الخیار، لما سیجیء من أنّ المکلّف مختار بین التقسیط و عدمه، لا أنّ ذلک من جهة سیرة متّصلة إلی المعصومین(.

الدليل الثالث على النظرية الأولى:

قال صاحب المرتقى: ان مجموع الأرباح باعتبار وجودها التدريجي تعدّ ربحاً واحداً بنظر العرف، فيثبت فيها خمس واحد، كما يحسب لها سنة واحدة.[2]

إيراد صاحب المرتقى على الدليل الثالث:

إن الموجود التدريجي إنّما يعدّ عرفاً وجوداً واحداً فيما لو كان متشابه الاجزاء و فواصلها و مستمرها بحيث لا يتخلل بينها العدم و الفصل الطويل، كالكلام المستمر و السير المستمر و نحوهما و منه دم الحيض كما يقال.

و ليس الربح كذلك، فانه ... قد لا يكون موجوداً تدريجياً بل يوجد في عرض واحد، كما لو باع الحنطة و الشعير و السكر في وقت واحد و ربح فيها.

مضافا الى ذلك قد لا يكون متشابه الاجزاء و قد يتخلله الفصل الطويل، اذ قد يكون الربح نقدا و [قد] يكون عينا مع اختلاف الاعيان ذاتاً. كما انه قد يحصل الربح الاول في اول الشهر و الآخر في وسطه و الثالث في آخره و هكذا.

و عليه، فدعوى وحدة مجموع الأرباح بنظر العرف و أنّ المجموع يعدُّ عرفاً ربحاً واحداً لا وجه لها بل هي دعوى مجازفة، إذ العرف يعدّها أرباحاً لا ربحاً واحداً، كما لا يخفى.[3]

الدليل الرابع على النظرية الأولى:

قال المحقق الهمداني في الاستدلال لهذه النظرية: بأنّ الحکم یتعلّق بالطبیعة دون الأفراد، و علی هذا فهنا تکلیف واحد بالخمس مشروطاً بزیادته عن المؤونة.

و قال: لا یضرّ بذلک کون أفراد الربح متعدّدةً بحو التعاقب الزماني، لأنّ التکلیف واحد و لکن الفرد الثاني من الربح یوجب زیادةً في متعلّق هذا التکلیف، لا أنّه تکلیف آخر مستقلاً عن التکلیف الأول. و سنشیر إلی عبارته ضمن إیراده علی استدلال القائلین بالنظریة الثانیة.

نقله صاحب المرتقى بهذه العبارة: ان موضوع الحكم فيما نحن فيه هو الطبيعة لا الافراد، بمعنى ان موضوع الخمس هو طبيعي الربح لا كل فرد.

و عليه، فهي لا تتعدد بتعدد افراد الربح، بل تحمل بمجرد حصول أول فرد فيثبت الحكم حينذاك و يكون حصول الربح ثانيا و ثالثا و هكذا موجبا لسعة دائرة وجود الموضوع لا لتعدده و تعدد الحكم، و الا فالحكم واحد يحصل بحصول موضوعه المتحقق بحصول أول فرد.

و بعبارة أخرى: ان موضوع الخمس ان كان هو الربح بنحو العموم الاستغراقي بمعنى ان كل فرد من افراد الربح يثبت له الحكم، كان مقتضى القواعد حساب السنة لكل ربح مستقلا.

أما لو كان الموضوع هو طبيعي الربح، فالملحوظ في السنة و مئونتها هو الطبيعي، فيستثنى منه، و يكون تعدد الربح موجبا لسعة الموضوع و هو الطبيعة الموجودة بافرادها. و ذلك نظير ما اذا اخذ في موضوع وجوب التصدق وجود المال أو الولد بنحو الطبيعة، فان تعدد المال و الولد لا يوجب تعدد الحكم، إذ الحكم وارد على الطبيعة لا الافراد.[4]

إيراد صاحب المرتقى على الدليل الرابع:

قال صاحب المرتقى: و هذا الوجه وجيه إن تم ما بني عليه من أخذ الربح موضوعاً بنحو الطبيعة لا الافراد و بنحو العموم الاستغراقي.

لكنه غير تام فيما نحن فيه، لأنّه إنما يمكن فرضه في المورد الذي لا يكون لمتعلق الحكم شأن في نفس الموضوع و تعلق به، نظير الحكم بوجوب التصدق عند وجود الولد، فان التصدق نفسه لا يرتبط بالولد بمعنى أنه في وجوده أجنبي عنه فيمكن ان يفرض كون الموضوع طبيعي الولد، فلا يكون تعدد الولد موجبا لتعدد الحكم.

أما في المورد الذي يكون لمتعلق الحكم ارتباط بنفس الموضوع بحيث يفرض تحققه عند تحقق كل فرد من افراد الموضوع، نظير الحكم بوجوب التصدق من المال اذا وجد عندك، فان التصدق من المال لازم عند حصول المال، فلا يمكن هاهنا الالتزام بان الموضوع هو طبيعي المال، اذ عند حصول المال يجب التصدق منه، فاذا حصل ثانيا يجب التصدق أيضا و لا يمكن أن يكون هذا الوجوب هو الوجوب الاول، لامتثال الاول الموجب لسقوطه.

فطبيعة الحكم و نحو ثبوته يقتضي ان يكون الموضوع كل فرد بنحو العموم الاستغراقي. و ما نحن فيه من هذا القبيل، لان الخمس انما يتعلق بالربح و يخرج منه و يضاف اليه فهو خمس الربح و ليس أجنبيا عنه.

و عليه، فطبيعة تعلقه بالربح تقتضي ان يكون الملحوظ في موضوع الحكم هو كل فرد من افراده بنحو الاستغراق، و ذلك للزوم اخراج الخمس من كل ربح، فالوجوب الوارد على الربح الثاني لا يمكن أن يكون عين الاول المفروض انه متعلق بالطبيعة لإمكان امتثاله قبلا الموجب لسقوطه.

و عليه، فلا بد ان يكون غيره [یعني لابدّ أن یکون الوجوب الوارد علی الربح الثاني، غیر الوجوب الوارد علی الربح الأول] و بذلك يكون كل ربح موضوعا للحكم، لا الطبيعة.[5]

 


[2] المرتقی الی الفقه الأرقی- کتاب الخمس، ص۲۱۲.
[3] المرتقی الی الفقه الأرقی- کتاب الخمس، ص۲۱۲- ۲۱۱.
[4] المرتقی الی الفقه الأرقی- کتاب الخمس، ص۲۱۲.
[5] المرتقی الی الفقه الأرقی- کتاب الخمس، ص۲۱۳.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo