< قائمة الدروس

بحث الفقه الأستاذ محمدعلي البهبهاني

45/06/09

بسم الله الرحمن الرحیم

 

الموضوع: كتاب الخمس/ارباح المكاسب /المسألة64؛ المطلب الثاني؛ النظریة الأولی؛ الدلیل الثاني

 

و قال السید عبدالأعلی السبزواري: لأنّ‌ المراد بالمؤونة ما تصرف فعلاً لا ما يصلح للصرف شأناً و كذا لو أخرجها أو بعضها ممّا لا خمس فيه لا يجوز استثناء مقابله من الربح.[1]

قال السيد الخلخالي: إذا ترتب الحكم على عنوان من العناوين فلا بد في ترتبه من فعلية ذاك العنوان، و لا تكفي الشأنية و التقديرية فإذا قال «صلّ‌ خلف العادل» يعني من يكون عادلا بالفعل، لا مَن شأنه أن يكون عادلاً و هكذا لو قال «قلِّد العالم» أي من هو عالم بالفعل، لا مَن شأنه أن يصير عالماً، و هكذا عنوان المؤونة لا يصدق إلاّ على ما كان كذلك بالفعل و قيمة هذه الأشياء لا تكون مؤونة إلاّ شأناً فلا تشملها أدلة الاستثناء، إذ مفاد قوله «الخمس بعد المؤونة» هو أن وجوب التخميس بعد ما يُصرف في المؤونة بالفعل، لا بعد قيمة المؤونة، فتدبر.[2]

و هنا إیراد لبعض المعاصرین علی هذا الدلیل و لکن عندنا لا یرجع إلی محصّل، فلا نذکره.[3]

الدليل الثالث: مقتضی الأصل اللفظي صدق المؤونة علی مصروف بالفعل

استدلّ بذلک المحقق الخوئي و السید الخلخالي و هذا الدلیل صحیحٌ عندنا، راجع عیون الأنظار.

قال المحقق الخوئي: [لا يجوز احتساب قيمتها من المؤونة بحسب مقتضی الأصل اللفظي، بیان ذلک:] لو فرضنا الإجمال في تلك الأدلّة [أي أدلة استثناء المؤونة] كان المرجع إطلاقات الخمس، للزوم الاقتصار في المخصّص المنفصل المجمل الدائر بين الأقل و الأكثر على المقدار المتيقّن و هي المئونة الفعليّة، شأن كلّ‌ عنوان أُخذ في موضوع الحكم، فيرجع في التقديريّة إلى إطلاقات الخمس في كلّ‌ فائدة كما عرفت.[4]

قال السيد الخلخالي: لو نوقش في هذا الاستظهار [أي استظهار فعلیة المؤونة] فلا يزيد النقاش على دعوى الإجماع في أدلة المئونة، فإذن يكون المرجع أيضا أدلة التخميس المطلقة، و ذلك لما حقق في محله من أن العام المخصص بدليل منفصل يكون هو المرجع عند إجمال المخصص المذكور، لعدم سراية إجماله إليه، إذا كان منفصلا عنه، و في المقام نرجع إلى عموم قوله تعالى ﴿وَ اعْلَمُوا أَنَّمٰا غَنِمْتُمْ‌﴾[5] ... بلا أي محذور.[6]

النظریة الثانية: احتساب قیمتها من المؤونة

قال السید محمود الهاشمي الشاهرودي بذلک و أشار في ضمن عبارته إلی فرض آخر و هو ما ملكه من المؤن التي أخرجها عن أرباح سنته السابقة، و لکن هذا الفرض خارج عن محلّ البحث، و لذا لا یناسب التعبیر بالتفصیل في هذا البحث.

فقال: إنّ‌ الصحيح هو التفصيل بين ما كان يملكه من المؤن التي أخرجها عن أرباح سنته السابقة فلا يمكن إخراج قيمتها من أرباح السنة اللاحقة حتى إذا كانت مؤونته [و هذا هو الفرض الذي قلنا إنّه خارج عن موضوع بحثنا]، و بين ما لم يخرجه من أرباح السنة السابقة فإنه يجوز إخراج قيمتها من أرباح السنة اللاحقة، إذا كانت مؤونته كالدار التي يسكن فيها، لإطلاق دليل الاستثناء لكل ما هو مؤونته بالفعل في سنه الربح الشامل لذلك أيضاً.[7]

یلاحظ علیه:

إنّ ما حصل له من أعیان المؤونة من غیر أرباح مکاسبه، مثل الثیاب و الأطعمة و الدار في هذا الفرض، یوجب عدم صدق الاحتیاج إلی نفس هذه الأعیان، فلا تُعدّ مؤونةً فعلیةً فلا یجوز استثناء قیمتها من أرباح مکاسبه، مع أنّه لو قیل بأنّ هذه الأعیان مُؤَنٌ تقدیریة، فنقول بأنّ المستثنی من الفوائد «المؤونة الفعلیة»، لا التقدیریة.

البحث الثاني: عدم احتساب المؤن المستعملة في السنة الماضية

توضیح ذلک: هو أنّه إذا اشتری داراً یحتاج إلیها من مؤن السنة السابقة، فلا یحتاج إلی تحصیل دار جدید للسنة الجدیدة، لعدم احتیاج فعليّ إلیها و علی هذا لا یجوز له احتساب قیمة الدار التي اشتراها في السنة السابقة و استثناؤها من أرباح السنة الجدیدة.

أما الفرق بین البحث الأول و الثاني: هو أنّه في البحث الأول حصل له الدار من قبل الإرث مثلاً، و في البحث الثاني حصل له الدار من أرباح السنة السابقة.

قال صاحب الجواهر: ... إنّ المتّجه الاكتفاء بما بقي من مؤن السنة الماضية ممّا كان مبنياً على الدوام كالدار و العبد و نحوهما بالنسبة إلى السنة الجديدة، فليس له حينئذ احتساب ذلك و أمثاله من الربح الجديد.[8]

و الشيخ الأنصاري أیضاً یعتقد بأنّ ما حصل له من الأعیان التي هي مؤونة له، سواء حصل له في هذه السنة أو في السنة السابقة، فلا یجوز استثناء قیمته من أرباح السنة الجدیدة و عبارته مطلقةٌ یشمل ما حصل له في السنة السابقة، قال: و إن كان [المال الآخر] ممّا جرت العادة بصرفه في المؤونة، كمقدار من الحنطة، أو الإدام، أو نحو ذلك، فالظاهر عدم وضع ما قابله من الربح، بل المئونة عرفاً ما يحتاج إليه ممّا عدا ذلك، و لذا يكتفى بالدار الموروثة و نحوها.[9]

و قد مرّ من المحقق الهمداني توجيه هذا القول في تفسير فروع في المسائل الفقهية التطبيقية

كلام المحققين الأردبيلي و القمي.

الفرع الأوّل: شراء مثل هذه الأعیان من مال الربح مع الاستغناء عنها

البحث في أنه مع وجود أعيان لم يتعلّق بها الخمس كالدار و السيارة الموروثتين هل یمکن أن یشتری من الربح داراً ليسكن فيها و سيارة ليركبها و أن لا يجعل الدار و السيارة الموروثتين من المؤونة و بهذا لا يخمّس أرباحه بإزاء تلك الأعيان؟

القول الأول: عدم جواز الشراء (المختار)

یظهر هذا القول من کلام أکثر أعلام القائلین بعدم احتساب القیمة في البحث الأول، حیث استدلوا هناك علی عدم احتساب القیمة بالاستغناء و عدمِ الاحتیاج و هذا المناط یمنع من شراء مثل الأعیان الموجودة.

و قال صاحب الجواهر في النجاة العباد: «لو تلفت [الاموال التي كانت مؤونة و كانت غير مخمّسة] و أراد شراء غيرها احتسب له من مؤونة تلك السّنة.»[10]

و يظهر من عبارته أنّه يرى عدم احتساب ما يشتريه مع عدم تلفها.

و به قال المحقق الحکیم: ... أن الأول [أي الوجه الأول یعنی ظهور المؤونة في الاحتیاج] يمنع من شراء دار أخرى للسكنى - مثلاً - إذا كان مستغنياً بداره الموجودة ... .[11]

بیان المحقق الخلخالي: أما صرف شيء من الربح في شراء مثله - بأن يشتري دارا أو فرشا أو ظروفا ليستفيد منها بعنوان المؤونة فلا يجوز، لعدم صدق الحاجة و الاستغناء عنها بعد فرض تملك أعيان هذه الأشياء فلا يجوز الشراء بعنوان المؤونة.[12]

القول الثاني: جواز الشراء

قال صاحب فقه الصادق معلقا علی کلام صاحب العروة حیث قال«لا یجوز احتساب قیمتها من المؤونة»: و إن كان يجوز شراء مثلها وصرف ذلك في ما يحتاج إليه.[13]

یلاحظ علیه:

لا إشکال في أنّه إذا اشتری داراً أُخری من أرباح سنته الجدیدة فیجب علیه تخمیسها، لعدم کونها مؤونةً فعلیةً محتاجاً إلیها.


[3] الإيراد على الدليل الثاني: قال السید محمود الهاشمي الشاهرودي: ... لو أريد أنّ‌ مفاد أدلة الاستثناء إخراج ما يصرف في المؤونة بالفعل، لا ما يعادله فهو صحيح إلّا أنّه غير منطبق في المقام، لأن المفروض أنّ‌ العين التي يريد استثناء قيمتها مصروفة بالفعل في مؤونته، لاحتياجه إليها و سكونته فيها في هذه السنة. و إن أريد أنّ‌ المؤونة لا بدّ في استثنائها من الصرف عليها من الربح لا من مال آخر فهذا خلاف ما تقدّم في النقطة السابقة.و إن أريد أنّ‌ المستثنى إحداث المؤونة و شرائها فهو غير تامّ، لأنّ‌ المستثنى طبيعي المؤونة الصادقة على الحدوث و البقاء معا. كتاب الخمس، الهاشمي الشاهرودي، السيد محمود، ج2، ص261.
[13] العروة الوثقی و التعلیقات علیها، ج12، ص146.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo