< قائمة الدروس

بحث الفقه الأستاذ محمدعلي البهبهاني

45/05/22

بسم الله الرحمن الرحیم

 

الموضوع: كتاب الخمس/ارباح المكاسب /المسألة64؛ المطلب الأول؛ النظریة الثانیة؛ الدلیل الثالث: تبادر الاحتیاج من أخبار الاستثناء علی فرض صحتها

 

الدلیل الثالث: تبادر الاحتیاج من أخبار الاستثناء على فرض صحّتها

قال المحقق الأردبیلي: «... الظاهر عدم اعتبارها ممّا فيه الخمس[أي لاتستثنی المؤونة من أرباح السنة التي تعلّق بها الخمس]، بل يجب الخمس من الكلّ‌ ... لتبادر الاحتياج من «بعد المؤونة» الواقع في الخبر»[1] .

و قرر هذا الاستدلال المحقق القمي: ... و ادّعى المحقّق الأردبيلي رحمه‌الله تبادر صورة الاحتياج من قوله: «الخمس بعد المؤونة» يعني: إذا احتاج الرجل في مؤونته إلى صرف الأرباح فلا خمس عليه فيما يحتاج إليه من ذلك و أمّا مع عدم الاحتياج لوجود مال آخر يصرفه في المؤونة فيجب الخمس.[2]

المناقشة الأولى: عدم صحّة الانصراف إلى صورة الحاجة

قال المحقق الخوئي: و أمّا دعوى الانصراف إلى صورة الحاجة: فهي أيضاً غير ظاهرة، لأنّ العبرة بالحاجة إلى الصرف و هي متحقّقة على الفرض، لأنّها هي معنى المؤونة.

و أمّا الحاجة إلى الصرف من خصوص الربح: فلم يدلّ عليه أيّ دليل، بل مقتضى الإطلاقات عدمه، إذ مقتضاها أنّه لدى الحاجة إلى الصرف يجوز الصرف من الربح و استثناء المؤونة منه، سواء أ كان عنده مال آخر أم لا.[3]

و قال المحقق المیلاني هنا بتبادر الاحتیاج من مستفیضة «الخمس بعد المؤونة» و لکن فسّره بمثل ما نقلناه عن المحقق الخوئي، و مراد المحقق المیلاني هنا تبادر الاحتیاج إلی المؤونة، کما صرّح به المحقق الخوئي، لا تبادر الاحتیاج إلی الصرف من خصوص المؤونة ، کما التزم به المحقق الأردبیلي، و إلیک نصّ عبارة المحقق المیلاني: ما تمسّك به من تبادر الاحتياج من لفظ «بعد المؤونة» مسلّم، فإنّه لا ينسبق إلى الذهن منه إلا ما يحتاج إليه المرء عادة فيما يليق بحاله في قبال الأمور الزائدة، بل يصحّ سلب اللفظ عن تلك الأمور، لكن لا يخرج ذلك عن الاحتياج بسبب وجود مال آخر، بل يكون كلاهما مما يحتاج إليه بنحو التبادل فترتفع حاجته بكل منهما.[4]

قال المحقق السید محمد سعید الحکیم: فيه: أن التبادر المذكور ممنوع. كيف‌؟! وقد سبق أن بعض أدلة الاستثناء كالصريح في عدم إخراج المؤونة من نفس الضيعة و من رأس مال التجارة وأدوات العمل [یعني یستفاد من هذه الروایات استثناء المؤونة من ربح الضیعة و ربح رأس مال التجارة].[5]

قال المحقق الفیاض: دعوى انصرافه إلى صورة الحاجة لإخراج المؤونة من الربح لا أساس لها، ضرورة انه ليس في النص شيء يوهم هذا الانصراف فضلاً عن الدلالة و الاقتضاء ... .[6]

قال المحقق الخلخالي: «أن المحتاج إليه إنما هو أصل المئونة؛ لأنها بمعنى ما يمون به الإنسان في معاشه، لا الصرف من خصوص الربح، فيكون مفاد قوله «الخمس بعد المئونة» وجوب الخمس في الربح بعد صرف مقدار منه في حاجته، سواء كان عنده مال آخر أم لا، فمقتضى إطلاقه جواز الأخذ من الربح سواء انحصر المَأخذ فيه [أي في الربح]، كما إذا لم يكن عنده مال آخر أو لم ينحصر، كما إذا كان عنده ذلك.[7]

المناقشة الثانية: ورود أدلة الاستثناء مع وجود أموال أخر عند بعض الناس

أنكر صاحب المرتقی الانصراف لعدم الوجه فيه و قال: بل الوجه على خلافه، إذ الغالب في التجّار توفّر مال لديهم بمقدار المؤونة غير الربح و مع ذلك فقد ورد استثناء المؤونة من الأرباح الحاصلة لديهم.[8]

المناقشة الثالثة: عدم ثبوت الانصراف بالنسبة إلی الحاجة الشخصیة

قال المحقق السبحاني: ادعاء انصرافه إلى صورة الحاجة صحيحة لو أُريدت الحاجة النوعية و هو حاصل و إن أُريدت الحاجة الشخصية إلى صرف الربح و إن لا يملك الإنسان سواه فلا وجه له.[9]

ملاحظ علیه:

ما أفاده في الحاجة النوعیة فلا یمکن المساعدة علیه، لأن أکثر الناس و غالبهم یحتاجون إلی صرف المؤونة من الربح و هذا هو معنی الحاجة النوعیة عنده، و لکن لیس مقتضی ذلک القول بانصراف الإطلاق إلی الفرد الغالب، بل المطلق باقٍ علی إطلاقه، و لا وجه للانصراف المذکور، لأنّ ما هو الغالب في أفراد المطلق، لا یوجب انصرافه إلیه.

الدلیل الرابع: إخراج المؤونة من الربح منافٍ لحكمة وجوب الخمس

قال المحقق الأردبیلي: ... الظاهر عدم اعتبارها ممّا فيه الخمس، بل يجب الخمس من الكلّ‌ ... لأنه قد يَؤُول إلى عدم الخمس في أموال كثيرة مع عدم الاحتياج إلى صرفها أصلا مثل أرباح تجارات السلاطين و زراعاتهم و الأكابر من التجار و الزارع و هو منافٍ لحكمة شرع الخمس في الجملة.[10]

المناقشة الأولی: النقض بمسألة في باب الزکاة

قال المحقق القمّي: ... و أمّا قوله [المحقق الأردبیلي]: «إنّ‌ ذلك يؤول إلى عدم الخمس ... إلى آخره»، فهو محض استبعاد و منقوض بسقوط الزكاة عن زراعات السلاطين إذا كانت في غاية الكثرة إذا صارت بسبب كثرة المؤونة أو قلّة نموّ الزرع بحيث لو وضع مؤونة الزرع عنها لا يبقى إلا قليل بالنسبة إلى ما كان يعتاد حصوله و إن كان كثيراً في نفسه فتسقط الزكاة عن أموال كثيرة مع عدم الاحتياج إليها [لأنّ السلطان لا یحتاج إلی حاصل الزرع]، مع أنّه رحمه اللّه يقول بوضع مؤن الزراعة في الزكاة، هذا.[11]

ملاحظتنا علی المناقشة الأولی:

هذا النقض لیس في محلّه، لأنّ الکلام في مؤونة المعاش، لا مؤونة تحصیل الربح، و لزوم استثناء مؤونة تحصیل الربح عن الفوائد الحاصلة و الأرباح ممّا لا سبیل إلی إنکاره، فلا تقاس مؤونة المعاش بمؤونة تحصیل الربح و لا وجه للنقض علی مؤونة المعاش بها.

المناقشة الثانیة: عدم محذور في عدم الخمس في أرباح كثيرة

أشكل عليه بعض الأعلام بأنّه لا مانع من الالتزام بعدم الخمس في كثير من الأرباح إذا ثبت بالدليل فقال المحقق الحكيم: اللازم الذي ذكره لا محذور فيه.[12]

المناقشة الثالثة: لا يلزم عدم الخمس في أرباح التجّار في كثير من الفروض

قال السید عبد الأعلی السبزواري: انّ‌ من له مؤن كثيرة تكون له أرباح و استفادات كذلك أيضا مع أنّه لا محذور في الالتزام به مع مساعدة الدليل.[13]

قال السید محمد سعید الحکیم: إنّ ذلك ليس محذوراً و كثير من الناس لا تفي أرباحهم بمؤونهم، إما لقلة الربح أو لكثرة المؤونة و لا يختص بالمذكورين. كما أن كثيراً من المذكورين تكون أرباحهم أضعاف مؤنهم، ولذا تزيد رؤوس أموالهم بتعاقب السنين. بل يكفي ثبوت الخمس في رؤوس أموالهم غالباً.[14]

قال المحقق السبحاني: أنّ‌ ما ذكره من أنّ‌ لازمه عدم تعلّق الخمس على أرباح التجارة غير تامّ، لأنّ‌ مؤونتهم و إن كانت كبيرة إلاّ أنّ‌ أرباحهم غالباً أكثر من مؤونتهم.[15]

 


[4] محاضرات في فقه الإمامیة (الخمس)، ص87 – 89.
[7] فقه الشیعة، ج2، ص219.
[8] المرتقی إلی الفقه الأرقی، ص226.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo