< قائمة الدروس

بحث الفقه الأستاذ محمدعلي البهبهاني

45/03/14

بسم الله الرحمن الرحیم

 

الموضوع: كتاب الخمس/ارباح المكاسب /المسألة61

 

المطلب الثاني: مؤونة تحصيل الربح

قد صرح أكثر الفقهاء بوجوب الخمس بعد مؤونة تحصيل الربح فراجع.[1]

فإنّه الظاهر من الشيخ الطوسي في الخلاف: يجب الخمس في جميع المستفاد من أرباح التجارات، و الغلات، و الثمار على اختلاف أجناسها بعد إخراج حقوقها و مؤنها، و إخراج مؤنة الرجل لنفسه و مؤنة عياله سنة، و لم يوافقنا على ذلك أحد من الفقهاء. [2]

قال المحقق الخوئي: المراد من مؤنة التحصيل كل مال يصرفه الإنسان في سبيل الحصول على الربح، كأجرة الحمال، و الدلال، و الكاتب، و الحارس، و الدكان، و ضرائب السلطان، و غير ذلك فإن جميع هذه الأمور تخرج من الربح، ثم يخمس الباقي، و من هذا القبيل ما ينقص من ماله في سبيل الحصول على الربح كالمصانع، و السيارات، و آلات الصناعة، و الخياطة، و الزراعة، و غير ذلك فإن ما يرد على هذه من النقص باستعمالها أثناء السنة يتدارك من الربح، مثلا إذا اشترى سيارة بألفي دينار و آجرها سنة بأربعمائة دينار، و كانت قيمة السيارة نهاية السنة من جهة الاستعمال ألفا و ثمانمائة دينار لم يجب الخمس إلا في المائتين، و المائتان الباقيتان من المؤونة. [3]

قال في موضع آخر: و لا يفرق في ذلك بين حصول الربح في سنة الصرف و حصوله فيما بعد، فكما لو صرف مالاً في سبيل إخراج معدنٍ استثنى ذلك من المُخرَج و لو كان الإخراج بعد مضي سنة أو أكثر فكذلك لو صرف مالاً في سبيل حصول الربح، و من ذلك النقص الوارد على المصانع، و السيارات، و آلات الصنائع و غير ذلك مما يستعمل في سبيل تحصيل الربح.[4]

أدلة استثناء مؤونة تحصيل الربح

الدليل الأوّل: عدم صدق الغنيمة و الفائدة في ما يصرف في المؤن

استدلّ بعض الأعلام[5] بأن ما يصرف في مؤونة تحصيل الربح لا يصدق عليه فائدة.

صاحب الجواهر: ... توقف تعلقه شرعا على إخراج سائر الغرامات[6] التي حصل بسببها النماء و الربح لعدم صدق اسم الفائدة و الغنيمة بدون[7] .

و قال الشيخ الأنصاري: لأنّ الربح لا يصدق إلاّ على ما يبقى بعد وضعها ... . [8]

قال المحقق البروجردي: يمكن دعوى انصراف آية الاغتنام عن المؤونه رأساً؛ لأنّ‌ الأعمال الصادرة من الإنسان في التجارات يوما بيوم، أو في الصناعات، أو الزراعات، إنّما يتحمل مشاقها لرفع حوائجه و صرف ما يحصله منها فيما يحتاج إليه من المأكل و المشرب و الملبس و المسكن و ما يتشعب منها لنفسه و من يعوله، و العرف لا يعد ما يصرفه في هذه غنيمة، بل يطلقها على الزائد على ذلك. و بعبارة اخرى الأرباح لدى العرف هى الزائد على مؤونته لا ما يساويها و يستوعبها، سواء صرفت في تحصيل الربح و مقدماته أم في مؤونته و مؤونة عياله. و أمّا ما يستفيده بالغلبة في الحرب فحيث لم يكن مقصوداً له أولا، و لم يكن في سبيل اكتسابه، بل انّما كان قاصدا للظفر على اعدائه أولا، و الظفر على أموالهم بتبع الظفر عليهم، و يعد هذا المال عند العرف غنيمة بمجرد الظفر عليه من دون استثناء المؤونة. نعم، يستثنى منه ما يصرف في تجهيز الجند و سائر مقدمات الحرب، فلا يرى العرف ما يصرف في قيام الحرب غنيمة. [9]

ملاحظة: لا یخفی أنّ التعبیر بانصراف آیة الغنیمة عن مؤونة تحصیل الربح لیس علی ما ینبغي لأنّ إطلاق آیة الغنیمة لا یشملها من بدایة الأمر فلا وجه للقول بالانصراف بل الصحیح ما أفاده بعداً من أنّ العرف لا يعدّ ما يصرفه في هذه غنيمة.

قال المحقق الخوئي: لا ريب أنّ هذا الوجوب مشروط باستثناء ما يصرفه في سبيل تحصيل الربح، فمؤونة الصرف مستثناة عن الوجوب بلا خلاف و لا إشكال كما هو ظاهر من غير حاجة إلى تجشّم الاستدلال و إقامة البرهان، ضرورة عدم صدق الفائدة إلّا فيما زاد على هذا المقدار، فلو فرضنا أنّ تاجراً أو زارعاً أو صانعاً أو صاحب معمل صرف خمسين ديناراً و حصّل على مائة لا يقال: إنّه ربح و استفاد مائة، بل لم يربح إلّا خمسين ديناراً لا غير كما هو ظاهر جدّاً، فلا خمس إلّا في هذه الخمسين التي هي مصداق للفائدة و العائدة.[10]

قال السيد عبد الهادي الميلاني: لا شبهة في استثنائه أي الأول و هو مؤونة الربح في عبارته، و لا خلاف فيه. ضرورة أن ما يقابلها من العوائد لا يسمى ربحا. و يمكن الاستدلال على ذلك بما ورد من أن الخمس بعد المؤونة.[11]

الدليل الثاني: الأخبار المستفيضة

الرواية الأولى: رواية ابن شجاع

في التهذيب: سَعْدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ مَهْزِيَارَ قَالَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ شُجَاعٍ النَّيْسَابُورِيُ‌ أَنَّهُ سَأَلَ أَبَا الْحَسَنِ الثَّالِثَ عَنْ رَجُلٍ أَصَابَ مِنْ ضَيْعَتِهِ مِنَ الْحِنْطَةِ مِائَةَ كُرٍّ[12] مَا يُزَكَّى فَأُخِذَ مِنْهُ الْعُشْرُ عَشَرَةُ أَكْرَارٍ وَ ذَهَبَ مِنْهُ بِسَبَبِ عِمَارَةِ الضَّيْعَةِ ثَلَاثُونَ‌ كُرّاً وَ بَقِيَ فِي يَدِهِ سِتُّونَ كُرّاً مَا الَّذِي يَجِبُ لَكَ مِنْ ذَلِكَ وَ هَلْ يَجِبُ لِأَصْحَابِهِ مِنْ ذَلِكَ عَلَيْهِ شَيْ‌ءٌ فَوَقَّعَ: لِي مِنْهُ الْخُمُسُ مِمَّا يَفْضُلُ مِنْ مَؤُونَتِهِ. [13]

 

سعد بن عبد الله و أحمد بن محمد بن عیسی الأشعري و علي بن مهزیار کلّهم من أجلاء الطائفة و الکلام في محمد بن علي بن شجاع النیسابوري فهو مجهول عند الأعلام و لا سبیل إلی القول باعتباره إلا علی القول بوثاقة من یروي عنه شخص جلیل القدر من أعلام الطائفة أو علی مبنی المحقق النائیني من اعتبار روایات الکتب الأربعة.

و قد استدل بها صاحب الجواهر[14] و قال السيد الميلاني في وجه الاستدلال بها: فتقرير الإمام لما صرفه في عمارة الضيعة، بناء على أن المراد من ذلك هي المصارف التي يتوقف عليها الاسترباح و إصابة تلك الأكرار، يشهد لما ذكرناه[15] .

 


[1] راجع على سبيل المثال راجع مستند الشيعة، ج10، ص61؛ نجاة العباد، ص86.
[6] أي مؤن تحصیل الربح.
[11] محاضرات في فقه الإمامية (الخمس)، ص82.
[12] «في النهاية: قال الأزهري: الكر ستون قفيزا، و القفيز ثمانية مكاكيك، و المكوك صاع و نصف.» نتیجة ذلک هو أنّ الکرّ یساوي 2160 کیلو غرام.
[15] محاضرات في فقه الإمامیة (الخمس)، ج1، ص۸۲.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo