< قائمة الدروس

بحث الفقه الأستاذ محمدعلي البهبهاني

44/07/01

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: كتاب الخمس/ارباح المكاسب /راس المال، ایراد الثاني

الإیراد الثاني: ملاحظتنا علیه من جهة تقییده بالسنة الحالیة

إنّ هذا القول من أحسن الأقوال بعد القول السابع الذي سنذکره إن شاء الله تعالی إلا أنّه لابد من ملاحظة أمرین:

الأول: لابد من تقیید رأس المال بالمقدار الذي یحتاج إلیه في تحصیل معاشه بحسب شأنه، لا رأس المال الذي زائدٌ علی ما یحتاج إلیه في تحصیل معاشه.

الثاني: لانسلّم تقیید الاحتیاج إلی رأس المال بالسنة الحالیة بل إذا احتاج إلیه للسنین اللاحقة أیضاً لا یتعلّق الخمس برأس المال، کما التزم بذلك الشیخ الأنصاري و الأستاذ الشیخ البهجت.

فإنّ الشأنیة لها تفاسیر أربعة:

الأول: تفسیرها بما یکون عدمه موجباً للحرج.

الثانی: تفسیرها بما یکون عدمه نقصاً للشخص بنظر العرف.

الثالث: تفسیرها بما یکون وجوده الحالي و الفعلي لازماً له بحسب مقامه و زیّه و إن لم یکن عدمه نقصاً لشخصیته بنظر العرف.

الرابع: تفسیرها بما یکون وجوده و لو للسنین اللاحقة لازماً له بحسب مقامه و زیه کذلك و إن لم یکن عدمه نقصاً لشخصیته بنظر العرف.

فالقائل بهذه النظریة لا یلتزم بالشأنیة بالتفسیر الرابع، و سیأتي بیانه إن شاء الله تعالی في النظریة السابعة، تبعاً لشیخ الأنصاري و الأستاذ المحقق البهجت.

النظرية الخامسة: التفصيل بين المحتاج إليه للمعاش اللائق به و غيره

قال بها صاحب الجواهر و المحقق النائیني و السيد محمود الحسيني الشاهرودي و السید المرعشي النجفي و السيد الفاني و صاحب المرتقی و الشیخ الفیاض و

 

بیان الفرق بین هذه النظریة الخامسة و النظریة الرابعة:

إن هنا موارد خمسة قابلة للتصور:

الأول: أن یحتاج إلی رأس المال في تحصیل حوائجه اللازمة الضروریة لحیاته، و ما قَیَّدوه بالشأن.

الثاني: أن یحتاج إلی رأس المال فی تحصیل حوائجه اللازمة بحسب شأنه.

الثالث: أن یحتاج إلی رأس المال، لأنه من شأنه و بحسب زیه أن یتّجر برأس مال و لا یکون عاملاً للغیر.

الرابع: أن یحتاج إلی رأس المال في نفسه، لأنه من شأنه أن یکون مالکاً له و إن لم یستفد منه في مؤونته، کأن یکفله و یعیله شخص آخر، کما تقدّم بیانه في کلام المحقق الحکیم.

الخامس: أن یحتاج إلی رأس المال لمعاشه بحسب شأنه لهذه السنة أو للسنین اللاحقة في ما إذا لم یقدر علی تهیئة رأس المال في السنین اللاحقة بحسب شأنه، و إن لم یستفد منه في مؤونته فعلاً، کأن یکفله و یعیله شخص آخر.

و القائل بالنظریة الرابعة یظهر من إطلاق عباراته عدم وجوب الخمس في الموارد الأربعة الأُول حیث قیّد عدم الوجوب بالشأنیة و الوجاهة. نعم المورد الخامس فهو یأتي عند بیان نظریة الشیخ الأنصاري و الأستاذ المحقق البهجت.

و القائلین بالنظریة الخامسة یظهر من إطلاق عباراتهم تقیید عدم الوجوب بالموارد الثلاثة حیث قیّدوا عدم الوجوب بالاحتیاج اللائق بشأنه فمقتضی إطلاق عباراتهم هو أنّه یجب الخمس في المورد الرابع و الخامس. نعم هذا بمقتضی إطلاق کلامهم، و إلا یمکن أن یوسّعوا في عدم الخمس في موضع آخر فیقیّدوا ذلک مثلاً بلحاظ شأنهم الشغلي، کما في المورد الثالث علی خلاف فیه.

قال صاحب الجواهر في مجمع الرسائل: تتميم رأس المال لما يحتاج إليه في معاشه يعدّ من المؤونة و لا يتعلّق به الخمس إلّا أنّ الأحوط إخراج خمسه.[1]

المحقق النائيني و السید جمال‌الدين الگلپايگاني: لو كان في مؤونة سنته محتاجاً بحسب زيّه إلى‌ رأس مالٍ‌ يتّجر به، أو ضياع يتعيّش بفائدتها لم يجب الخمس في ما يفي وارداته بمؤونته على‌ الأقوى‌.

قال المحقق النائيني: والأقوى‌ عدم الوجوب في جميع مايحتاج إليه في مؤونته.

قال السيد محمود الحسيني الشاهرودي: بل على‌ الأقوى‌ في ما إذا لم يكن في مؤونة سنته محتاجاً إليه، كما أنّ‌ الأقوى‌ عدم الوجوب في صورة الاحتياج إليه.

قال السید المرعشي: حيث لا يكون من مؤونته ومحلّ‌ حاجته للإعاشة، أو لحفظ شؤونه ومقاماته، وإلّا فلا خمس بالنسبة إليه.

و قال في موضع: لو كان [رأس المال] محلّ‌ الحاجة للإعاشة وغيرها فيعدّ من المؤونة، وكذا الحكم في الآلات.

السيد الفاني: الأقوى‌ كون رأس المال من المؤونة إذا كان محتاجاً إليه في تعيّشه، لا في ازدياد الثروة.

قال صاحب المرتقى: الوجه هو التفصيل بين ما إذا كان رأس المال المأخوذ من الربح مما يتوقف عليه معاشه و شأنه، و ما إذا لم يكن كذلك بل جعل من رأس مال التجارة توسعاً في التجارة و طلباً للمزيد من الربح.

فلا يجب الخمس في الأول لأنه جزء المؤونة و ما يحتاج إليه، و يجب في الثاني لأنّه ربح زائد على المؤونة فتشمله أدلة ثبوت الخمس.

و أما الاحتياط و إخراج الخمس، فلا يعلم له وجه ظاهر، إذ لا وجه للتوقف، بل إما أن لا يجب الخمس أو يجب.[2]

قال الشيخ الفياض: و الأظهر عدم الوجوب إذا كانت مكانته تتطلب وجود رأس مال له يقوم فيه بعملية التجارة على نحو تكفي أرباحه لمؤونته اللائقة بحاله و متطلبات حاجاته. و الوجه فيه أن المراد من المؤونة المستثناة من الخمس لدى العرف و العقلاء هو ما تتطلبه شؤون الفرد في المجتمع من المسكن و المأكل و المشرب و الملبس و الخدم و المركب و الفرش و الظروف و نحوها، فان كل ذلك بما يليق بشأنه، و من هنا تختلف المؤونة باختلاف مكانة الأفراد و شؤونهم الاجتماعية، و أما رأس المال للاتجار به و صرف أرباحه و فوائده في متطلبات حاجاته الذاتية حسب ما يليق به مقامه فهو انما يكون من المؤونة إذا تطلبت مكانته لدى الناس وجود رأس مال له يقوم فيه بالعمل بغاية الاستفادة من منافعه و فوائده لسدّ متطلبات حاجاته اللائقة بحاله، باعتبار ان اشتغاله كعامل مضاربة أو بناء أو صانع أو غير ذلك مهانة له، و في مثل هذه الحالة يكون رأس المال مؤونةً له كسائر مؤنة، و تُحدِّدُه كمّاً و كيفاً متطلبات حاجاته المناسبة لحاله و مقامه.

و على ضوء هذا الأساس لا فرق بين أن يكون رأس المال بمقدار مؤونة سنته أو أكثر أو أقل، فان الضابط العام فيه انما هو كونه بمقدار يليق به، و يكفى ما ينتج منه من الأرباح و الفوائد لمتطلبات حاجاته اللائقة بحاله،

و اما إذا لم تتطلب مكانة الفرد وجود رأس مال له و يقوم بالعمل فيه كتاجر و يستفيد من أرباحه و فوائده لإشباع حاجاته الذاتية، كما إذا لم يكن عمله كعامل مضاربة أو بناء أو نجار أو خياط أو غير ذلك نقصا و مهانة له عند الناس، فلا يكون رأس المال مؤونة له، فلو جعل من ارباح السنة رأس مال له ليقوم فيه بالعمل كتاجر و ليصرف من ارباحه و فوائده في مؤونته، فعليه أن يخمس ذلك في نهاية السنة، فانه لا يعتبر مؤونةً له عرفا كالمسكن و نحوه.

... فالنتيجة في نهاية الشوط ان استثناء رأس المال من اطلاق دليل وجوب الخمس انما هو بعنوان كونه من المؤونة كالمسكن و الملبس و الفرش و نحوها، لا بعنوان رأس المال، و قد تقدم ان اتصافه بالمؤونة يرتبط بكونه من متطلبات مكانة الفرد، فمن أجل ذلك يختلف استثناؤه باختلاف الأفراد.[3]

إيراد السيد الخلخالي عليه:

قال السيد الخلخالي: ... و يبتني هذا القول على دعوى صدق المؤونة على مطلق مال يحتاج إليه في المعيشة سواء أ كان بالصرف مباشرة أو بالاسترباح و صرف الربح فيها، و هو أخص من القول الثاني [و هو التقييد بالشأنیة و هي نظریة المحقق الحکیم] لعدم اعتبار الحاجة في ذاك؛ لأن العبرة فيه بمجرد الشأنية و إن لم يكن محتاجا إليه في المعيشة، كما عرفت.

و يمكن المناقشة فيه بما أشرنا إليه من أن مجرد توقف المعيشة على شيء لا يوجب صدق المؤونة عليه؛ لأنه أعم، فإن المؤونة يحتاج إليها و ليس كل ما يحتاج إليه مؤونة؛ لظهور المؤونة فيما يصرف في المعيشة صرفاً مناسباً له إما بالاستهلاك أو بالانتفاع المباشر كالثياب للُّبس و الدار للسكنى، و أما الاتجار بالمال فهو من تبديل المال بمال أنفع و ليس من صرفه في المعيشة بوجه.

نعم ما يحتاج إلى الانتفاع به مباشرة بالفعل كاشتراء ضيعة لغلتها و بستان لثمره و بقرة أو غنم للبنها فلا يبعد أن يعدّ عرفا من الصرف في المؤونة ، لأنها تكون كالدار للسكنى و الثوب للبس، فلا يقاس الاتجار و الاسترباح بالمال بذلك.[4]

 


[2] . المرتقی إلی الفقه الأرقی (الخمس)، ص207-208.
[3] . تعالیق مبسوطة، ج7، ص143-145.
[4] . فقه الشیعة (الخمس)، ج2، ص188.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo