بحث الفقه الأستاذ محمدعلي البهبهاني

الموضوع: كتاب الخمس/ارباح المكاسب /المسألة64؛ الفروعات الفقهیة؛ الفرع الثالث:من أخرج مؤونته من المال الآخر لا من الربح

النظریة الرابعة: جواز الاستثناء و عدم وجوب الخمس (المختار)

قال بها الشیخ عبدالکریم الحائري، و المحقق البروجردي، و الأستاذ المحقق البهجت، و المحقق النکراني، و السید السیستاني و السید محمد سعید الحکیم، و السید محمود الهاشمي الشاهرودي.

السؤال (6): إن صرف شخص المال المخمّس من الزراعة مثلاً في مؤونة سنته الآتية هل يمكن له أن يخصمه من أرباح سنته، أم لا؟

جواب الشیخ عبدالکریم الحائري: الخصم من الربح بعد الصرف في المؤونة من المال المخمّس خلاف للاحتياط و إن كان لا يبعد.[1]

و مثله المحقق البروجردي في جواب استفتاء.[2]

السؤال (7): شخص يملك بعض النقود المخمّسة في السنة الماضية و صرف منها في السنة اللاحقة، هل يجوز له أن يخصم من أرباحه المقدار الذي صرفه منها و يخمّس باقي الأرباح؟

قال الأستاذ المحقق البهجت: لا مانع من ذلك.[3]

قال السید السیستاني في المنهاج: إذا أنفق من ماله غير مال التجارة قبل حصول الربح كما يتفق كثيراً لأهل الزراعة فإنهم ينفقون لمئونتهم من أموالهم قبل حصول النتاج جاز له أن يجبر ذلك من نتائج الزرع عند حصوله، و ليس عليه خمس ما يساوي المؤن التي صرفها، و إنما عليه خمس الزائد لا غير.[4]

و قال في رسالته الجامعة: إذا صرف من له مهنة من ماله المخمّس أو ما في حكم المخمّس في مؤونة حياته الأُسَرية يجوز له أن يخصم مقداره من أرباحه في نهاية سنته الخمسية و يدفع خمس ما بقي من أرباحه بلا فرق بين حصول الأرباح قبل الصرف في المؤونة، أو بعده.[5]

قال السید محمد سعید الحکیم: بقي شيء، و هو أن الظاهر عدم الفرق في جواز احتساب المؤنة من الربح بين الإنفاق عليها منه والإنفاق عليها من المال الآخر فإذا أنفق عليها من المال الآخر جاز استثناء مقداره من الربح و لا يثبت الخمس فيه. [6]

و قال السید محمود الهاشمي الشاهرودي في المنهاج: إذا أنفق من ماله غير مال التجارة في مؤنته جاز له أن يجبر ذلك من ربحه، وليس عليه خمس ما يساوي المؤن التي صرفها، وإنّما عليه خمس الزائد لا غير.[7]

السؤال (8): من كان عنده مبلغ من المال المخمّس الذي دفع خمسه في العام الماضي، و قد صرف منه مبلغاً في السنة التي بعدها، هل يمكن أن يعوّضه في نهاية سنته الخمسيّة‌؟

جواب المحقق النکراني: نعم، يمكنه التعويض.[8]

أما الدلیل علی النظریة الرابعة:

الدلیل الأول: المتعارف الإنفاق من مال آخر ثم احتسابه من الربح

إنّ في باب الخمس دلیلاً لفظیاً عاماً و هو أنّ «الخمس بعد المؤونة» نرجع في تحدید مفهومه إلی العرف و نتمسّک بالمتعارف بین الناس و خصوصاً التجار،

فإنّ الأمر في ذلک مثل ما هو المتعارف في تقنین قانون أخذ الضرائب من الناس، فإذا قال الحاکم بأنّي أرخّص لکم في أخذ الضریبة من الفوائد الحاصلة لکم في هذه السنة أستثني مؤونتکم للمعاش من أرباح سنتکم، فالعرف یفهم بحسب ما هو المتعارف بین التجار استثناء المؤونة الفعلیة بجمیع مقدارها، سواء صرف نفس الربح في المؤونة أو صرف مال آخر في المؤونة و جبره من نفس الربح، فإنّ الأخذ من مال آخر و الجبر من الربح أمر متعارف بین الناس و التجار.

قال السید محمد سعید الحکیم: أن المتعارف عدم عزل الربح والتقيد بالإنفاق منه، بل كثيراً ما يكون الإنفاق قبل إحراز حصوله، أو من المجموع المكور[9] من رأس المال والربح، كما قد تشترى الأعيان المبذولة في المؤنة في الذمة، وتوفى أثمانها بعد استهلاكها، إلى غير ذلك.[10]

الدلیل الثاني: السیرة المتشرّعة

إنّ السیرة المتشرّعة عدم عزل الربح حتّی یصرف في المؤونة، بل غالباً لا یمکن ذلک و لا أقلّ من کونه حرجیّاً في کثیر من الموارد، فلا نشکّ في اتصال هذه السیرة بعصر الأئمّة المعصومین⁽.