< قائمة الدروس

بحث الفقه الأستاذ محمدعلي البهبهاني

45/03/15

بسم الله الرحمن الرحیم

 

الموضوع: كتاب الخمس/ارباح المكاسب /المسألة61؛ المطلب الثاني؛ ادلة استثناء مؤونة تحصیل الربح؛ الروایة الثانیة

 

الرواية الثانية: مكاتبة محمد بن عيسى بن يزيد

في الكافي: عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى بْنِ[عَن] يَزِيدَ قَالَ: كَتَبْتُ جُعِلْتُ لَكَ الْفِدَاءَ تُعَلِّمُنِي مَا الْفَائِدَةُ وَ مَا حَدُّهَا رَأْيَكَ أَبْقَاكَ اللَّهُ تَعَالَى أَنْ تَمُنَّ عَلَيَّ بِبَيَانِ ذَلِكَ لِكَيْلَا أَكُونَ مُقِيماً عَلَى حَرَامٍ لَا صَلَاةَ لِي وَ لَا صَوْمَ. فَكَتَبَ: الْفَائِدَةُ مِمَّا يُفِيدُ إِلَيْكَ‌ فِي‌ تِجَارَةٍ مِنْ‌ رِبْحِهَا وَ حَرْثٍ بَعْدَ الْغَرَامِ أَوْ جَائِزَةٍ.[1]

و الروایة صحیحة عندنا، لما تقدم من أنّ المحقق الخوئي قال: يمكن أن يكون يزيد هو يزيد بن حماد الأنباري لرواية عيسى بن محمد عن يزيد بن يحيى الأنباري في الكافي، ج5، ص559، و يمكن أن يكون يزيد بن إسحاق لرواية أحمد بن محمد بن عيسى عن يزيد بن إسحاق في التهذيب، ج7، ص8.

و کلاهما ثقتان عندنا:

أما یزید بن یحیی، فقد وثّقه الشیخ الطوسي فقال: يعقوب بن يزيد الكاتب و يزيد أبوه ثقتان.

أما یزید بن إسحاق الشَعَر: فهو ثقة إمامي، لأنّه من رجال نوادر الحکمة.

و الشاهد هنا قوله «بعد الغرام» فإنّ المراد من الغرامات هي مؤنة تحصیل الربح و قد استدلّ بها صاحب الجواهر.[2]

الرواية الثالثة: صحيحة البزنطي

مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ عن عِدَّةٍ مِنْ أَصْحَابِنَا عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ ابْنِ أَبِي نَصْرٍ قَالَ: كَتَبْتُ إِلَى أَبِي جَعْفَرٍ الْخُمُسُ أُخْرِجُهُ‌ قَبْلَ‌ الْمَؤُونَةِ أَوْ بَعْدَ الْمَؤُونَةِ فَكَتَبَ بَعْدَ الْمَؤُونَةِ.[3] [4]

و الروایة صحیحةٌ و استدلّ بإطلاقها المحقق النراقي[5] .

الرواية الرابعة: صحیحة الأشعري

مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بِإِسْنَادِهِ عَنْ سَعْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ مَهْزِيَارَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ الْأَشْعَرِيِّ، قَالَ كَتَبَ‌ بَعْضُ أَصْحَابِنَا إِلَى أَبِي جَعْفَرٍ الثَّانِي: أَخْبِرْنِي عَنِ الْخُمُسِ أَ عَلَى جَمِيعِ مَا يَسْتَفِيدُ الرَّجُلُ مِنْ قَلِيلٍ وَ كَثِيرٍ مِنْ جَمِيعِ الضُّرُوبِ وَ عَلَى الصُّنَّاعِ وَ كَيْفَ ذَلِكَ، فَكَتَبَ بِخَطِّهِ الْخُمُسُ بَعْدَ الْمَئُونَةِ.[6] [7] [8]

و الروایة صحیحة عندنا، فإنّ المراد من محمد بن الحسن الأشعري علی الظاهر هو محمد بن الحسن بن أبي خالد الأشعري القمي‌، کما صرّح بذلک المحقق الخوئي و إنّه ثقة لدلیلین:

الأول: لأنّه من رجال نوادر الحکمة.

الثاني: لکثرة نقل الأجلاء عنه مثل: علي بن مهزیار و أحمد بن محمد بن عیسی و الحسین بن سعید لأهوازي و ...

استدلّ بها المحقق النراقي[9] ، وصفها العلامة في المنتهى[10] بالصحة.

الرواية الخامسة: رواية الهمداني

مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ بِإِسْنَادِهِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدٍ الْهَمَذَانِيِّ أَنَّ فِي تَوْقِيعَاتِ الرِّضَا إِلَيْهِ‌ أَنَّ الْخُمُسَ بَعْدَ الْمَئُونَةِ.[11] [12]

استدلّ بها المحقق النراقي [13] للمقام. [14]

و الروایة صحیحة عندنا، فإنّ إبراهیم بن محمد الهمداني من ثقات الإمامیة و هو وکیل الناحیة المقدّسة و إسناده معتبر.

المناقشة الأولى: في دلالة الأخبار

و المؤونة في هذه الأخبار مجملة يحتمل أن المراد منها مؤونة المعاش.

جواب المحقق النراقي

قال: إنّ‌ عدم حجّية العامّ‌ المخصّص بالمجمل المنفصل في موضع الإجمال يثبت وضع[15] مؤونة التحصيل و التوصّل.[16]

و قال في موضع آخر: ... بضميمة ما مرّ من عدم حجّية العامّ المخصّص بالمجمل في موضع الإجمال و بقاء الأصل [أصل عدم وجوب الخمس] فيه خاليا عن المزيل.

مراده عدم حجیة دلیل وجوب الخمس في کلّ فائدةٍ فلاخمس في مؤونة تحصیل الربح.

ملاحظتنا علی هذا الجواب:

إنّا لا نری إجمالاً في کلمة المؤونة بل هي مطلقةٌ تشمل المؤونة بکلا قسمیه أعني مؤونة تحصیل الربح و مؤونة المعاش.

ملاحظتان منّا علی هذه المناقشة

أولاً: بعض هذه الأخبار صریحة في مؤونة تحصیل الربح؛ مثل روایة ابن شجاع و مكاتبة محمد بن عيسى بن يزيد.

ثانیاً: عبارة «الخمس بعد المؤونة» في باقي روایات الباب مطلقة، فتشمل مؤونة تحصیل الربح و مؤونة المعاش.

المناقشة الثانية: في دلالة الأخبار

في هذه الأخبار قرينة تدلّ على أنّ المقصود هي مؤونة المعاش و هي أنّه صرّح في بعضها بموارد من مؤونة الرجل ابتداء و بعضها بعد السؤال.

جواب المحقق النراقي

قال: و لا يوجب التصريح بمؤنة الرجل في بعض الأخبار[17] ابتداء أو بعد السؤال عمّا اختلف فيه - كما يأتي - تقييد تلك الأخبار أيضاً، لأنّه لا يدلّ‌ على أنّها المراد خاصّة بالمؤونة في مطلقاتها، و لا على أنّه ليس بعد مؤونة العمل، بل يدلّ‌ على كونه بعد هذه المؤونة. [18]

ملاحظتنا علیها

إنّ في بعض الروایات ما صرّح بموارد مؤونة الرجل ابتداء و لا بعد السؤال، مثل صحیحة البزنطي و صحیحة الأشعري و روایة الهمداني فإنّ السؤال فیها خالٍ عن التقیید بمؤونة المعاش فالمؤونة فیها مطلقةٌ تشمل مؤونة تحصیل لربح و مؤونة المعاش.

المناقشة الثالثة: في دلالة الأخبار

قال الشیخ الأنصاري و المراد من المؤونة غير مؤونة التحصيل التي قد مرّ استثناؤها في الغنيمة و الغوص و المعدن و الكنز، فإنّ‌ استثناءها هنا أوضح ممّا تقدّم، إذ الربح و الفائدة الواردين في النصّ‌ و الفتوى لا يصدقان إلاّ على ما يبقى بعد مؤونة التحصيل، فالمراد هنا مؤونة الشخص.[19]

یلاحظ علیه:

إنّ أعلام الفقهاء یعلمون بأنّ القاعدة تقتضي صدق الغنیمة علی ما یبقی من الربح بعد استثناء مؤونة تحصیله و لکن الأئمّة( قد یصرّحون و قد یؤکّدون علی هذه الأحکام حتّی لا یبقی شبهة لعموم الناس، و المؤونة هنا مطلقة فلا وجه للقول باختصاصها بأحد قسمیه من جهة أنّ الفقهاء في غنیً عن بیان ذلک و التأکید علیه، بل کثیر من النصوص و الروایات قد صدرت لتفهیم عموم الناس.

الدليل الثالث: الإجماع و عدم الخلاف في استثنائها

قال في المدارك: مذهب الأصحاب أن الخمس إنما يجب في الأرباح إذا فضلت عن مؤونة السنة له و لعياله. [20]

الظاهر أنّه لا خلاف بين الأعلام في استثناء مؤونة تحصيل الربح و عدم تطرقهم لها يمكن أن يكون لوضوح استثنائها هنا بعد أن استثنوها في المعادن و الكنوز و الغوص.

قال الشيخ الأنصاري: لا إشكال و لا خلاف في أنّ‌ الخمس إنّما يجب في الأرباح المذكورة بعد وضع المؤونة منها، و لذا عبّر كثير منهم بما يفضل عن المؤونة من الأرباح[21] .

 


[14] روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه؛ ج‌3، ص: 118و119: و الظاهر أنه وقع الاشتباه منه ( ای الصدوق )، لأن الظاهر من الكافي و التهذيب أن التوقيع كان من أبي الحسن الثالث صلوات الله عليه، و لما كان بلفظ أبي الحسن توهم أنه الرضا عليه السلام و يؤيده أن إبراهيم هذا لم يكن في زمن الرضا عليه السلام، ففي الكافي سهل، عن إبراهيم بن محمد الهمداني قال: كتبت إلى أبي الحسن عليه السلام أقرأني علي بن مهزيار كتاب أبيك عليه السلام فيما أوجبه على صاحب الضياع ....و في‌ التهذيب في الصحيح، عن علي بن مهزيار قال: كتب إليه إبراهيم بن محمد الهمداني أقرأني على كتاب أبيك إلى قوله فكتب عليه السلام و قرأه علي بن مهزيار، عليه الخمس بعد مؤونته إلخ.
[15] مراده من الوضع أي عدم وجوب الخمس و رفعه.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo