< قائمة الدروس

درس خارج فقه استاد محمدعلی ‌بهبهانی

45/06/18

بسم الله الرحمن الرحیم

 

الموضوع: كتاب الخمس/ارباح المكاسب /المسألة الأولی؛ المطلب الأول؛ الدلیل الثالث للنظریة الأولی

 

الدلیل الثالث: المؤونة هي المقدار المتعارف بدون قید الإنفاق

قال المحقق النراقي: الظاهر صدق المؤونة على ما ذكرنا [المقدار المتعارف] بدون قيد الإنفاق ... و لذا يحلّ‌ للفقير أخذ قدر الاقتصاد و لو كان من قصده التقتير، و يجوز إعطاؤه بهذا القدر و لو علم تقتيره...[1]

و قرّره الشیخ الأنصاري بهذه العبارة: و لعلّه لما مرّ في الإسراف من أنّ‌ المستثنى هي المؤونة المتعارفة، فالخمس إنّما يتعلّق بما عداها، فمن كانت مؤونته المتعارفة مائة فالمستثنى من الربح هي المائة، سواء أنفقها أم زاد عليها، أم نقص منها ...[2]

و قرّره أیضاً المحقق الهمداني فقال: ... كأنّ‌ محط نظرهم أنّ‌ مفاد النصوص و الفتاوى إنّما هو تعلّق الخمس بما عدا مقدار المؤونة، فمقدار المؤونة مستثنى عمّا يتعلّق به الخمس سواء أنفقه أم لا.[3]

الإيراد الأول على الدليل الثالث: من الشیخ الأنصاري

ناقش في هذا الوجه الشیخ الأنصاري و قال: و فيه إشكال، لأنّ‌ الظاهر من المؤونة في الأخبار ما أنفق بالفعل على غير وجه الإسراف، و ليس المراد منه مقدار المؤونة المتعارفة حتّى لا يتعلّق بها الخمس، سواء صرفت أم لم تصرف، فقولهم في فتاويهم و معاقد إجماعهم: «ما يفضل عن مؤونة السنة» ما يبقى بعد صرف ما صُرف في المؤونة المتعارفة، لا ما عدا مقدار المؤونة المتعارفة، لأنّ‌ المؤونة المتعارفة تختلف باختلاف الإنفاقات و ليس أمراً منضبطاً حتّى يلاحظ استثناؤه، فكلّ‌ ما وقع منها في الخارج فهو منها.[4]

الجواب عن الإيراد الأول:

إنّا نسلّم ما أفاده من أن المؤونة الفعلیة تختلف بحسب الإنفاقات فلیس لها ملاکاً منضبطاً فلا یمکن جعل المستثنی من وجوب الخمس أمراً غیر منضبط و لکن نقول: إنّ ذلک لا یلجأنا إلی تقیید المؤونة الفعلیة بقید الصرف، بل لابد من حلّ مشکلة عدم الانضباط، فهنا نشیر إلی جهتین: إحدیهما نقضي و الآُخری حلّي، فنقول:

أما النقض: فإنّ التقیید بالصرف و إن کان موجباً لانضباط ملاک المؤونة الفعلیة، حیث إنّ المؤونة تختلف بحسب الإنفاقات و أما عند الصرف الخارجي فما صرفه مشخص و معیّنٌ قطعاً من دون اختلاف فیه، و لکن المشکلة ترجع من جهة أُخری و هي أنّ ما صرفه في المؤونة أيّ مقدار منه داخلٌ في حدّ شأنه و أيُّ مقدار منه زائدٌ علی شأنه، فمع الاختلاف في تعیین شأن الرجل فلا انضباط فیه، فلابدّ من أن نجد ملاکاً للانضباط.

أما الحلّ: ففي بعض الموارد لا نعلم مقدار المؤونة من قبل مثل الطوارئ التي منها المرض و السفر و أمثالهما، و لکن في بعض الموارد نعلم ما نحتاج إلیه مثل السیارة التي نحتاج إلیها، و المهمّ هنا هو أنّ العرف الدقیق یقدر علی فهم شأن الناس و إلا لابدّ أن نستشکل بتقیید المؤونة بقید المناسبة لشأنه، فعدم الانضباط في تعیین ذلک یرجع إلی عدم علم کثیر من المکلّفین بالملاکات العرفیة و لذا لابدّ أن یرجعوا إلی أهل الخبرة من العرف.

فالحلّ هو أنّه لابد من الاعتقاد بوجود الضابط و علم أهل الخبرة به و إن لم یعلمه کثیر من الناس، بل علیهم الرجوع إلی أهل الخبرة.

الإيراد الثاني على الدليل الثالث:

قال المحقق المیلاني: عن الشهيدين الحكم بأن ما أسرف فعليه، و ما قتّر فله. حيث يستفاد من ذلك أن المستثنى هو مقدار المؤونة الاقتصادية و إن لم يصرفها.

لكن يشكل ذلك بأن ذلك يتوقف على تقدير، و على الأخذ بالإطلاق. أي تقدير لفظ المقدار و إطلاق المؤونة من حيث كونها بالفعل و بالقوّة، و كلاهما خلاف الظاهر.

بل لو سلّم الأول بتقريب أن ما يعدّ و يدّخر لأجل المعاش يسمى مؤونة، يكون المعنى مقدار المؤونة التي تصرف و تنفق في الخارج و تبيد، لا ما يبقى و لا يصرف في مدار السنة.[5]

و التحقیق تمامیة الإيراد الثاني:

فإنّ ما أفاده من الإشکال من جهة لزوم تقدیر کلمة «المقدار» تامّ بالنسبة إلی نظریة القائلین باستثناء مقدار المؤونة، و لکن إذا قلنا باستثناء المؤونة الفعلیة عیناً أو ثمناً و قیمةً فلا یرد الإشکال علینا بل یرد علی المحقق النراقي.

نعم لا یتمّ ما أفاده في تتمة الإیراد:

أولاً: ما قاله المحقق المیلاني من أنّ هذا الدلیل یتوقف علی إطلاق المؤونة من حيث كونها بالفعل و بالقوّة، لا یمکن المساعدة علیه، فإنّ المستثنی عند المحقق النراقي مقدار المؤونة الفعلیة، فإنّه لایقیّد معنی المؤونة بقید المصروفة بل یعتقد بصدق المؤونة الفعلیة علی ما یحتاج إلیه في معاشه و إن لم یصرفه و حینئذٍ عنوان مقدار المؤونة الفعلیة یشمل «ما بقي بسبب التقتیر».

و ثانیاً: ما قاله من أنّه لو سلّمنا «یکون المعنى مقدار المؤونة التي تصرف و تنفق في الخارج و تبيد» لا یمکن الالتزام به، لما تقدّم من أنّه لا دلیل علی تقیید المؤونة الفعلیة بکونها مصروفة.

الدلیل الرابع: عدم الخمس مع احتمال صدق المؤونة لإجمال الدلیل

قال المحقق النراقي: لا أقلّ‌ من احتماله [أي احتمال صدق المؤونة على القدر المتعارف و لو لم ینفق المال في المؤونة] الموجب للإجمال، الموجب لعدم وجوب الخمس فيه. [6]

الدلیل الخامس: عدم الدلیل علی تعلّق الخمس بعد عدم الإنفاق

قال المحقق النراقي: لو وضع القدر المتعارف أولاً بقصد الإنفاق لم يكن فيه خمس، فتعلّقه به بعد ترك الإنفاق يحتاج إلى دليل. [7]

 


[5] محاضرات في فقه الإمامیة (الخمس)، ص86.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo