< قائمة الدروس

بحث الفقه الأستاذ محمدعلي البهبهاني

45/07/01

بسم الله الرحمن الرحیم

 

الموضوع: كتاب الخمس/ارباح المكاسب /المسألة66؛ المطلب الأول؛ النظریة الثانیة

 

قال صاحب المرتقی: هذا يتم لو قلنا بأنّ المراد بالسنة التي تستثنى مؤونتها من الربح سنة التكسّب، أمّا لو قلنا بأنّها سنة الربح -كما عرفت تحقيقه- فلا وجه له، لأنّ بداية السنة تكون أول ظهور الربح، فلا يكون ما صرفه قبله من مؤونة السنة الحالية للربح بل من مؤونة السنة السابقة، فلا يتجه استثناؤه.[1]

و قال تأمّل في آخر عبارته في رسالته: لا يخلو عن وجه و إن احتاج إلى التأمل.[2]

وأما المیرزا جواد التبریزي فما أفاده قریبٌ من هذه النظریة إلا أنّه وسّع في مبدء السنة الخمسیة و خیّر المکلّف بین ظهور الربح أو الشروع في الاكتساب، فقال في المنهاج: ... إذا لم يؤد دينه إلى أن انقضت السنة وجب الخمس، من دون استثناء مقدار وفاء الدين إلا أن يكون الدين لمئونة السنة و بعد ظهور الربح أو الشروع في الاكتساب، فاستثناء مقداره من ربحه لا يخلو من وجه ... .[3]

و عبارته في مبدأ السنة الخمسيه هکذا: «رأس سنة المؤونة وقت ظهور الربح أو الشروع في الاكتساب، و إن لكل ربح سنة تخصه، و من الجائز أن يجعل الإنسان لنفسه رأس سنة فيحسب مجموع وارداته في آخر السنة ... »[4] .

ملاحظتنا علی هذه النظریة:

إنّ عندنا إیراداً علی هذه النظریة ذکرناه في مسألة 56، فمقتضی التحقیق عندنا هو أنّه إذا عیّن لنفسه سنةً واحدةً جعلیة لمجموع أرباح سنته، فلابدّ من أن یلاحظ مجموع الأرباح، سواء حصلت أول السنة أو آخرها، لأنّ المختار عندنا التخییر بین ملاحظة الربح مجتمعاً بمعنی لحاظ مجموع ربح السنة واحداً و بین ملاحظة کلّ ربح موضوعاً مستقلاً للحکم.

أما لحاظ مجموع ربح السنة واحداً: فلا إشکال في جوازه عندنا، کما هو مطابق لفتوی مشهور الأعلام من جهة سیرة متّصلة إلی المعصومین(.

أما لحاظ کلّ ربح موضوعاً مستقلاً للحکم، أیضاً جائز عندنا، لما تقدّم من أنّ الحکم ینحلّ بتعداد أفراد موضوعه الذي هو الربح في المقام، فلکلّ ربح حکم مستقلّ.

فحینئذٍ علی التخییر الذي نحن التزمنا به لابدّ من ملاحظة أمرین:

الأول: إذا اختار المکلّف في محاسبة خمسه السنة الجعلیة، فإطلاق أدلّة استثناء المؤونة من الربح، لا یقیّد بالربح الحاصل قبل صرف المال في المؤونة، لأنّ الربح یلاحظ عند العرف بمجموعة ما هو الحاصل في السنة الخمسیة.

الثاني: السیرة المتشرّعة وفاقاً لما هو المتعارف في محاسبة أهل السوق لأرباحهم في السنة الخمسیة الجعلیة هو ملاحظة مجموع الأرباح، سواء حصلت أول السنة أو آخرها.

نعم علی نظریة المحقق الخوئي و من تبعه فلکل ربحٍ سنةٌ تخصّه، فما صرفه في مؤونته قبل حصول هذا الربح، یعدّ من مؤن السنة السابقة فلا یمکن استثناؤه من أرباح السنة الجدیدة، و أما إذا عیّن لنفسه سنةً واحدةً لجمیع أرباح سنته، فذلک لیس من قبیل ما التزمنا به، مثل ما علیه المشهور من ملاحظة مجموع الأرباح مجتمعةً، بل من قبیل تخمیس الأرباح الحاصلة في أثناء السنة الجعلیة قبل موعد وجوب تخمیسه، لتسهیل أمر المحاسبة، لجواز أداء الخمس قبل وصول سنته الخمسیة، فالمحقق الخوئي یری لکلّ ربح سنةً من زمان ظهوره و لکن یجوّز أداءه قبل وصول سنته.

النظرية الثالثة: التفصیل بین مثل التجارة و الصناعة و بین الزراعة

قال الشیخ علي الصافي في ذخیرة العقبی: ما قاله [صاحب العروة] من جواز وضع مقدار من الربح فى قبال ما استقرضه من ابتداء السنة قبل حصول الربح مبنيّ على ما اختاره في المسألة 60 من كون مبدأ السنة مطلقاً زمان الشروع في الكسب سواء كان اكتسابه من تجارة أو صناعة أو زراعة.

و أمّا على ما اخترناه من التفصيل في مبدأ السنة بالنسبة إلى الاكتسابات و قلنا بأنّ‌ مبدأها في مثل التجارة و الصناعة الّتي اقتضاؤها بحسب الطبع حصول الفائدة بالشروع في الكسب يوماً فيوم هو زمان الشروع في الكسب، و مبدؤها في مثل الزراعة هو حصول الربح و الفائدة ...

ففي القسم الأوّل بعد شروع في الكسب إذا استقرض شيئاً للمؤونة يجوز وضعها من الربح الحاصل في هذه السنة التي مبدؤها الشروع في الكسب و لو لم يربح بعد في هذه السنة.

و أمّا [في القسم الثاني] لو استقرض لمؤونته قبل حصول الربح فيما يكون مبدأ سنته حصول الربح مثل الزراعة فلا يمكن وضعها عن الربح الحاصل في السنة التي مبدؤها حصول الربح، لأنّ‌ ما استقرضه في الفرض لمؤونته لا يكون مؤونة سنته. بل إذا استقرض لمؤونته بعد حصول الربح فيما يكون مبدأ سنته حصول الربح مثل الزراعة يجوز وضع ما استقرضه من ربح هذه السنة.[5]

ملاحظتنا علیه:

أولاً: قد تقدّم الإشکال علی هذه النظریة حیث إنّ المراد من السنة الخمسیة سنة الفائدة التي هي الموضوع للحکم التکلیفي و الوضعي بالخمس، و لا وجه عندنا للقول بأنّ مبدء السنة الشروع في الاکتساب، بل هذه النظریة متّجهةٌ عند من یقول بأنّ موضوع الخمس الفائدة المکتسبة و لکنّا قلنا بأنّه خلاف ظواهر الأدلّة فلایمکن الالتزام به.

ثانیاً: ما یقوله في القسم الثاني لایتمّ عندنا، لما تقدّم من أنّ التخییر عندنا بین السنة الجعلیة بملاحظة الربح مجتمعاً بمعنی لحاظ مجموع ربح السنة واحداً و بین ملاحظة کلّ ربح موضوعاً مستقلاً للحکم، فإذا اختار السنة الجعلیة فلا یمکن التفصیل بین المؤونة الحاصلة قبل الربح و بعده.

 


[1] المرتقی إلی الفقه الأرقی، ص227.
[2] المسائل المنتخبة، ص229.
[3] منهاج الصالحين، التبريزي، الميرزا جواد، ج1، ص345.قال. في رسالته العملية: ... اگر در اول سال براى مخارج خود قرض كند و پيش از تمام شدن سال منفعتى ببرد مى‌تواند مقدار قرض خود را از آن منفعت ادا نمايد، بلى اگر قرض را ادا ننمود تا آنكه سال بر منفعت گذشت بايد بدون كسر مقدار آن قرض خمس آن منفعت را بدهد مگر اينكه قرض بعد از منفعت كردن بوده و براى مؤنه سالش باشد كه در اين صورت كسر آن حتى بعد از گذشتن سال خالى از وجه نيست. توضیح المسائل، ص281، م1795

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo