< قائمة الدروس

بحث الفقه الأستاذ محمدعلي البهبهاني

44/05/05

بسم الله الرحمن الرحیم

 

الموضوع: كتاب الخمس/ارباح المكاسب /المسألة56؛ النظریة الثالثة؛ استدلال المحقق الخویی

 

استدلال المحقق الخوئي:

قال المحقق الخوئي مضافاً إلى استدلاله على النظرية الثانية: لا بأس بجعل السنة، لسهولة الأمر و انضباط الحساب، كما هو المتعارف عند التجار، حيث يتّخذون لأنفسهم سنة جعليّة يُخرجون الخمس بعد انتهائها و استثناء المؤن المصروفة فيها و إن كانت الأرباح المتخلّلة فيها تدريجيّة الحصول بطبيعة الحال. فإنّ‌ هذا لا ضير فيه، إذ الخمس قد تعلّق منذ أوّل حصول الربح، غايته أنّه لا يجب الإخراج فعلاً، بل يجوز إرفاقاً التأخير إلى نهاية السنة و الصرف في المئونة، فبالإضافة إلى الربح المتأخّر يجوز إخراج خمسه و إن لم تنته سنته، فإنّ‌ ذلك كما عرفت إرفاق محض و لا يلزم منه الهرج و المرج بوجه. كما يجوز أن يُخرج الخمس من كلّ‌ ربح فعلاً من غير اتّخاذ السنة، فلاحظ.[1]

استدلال السيد الهاشمي الشاهرودي:

إنّه یقول بأنّ المدرك على صحة الطريقة المجموعية إذا كان هو السيرة العملية المتشرعية فهو دليل لبي لا بدّ من الاقتصار فيه على القدر المتيقن، و هو اختيار الطريقة المجموعية فلابدّ من القول بالنظریة الأولی.

و أمّا اذا كان النظر الى الادلة اللفظية فیقول:

فالظاهر انّ‌ روايات استثناء المئونة بعضها ظاهر في صحة الطريقة الاولى، و بعضها ظاهر في صحة الطريقة الثانية، و لا محذور في ثبوت كلتا الطريقتين و صحتهما معا، اذ لا تنافي بينهما ذاتا، و لا محذور في ثبوتهما معا واقعا بان يكون اللازم هو الجامع بينهما.

اما ما يكون ظاهرا في صحة الطريقة الاولى - أي المجموعية - فهي الروايات الواردة في استثناء المئونتين معا، مئونة الضيعة و مئونة الرجل و عياله، كما في مكاتبة الهمداني التي ينقلها ابن مهزيار بطريق معتبر (فاختلف من قبلنا في ذلك، فقالوا: يجب على الضياع الخمس بعد المئونة، مئونة الضيعة و خراجها، لا مئونة الرجل و عياله، فكتب - و قرأه علي بن مهزيار - عليه الخمس بعد مئونته و مئونة عياله و بعد خراج السلطان) فانّ‌ عطف مئونة الرجل و عياله على مئونة الضيعة و خراج السلطان بنفسه ظاهر في ملاحظة مجموع المئونتين معا و بلحاظ سنة واحدة، و من الواضح انّ‌ مئونة العمل و كذلك خراج السلطان انما يكون محاسبته بالطريقة الاولى عادة، حيث يكون حساب الارباح و استثناء الخسائر و المؤن منها عند اصحاب الضياع و الاعمال مجموعياً عرفاً و عقلائياً، فإنّهم يجعلون لانفسهم سنةً يلاحظون المؤن و الارباح و الخسائر فيها، و مثل هذه الطريقة العرفية تجعل الدليل ظاهرا في جواز ذلك بالنسبة للمئونتين معا، و اذا ثبت جواز هذه الطريقة في اصحاب الضياع و التجارات و نحوها ثبت صحته في غيرهم أيضا بعدم احتمال الفرق عرفاً و لا فقهياً.[2]

و اما ما يكون ظاهرا في صحة الطريقة الثانية من روايات الاستثناء فمثل صحيحة البزنطي (الخمس اخرجه قبل المئونة أو بعد المئونة‌؟ فكتب: بعد المئونة) و مثلها التوقيع المروي عن الرضا (انّ‌ الخمس بعد المئونة) فانّ‌ مثل هذه الروايات المطلقة حيث لم ترد في خصوص التجارات و المكاسب و نحوها يمكن دعوى ظهورها في استثناء خصوص المئونة المعاصرة مع الربح لكي يكون استثناؤها منه فعليا، لانّ‌ ظاهرها فرض الربح ثم استثناء المئونة منه.

و هكذا ثبت صحة كلتا الطريقتين.[3]

ملاحظتنا علی بیان السید الهاشمي الشاهرودي:

لا نسلّم دلالة هذه الروایات علی النظریة الأولی، لأنّ ما أفاده من «انّ‌ مئونة العمل و كذلك خراج السلطان انما يكون محاسبته بالطريقة الاولى عادةً، حيث يكون حساب الارباح و استثناء الخسائر و المؤن منها عند اصحاب الضياع و الاعمال مجموعياً عرفاً و عقلائياً» لا إشارة إلیه في الروایة و لا ینحصر محاسبته علی النظریة الأولی، بل یتصور علی النظریة الثانیة أیضاً فیمكن استثناء مؤونة تحصیل الربح من نفس ذلك الربح أو الأرباح التي اشتركت مؤونة تحصیل الربح بینها و كذلك خراج السلطان إذا أخذ من ربح خاص فقد استثني منه و إذا أخذ من أرباح متعدّدة وزِّع علی خصوص تلك الأرباح و لا یستثنی من سائر الأرباح.

النظرية الرابعة: التخيير بين سنة لمجموع الأرباح أو سنة لكل نوع

يظهر هذا القول من الشيخ الأنصاري[4] ، و الشيخ المحقق البهجت، و السيد السيستاني.

الشيخ المحقق البهجت: إذا كان له أنواع من الاستفادات، من التجارة والزرع وعمل اليد وغير ذلك، فلكلّ‌ واحدة سنة على حدة والمئونة المشتركة يوزع عليها. وأمّا الأرباح المتعدّدة الحاصلة من كسب واحد أو الواحدة التدريجية الحصول كذلك، فيلاحظ في آخر السنة مجموع ما استفاده من الجميع، فيخمس الفاضل عن مئونة سنته؛ ولا يلزم أن يلاحظ لكلّ‌ فائدة، سنة على حدة. والاتفاقيّات كالهدايا ملحقة بالقسم الثاني.[5]

السيد السيستاني: إذا كان للشخص أنواع مختلفة من الاكتساب كالتجارة و الإجارة و الزراعة جاز له أن يجعل لنفسه رأس سنة واحدة فيحسب مجموع وارداته في آخر السنة و يخمس ما زاد على مئونته، كما يجوز له أن يجعل لكل نوع بخصوصه رأس سنة، فيخمس ما زاد عن مئونته في آخر تلك السنة.[6]

قال السيد الشبيري الزنجاني: من كان عنده عدّة أنواع من الكسب، مثلاً يؤجر الملك، و يبيع و يشتري، و يزرع، فإن كان لكلّ‌ واحد منها رأس مال خاص و حساب معيّن و صندوق مستقل، وجب عليه حساب ربح كلّ‌ واحد منها على انفراد، و لو تضرر في أحدها، فالأحوط وجوباً عدم جبر خسارة ذلك من ربح الآخر.

و أمّا إذا كان حساب جميع مكاسبه في صندوق واحد و دخل مشترك، فعليه حساب الجميع معاً في آخر السنة، فلو كان عنده ربح وجب عليه أداء خمسه.[7]

الدلیل علی النظریة الرابعة:

إنّ السید الهاشمي الشاهرودي وجّه النظریة الرابعة و قال:

اذا كان المدرك استظهار صحة الطريقة المجموعية من روايات استثناء المئونتين معا فيمكن دعوى أن مئونة التحصيل في كل عمل حيث يكون مستقلاً عرفاً عن مئونة العمل الآخر فيكون تعدد السنين المجموعية فيمن له تكسبات و اعمال متنوعة غير بعيد عن مفاد تلك الروايات و حيث عطف فيها مئونة العيال على مئونة التحصيل في سياق واحد فقد يستفاد من ذلك جواز التلفيق المذكور بين السنين المجموعية لمن له تجارات و استثمارات متنوعة و توزيع المؤن عليها بشرط ان لا تقع مئونة منها خارج السنين المجموعية جميعاً فتدبر جيدا.[8]

ملاحظتنا علی استدلال السید الهاشمي الشاهرودي:

إنّ مؤونة تحصیل كل ربح تستثنی عنه خاصّة و إذا كانت مؤونة تحصیل الربح مشتركةً بین أفراد من الربح، تستثنی ذلك بالتوزیع بین هذه الأفراد و لا تستثنی من سائر الأفراد غیر المشتركة.

 


[2] قال بعد ذلك: و مثلها صحيحة ابن مهزيار الطويلة الوارد في ذيلها (فاما الذي اوجب من الضياع و الغلات في كل عام فهو نصف السدس ممن كانت ضيعته تقوم بمئونته) و كذلك صحيحته الثالثة عن ابي علي بن راشد (اذا امكنهم بعد مئونتهم) فانها جميعا باعتبار ورودها في مورد الضياع و الاستثمارات التي تكون الطريقة العرفية فيها ملاحظة مجموع الفوائد في سنة واحدة جعلية و استثناء مجموع المؤن منها، تكون ظاهرة عرفا و لو على مستوى الظهور و الاطلاق المقامي في صحة هذه الطريقة لاستثناء مئونة السنة من الارباح و الفوائد أيضاً.
[4] راجع كتاب الخمس، ص217 و ما بعدها، حيث قال بأن الربح المتجدد من اكتساب واحد لا يعدّ له حول مستقلّ و قال في كتاب الخمس، الشيخ مرتضى الأنصاري، ج1، ص222..: «فالإنصاف أنّ‌ الحكم بكون ما يتجدّد بالاكتساب الجديد في آخر السنة بعد حصول الربح من كسب آخر في أوّلها معدودا من ربح تلك السنة، في غاية الإشكال. و قد عرفت أنّ‌ موارد السؤال في أخبار المئونة لا تشمل مثل هذا، فالرجوع فيه إلى مقتضى وجوب الخمس فيه بعد إخراج مئونة مستأنفة لا يخلو عن قوّة»
[7] المسائل الشرعیة، ص385، م ١٧٧٩.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo