< قائمة الدروس

بحث الفقه الأستاذ محمدعلي البهبهاني

45/05/01

بسم الله الرحمن الرحیم

 

الموضوع: كتاب الخمس/ارباح المكاسب /المسألة61؛ فروعات الفقهیة؛ الفرع الأول؛ المصداق الثاني عشر؛ المطلب الأول: المراد من الهدایا اللائقة بالشأن

 

بیان المحقق الحکیم
: «حكي عن بعض الأجلة: الاستشكال في كون الهدية و الصلة اللائقين بحاله من المؤونة. و كذا مؤونة الحج المندوب، و سائر سفر الطاعة المندوبة. بل استظهر العدم [عدم کونها مؤونة]، و تبعه في المستند، إلا مع دعاء الضرورة العادية إليهما. و عن ابن فهد في الشاميات: تقييد الضيافة بالاعتياد [أي بما عادته العرفیة] و الضرورة و وافقه أيضاً في المستند. ثمَّ‌ قال: «بل في كفاية الاعتياد أيضاً نظر إلا أن يكون بحيث يذم بتركها عادة».

أقول: عرفت أن المؤنة عبارة عما يحتاج إليه في جلب المحبوب و دفع المكروه. نعم إطلاق نصوص المؤنة منصرف إلى المتعارف، فالخارج [عن المتعارف] غير مستثنى، لا أنه ليس من المؤونة [یعني أنّ ما هو خارج عن المتعارف یعدّ من المؤونة و لکن إطلاق المؤونة في النصوص منصرف إلی المؤونة المتعارفة لا مطلق المؤونة]. فالمستحبّات المتعارفة لمثل المالك داخلة في المستثنى [أي المؤونة]، و غيرها خارج عنه [غیر المستحبّات المتعارفة خارجٌ عن المستثنی] و إن اشتركت في الصدق [صدق المؤونة].

و منه يظهر: أن مثل بناء المساجد، و عمارة الجسور و المعابر قد يستثنى بالنسبة إلى شخص و لا يستثنى بالنسبة إلى آخر، لاختلاف المتعارف بالنسبة إليهما. و هذا هو الذي أشار إليه في المتن و غيره بقوله: «بحسب شأنه اللائق بحاله في العادة».

و منه تعرف الوجه في عدم احتساب ما زاد عنها [أي لا یحتسب ما زاد عن المتعارف من المؤونة المستثناة من الخمس] و إن لم يُعَدّ سرفاً و سفهاً، فضلا عما لو عُدّ كذلك، الذي لا إشكال ظاهر في عدم عدّه من المؤن. و في حاشية الجمال على الروضة: نفي الريب فيه، و في الجواهر: «لا أجد فيه خلافاً...».[1]

دلیل القول الأول: انصراف المؤونة إلی المتعارف

قد استدلّ به الشیخ الأنصاري: «الأصل في ذلك أنّ إطلاق المؤونة منصرف إلى المتعارف، فيختصّ بما يحتاج إليه الشخص في إقامة نظام معاشه و معاده على وجه التكميل الغير الخارج عن المتعارف بالنسبة إليه»[2]

و استدلّ به المحقق الحکیم: «أن المؤنة عبارة عما يحتاج إليه في جلب المحبوب و دفع المكروه. نعم إطلاق نصوص المؤنة منصرف إلى المتعارف»[3]

القول الثاني: التفصیل بین الهبة اللازمة فلاخمس و بین غیره فیخمّس

حکی الشیخ الأنصاري في کتاب الخمس عن السید المجاهد تفصیلاً فقال:

«و استقرب سيّد مشايخنا في المناهل التفصيل بين ما إذا كان لازماً عليه شرعاً أو عادة، و بين ما يكون مخيّراً فيه، فلا يكون واجباً شرعاً و لا عادة، فاستقرب عدم وضع ما كان من قبيل الثاني.» [4]

المناقشة في هذا القول: من الشیخ الأنصاري

«فيه نظر، بل لا يبعد الوضع [أي عدم الخمس ] إذا كان لغرض صحيح في نظر العقلاء يوجب استحسان وقوعه منه، و إن لم يبلغ حدّ اللزوم عادة».[5]

القول الثالث: التفصیل بین الهبة الضروریة أو المحتاج إلیها عرفاً فلا خمس و غیرها فیخمّس

قال المحقق النراقي
: المفهوم لغة و عرفاً من مئونة الشخص: ... المال المحتاج إليه في رفع الحوائج و الضرورات. هذا معناها الاسمي، و أمّا المصدري فهو: صرف المال المذكور. و إنّما قلنا: إنّ‌ المؤونة ذلك، للتبادر و عدم صحّة السلب فيما ذكر، و عدم التبادر و صحّة السلب في غيره، كما يظهر لك فيما نذكره.

و من هذا يظهر وجه ما صرّح جماعة - بل الأكثر على ما صرّح به بعض الأجلّة - من تقييد المؤونة بكونها على وجه الاقتصاد بحسب اللائق بحاله عادة دون الإسراف، فإنّه ليس من المؤونة، لصحّة السلب. و يؤيّده ما في موثّقة سماعة الواردة فيمن يحلّ‌ له أخذ الزكاة: «فإن لم تكن الغلّة تكفيه لنفسه و لعياله في طعامهم و كسوتهم و حاجتهم في غير إسراف فقد حلّت له الزكاة»[6] يمكن الاستدلال بها بضميمة ما صرّح به بعض الأصحاب - بل انعقد عليه الإجماع - من أنّ‌ المعتبر في حلّ‌ الزكاة قصر المؤونة، بل يظهر منها أيضا صدق المؤونة على ما ذكرنا، لصدق الحاجة في كلّ‌ ما ذكر ... و كذا تظهر صحّة استشكال بعض الأجلّة في احتساب الصلة و الهديّة اللائقان بحاله، و قال: إنّه لا دليل على احتسابه ... و صحّة تقييد ابن فهد في الشاميّات الضيافة بالاعتياد أو الضرورة، بل في كفاية الاعتياد أيضا نظر، إلاّ أن يكون بحيث يذمّ‌ بتركها عادة، فلا يحسب مطلق الضيافة و لا الصدقة و لا الصلة و لا الهديّة و لا الأسفار المندوبة، و لا سائر الأمور المندوبة من غير ضرورة أو حاجة و لو بقدر اقتصادها ...

و لكن ما يلزم نوعه لا يشترط في كيفيّته اللزوم أيضا، بل يكفي عدم عدّها زائدة، فإنّه لا يشترط في صدق المؤونة على الكسوة مثلا الاقتصار على كيفيّة يذمّ‌ على ما دونها، بل يصدق مع كونها بحيث لا تعدّ زائدة عرفاً.[7]

الدلیل علی ذلك:

قد استدلّ المحقق النراقي بالمفهوم لغةً و عرفاً من مئونة الشخص للتبادر و عدم صحّة السلب فيما ذكر، و عدم التبادر و صحّة السلب في غيره ...».[8]

یلاحظ علیه:

لا وجه لتقیید المؤونة بالأمور الضروریة أو المحتاج إلیها عرفاً بعد ما سمعت من أنّ المؤونة العرفیة تشمل ما هو المناسب لشأن المکلّف و إن لم یکن ضروریاً و لم یکن ممّا یحتاج إلیه عرفاً.

القول الرابع: الهبة المناسبة للشأن مع تقییده بالحد الوسط من المؤونة

قد أفتی بذلک صاحب الجواهر في أحد قولیه (في نجاة العباد) فإنّ صاحب الجواهر زاد علی القول باللائق بشأنه قیداً آخر و هو أن یکون الحد الوسط من المؤونة اللائقة بشأنه و لا یکون الفرد العالی من المؤونة.

إنّه قد اختلفت کلمات صاحب الجواهر حیث یفتي في نجاة العباد أولاً بلزوم مراعاة ما هو شأنه اللائق بحاله، ثمّ یفتي بمراعاة الحدّ الوسط من المؤونة دون الفرد العالي

و لکنّه قال بخلاف ذلک في مجمع الرسائل و وسّع في المؤونة في بعض الأمور التي منها الصدقات و الهدایا فقال: «لا يشترط في هذه الأمور الاقتصاد، و شأن الشخص.» و نشیر إلی ذلک في ما بعد، و معنی فتواه في مجمع الرسائل هو أنّه یستثنی ما یصرفه في هذه الأمور و إن کان زائداً علی شأنه و خارجاً عن المتعارف، نظراً لإطلاق کلمة المؤونة من غیر إنصرافه إلی المتعارف، حیث یشمل إطلاقها ما هو زائدٌ علی الشأن و خارج عن المتعارف.

قال صاحب الجواهر
في نجاة العباد: يعتبر فيه الاقتصار على اللاّئق بحاله في العادة من ذلك كلّه بحيث يكون تركه خروجاً عن أمثاله دون ما كان سفهاً و سرفاً بل الأحوط ان لم يكن أقوى مراعاة الوسط من المئونة دون الفرد العالى منها الّذي لو فعله لم يكن مسرفا و لكنّه من السّعة.[9]

و علّق صاحب العروة
على عبارته: لا يبعد جوازه [أي: جواز الفرد العالي من المؤونة] أيضاً ما لم يكن خارجا عن اللائق بحاله و إن كان لا ينبغي ترك الاحتياط. [10]

القول الخامس: عدم اشتراط الشأن في بعض الموارد

قد أفتی بذلک صاحب الجواهر في أحد قولیه (في مجمع الرسائل) و المحقق السید محمد سعید الحکیم.

قال صاحب الجواهر
في مجمع الرسائل: الصدقات و الخيرات و الهدايا و مخارج الزواج، و الضيافة، و الأسفار المباحة، الزيارات العتبات المقدّسة و الحج المندوب، و ما شاكلها تعدّ من مُؤَن سنة الشخص و لا يتعلّق بها الخمس و لكن لا يشترط في هذه الأمور الاقتصاد، و شأن الشخص إلّا في مخارج السفر.[11] [12]

و لم يعلّق صاحب العروة على هذه المسألة و هذا دال على ارتضائه لمقالته حین التعلیق علیه، و إن لم یرتض بهذا القول في متن العروة.

قال السيد محمد سعيد الحكيم: المراد من مؤونة السنة التي يجب الخمس في الزائد عليها كل ما يتكلّف صاحب الربح صرفه لغرض عقلائي من سدّ حاجة له ولعياله - من مطعم أو ملبس أو مسكن أو علاج أو نحوها - أو تحقيق رغبة أو قيام بحق شرعي أو عرفي أو مواساة الغير والاحسان إليه - إبتداءً‌ أو رداً للجميل - إلى غير ذلك مما يعدّ من نفقاته عرفاً.[13]


[12] صدقات و خيرات و هدايا و مخارج ازدواج و ميهمانى و مسافرتهاى حلال از زيارت عتبات مقدّسه و حجّ‌ مستحبى و امثال آنها نيز علاوه بر موارد مذكور در مسأله قبل جزء مخارج ساليانه شخص محسوب شده و خمس به آنها تعلّق نمى‌گيرد و ليكن در اين موارد ميانه روى و شأن شخص شرط نمى‌باشد مگر در مخارج سفر. مجمع الرسائل، نجفی، محمد حسن، ج1، ص514.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo