< قائمة الدروس

بحث الفقه الأستاذ محمدعلي پسران البهبهاني

44/10/29

بسم الله الرحمن الرحیم

 

الموضوع: كتاب الخمس/ارباح المكاسب /رأس المال؛ الفرع التاسع: جواز تأخیر أداء الخمس أو لزوم التعجیل

 

فرع التاسع: جواز تأخير أداء الخمس أو لزوم التعجيل به

المسألة الأولى: زمان تعلق الوجوب التکلیفي

النظرية الأولى: عدم مشروعیة أداء الخمس قبل مضي الحول

قد نسب إلی ابن إدریس القول بعدم مشروعیة أداء الخمس قبل مضي سنة علی الفائدة، و لکنّ النسبة غیر صحیحة، کما سیأتي في استدراك صاحب الریاض و الصحیح ما أشرنا إلیه.

قال ابن إدريس: و أمّا ما عدا الكنوز و المعادن من سائر الإستفادات و الأرباح و المكاسب و الزراعات، فلا يجب فيها الخمس بعد أخذها و حصولها، بل بعد مؤونة المستفيد و مؤونة من تجب عليه مؤونته سنة هلالية على جهة الاقتصاد، فإذا فضل بعد نفقته طول سنته شيء أخرج منه الخمس قليلا كان الفاضل أو كثيرا، و لا يجب عليه أن يخرج منه الخمس بعد حصوله له، و إخراج ما يكون بقدر نفقته، لأنّ‌ الأصل براءة الذمة، و إخراج ذلك على الفور أو وجوبه ذلك الوقت يحتاج إلى دليل شرعي، و الشرع خال منه، بل إجماعنا منعقد بغير خلاف أنّه لا يجب إلاّ بقدر مؤنة الرجل طول سنته، فإذا فضل بعد ذلك شيء أخرج منه الخمس من قليله و كثيره.

و أيضا فالمؤونة لا يعلمها و لا يعلم كميتها إلاّ بعد تقضّي سنته، لأنّه ربّما ولد له الأولاد، أو تزوج الزوجات، أو انهدمت داره و مسكنه، أو ماتت دابته التي يحتاج إليها، أو اشترى خادما يحتاج إليه، أو دابة يحتاج إليها، إلى غير ذلك مما يطول تعداده و ذكره، و القديم ما كلّفه إلاّ بعد هذا جميعه، و لا أوجب عليه شيئا إلاّ فيما يفضل عن هذا جميعه طول سنته.[1]

استدراک صاحب الریاض عمّا نسب إلی ابن إدریس

قال صاحب الریاض: و في استفادته من عبارته الموجودة في السرائر إشكال، بل ظاهر سياقها عدم وجوب الإخراج قبله فوراً، كما هو ظاهر باقي الأصحاب أيضاً.

و مع ذلك فهو [عدم المشروعیة] على‌ تقديره ضعيف، يدفعه ظاهر إطلاق الأدلّة، بل في بعض الأخبار: «الخياط ليخيط قميصاً بخمسة دوانيق فلنا منه دانِق»[2] [3] [4] لكنّه مع قصور سنده بل ضعفه يجب تقييده بأدلّة استثناء مؤونة السنة.[5]

النظرية الثانية: الوجوب التکلیفي الموسّع من أول السنة

و قال المحقق السبزواري في «الذخيرة»: إنّ‌ المشهور بين الأصحاب وجوب الخمس فيه وجوباً موسّعاً، من حين ظهور الربح إلى تمام الحول و لا يتعيّن عليه الإخراج من حين الظهور، بل له التقديم و التأخير احتياطاً للمكتسِب لاحتمال زيادة مؤونته بتجدّد العوارض التي لم يترقّبها كتجدّد ولد أو مملوك أو زوجة أو خسارة.

ثمّ‌ قال: الظاهر عن ابن إدريس في «السرائر» عدم مشروعيّة الإخراج قبل الحول، محتَجّاً عليه بأنّ‌ الخمس المذكور بعد مؤونة السّنة، و قبل السّنة يحتاج إلى دليل، إذ الأصل براءة الذمّة عنه، و لا دليل، بل إجماعنا منعقد على أنّه لا يجب إلاّ بعد مؤونة طول السّنة - انتهى ملخّصا - ثمّ‌ قال: و يدلّ‌ على الأوّل عموم الأخبار[6] .

قال صاحب الحدائق: و اعتبار الحول هنا ليس في الوجوب بمعنى توقف الوجوب عليه، خلافاً لابن إدريس كما نقله عنه في الدروس، بل بمعنى تقدير الاكتفاء فلو علم الاكتفاء في أول الحول وجب الخمس و لكن يجوز تأخيره احتياطا له و للمستحق، لجواز زيادة النفقة بسبب عارض أو نقصها كما صرح به شيخنا الشهيد في البيان.[7]

و قال الوحيد البهبهاني: لا يخفى؛ في أنّه لا يعتبر الحول في غير الأرباح و هو إجماعي، بل قال في «المنتهى» إنّه قول جميع العلماء إلاّ من شذّ[8] [9] ، و يدلّ‌ عليه ظواهر الأخبار.

و أمّا الأرباح؛ فهو أيضا كذلك فيما عُلم زيادته، عن مؤنة السنة. [10]

و قال صاحب الرياض: لا يعتبر الحول فيها و لا في غيرها مما مضى، بإجماعنا الظاهر المصرّح به في جملة من العبائر[11] [12] ، و في المنتهى‌:

أنّه قول العلماء كافّة إلّا من شذّ من العامة[13] ؛ للعمومات كتاباً و سنةً‌.

نعم يحتاط في الأرباح بالتأخير إلى‌ كماله، لاحتمال تجدّد مؤونته.

و لا خلاف فيه، بل يُعَزّى‌ إلى‌ الحلّي عدم مشروعية الإخراج قبله، و إن عُلم زيادته عن مؤونة سنته[14] [15] . [16]

استدلال العلامة علی النظریة الثانیة:

و ممّا ذكرنا يظهر أيضا ضعف ما استدلّ‌ به في المختلف لتعلّق الوجوب أولا: من أنّه لولاه لجاز للمكتسب إتلافه قبل الحول و لا يجب عليه شيء، و ليس كذلك قطعا.[17]

إیراد المحقق النراقي علی استدلال العلامة علی النظریة الثانیة:

و وجه الضعف: أنّ‌ بعد تمام الحول و ظهور الحال يعلم أنّ‌ ما أتلفه كان مال أرباب الخمس و إن لم يجب عليه إخراجه حينئذ، فتجب عليه الغرامة، كمن أتلف مال غيره باعتقاد أنّه ماله ثمَّ‌ ظهر حاله.[18]

النظریة الثالثة: الوجوب التکلیفي یتعلّق في آخر السنة

قال المحقق النراقي: و في اعتباره [أي اعتبار الحول] في الأرباح و عدمه قولان، فظاهر كلام الحلّي: الأوّل، بل ادّعى الإجماع عليه و أَوَّلَ ما ظاهره غيره من العبارات[19] . و التأمّل في دلالة عبارته عليه ليس في موقعه، كما لا يخفى على الناظر فيه.

و المشهور بين الأصحاب: الثاني[20] [21] ، إلاّ أنّ‌ الوجوب موسّع عندهم إلى طول السنة.

دليل الأول: الإجماع، و أنّ‌ وجوب الخمس بعد مؤونة السنة، و هي غير معلومة بل و لا مظنونة، لأنّ‌ حدوث الحوادث المحتاجة إلى المؤنة - كخراب عمارة و حصول أمراض أو غرامة أو ورود أضياف أو موت أو نحوها - ممكن، و الأصل براءة الذمّة و عدم الوجوب.

و دليل الثاني على الوجوب: العمومات[22] و الإطلاقات، و على التوسعة: الإجماع، و احتياط المؤونة.

أقول: التحقيق أنّ‌ ثبوت حقّ‌ أرباب الخمس في الفاضل عن مؤونة السنة أمر واقعي غير محتاج إلى علم ربّ‌ المال به حينئذ، و لا دليل على تقييد العمومات به، بل تكفي معلوميّته عند اللّه سبحانه، لأنّ‌ تعلّق حقّهم به أمر وضعي غير محتاج إلى علم المكلّف.

نعم، وجوب إخراجه عليه يتوقّف على علمه بالقدر الفاضل، و هو أمر لا سبيل إليه إلاّ بعد مضي السنة. و على هذا، فلو أخرجه قبل الحول، و ظهر بعده أنّه كان مطابقا للواقع، يكون مشروعاً و مجزئاً عنه، و لو أخّره إلى الحول كان جائزاً له و لم يكن عاصياً.

فإن أراد الأول بعدم الوجوب قبل الحول: عدم مشروعيّته و إجزائه لو أخرجه قبله و ظهر كونه فاضلا - كما صرّح به بعضهم[23] - فهو غير صحيح، لحصول الكشف بتعلّق حقّ‌ الغير به و وصوله إلى أهله، فلا وجه لعدم الإجزاء، و قصد القربة اللازمة بعد تجويز تعلّق الحقّ‌ ممكن، سيّما مع ظنّ الفُضلة.

و إن أراد عدم تعلّق وجوب الإخراج على المكلّف، فهو كذلك [صحیحٌ].

و إن أراد الثاني بالوجوب الموسّع: أنّه تعلّق به التكليف و إن جاز له التأخير - كصلاة الظهر في أول الوقت - فهو باطل قطعاً، لأنّ‌ شرط وجوب الخمس (الزيادة)[24] عن المؤونة، و هي غير معلومة، و انتفاء العلم بالشرط يوجب انتفاء العلم بالمشروط، و المفروض أنّ‌ الخمس في الفاضل عن مؤونة السنة، و هو لا يعلمها، فكيف يحكم بوجوب إخراجه‌؟!

و إن أرادوا: أنّه و إن لم يجب عليه الإخراج حينئذ و لكن لو أخرجه و انكشف بعده تعلق الخمس به كان مجزئاً، فهو صحيح. [25]

 


[8] منتهى المطلب - ط القديمة، العلامة الحلي، ج1، ص545.. یمکن الاستظهار من کلام المنتهی راجع
[9] مدارك الأحكام، الموسوي العاملي، السيد محمد، ج5، ص390.. نقل هذا الکلام صاحب المداك عن العلامة
[10] مصابیح الظلام في شرح مفاتیح الشرائع، ج۱۱، ص۶۸.
[12] الذخيرة: ٤٨٤.
[16] ریاض المسائل (ط. الحدیثة)، ج5، ص245.
[22] المتقدمة في ص٧٥ و ٧٦.
[24] في «ح» و «س»: العلم بالزيادة.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo